أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - خليل كلفت - تسييس محاكمة مبارك؟














المزيد.....

تسييس محاكمة مبارك؟


خليل كلفت

الحوار المتمدن-العدد: 4670 - 2014 / 12 / 23 - 09:54
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
    



أدَّى التركيز على الحلقة الجديدة مما سُمِّىَ بمحاكمة القرن إلى صدمة هائلة بين شباب الثورة لأن حلمهم بالحكم بالإدانة قد تبدد.
ويحكم القاضى بالورق، كما يُقال، ومع أن الورق واحد فقد حكم القاضيان بحكمين متناقضين أحدهما بالمؤبد والآخر بالبراءة. ويعنى هذا أن القضاة يتقيدون بالورق ولكنْ من خلال تقديراتهم التى يمكن أن تختلف وحتى تتناقض فى فَهْم كلٍّ من القوانين والوقائع. وهنا منفذ لأمل أحبطه الحكم بالبراءة على غير المتوقع فأصيب الشباب بالصدمة والذهول والغضب.
غير أن أمل الإدانة لم يكن ليستبعد تسييسا يُرجِّح كفة البراءة. وكان التسييس المتوقع هو تدخُّل الدولة بصورة تُضعف أمل الإدانة. وقد جرى فَهْم التسييس وعدم التسييس بطريقة بعيدة عن المعنى الصحيح للتسييس، أىْ كأنه بالضرورة تدخُّل مباشر من السلطة وخضوع من القضاء.
ويبدأ التسييس من البداية وليس من القاضى الأخير. ففى مصر تسيطر السلطة التنفيذية وحدها على سلطة الدولة، وتضع القوانين التى تلتزم السلطة القضائية بتطبيقها، ولا تقوم "السلطة التشريعية" إلا بإصدارها. وهذا هو التسييس الأول والرئيسى للقضاء عبر الدستور والقانون.
ويتمثل تسييس آخر فى تبعية السلطة القضائية للدولة من خلال رئاسة رئيس الجمهورية للمجلس الأعلى للقضاء، وتبعية القضاء لوزارة العدل.
وفى مجال تطبيق هذه القوانين تتمثل سيطرة السلطة التنفيذية فى أن أجهزتها هى التى تُقدِّم أو تُخفى أو تزوِّر أو تطمس أو تفرم الأدلة، وتقوم النيابة التابعة للسلطة التنفيذية بتكييف القضية للوصول بها إلى تبرئة ساحة رجال الدولة أو إلى إدانة كباش فداء. وبعد كل هذا يأتى دور القاضى وقد يظهر هنا فارق صغير أو كبير بين قاضٍ وقاضٍ.
ويحلم الشباب بدستور ينص على فصل السلطات على أساس الديمقراطية واستقلال القضاء. غير أن فصل السلطات مستعصٍ فى البلدان الرأسمالية المتقدمة ومن باب أولى فى بلدان الرأسمالية التابعة. وإنما ينبغى العمل الدءوب فى سبيل تحقيق ديمقراطية شعبية من أسفل ليس فقط فى فترة الثورة الشعبية بل قبلها وأثناءها وبعدها.
وطالما ظلت قوى الثورة أضعف بما لا يُقاس من قوى الثورة المضادة فإنها لن تحصل على أكثر من مكاسب جزئية، وإنْ كانت الثورة الشعبية المصرية بالذات قد حققت لأسباب ظرفية واستثنائية مكاسب هائلة منها تفادى الحرب الأهلية التى تطارد أشباحُها كل ثورة شعبية وبداية التحرُّر من كابوس الدولة الدينية. ولا مهرب لقوى الثورة الشعبية من أن تطوِّر قوتها الفكرية والشعبية والتنظيمية كشروط إلزامية لتحقيق أهدافها.
وتقوم الأجهزة الأمنية بإتلاف أدلة القضية وتتولى النيابة العامة تكييفها بحيث لا تنتهى إلى إدانة، وهذا هو ما ستقوم به النيابة من جديد بعد طعنها على حكم المحكمة، فيما يتخذ القضاء موقف الصمت إزاء تكييف النيابة للقضية، وهكذا جاء الحكم صادما فقوبل بالاحتجاجات الغاضبة من جانب شباب الثورة، ويحاول الإخوان المسلمون والسلفيون أن يصطادوا فى الماء العكر.
واختارت الدولة من خلال النيابة العامة تكييف القضية على هذا النحو المعيب؛ وقضت باستبعاد مقاضاة مبارك بشأن وقائع قتل المتظاهرين، وعللت ذلك بأن قرار اتهام وزير الداخلية ومساعديه قبل ستين يوما لم يشمله. وتجاهلت أن ظهور شريك جديد فى جريمة لا يحُول دون إضافته إلى قرار الاتهام فصار من الممكن تفادى محاكمة مبارك على القتل، مع أن قاضى المحاكمة الأولى حكم عليه بالمؤبد بلا تردُّد رغم قرار الاتهام السابق. إننا فى الحقيقة إزاء جريمة كاملة الأركان لمؤامرة استهدفت تبرئة مبارك ونظامه وعصابته.
ومع أن الدولة ظلت تلهج بالثناء على العدالة الانتقالية، قررت استبعادها لحصر المحاكمة فى القضاء العادى، واقتصرت القضية على أسبوع واحد، من 25 يناير إلى 31 يناير، مع أن مبارك ظل رئيسا لمصر طوال أكثر من عشرة أيام أخرى تواصَلَ فيها القتل واشتدّ. وتم تفادى المحاكمة السياسية لنظام مبارك على فساده ونهبه لأموال الشعب واستبداده البوليسى.
وبدأت احتجاجات واسعة فى الجامعات المصرية على حكم البراءة، ويحاول الإخوان توظيفها لصالح قضية الخلافة الإسلامية. وأعتقد أن هذه الاحتجاجات ستكون قصيرة العمر، لأن السكوت الطويل على استبعاد المحاكمة السياسية، وعلى ترجيح البراءة فى محاكمة الإعادة، وعلى البراءات والإفراجات المتواصلة لرموز عهد مبارك، لا يبشر بصحوة ثورية عميقة مفاجئة.
ومن اللافت أن محاكمة الإعادة اكتفت بإدانة سياسية بلاغية، على عكس المحاكمة الأولى التى رتبت على إدانتها السياسية لنظام مبارك حكما عليه بالسجن المؤبد. ومن اللافت أيضا أن قضاة المحاكمتين، رغم تيقُّنهم ككل مواطن من أن القضية مطبوخة بصورة مهينة للشعب وللقضاء، لم يرفضوا المشاركة فى هذه المهزلة دفاعا عن استقلال القضاء وكرامته.
ويتمثل الموقف الصحيح فى اعتقادى فى المطالبة بإعادة محاكمة مبارك وفقا لمقتضيات العدالة الانتقالية، لتشمل المحاكمة ثلاثين عاما من نظام مبارك الذى كاد يهدم الدولة ويدفن الشعب تحت الأنقاض، ولا سبيل لتحقيق مستويات من استقلال القضاء سوى النضال ضمن نضالات الديمقراطية الشعبية من أسفل.



