أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - سعد هجرس - بناء الثقة .. اليوم وليس غداً















المزيد.....

بناء الثقة .. اليوم وليس غداً


سعد هجرس

الحوار المتمدن-العدد: 1307 - 2005 / 9 / 4 - 09:24
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
    


بدلاً من عمل البحر طحينة على النحو الذى نراه فى الخطاب الانتخابي لبعض الأحزاب وفى مقدمتها الحزب الوطنى..
وبديلاً عن صناعة اليأس وتكسير المجاديف على النحو الذى يوصى به الخطاب المضاد لبعض القوى المعارضة وبالذات التى تدعو الى مقاطعة الانتخابات الرئاسية..
طالبنا الجزء الناطق من الأمة فى مقال سابق بعدم الاستنامة إلى إغراء كسل الارتماء على أحد "قرنى الإحراج" كما يقول المناطقة.
فليس هذان البديلان هما الخيارين الوحيدين، وإنما هناك مساحة – مهما كانت ضيقة والزمن المتاح لها محدوداً – لإبداع مبادرات إيجابية تبعدنا عن مأزق الاحتقان ، الذى يحول السياسة من علم وفن لادارة الصراع والتناقضات بين الأطراف المختلفة للمجتمع بصورة سلمية، إلى حلبة لمصارعة الثيران او حديقة حيوان مفتوحة.. البقاء فيها للأقوى والقانون الوحيد المحترم فيها هو قانون الغاب .
ودعوتنا الى إبداع مبادرات إيجابية –بدلا من استقواء "الموالاة" بالأمر الواقع واحتكار تاريخى طويل ، وغير مبرر ، للسلطة والثروة ، وبديلا عن اكتفاء أقسام من " المعارضة " بالشكوى من جبروت الحزب الحكام و"تفصيله" لقواعد اللعبة على مقاسه وحجم مرشحيه اليوم .. وغدا .. وبعد غد – دعوة ليست توفيقية ولا تلفيقية كما انها ليست دعوة طوباوية ومثالية . وانما أساسها الموضوعى هو الوجود الحالى لقواسم مشتركة بين الموالاة والمعارضة فى قضايا الإصلاح السياسي والدستورى لم تكن قائمة سلفاً ، بل لم تكن تلوح فى الأفق المنظور، أصبحت متاحة – ربما بصورة فاجأت الكثيرين من الطرفين - نتيجة للتأثير التراكمى لعوامل داخلية ونضال طويل لقوى ثورية واصلاحية ، وأيضا نتيجة لعوامل خارجية لم تكن موجودة من قبل وخلقتها تغيرات دراماتيكية فى البيئة الإقليمية والدولية .
وتحت وطأة هذه العوامل ، الداخلية والخارجية ، وجدنا أن هؤلاء الذين استماتوا فى الدفاع عن استمرار الأمر الواقع ورفعوا شعار " الاستقرار التام او الموت الزؤام" وقاموا بتسفيه وتشويه أي دعوى للتغيير والإصلاح ، اضطروا اليوم لقبول كثير من المطالب التى دأبوا على رفضها بالأمس .
انظر مثلاً إلى مطالب مثل تعديل الدستور او حتى صياغة دستور جديد بالكامل ، وإلغاء حالة الطوارئ ، واعادة النظر فى العلاقة بين السلطة التنفيذية والسلطة التشريعية ، وصلاحيات رئيس الجمهورية ... الخ.
مثل هذه المطالب كانت فى عداد المحرمات حتى شهور قليلة وكان المدافعون عنها يتعرضون للاتهام بالخيانة والعياذ بالله .. والآن اصبح أقطاب الحزب الوطنى هم الذين يرفعون شعاراتها كما لو كانوا أصحابها الأصليين !
وليست المشكلة أن الحزب الوطنى لايزال يتمسك بإبقاء هذه التغييرات السياسية والدستورية فى حدها الأدنى ، او فى تقييدها بضوابط صارمة ومتعنتة قد تفرغ بعضها من مضمونها الديمقراطى (مثلما حدث فى تعديل المادة 76 من الدستور ) .
فهذه مسألة يمكن التوصل فيها الى حلول وسط ومساومات وفقا للظروف وتغير موازين القوى ودخول عناصر وعوامل جديدة الى أطراف المعادلة السياسية .
المشكلة الأخطر.. هى أن موافقة الحزب الوطنى على كثير من هذه المطالب – التى كان يرفضها حتى الأمس القريب- ماتزال مجرد وعود.
وهنا يوجد مربط الفرس.
فالوعد يمكن ان يتحقق ويمكن الا يتحقق . ومن يقطع وعداً يمكن أن يفى به ويمكن ان ينكص عنه.
وأزمة الثقة هى القانون الأساسي فى العلاقة بين " الموالاة " و" المعارضة " الآن لأسباب مفهومة ولا داعى للت والعجن فيها.. ويتحمل مسئوليتها – او النصيب الأكبر منها على الأقل – الحزب الحاكم نظراً لاحتكاره للسلطة والأمر والنهى لاكثر من 24 عاما.
ولذلك فان المبادرات المطلوبة لـ " حلحلة" التأزم السياسى الراهن تكمن – فى المقام الأول – فى إجراءات بناء الثقة.
وهذه تتحقق بأكثر من وسيلة .
الوسيلة الأولى هى وضع جداول زمنية لتحويل هذه الوعود إلى واقع.
والوسيلة الثانية هى تحديد آليات ملزمة لتنفيذها .
والوسيلة الثالثة هى اتخاذ تدابير عاجلة- قبل انتخابات الرئاسة – إزاء عدد من القضايا التى تمثل انتهاكا للقانون ومع ذلك يتم التغاضى عنها طالما ان القائمين بها من أنصار الحزب الحاكم وحكومة الحزب الوطنى .
من ذلك مثلا استخدام السيد راشد رئيس الاتحاد العام لنقابات عمال مصر لأموال الاتحاد للدعاية لمرشح الحزب الوطنى محمد حسنى مبارك . وهى – فى رأى أستاذ قانون دستورى مثل الدكتور عاطف البنا- بمثابة " جريمة اختلاس يعاقب عليها القانون بالحبس والغرامة".
