أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عبدالخالق نجم البهادلي - ضمير الشر بين الدين والإنسانية (4)















المزيد.....

ضمير الشر بين الدين والإنسانية (4)


عبدالخالق نجم البهادلي

الحوار المتمدن-العدد: 4667 - 2014 / 12 / 20 - 05:39
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


للاطلاع على ما سلف من المقال، يرجى الاطلاع على الآتي:
ضمير الشر بين الدين والإنسانية (1) منشور تحت الرابط
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=446283
ضمير الشر بين الدين والإنسانية (2) منشور تحت الرابط
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=446470
ضمير الشر بين الدين والإنسانية (3) منشور تحت الرابط
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=446583

ضمير الشر بين الدين والإنسانية (4)
8. سلوك القطيع: يستخدم علماء النفس هذا المصطلح للإشارة إلى سلوك مجموعة من الناس تتجمع في مكان واحد، ويغيب القانون وقتئذ وتشيع الفوضى. كما في سلوك الشغب لدى مشجعي كرة القدم، وكذلك سلوك "الفرهود" (كل شخص يأخذ ما يستطيع). مصطلح سلوك القطيع مأخوذ من عالم الحيوانات. فعندما يستشعر حيوان ما في قطيع خطراً محدقاً، سيهرب. وكل القطيع سيتعبه دون معرفة السبب. وكذلك عندما يقوم قطيع من الحيوانات (الكلاب البرية أو القرود، مثلاً) بالصيد، فكل فرد من القطيع سيقوم بتصرفات معينة تتكامل مع تصرفات الأفراد الآخرين لتؤدي في النهاية إلى الظفر بالصيد. وهنا بيت القصيد، في سلوك القطيع قام الفرد بدوره على أتم وجه دون أن دون أي تفكير، المهم أنه تبع قطيعه. والسلوك هنا سيكون مجرد استجابات انعكاسية، أو كما هو شائع "غريزي".
وقد صبغ سلوك القطيع معظم الأفعال التي قامت المجموعات الإسلامية المتطرفة في المناطق التي سيطرت عليها في سوريا والعراق. فقد أطلقت يدها في تلك المناطق، وقامت بمجازر وبشاعات يندى لها جبين الأخلاق والإنسانية خجلاً، مجزرة سبايكر مثلاً، وتعليق الرؤؤس على جسر في الموصل. فكل فرد من قطيع داعش قام بدوره في الصيد دون تفكير، المهم أن يتكامل مع أفراد القطيع الآخرين.

