أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عدنان حسين أحمد - الشخصية الافتراضية ووهم الزمن في -تلة الحرية- لهونغ سان- سو














المزيد.....

الشخصية الافتراضية ووهم الزمن في -تلة الحرية- لهونغ سان- سو


عدنان حسين أحمد

الحوار المتمدن-العدد: 4668 - 2014 / 12 / 21 - 13:36
المحور: الادب والفن
    


تنطبق مقولة السهل الممتنع على الفيلم الروائي (تلّة الحرية) للمخرج الكوري الجنوبي هونغ سانغ- سو انطباقاً كلياً لكن هذه السهولة مدروسة بعناية فائقة أفضت بشخصيات الفيلم إلى تأدية أدوارهم بعفوية نادرة لفتت أنظار المتلقين ونالت إعجابهم.
لابد من الإشارة إلى أن كاتب السيناريو هو مخرج الفيلم ذاته هونغ سانغ – سو، صاحب الفيلم المعروف (يوم سقط الخنزير في البئر) 1996 الذي حظي هو الآخر بثناء النقاد وإعجاب المُشاهدين على حدٍ سواء. ثم توسعت شهرته في أفلامه اللاحقة (ها ها ها)، (أورسونهي) و ( امرأة في مستقبل رجل). أما فيلم (تلّة الحرية) الذي نحن بصدده فهو أقرب إلى التحفة البصرية التي تنطوي على قدرٍ كبير من التأمل والغوص في الشخصيات الرئيسة للفيلم وأولها موري "كاس ريو"، الياباني الذي عاد إلى سيئول للبحث عن زميلته في مدرسة اللغة كوان "سيو يونغ-هوا" التي أدت دورها هي الأخرى بذات الألق الذي توفر عليه كاس ريو لكن هذه الحبيبة التي رفضت عرضه للزواج قبل سنيتن هي الآن مريضة وقد غادرت منزلها لتلّقي العلاج في الجبل.
لقد كتب موري عدداً كبيراً من الرسائل غير المؤرخة التي تسلّط الضوء على قصة حبه لهذه الفتاة التي تعلّق بها لكنها غابت عن ناظريه مثل حلم خاطف كما شرح لها تفاصيل إقامته في نزل رخيص لا يبتعد كثيراً عن المنزل الذي أمضى فيه بعض الوقت مع صديقته التي أحبها بعمق ولا يتردد في إعلان هذا الحب أو البوح به لغالبية سكّان الحي الشعبي الذين عرفوا بهذه القصة العاطفية وألمّوا بتفاصيلها الدقيقية. وحينما يُجابَه بالسؤال الآتي: (هل أنتَ هنا من أجل العمل أم المتعة؟) فكان يرد على الفور: أنه جاء يبحث عن امرأة أحبها ذات يوم ولما يزل متعلقاً بها إلى درجه الوله والجنون العاطفي.
تلعب الرسائل غير المؤرخة التي كتبها موري لصديقته كوون دوراً في الكشف عن أبعاد هذه الحكاية العاطفية التي ستختلط فيها السرديات وتؤثر بالنتيجة على تسلسل قراءتها من قبل كوون وهي تتبع الحالات النفسية التي مرّ بها صديقها الياباني موري، العاطل عن العمل، والذي يقضي معظم أوقاته بقراءة كتاب يتمحور حول وهم الوقت الذي نصنعه نحن البشر.
وعلى الرغم من ولع موري بكوون الغائبة التي لا نراها، لكننا نشعر بوجودها من خلال النسق السردي للفيلم، إلاّ أن هذا العاشق الياباني لا يتورع عن القيام بعلاقات عاطفية عابرة لإشباع حاجته الجسدية. فحينما يلج مقهى (مون سو- ري) ويلتقي بصاحبته الجميلة التي تحمل الاسم ذاته لا يتورع عن معاشرتها بعد أن تدعوه للعشاء.
يوغل كاتب السيناريو في تبسيط شخصية موري إلى الدرجة التي تُشعرنا بأن هذا الشاب القادم من اليابان لم يفلح في أية مهنة سوى العثور على الكلاب الضائعة ولعل العلاقة العاطفية العابرة التي نشأت بينه وبين صاحبة المقهى هي خير دليل على أن هذا الشخص المتبطل الذي لا يُتقن الكلام باللغة الإنكليزية لكنه يعبّر عن أفكاره ومشاعره قدر المستطاع، لم ينجح بشيئ حتى الآن سوى العثور على الكلب الصغير (غومي) الذي حرّض صاحبته على ردّ الجميل عبر مواقف متنوعة تبدأ بدعوة العشاء وتنتهي على سرير الملذات الجسدية العابرة.
ثمة شخصيات أخرى تؤثث النص، وتسد الفراغات التي يمكن أن تحدث هنا وهناك فثمة شخص كوري جنوبي لا يكف عن الكذب والتلفيق وبما أن (حبل الكذب قصير) كما يقال فإننا سرعان ما نكتشف هذه الأكاذيب ونعرف أن هذا الدعيّ الكذّاب هو شخص إتكالي ولا يتمكن من إعالة نفسه. أما الشخص الأميركي فقد جاء إلى كوريا الجنوبية لأنه يحبها ولا يفضل العيش في بلد سواها.
يحتل الحلم مكانة مهمة في هذا الفيلم فبعد أسبوعين من البحث الشاق والدؤوب يحلم موري بالعودة إلى اليابان صحبة حبيبته كوون وقد أنجبا ولداً وبنتاً وهما في طريق عودتهما إلى اليابان.
لا تنطوي قصة الفيلم على مضامين معقدة لكن الأفكار الإنسانية المبثوثة في تضاعيف الفيلم تمس مشاعرنا الداخلية وتهزّنا في كثير من الأحيان، وتدفعنا إلى التعاطف مع هذه الشخصيات الإنسانية البسيطة التي تلهث وراء تحقيق هواجسها الملحاحة التي لا تتعدى حدود الحُب والعيش الكريم في حي شعبي حتى وإن كان على غرار الحي الذي جرت فيه عملية البحث عن الحبيبة المفقودة التي لم نرها إلاّ في أحلام هذا العاشق القادم من المضارب اليابانية والذي وجد ضالته العاطفية في امرأة كورية جنوبية نجح في نقلها من عالمها الافتراضي إلى عالم اليقين الملموس الذي تحسسناه بأناملنا وحدقات عيوننا في آنٍ معا.
بقي أن نقول إن هذا الفيلم المتفرد في بساطته هو واحد من أصل سبعة عشر فيلماً روائياً مشتركا في مسابقة الأفلام الروائية الطويلة ومن بينها أفلام مهمة جداً مثل "فرصة ثانية" للدنماركية سوزان بير، و "حكايات" للإيرانية رخشان بني اعتماد، و "القِط" للمصري إبراهيم البطوط و "قلوب جائعة" للإيطالي سافييرو كوستانزو وسواها من الأفلام المتميزة التي سوف تفاجئ جمهور مهرجان أبو ظبي السينمائي في دورته الثامنة التي احتضنت العديد من الأفلام المهمة التي تستحق المشاهدة وتراهن على البقاء في ذاكرة المتلقين لأطول فترة ممكنة.