فإذا ما حرك الرئيس مبارك الدعوى القضائية ضد رئيس اتحاد العمال الذى تعامل مع 7 مليون عامل مصرى كما لو كانوا قطيعا من الأغنام ويعطى لنفسه الحق فى " المبايعة" باسمهم – على طريقة أيام الاستفتاء – فان من شان ذلك ان يعطى للناس أملاً فى أننا إزاء عصر جديد فعلاً لا يوضع فيه القانون فى الثلاجة.
نفس الشيء بالنسبة للدور الذى لعبه احمد العماوى وزير القوى العاملة والذى خالف القواعد التى أعلنتها لجنة الانتخابات الرئاسية التى تمنع الوزراء من تأييد الرئيس او دعمه فى الانتخابات باى صورة من الصور.
هذه القواعد لم تردع العماوى عن المزايدة باسم 8 مليون عامل بالزراعة والرى اصدر "مبايعة" بالنيابة عنهم للرئيس مبارك باعتباره مرشحهم الأوحد .
فماذا يمنع من محاسبة هذا الوزير الذى تعمد ان يدوس القانون بالحذاء تزلفاً للرئيس؟
وماذا يمنع الحزب الوطنى – دعما لمرشحه فى انتخابات الرئاسة وإعطاء المصداقية لوعوده – من ان يمتثل لمشيئة القضاء ، وان يقوم بتجميد عضوية الدكتور يوسف والى نائب رئيس الوزراء ووزير الزراعة السابق ونائب رئيس الحزب الوطنى الحالى ، وحثه على التخلى عن الحصانة التى يحتمى بها، لكى يتم التحقيق معه فى الاتهامات التى تحوم حول دوره فى تسهيل دخول مبيدات محظورة الى مصر أدت الى إصابة الملايين بالسرطان وقائمة طويلة من الأمراض القاتلة . وهى اتهامات طالب القضاء بالتحقيق مع الدكتور والى بشأنها.
أن تمسك الحزب الوطنى باستمرار عضوية الدكتور والى وبقائه فى أعلى المناصب بعد منصب الرئيس مباشرة – رغم كل ما أثير حوله- يعنى انه يؤكد للناس كافة انه غير جاد فى احترام القضاء ، وغير جاد فى محاربة الفساد ، كما يعنى انه يضع رجاله فوق القانون .. أما إذا فعل العكس فانه سيعطى للناس أملاً فى ان هناك جديد تحت الشمس وان هناك ضوء فى نهاية النفق.
كذلك الحال بالنسبة لقيادات المؤسسات الصحفية القومية التى أثيرت حولها شبهات نهب المال العام بملايين ومليارات الجنيهات .. ورغم ان " حواديت " هذه التجاوزات متداولة ، بل ومنشورة منذ سنوات، فان أحداً فى حكومة الحزب الوطنى لم يحرك ساكناً ، كما ان مجلس الشورى الذى يسيطر عليه الحزب الوطنى والذى هو المالك لهذه المؤسسات الصحفية، صنع أذنا من طين وأخرى من عجين ورفع شعار " لا أرى ولا اسمع ولا أتكلم" ، ولم يفعل اى شئ حتى من باب تبرئة القيادات الصحفية المشار إليها من سيل الاتهامات الموجهة إليها ، والتى تقدم بها اكثر من صحفى مرموق كبلاغ علنى للنائب العام.
فلماذا ابقى الحزب الوطنى على هؤلاء على رأس المؤسسات الصحفية القومية لسنوات طويلة، أطول من ليل المريض، وبالمخالفة الصريحة للقانون رغم علمه بوجود ملفات هائلة الحجم بمخالفات لا حصر لها لبعضهم لا تقتصر على إساءة استخدام السلطة ، وإنما تمتد إلى نهب المال العام؟
واليوم .. ألا يعد فتح ملفات هذه القضية " النائمة" شكلا من أشكال إعادة بناء الثقة ودليلاً على ان زمن التغطية على فساد المحاسيب قد ذهب الى غير رجعة؟
والسؤال " العملى" للقائمين على حملة الدعاية الانتخابية للحزب الوطنى هو : أيهما أهم بالنسبة لهم .. إعطاء مسوغ للناس والقوى السياسية فى المجتمع لاستعادة الثقة من اجل المشاركة الإيجابية .. أم الحفاظ على مشاعر بعض قيادات صحفية بعضها ليس فوق مستوى الشبهات ؟!
ثم أن هناك أحداثاً أخرى تقلق الرأى العام، لكنها لم تحرك شعرة واحدة فى رأس الحزب الوطنى . منها – مثلا- قضية اعتداء جحافل من البلطجية على المتظاهرين والمتظاهرات يوم الاستفتاء على تعديل المادة 76 من الدستور، فى 25 مايو 2005 . وهو العدوان الذى نقلته كل وسائل الإعلام العالمية وأثار سخط كل من له أدنى علاقة بالتحضر فى الداخل والخارج . ومع ان العدوان كان مسجلا بالصوت والصورة فان أحداً من هؤلاء الهمج – الذين مارسوا عداونهم تحت سمع وبصر أجهزة الأمن وقيادات الحزب الوطنى – لم يقدم حتى اليوم إلى العدالة . هذا وضع يبعث على القلق.. وعلى التشكك فى أي وعود يقطعها الحزب الحاكم . ولذلك فان إقدامه على مبادرة إيجابية لتقديم المتهمين الحقيقيين – وليس مجرد كباش فداء – الى المحاكم سيكون أمراً مهماً ليس فقط لأنه بمثابة إحقاق للحق وإنما أيضا لانه ستكون له قيمته الرمزية الأكثر أهمية كبادرة لاعادة بناء الثقة .
وينطبق نفس الوضع على 22 شخصا أكد آخر تقرير للمنظمة المصرية لحقوق الإنسان انهم ماتوا فى أقسام ومراكز الشرطة نتيجة للتعذيب عام 2004 ، مقارنة بثمانى حالات فقط عام 2003 .
فلماذا صمتت الجهات الرسمية المسئولة عن هذه الأرقام المفزعة. وإذا كانت قد حدثت فلماذا لم تقدم المسئولين عنها للمحاكمة؟
هذه مجرد نماذج.. إذا اختار الحزب الوطنى نموذجا واحداً منها واتخذ مبادرة جادة بصددها قبل 7 سبتمبر .. فانه سيعطى للناس بارقة أمل .. وسيجعل المتشككين يتوقفون عن التساؤل عما إذا كانت هذه الانتخابات الوشيكة نقلة حقيقية فى التاريخ السياسى المصرى أم مجرد "نيولوك" قد تغير شيئا من المظهر لكنها لا تقترب من الجوهر الاستبدادي المستمر منذ أيام الفراعنة حتى الآن !



