أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - جميل السلحوت - الهجمة على الموروث الشعبي والموقف العقلاني منه















المزيد.....

الهجمة على الموروث الشعبي والموقف العقلاني منه


جميل السلحوت
روائي

(Jamil Salhut)


الحوار المتمدن-العدد: 4668 - 2014 / 12 / 21 - 12:02
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    



الهجمة على الموروث الشعبي والموقف العقلاني منه
يكاد الباحثون أن يجمعوا على ان الاهتمام العربي بالفولكلور بدأ بشكل جدّي بعد الحرب العالمية الثانية، وبعد حصول غالبية الدول العربية في حينه على استقلالها السياسي، حيث أصبح لكل دولة علم خاص ونشيد وطني خاص، فإنهم يغفلون القصص الشعبي الذي دونه العرب قبل ذلك بقرون مثل حكايات " ألف ليلة وليلة " وسير الأبطال الشعبيين مثل " سيف بن ذي يزن " و " الزير سالم " و " عنترة بن شداد " و " أبو زيد الهلالي " وغير ذلك كثير . كما ان كتاب الحيوان للجاحظ فيه باب طويل عن أدب العامة ، كما أنه احتوى على الكثير من النكات والأقوال الشعبية ، وكتاب العقد الفريد لابن عبد ربه احتوى هو أيضا على مأثورات شعبية وغيرهما .
والأداب الشعبية من حكايات ونوادر وأقوال وأمثال ، وأغان هي افراز لابداعات الشعب بمجمله .وتدوين هذه الابداعات، واخضاعها للبحث والدراسة في مراحلها المختلفة واجب أخلاقي ووطني وإنساني أيضا .
فإذا كانت " ألف ليلة وليلة " وغيرها قد دُوّنت في عصر الخلافة العباسية، مع ما تحويه من استعمالات للغة العامة، ومضامين جنسية صريحة، فمن غير المعقول ومن غير المنطق أن يتم اعدام كتاب"قول يا طير" وما يحويه من الحكايات الشعبية العربية في القرن الواحد والعشرين من قبل موظفين فلسطينيين عام 2007. واذا كان أولئك الموظفون قد أدركوا متأخرّا –بعد الضّجّة التي حصلت جرّاء فعلتهم- الخطأ الذي وقعوا فيه، فإنه لا يزال-مع الأسف- حتى أيامنا هذه من لا يدرك أهمية تراثنا الشعبي، معتقدا أنّ فيه ما يخدش الحياء! غير مدرك أن مقولته هذه فيها تهمة "قلّة الحياء" لآبائنا وأجدادنا الذين ورثنا عنهم هذا التراث، وهذا أمر غير معقول، ويجانب الحقيقة.
فالتراث الشعبي جزء هام من الهوية الوطنية لأي شعب، بل إنه أحد مكونات هذه الهوية، فمن لا ماضي له لا حاضر ولا مستقبل له أيضا .
والموروث الشعبي بشقيه القولي والمادي هو إرث حضاري للشعب، والتنكر لهذا الإرث الحضاري، هو استجابة مقصودة أو بدون قصد لطروحات الأعداء الذين يرون في الشعب الفلسطيني مجرد تجمعات سكانية، وهم بهذا ينفون عنه صفة كونه شعب .
والتنكر لجوانب من تراثنا الشعبي كبعض الحكايات والأغاني الشعبية يتساوق مع ما فعلته حركة طالبان في أفغانستان عندما دمرت التماثيل البوذية في بلادها، بحجة محاربة الوثنية، وهم يتانسون مثلا أن المسلمين بدءا من الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه وأرضاه، مرورا بدولة الخلافة وحتى أيامنا هذه لم يدمروا التماثيل الفرعونية في مصر على سبيل المثال، ولسبب بسيط أنها حضارة المصريين في مرحلة سابقة، ومع الفارق ما بين الفعلتين " التنكر لبعض الحكايات والأغاني وتدمير التماثيل " حيث أن الحكايات والأغاني الشعبية تحمل في طيّاتها مفاهيم دينية، كبقية موروثنا الشعبي .
ففي العام 1991 حسبما أذكر وعندما أقيم مهرجان القدس الثقافي والذي شاركت فيه فرق فلكلورية من مختلف انحاء الوطن ، وقف أحد الأساتذة في احدى جامعاتنا المحلية ليُحرّم الاحتفالات الفولكلورية معتبرا إياها خروجا عن الدين، ومحتجا على استعمال مصطلح " التراث الشعبي " ورددت عليه بأن التراث مأخوذ من الفعل ورث يرث فهو تراث وميراث، وديننا الحنيف هو تراثنا الديني الحضاري الذي توارثناه أبا عن جد، فالوحي نزل على خاتم المرسلين صلوات الله عليه، والدّين اكتمل في عصره، ونحن توارثناه من بعده، كما ان تراثنا الشعبي مجبول بالمفاهيم الدينية؛ لأن ثقافاتنا الشعبية هي ثقافة دينية، فعلى سبيل المثال تفتتح أمهاتنا وأخواتنا وزوجاتنا وبناتنا أغاني الأفراح بـ " المهاهاة " قائلات :
وهاي يا ناس صلو على النبي
وهاي بدل الصلاة صلاتين
ويفتتح آباؤنا وأخواتنا ونحن السامر بالقول :
وأول ما نبدي ونقول
والحذر يصلي ع الرسول
وهكذا.....فما كان من ذلك الأستاذ إلا أن وقف معترفا بعدم معرفته المسبقة بهذا الموضوع، وأنه كان عنده فهم خاطئ للمصطلح، فحظي باحترام الحضور .

