أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عقيل الواجدي - قصة قصيرة / لحظةُ لقاءِ السكّين















المزيد.....

قصة قصيرة / لحظةُ لقاءِ السكّين


عقيل الواجدي

الحوار المتمدن-العدد: 4669 - 2014 / 12 / 22 - 10:39
المحور: الادب والفن
    


قصة قصيرة / لحظةُ لقاءِ السكّين
عقيل فاخر الواجدي
كان يفلسفُ الاحداثَ لها و يمنطقُ الاشياء ، يجترُّ تاريخه بأسانيده المنتقاة ، كبهيمة تقيئ علفها ، يضغطُ بطرفِ ابهامهِ على اُمّ رأسها ، يطوفُ من حولها ، ثوبهُ الذي يلامسُ وجهها مع كل استدارة بفعل بطنهِ المتدلية وهي جاثية على ركبتيها يؤرشفُ لأيّامها التي تعثرت عند ناصية الحلم ، احلامُ البسطاء مشرعة ٌ نوافذها لذا هي عرضة للسرقة ، فـَمَهُ اللزجُ ببياضِ العفونةِ يتلو عليها قدّاسَ فحولتهِ ، كان هو آخرَ المارينَ على جسدها ، اَثلَجَ مساماتها بيدهِ التي تسللت اليها كعنكبوتٍ رطبٍ الى طريدته ، تعثرهُ المستمر بالرؤوس التي اِحتطبوها لم يمنعه من الاستمرار بالدوران ، الدوران يزيدُ من جاذبية الاشياءِ الى بعضها ، اِلاّ هي ، اِنفلتتْ كانشطارِ كوكبٍ عن مجرَّته ، تُسابقها اللحظاتُ الى خطواتها الغضَّة التي تمنحُ العشبَ اثراً كتفتحِ الوردِ وهي تقفزُ عليه ، هناك في ربى ( سنجار )... ( 1 ) ، الماء يتسللُ الى السواقي من النبعِ الذي اعتادت اَنْ تمدَّ ساقيها فيه ، تراقصُ الماءَ المندفعُ رغبةً لعناقِ ساقيها ، اِبنة ُ الجِرارِ هيَ وحوريةُ الوجود .. ( 2 )
الثوبُ يضربُ اَنفها بخشونتهِ كلّما استدارَ مِنْ حولها حتى ما عادتْ تشعرُ بهِ ، عيناها بينَ بياضِ الفراغِ ومرورهِ من امامها زمنٌ رماديٌ لا ملامحَ لهُ ، اِصبعهُ ينغرزُ بِرأسها معَ كلّ استدارةٍ ، يشطرُ ذاكرتها التي خلَّفتها على السريرِ وهيَ تئنُّ تحتَ وطأةِ جسدهِ الثقيلِ ، بلحيتهِ الطويلةِ التي لمْ تعرفِ الماء ، سيعينني اللهُ عليكِ ايتها الكافرة ، يرددها بعد كلّ جولةٍ تنتهي بفخذينِ لها لا تقوى على جمعهما مرةً اخرى ، وما اكثرُها جَوَلاتِه !! الربُّ بعصاتهِ يقفُ عند رأسيهما ، يَعُدُّ انتصاراتِهِ ، يُدَوّنها على خِرْقتهِ السوداء ، لا انتصارَ اكبرُ من فضّ بكارةِ اعداءِ الربِّ ، ولا ايمانَ اعظمُ من ان تقتصَّ لعُذريةِ الالهِ من دَنَسِ الالحادِ ، الهروبُ ما كان كافياً لِأَنْ تنفذَ بأنوثتها من بينِ المئاتِ التي تسلقتِ الجبلَ اِليها كالجرذانِ بحثاً عنها ، اُنوفهم بحاسّةِ الشبَقِ اِسْتدلّتْ عليها سريعاً ، هَرْوَلتْ الى عِطْرِها زَكامَتـُهُمْ ، عيونهم المُبَسْتَرَةِ بسوادِ القلوبِ اِلتهمتْ جسدها المحشورِ بين الصخورِ ، السريرُ محطتُها الاولى مِنْ بَعْدِ طقوسِ الاسْتِتابةِ التي ردّدتها من خلفهم بِفَمِ الخوفِ لا الادراك ، اَكَلها الجميعُ بعيونهم وَهِيَ تئنُّ تحتهُ ، يُشْجِيهم صوتُ الاستغاثة الذي لا مجيبَ لهُ ، هو وحده مَنْ كانَ صاحبَ الانتصارِ لحظتِها ..
سَوابيطُ العِنَبِ تُخْفي ظلَّيهما وهما يقطفانِ الهمسَ كما يقطفُ الخيالُ الفكرةَ ، مُتَاَمَّلَةٌ لحظاتُهم تنسابُ كما الهدوءِ في جَوْفِ قـَبْـوِ ، كان يُخبرها انَّ اجملَ ما سيقطفهُ هما شفتيها ، يَعُدّان الايامَ لمنتصفِ هذا الشهرِ ، ( البير)... ( 3 ) الذي عمّدهُما في ( عين البيضاء ).. ( 4 ) ذاتهُ من سيربط ُ بينهما ومَنْ سيقتسمانِ رغيف الخبز بحضرته ... ( 5 ) ، سَتُوْقِدُ لهُ سنيّها العشرين ، سَــتمْنَحهُ اَنْ يقطفَ حبّة الكرزِ كما يُسَمّيهما ، رَأَتْهُمْ وَهُمْ يقطفونَ رَأسَهُ امامها وعيناهُ تُوَدّعانها بحياء ، الحياءُ الذي لا تُجيدهُ الاّ الارواحُ التي خذلتها قُدْرَتُها في اَنْ تدفعَ عمَّنْ تُحِبُّ ، الحبُّ ناموسُ الوجودِ وقنديلُ الارواحِ الطاهرةِ ، الثلجُ على نقائهِ لا يمنحُ الحياة ، هُمْ جبالُ من الجليدِ تُخْفي ثأرَ صحرائِهم ، سنينٌ من القبحِ تداهمُ الجمالَ حيثُ حلَّ ، عالَمٌ من الدَّوارِ والدورانِ يحطُّ عند عينيها مع كلّ استدارةٍ لهُ ، ثوبهُ المعتَّقِ برائحةِ العَرَقِ يُعَـثِّرُ ذاكرتَها بارتطامهِ المتكرر ، الذاكرةُ تَرُنُّ كارتطامِ الحديدِ ببعضهِ ، صُوفيِّ الدورانِ – هو - لم يُشْعِرْهُ الوقتُ بالمللِ او التعبِ ، مُسْتمتعاً بِوِجُومِها ، باستسلامِها ، منقادة هي اليه لا تقوى على عصيان ، لا ارادةَ لها ، كما اتباعهم ، الارادةُ مَفْسَدَةْ الدّينِ !! التفكيرُ مُوْبقة تحطُّ الحسناتِ و تأكلها !! العقول ُ التي تفكرُ ستتعثرُ ارواحها بمطبّاتِ السماءِ وهي مغادرةٌ نحو الربِّ !! موائدُ الشهداءِ لا تؤمنُ بالمفكرين !!