#سعد_هجرس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- -الجمهورية- تستعيد ذاكرتها.. ودورها التنويرى
- قطار الديمقراطية الذي تلكأ كثيرًا قبل دخول محطة مصر
- الدين لله والوطن للجميع.. أمس واليوم وغدًا
- المبادرة الغائبة
- المنافقون.. اخطر أعداء مبارك
- استنساخ الكهنة!
- تراجيديا الكولونيل والشيخ
- دموع في عيون استعمارية
- (1-2) الدين.. والسياسة : سؤال وقديم إجابات معاصرة
- واقع الحال في مصر.. دون مساحيق تجميل
- الأسلحة الفاسدة
- الصحافة القومية .. سقطت فى أول امتحان
- مبارك يطبق شعارات المعارضة .. برجال الحزب الوطنى
- أهميــة العلــم.. يــا نـــاس!
- شارون يطلب مساعدة مصر في مكافحة الإرهاب!
- شرم الشيخ ترتدي ملابس الحداد.. ولا عزاء للمتهاونين
- رياح التغيير تهب علي الصحافة القومية
- وزير الصحة .. مصطفى النحاس باشا!
- ! مطالبة علي الهواء باستقالة وزير الخارجية
- !من الذى شن الهجوم على لندن.... ولماذا؟