اللهجة العامية :

اللهجة: هي استعمال خاطئ للغة، ومدى ابتعاد أي لهجة عن الفصحى دلالة على مدى بعدها عن اللغة الصحيحة .
وقد اختلف الباحثون حول تدوين الموروث الشعبي بالفصحى أم بالعامية .
فبعضهم ارتأى أنه يجب تدوينه كيفما سمعته من راويه دون تغيير أو تبديل، والبعض الآخر ارتأى أنه يجب تدوينه بما يسمى اللغة الثالثة، وهي اللغة الفصحى السلسة التي إذا سكّنتَ آخرها تصبح عامية، وانا أميل إلى الرأي الثاني، مع التنويه أن بعض الموروث الشعبي إذا ما قمت بمحاولة كتابته بالفصحى كالمثل الشعبي فإن رونقه ومعناه سيفسدان .

تراثنا بين السرقة والطمس والتشويه :

يتعرض التراث الشعبي الفلسطيني إلى السرقة والتشويه والضياع، نتيجة للغزو الصهيوني لفلسطين، وتشريد ملايين الفلسطينيين عن أرض وطنهم. فمئات القرى الفلسطينية تم تدميرها بالكامل، ومحو كل أثر لها .وما تبقى جرى تحريفه وتشويهه، فعسقلان أصبحت أشكلون، وبيسان أصبحت بيت شان وبيت محسير أصبحت بيت مائير وهكذا.
وحتى على مستوى المأكولات الشعبية فإن الحمص والفلافل يقدم على اعتبار أنه أكلة شعبية عبرية . أما على مستوى الأدب الشعبي فقد تم تقديم أغنية " الدلعونا " بنفس لحنها الشعبي الفلسطيني بعد ترجمة كلماتها إلى العبرية على أساس أنها أغنية شعبية عبرية .
وكذلك الثوب الفلاحي الفلسطيني المطرز تمت سرقته وفي بداية ثمانينات القرن العشرين قررت شركة " العال " الاسرائيلية للطيران اعتماده كلباس لمضيفات الشركة على اعتبار أنه موروث شعبي عبري .
والآثار الفلسطينية تمت سرقتها وعرضها في المتاحف الاسرائيلية على اعتبار أنها آثار العبريين القدماء . والحكايات الشعبية الفلسطينية والعربية تمت ترجمتها واستبدال الأسماء العربية فيها بأسماء عبرية ونسبتها إلى العبريين .
ونتيجة لتشتت الفلسطينيين فإن الأغنية الشعبية الفلسطينية قد ضاعت في أرض اللجوء ، أو تم دمجها في الأغاني المحلية خصوصا في الدول العربية الشقيقة، وتم نسبها إلى هذا القطر أو ذاك .
ويجدر التنويه هنا أن لا خلاف على الثقافة العربية المشتركة، لكن ضياع الموروث الشعبي الفلسطيني تحديدا يجب عدم المرور عليه مرّ الكرام؛ نظرا لظروف الشعب الفلسطيني الخاصة، والتي تهدد وجوده كشعب ساهم في بناء الحضارة العربية والاسلامية والإنسانية .