#خليل_كلفت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الثورات الشعبية عفوية بالضرورة
- انظر أمامك فى غضب
- مفهوم جديد للثورة الشعبية
- تسييس محاكمة مبارك وعصابته
- تهجير رفح المثير للجدل
- مصير الثورات الإسلامية الراهنة
- تاريخ وتحليل الثورات الشعبية فى مصر عند لويس عوض
- المسألة الفلولية
- العنف .. فى جوهر الإسلام؟
- الثقافة ومستقبل مصر
- ثورة أم ثورتان؟
- الثورة الشعبية: داية أم احتجاج؟
- استدراك بشأن الثورة الاجتماعية-السياسية والثورة الشعبية
- مقدمة عن اليسار العربي والثورات العربية
- ليس من حق رئيس الجمهورية
- حدود الثورات الشعبية
- داعش والداعشية
- كفى ترويجًا لأوهام جديدة
- عرب 48 وعرب 67 فى إسرائيل
- الفلسطينيون بين الحصار والترحيل


المزيد.....




- الصفدي لنظيره الإيراني: لن نسمح بخرق إيران أو إسرائيل للأجوا ...
- عميلة 24 قيراط.. ما هي تفاصيل أكبر سرقة ذهب في كندا؟
- إيران: ماذا نعرف عن الانفجارات بالقرب من قاعدة عسكرية في أصف ...
- ثالث وفاة في المصاعد في مصر بسبب قطع الكهرباء.. كيف تتصرف إذ ...
- مقتل التيكتوكر العراقية فيروز آزاد
- الجزائر والمغرب.. تصريحات حول الزليج تعيد -المعركة- حول التر ...
- إسرائيل وإيران، لماذا يهاجم كل منهما الآخر؟
- ماذا نعرف حتى الآن عن الهجوم الأخير على إيران؟
- هولندا تتبرع بـ 100 ألف زهرة توليب لمدينة لفيف الأوكرانية
- مشاركة وزير الخارجية الأمريكي بلينكن في اجتماع مجموعة السبع ...


المزيد.....

- كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل ... / حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
- ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان / سيد صديق
- تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ ... / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- المثقف العضوي و الثورة / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- الناصرية فى الثورة المضادة / عادل العمري
- العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967 / عادل العمري
- المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال ... / منى أباظة
- لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية / مزن النّيل
- عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر / مجموعة النداء بالتغيير
- قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال ... / إلهامي الميرغني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - خليل كلفت - تسييس محاكمة مبارك؟