المزيد.....




- مصدر إسرائيلي يعلق لـCNN على -الانفجار- في قاعدة عسكرية عراق ...
- بيان من هيئة الحشد الشعبي بعد انفجار ضخم استهدف مقرا لها بقا ...
- الحكومة المصرية توضح موقف التغيير الوزاري وحركة المحافظين
- -وفا-: إسرائيل تفجر مخزنا وسط مخيم نور شمس شرق مدينة طولكرم ...
- بوريل يدين عنف المستوطنين المتطرفين في إسرائيل ويدعو إلى محا ...
- عبد اللهيان: ما حدث الليلة الماضية لم يكن هجوما.. ونحن لن نر ...
- خبير عسكري مصري: اقتحام إسرائيل لرفح بات أمرا حتميا
- مصدر عراقي لـCNN: -انفجار ضخم- في قاعدة لـ-الحشد الشعبي-
- الدفاعات الجوية الروسية تسقط 5 مسيّرات أوكرانية في مقاطعة كو ...
- مسؤول أمريكي منتقدا إسرائيل: واشنطن مستاءة وبايدن لا يزال مخ ...


المزيد.....

- كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل ... / حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
- ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان / سيد صديق
- تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ ... / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- المثقف العضوي و الثورة / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- الناصرية فى الثورة المضادة / عادل العمري
- العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967 / عادل العمري
- المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال ... / منى أباظة
- لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية / مزن النّيل
- عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر / مجموعة النداء بالتغيير
- قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال ... / إلهامي الميرغني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - سعد هجرس - بناء الثقة .. اليوم وليس غداً