#عدنان_حسين_أحمد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تمبكتو تواجه التطرف الديني سينمائياً
- الفنان جلال علوان يُجسِّد الأحلام الشخصية على السطوح التصوير ...
- جائزة صحفي العام في حقوق الإنسان بلندن تُسند إلى جمال حسين ع ...
- موعظة عن سقوط روما . . تحفة فيراري الأدبية التي خطفت الغونكو ...
- الترِكة الثقيلة للمالكي
- مخملباف ينتقد العنف الذي يلي سقوط الطغاة
- الفنانة البريطانية مارلو موس ونأيها عن الشهرة
- التزامات الحكومة العراقية الجديدة
- مهرجان فينيسيا السينمائي في دورته الحادية والسبعين
- رحيل المخرج البريطاني ريشارد أتنبره
- رؤية عبد المنعم الأعسم للإصلاح والفكر الإصلاحي في بلد مضطرب
- بليندا باور تفوز بجائزة هاروغيت لأدب الجريمة
- كينغ روبو وحروبة الفنية على الجدران
- متوالية الأقنعة في رواية -أقصى الجنون . . الفراغ يهذي- لوفاء ...
- أنتلجينسيا العراق بين الماضي والمستقبل تحت مجهر سيّار الجميل
- حركة السوبر ستروك ومضامينها الفنية
- الشخصية الأسطورية في الفيلم الوثائقي الإيراني
- تقنية الإبهار في فيلم أمازونيا لتييري راغوبير
- مقبول فدا حسين. . أهدى حبيبته ثمانين لوحة لكنه لم يحظَ بالزو ...
- قراءة نقدية في كتاب سينما الواقع (2-2)


المزيد.....




- فنانون يتدربون لحفل إيقاد شعلة أولمبياد باريس 2024
- الحبس 18 شهرا للمشرفة على الأسلحة في فيلم أليك بالدوين -راست ...
- من هي إيتيل عدنان التي يحتفل بها محرك البحث غوغل؟
- شاهد: فنانون أميركيون يرسمون لوحة في بوتشا الأوكرانية تخليدً ...
- حضور فلسطيني وسوداني في مهرجان أسوان لسينما المرأة
- مهرجان كان: اختيار الفيلم المصري -رفعت عيني للسماء- ضمن مساب ...
- -الوعد الصادق:-بين -المسرحية- والفيلم الأميركي الرديء
- لماذا يحب كثير من الألمان ثقافة الجسد الحر؟
- بينهم فنانة وابنة مليونير شهير.. تعرف على ضحايا هجوم سيدني ا ...
- تركيز أقل على أوروبا وانفتاح على أفريقيا.. رهان متحف -متروبو ...


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عدنان حسين أحمد - الشخصية الافتراضية ووهم الزمن في -تلة الحرية- لهونغ سان- سو