أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - عماد علي - قضى منه وطره و تركه














المزيد.....

قضى منه وطره و تركه


عماد علي

الحوار المتمدن-العدد: 4670 - 2014 / 12 / 23 - 12:02
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


كان مسالما و مثقفا و لم يسمع عنه احد الا بالاحسان و الكمال . اتسم بالهدوء و هو محافظ من جميع النواحي الا افكاره و فلسفته في الحياة كان ملتزما بهم بشكل يدافع عنهم امام من كان يثق بهم بايمان راسخ نابع من قناعة مطلقة او يترك المكان دون ان ينبس ببنت شفة لو كان هناك من المشكوك في امرهم، و هو ينتقد و يقيٌم و يصحح لمن يخطا في ماهو كان غابر فيه، لم يبد رايا او موقفا من شيء او حدث ان لم يكن مقتنعا بما يقوم به . كان واثقا مني بشكل كبير و اسرٌ لي بامور سياسية كثيرة قبل ان يختفي بشكل كامل، بعد لحظة حاسمة حين صافحني و عانقني بحنان و عاطفة صادرة من عمقه دون اية مناسبة و تعجبت من الامر ولم يقل لي شيئا عندما طلبت ان يفصح لي الامر، و لكن دون جدوى، وهو من اخاف البعث لمدة طويلة و لم يعلموا بامره . بعد سنين علمت بانه انزل حمله في طهران و هو يعيش هناك ايصح هذا وهو بخلفية يسارية ويعيش في بلد اسلامي محافظ حتى النخاع، و لكنه افرغ ما في جعبته هناك ليهدا و يسكن . لم اسمع عنه الا قليلا لمدة طويلة، الى ان تغيرت الحال و سقط الدكتاتور و اذا به يوما بصدفة جميلة امامي يتعجب و يتامل في وجهي دون ان يتكلم، و لم اعرفه من البداية انا ايضا، و هو لم يتاكد مني فناداني باسمي و عرفته من صوته و تعانقنا و بكينا، يا له من لحظة مبكية مضحكة و دخلنا في المواضيع و الذكريات كافة خلال كل تلك المدة القليلة التي قضيناها معا، و هو اسرع في عودته لمشغوليته الكثيرة .
و لكن قصته قصة لا يمكن ان نجد احدا يمر بها و لم يشب من وقعها . باختصار، انه كان ضحية ايديولوجيا و قادة مصلحيين كادوا ان يودوا براسه من خلال النضال السري و كشف امرهم له من كان عدوه فكرا و صديقه سطحيا و قريبا له في الدم، و اعلمه عن كل شيء و دعاه ان يترك البلدة و البلد، ففعل بعدما تاكد من صحة قول القريب .
مثلما قال، كان منتميا الى تنظيم يساري في حينه، و مسؤله كان نشطا متحركا و له علاقة صميمية اخوية معه، بعد ان استدعي من الامن البعثي و حُقق معه خرج و كانه لم يعد الى ما كان عليه من جميع الجوانب، و لكن الصديق هذا لم يشك به، وبعد خروجه من التوقيف لم يعلمني عن اي شيء في حينه بعدما خفت من ان يعترف و اختفيت لمدة قبل ان يخرج، رغم العلاقات القوية بيننا، فبعدما امره هذا المسؤل بواجبات خطرة نفذها في مدن بعيدة عن بعضها في العراق البعث في حينه و الجميع عالم بجبروته و دكتاتوريته و تعامله مع مثل هذه القضايا . انه اصبح تترا مندوبا الى تلك المدن لايصال المنشورات و جمع التبرعات من الموثوقين بهم دون ان يعرفهم، و يذهب بناءا على عناوين يعطى له . و في اخر مهمة هو في الديوانية و ذاهب للمهمة الموكلة به او المغامرة و يجد العنوان و الشخص المراد، و يجلس معه بعد التعارف و السؤال والجواب يعلمه الامر، لم ير الا و يحمر وجه الشخص غاضبا و يطرده من البيت مخذولا و يعود الى بغداد مهموما ليلتقي باحد اعضاء الحلقة التي كانت نشطة و جميعهم من اهالي خارج بغداد و هم طلاب في القسم الداخلي، و يشرح امره و تمنى هذا الاخ له الخير وليشكر ربه و من الافضل انه خرج من المهمة بسلام ،و بعد مدة يكتشف بانه لم يلتق بالشخص المقصود و انه التقى بشخص بنفس الاسم و المواصفات خطئا.
عاد الى مدينته و هو جامع للمشاركات الحزبية و التبرعات .هكذا كان مخلصا لمبادئه، و لماذا هرب؟ سالته، قال؛ ان مسؤله خانه و خذله و انقذه القريب و الصديق الذي كان من رجال البعث و تاكد من هذا الامر عندما بحث في ثنايا القضية التي حصلت و انقلب الاخ المسؤل، و بعدما كان يجمع كل الاموال و لم يرسله الى المكان المطلوب اصبح ثريا و انتمى للبعث و مؤسساته الجهنمية و لم يدع احدا من حلقته الا و هرب داخل العراق او الى خارجه . اما لماذا الى طهران و ليس اوربا، او روسيا في حينه، فقال ؛ انه تعلق هناك دون ان يتمكن من الخروج و التقى باحد اقرباءه و سكن تزوج هناك دون حراك . و عندما قال لي المسؤل الخائن، تعجبت من الامر لانه اصبح بعد السقوط الرجل المعتمد و المسؤل المحلي للمنطقة لحزبه الذي خانه الى ان انتقل الى مثواه قبل اشهر. و اخر ما قاله لي و تركني الصديق و عاد الى مكانه و لم يعد بعد الى الان، هو؛ فقضى مني وطره و تركني لا بل خاننا جميعا و اصبح بعد سقوط الدكتاتورية مسؤلنا، يا له من خيبة و خذلان.
قال دعني و شاني و انا مرتاح الضمير لم يبق لي الا سنوات من عمري و اقضيها مع عائلتي الصغيرة معززا مكرما و السياسة للمضللين و الخفيفين و الخونة كما تعرف، و رغم كل ما قمت به في حينه و لكنه بعد ذلك انقطعت عنهم بصراحة ، هذه هي حالي .