يَدُها المتشبثةِ بثوبِ ابيها تنفلتُ عنه بأصابعٍ مشدودةٍ ، كانت يدُها اَهْوَنَ من اَنْ تمنعهم ان يأخذوه ، مشهدٌ تكرَّرَ في حياتها كثيراً على قِصَرِها ، هو الأَبُ المطلوبُ دائماً الى حتفهِ ، صوتُها ينحبسُ رويداً رويداً ، اَخْرَسَها اليأسُ من عودتهِ ، لا تعلمُ اِنْ كانت سَـتُمْنَحُ الفرصةَ لجمعِ رأسه ِ بجسدهِ مرة ً اُخرى ، فَصْلُ الرؤوسِ اِرث ٌ يتداولهُ النابتونَ من سَبَخِ الارضِ ، المُدَجَّنونَ من نُطَفِ الأَسِرَّة ِ، سحبوها باتجاهِ الزاويةِ التي اِنْحشر فيها من عثروا عليهم ، الزاوية ابعد ما تكون عنها ، فاَكوامِ اللحم تحولُ دون وصولها اليها ، كانوا كما الصيصان يختبئون تحت اَجْنِحَةِ بعضهم ، يُخْفون رؤوسَهم كأنما لا احدٌ يراهم ، لا اصواتَ الا حشرجةَ انفاسٍ وقلوبٍ افزعها الخوف ، الوجوهُ التي مَلَئَتِ المكانَ تستعرضُ البضاعة ، ما غيرها واخوتها الصغار وفتيات التقطتها اَيْدِيَهُم اضاعَ الفزعُ عليهنَّ المهرب ، النظراتُ المتفحصةِ تزيدُ التصاقهنَّ بالجدار ، اُمنيةٌ واهمةٌ اَنْ يَجِدْنَ في الجدار منفذاً او يُخفيهنَّ عن هذه الاعينِ الماجنة ، سُورٌ من الاجسادِ تُحِيطُ بهنَّ اَشْبَهُ بالتماثيلِ التي لم تكتمل بَعْدُ ، شَوْهاءُ حَدَّ القيء ملامحهم ، كنَّ هدية السفوحِ التي تخلَّت عن حيائِها حينَ تَعَرَّت الجبالُ لتكشفَ عن اجساد ٍ حاولت اَنْ تجدَ ولو حجارةً تختبئ من خلفها ، هو الوطنُ الذي يتخلّى عن كل شيءٍ اِرضاءاً لرغباتِ قاتليه ، تُدْرِكُ التآمرَ حينما تجدُ الوطنَ لا يعدو سوى نخّاسٍ يُتاجرُ بالأجساد ، اَدْرَكَتْ انما الوطن الواحد اكذوبة وان السماءَ ربُّ الجميع لا حقيقة له ، الوجعُ بطعمِ الاكاذيب ، والاملُ لا نوافذَ له ..
الذراعُ التي امتدتْ اليها لتخرجها مرةً اخرى من بينِ كَوْمَةِ اللحم التي تراكمت فوق بعضها ، مسكتها من شعرها وهي تسحبها خطواتٍ بشدّة لتقفَ بها امامَ ذلك الهَرِمِ الذي تفحَّصها جيداً من فوقِ زجاجتي نظارتهِ التي اَمالها قليلاً الى انفهِ ، كادت ان تهوي الى الارض حين احسَّت بيده تتسللُ الى جسدها يتلمَّسهُ لولا شعرها المشدود الى كفِّ هذا الماردِ بذراعه المفتولة ، كَرِهَتْ جسدها مع كل مسامة يتفحصها ، مع كلِّ نَفَسٍ يَمُرُّ من فَمِهِ بالقرب منها برائحة الجِيَفِ ، يمررُ يده غير عابئ بمن حوله ، تتعثرُ أصابعه بتفاصيلها تعثرّ الخيل الجامحة ، تَهَـشّم وجهها الذي تديره ما بين الحاضرين تَوَسُّلاً تهشُّمَ الحنين على صدر الغياب ، المكان على ظلمته يعج بالسواد ، كل شيء كان اسوداً حتى الهَهُمْ 0
رَكَلَها من على حافة السرير بعد اَنْ نَصَبَ آخِرِ راياتِ انتصاره لتتكوَّرَ بعيداً ، الغرفة مقدَّسة ٌ لا يمكن جَمْعُ رَجُلَيْنِ فيها مع امرأة واحدة ، اَمَرَهُمْ ان يأخذوها الى غرفة اخرى ، الشبهاتُ لابدَّ ان تُـتّـقى !! هكذا حذَّرهم !! اِنْسَلَخَتْ عِفَّتَها كانسلاخِ الليلِ عند حافةِ النهار وهي تدورُ ما بين الاسرَّةِ واحداً تُلْوَ الآخر !!
اِبهامُهُ لازال منغرزاً في اُمَّةِ رأسها ، استداراتهُ تتباطؤُ حتى ماعادت تراهُ يمرُّ من امامها ، الذهولُ يشيِّعُ المكان بالعمى ، اَغمضتْ عينيها ، غادرتْ وجعها المسكوب كَدَمِها ، السكينُ كانت آخرَ المارين على حُلُمِها ، اَوْدَعَتْ امنيتها ان تكون ذاتها السكين التي قطفت رأس حبيبها ، لحظة لقاء السكين ستكون ( كلّة )...( 6 ) عرسهما ، سقطت حبّة الكرز ، جمعوا الرؤوس ، كان راسها الاقربَ الى الزاوية ..