واستكمالاً لجوانب الموضوع، لابد من الإشارة وبقوة إلى أن الكاتب هنا لا يقف بالضد من التدين. فالتدين في بعض حالاته، قد يكون حالة إنسانية راقية. خصوصاً عندما يتضمن قبول الآخر وتقديره واحترامه. لا أقول قبول الآخر فقط، بل يجب أن يُمثل الآخر "المختلف" قيمة إنسانية لا يمكن تجاوزها. وخير المتدينون هم من يؤمنوا بأن "خير الناس من نفع الناس"، كل الناس وليس أفراد دينهم أو مذهبهم. وإن الله خلق الإنسان كخليفة له في الأرض، كل إنسان وليس مجموعة خاصة منهم.
ومن الجوانب الايجابية الأخرى للتدين، هي أن المتدينون يتمتعون بصحة نفسية أفضل من غير المتدينين. ذلك لأن المتدين لا يكترث كثيراً لهذه الحياة، فهو يسعى إلى الحياة الآخرة. وبذلك تهون لديه أغلب ضغوط الحياة اليومية. وهي الحالة التي يصعب جداً على غير المتدين الوصول إليها. والمتدين يؤمن بأن كل ما يحدث معه هو من الله. إذا كان خيراً فهو ثواب من الله، وإذا كان سيئاً فهو اختبار من الله. وما دام كل شيء من الله فلا مبرر للحزن والكدر. كما قد تصل شخصية المتدين قمة الاتزان الانفعالي عندما يتمثل بيت الشعر للحسن بن علي، حين قال: "لئن ساءني دهر عزمت تصبرا وكل بلاء لا يدوم يسير،،، وإن سرني لم أبتهج بسروره وكل سرور لا يدوم حقير". بكلمات أخرى، قد يصل المتدين إلى حالة من السلام الداخلي والصفاء.
والوجه المشرق الآخر للتدين يمثل بالفتاوى التي تؤسس لاحترام المجتمع، ولضمير مبني على اساس المبادئ. فقد حدث مع جماعة من اساتذة عراقيين مغتربين في أحدى الدول العربية، إن موظفي هذه الدولة اغتصبوا بعضاً من حقوق هؤلاء الاساتذة. وكان مطلوباً من الاساتذة أن يدفعوا ضرائب. وقد توصل الاساتذة إلى حيلة يتجنبون بها دفع الضرائب، وقالوا مع أنفسهم: "هذه مقابل تلك". وعندما استفتوا مرجعهم في ذلك، أجاب وبلغة مختصرة وواضحة وحازمة "كل ما يخالف قوانين الدولة التي تقيمون فيها، فهو حرام". فما كان من الاساتذة إلا دفعوا الضرائب، وغادروا الدولة العربية ولم يحصلوا على كافة حقوقهم. هؤلاء الاساتذة كانوا على غير مذهب الدولة المستضيفة، ومع ذلك تقدم حق المجتمع على حق الأفراد.
ومع كل ذلك، فإن التدين حرية شخصية "من شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر". ويجب أن تظل هذه الحرية شخصية دائماً، دون أن يكون لها امتدادات اجتماعية. بل على العكس من ذلك تماماً، يجب أن تحكم قوانين المجتمع التدين في حالات الشطط والشطح. حيث صلاة المرء وصيامه لا تقدمه على أفراد المجتمع الآخرين. ربما يتقدم داخل جماعته الدينية ولكن لا يمتد ذلك على الآخرين خارج هذه الجماعة.
عندما مات علي بن أبي طالب فارق الدين السياسة، وأزعم أنهما لن يجتمعا أبداً، كحالة إنسانية راقية. حيث يروي لنا تأريخنا أنه كلما اجتمعا بعد ذلك، كان وليد لقائهما مسخاً رعديداً، يأكل أمه وأبيه. فلا هو دين على وجه، ولا هو سياسة على وجه. وهذا لا يقتصر على الإسلام فقط، بل يصدق ذلك على المسيحية واليهودية وكل الديانات الأخرى. يكفي أن نعرف أن الكنسية حرقت 50000 مسيحياً في يوم واحد بحجة الهرطقة. وما تفعله إسرائيل بالفلسطينيين بحجة أرض الميعاد.
يظن أغلب المتدينين أن المجتمعات الاسلامية بدون الاسلام ستعيش بقانون الغاب، والإسلام هو منقذنا في هذه الحياة. حيث أن الأخلاق الإسلامية التي يسير عليها مجتمعنا هي من يحفظ الحقوق والواجبات للكل. والحقيقة أن كل الشواهد المستمدة من المجتمعات غير الاسلامية وما يسودها من قوانين إنسانية راقية، وعدالة اجتماعية تفند هذا الطرح. هنا في الغرب الكافر "السويد مثلاً" تتجول الفتاة في ساعة متأخرة من الليل، وفي طرقات ليس فيها الكثير من المواطنين، وهي آمنة مطمئنة وبالتأكيد ستصل بيتها بسلام. هل يمكن لفتاة مسلمة في بلاد الايمان أن تقوم بذلك وتصل سالمة؟ هذا إذا تجرأت أصلاً على الخروج ليلاً.
بل أثبت المجتمع الياباني بما أظهره من تكافل وتضامن وانضباط في أزمة فوكوشيما 2011، ما لا يخطر حتى على بال مجتمعاتنا العربية. يُمثل مفهوم كيزونا "روابط الصداقة والتضامن" جوهر الحضارة اليابانية وضميرها، وقد جسد اليابانيون هذا المفهوم على شكل سلوك وتصرفات ربما في أعنف كارثة تصيب اليابان بعد الحرب العالمية الثانية. فاشترى كل مواطن فقط ما يحتاجه ليومه من غذاء وسلع استهلاكية، دون أي انانية او طمع او جشع وترك الباقي للآخرين. وكان هذا السلوك سبباً كبيراً في التخفيف من هول الكارثة. والسؤال هنا هو، ماذا لو حدثت هذه الكارثة في واحد من مجتمعاتنا؟ كيف سنتصرف؟ بل كيف سيتصرف المتدينون؟ ولكي لا نتجنى على مجتمعاتنا الإسلامية، فإننا نستل الإجابة على هذا السؤال من تجربة يعيشها المسلمون كل عام، وهي ليست كارثة بكل المقاييس. فمع حلول شهر رمضان "شهر الطاعة والغفران" يلجأ "المسلمون الذين يصومون رمضان أيماناً وأحتساباً" إلى رفع أسعار كل السلع الاستهلاكية، بجشع مقيت. ويساعدهم في ذلك، المسلم في الشارع عندما يتسوق أكثر من حاجته أضعاف المرات. فلا أدري أين الأخلاق في ذلك.
وإذا قال علي بن أبي طالب "كن أبن من شئت وأكتسب أدبا"، فأنا أقتبس منه ذلك ولكن على طريقتي، فأقول: "أعبد من شئت وأكتسب أدبا".



#عبدالخالق_نجم_البهادلي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ضمير الشر بين الدين والإنسانية (3)
- ضمير الشر بين الدين والإنسانية (2)


المزيد.....




- روسيا توقع مع نيكاراغوا على إعلان حول التصدي للعقوبات غير ال ...
- وزير الزراعة اللبناني: أضرار الزراعة في الجنوب كبيرة ولكن أض ...
- الفيضانات تتسبب بدمار كبير في منطقة كورغان الروسية
- -ذعر- أممي بعد تقارير عن مقابر جماعية في مستشفيين بغزة
- -عندما تخسر كرامتك كيف يمكنك العيش؟-... سوريون في لبنان تضيق ...
- قمة الهلال-العين.. هل ينجح النادي السعودي في تعويض هزيمة الذ ...
- تحركات في مصر بعد زيادة السكان بشكل غير مسبوق خلال 70 يوما
- أردوغان: نتنياهو -هتلر العصر- وشركاؤه في الجريمة وحلفاء إسرا ...
- شويغو: قواتنا تمسك زمام المبادرة على كل المحاور وخسائر العدو ...
- وزير الخارجية الأوكراني يؤكد توقف الخدمات القنصلية بالخارج ل ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عبدالخالق نجم البهادلي - ضمير الشر بين الدين والإنسانية (4)