#عماد_علي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تباهي بالشخص غير المستحق و تناسي المستحق
- المبتسم قبل حبل المشنقة !
- لست سعيدا بتحرير سنجار كالاخرين
- افرازات جذام فكر داعش
- يجب ان تكون كوردستان حَكَما و ليس خَصما لاحد
- من يملك استراتيجية واضحة يحرر كوردستان
- مرة اخرى ثقافة النخب و اهميتها
- فرصة سانحة لوزير الثقافة العراقي
- هل تستوعب تركيا منهج الحركة الكوردية ؟
- و ان كان عصاميا لكنه ابتلي
- سجنا اعلاميا و ليس قصرا عثمانيا
- يحق للعراق و كوردستان التطبيع مع اسرائيل ؟
- للكورد الحق ان يرفض الاسلام جملة وتفصيلا ؟
- ما الاولوية لدى العبادي
- البغدادي و افلاطون
- روسيا بعيدا عن تأييدها للأسد
- اين اتفاقية حركة التغيير و الاتحاد الوطني الكوردستاني من الد ...
- حول الطبقات الاجتماعية و تخلخل المجتمع العراقي
- ما اشبه اليوم بالبارحة
- كيف يتعامل العبادي مع الحال


المزيد.....




- مراهق اعتقلته الشرطة بعد مطاردة خطيرة.. كاميرا من الجو توثق ...
- فيكتوريا بيكهام في الخمسين من عمرها.. لحظات الموضة الأكثر تم ...
- مسؤول أمريكي: فيديو رهينة حماس وصل لبايدن قبل يومين من نشره ...
- السعودية.. محتوى -مسيء للذات الإلهية- يثير تفاعلا والداخلية ...
- جريح في غارة إسرائيلية استهدفت شاحنة في بعلبك شرق لبنان
- الجيش الأمريكي: إسقاط صاروخ مضاد للسفن وأربع مسيرات للحوثيين ...
- الوحدة الشعبية ينعي الرفيق المؤسس المناضل “محمد شكري عبد الر ...
- كاميرات المراقبة ترصد انهيار المباني أثناء زلازل تايوان
- الصين تعرض على مصر إنشاء مدينة ضخمة
- الأهلي المصري يرد على الهجوم عليه بسبب فلسطين


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - عماد علي - قضى منه وطره و تركه