.........................................................................................................................
الهوامش :
1- سنجار مدينة تقع في شمال العراق يسكنها الايزيديون .
2- هي اسطورة تقول بان اصل الايزيديين نتاج زواج شيث ابن ادم من حورية .
3- البير : هو الكاهن الذي يقوم بعقد القران بين العروسين عند الايزيديين .
4- هي عين ماء يقوم الايزيديون بتعميد اطفالهم المولودين حديثا فيها .
5- من طقوس الزواج عند الايزيديين ان يقوم العروسان باقتسام رغيف الخبز تفاؤلا ودليلا على الشراكة .
6- هي قماش ابيض شفاف بهيئة خيمة يوضع على سرير العروسين .

الناصرية
22/12/2014



#عقيل_الواجدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الصفعة / قصة قصيرة
- عربة الليل
- الوقت لايكفي لبناء حلم آخر
- ذاكرة الدخان / قصة قصيرة
- الشاعرة دادة عبيد والتداخل اللوني
- جمالية النص عند عامر عواد
- الاطر الفنية في حوار مسلح
- اتعفو وفي الارض نزفُ !!!
- حينما اشتقت لك
- وجع الأثداء
- فلسفة الطين / قراءة للناقدة عزة الخزرجي
- ميار
- فلسفة الطين
- مدن التشظّي
- سلال النارنج
- هناك حيث لا انا
- أُهدْهدُ سكينكَ التي طوَّحت بأحلامي !!!!
- أُحجيات ايلينا مدني
- ايتها التي ماكان لها ان تصدق
- ماذا لو ان الحسين حاضرا ؟


المزيد.....




- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...
- إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل ...
- “قبل أي حد الحق اعرفها” .. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وفيلم ...
- روسيا تطلق مبادرة تعاون مع المغرب في مجال المسرح والموسيقا
- منح أرفع وسام جيبوتي للجزيرة الوثائقية عن فيلمها -الملا العا ...
- قيامة عثمان حلقة 157 مترجمة: تردد قناة الفجر الجزائرية الجدي ...
- رسميًا.. جدول امتحانات الدبلومات الفنية 2024 لجميع التخصصات ...
- بعد إصابتها بمرض عصبي نادر.. سيلين ديون: لا أعرف متى سأعود إ ...
- مصر.. الفنان أحمد عبد العزيز يفاجئ شابا بعد فيديو مثير للجدل ...
- الأطفال هتستمتع.. تردد قناة تنة ورنة 2024 على نايل سات وتابع ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عقيل الواجدي - قصة قصيرة / لحظةُ لقاءِ السكّين