الموقف العقلاني من التراث :

يرى البعض أنه يجب جمع تراثنا الشعبي القولي والمادي بإيجابياته وسلبياته إذا كانت له سلبيات، واخضاعه للدراسة والبحث، ويجب عدم استثناء أي جزء من التراث، وعقلنة التراث لا تتعارض مع التقدم العلمي والحضاري، فمثلا أن أفاخر أن أمّي وجدتي كانتا تستعملان الطابون والصاج لصناعة الخبز، فهذا ما تيسر لهما، لكن زوجتي تستعمل الفرن الكهربائي لصناعة الخبز حاليا ، وهذا ما تيسر لها أيضا .
وبعض الحكايات والأمثال والنكات الشعبية لها مدلولات سلبية، وهذه ظاهرة موجودة في آداب جميع الشعوب، لأن الأدب الشعبي أدب طبقي ، فكل طبقة أنتجت آدابها. فالمتذيلون للمحتلين والمستعمرين والحكام الظالمين أنتجوا المثل القائل " إللي بتجوز أمّي هو عمّي " والمقاومون قالوا: " إللى بتجوز أمّي هو همّي " ...وهكذا
وجمع التراث بكافة جوانبه لا يعني استعماله كاملا، فالحياة في تطور مستمر، وما يخدم قضاياك المعاصرة هو الذي يمكنك أن تستخدمه لتعزيز هذه القضايا أو لفضحها وتعريتها، مع التأكيد أنّ موروثنا الشعبي ليس فيه ما يعيب، أو يخدش الحياء كما يزعم البعض .

حزيران 2007



#جميل_السلحوت (هاشتاغ)       Jamil_Salhut#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بدون مؤاخذة-القدس المنسية
- ظلال قلب لصابرين فرعون في اليوم السابع
- بدون مؤاخذة-على الأرض السلام
- -القدس مدينتي الأولى- في اليوم السابع
- أما آن لهذا الاحتلال أن ينقلع؟
- جريمة قتل الوزير أبو عين
- رواية أهل الجبل تدعو إلى التفكير
- بين علوم الدّين وعلوم الدّنيا
- حفل توقيع ونقاش رواية عازفة الناي في مركز يبوس الثقافي
- بدون مؤاخذة علومنا وعلوم -الكفار-
- بين فلنتينا وزعل
- الضدية الثقافية
- علي الدّيك والفنون الشعبيّة
- رواية-أميرة- في الصالون الثقافي في طولكرم
- -أميرة- في طولكرم
- رواية-أميرة- في ندوة اليوم السّابع
- اسرائيل دولة اليهود
- في قطاع غزة أناس يعانون
- قليلا من احترام الذات
- بدون مؤاخذة- الصعود الى الهاوية


المزيد.....




- -الطلاب على استعداد لوضع حياتهم المهنية على المحكّ من أجل ف ...
- امتداد الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين إلى جامعات أمريكية جدي ...
- توجيه الاتهام إلى خمسة مراهقين في أستراليا إثر عمليات لمكافح ...
- علييف: لن نزود كييف بالسلاح رغم مناشداتها
- بعد 48 ساعة من الحر الشديد.. الأرصاد المصرية تكشف تطورات مهم ...
- مشكلة فنية تؤدي إلى إغلاق المجال الجوي لجنوب النرويج وتأخير ...
- رئيس الأركان البريطاني: الضربات الروسية للأهداف البعيدة في أ ...
- تركيا.. أحكام بالسجن المطوّل على المدانين بالتسبب بحادث قطار ...
- عواصف رملية تضرب عدة مناطق في روسيا (فيديو)
- لوكاشينكو يحذر أوكرانيا من زوالها كدولة إن لم تقدم على التفا ...


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - جميل السلحوت - الهجمة على الموروث الشعبي والموقف العقلاني منه