أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - مزوار محمد سعيد - الديموقرا-فكرية















المزيد.....

الديموقرا-فكرية


مزوار محمد سعيد

الحوار المتمدن-العدد: 4665 - 2014 / 12 / 18 - 16:56
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


الحكمة المكتوبة (الديموقرا-فكرية)

بإمكان الفلسفة إقامة جنة للبشر على الأرض، لأن الأفكار بإمكانها أن تبني ناطحات سحاب ومجمعات عالمية من أجل إخراج الإنسان من الظلمة التي يعيش فيها وفق البناء والهدم، لأنّ العوالم كلها لا تضاهي العالم الفكري؛ هكذا صعد نداء من الجزائر ينبه أبناء هذه الأرض بأنّ إقامة الإنسان أفضل وأبقى من إقامة الحجر.
تُكتب الحروف من أجل إعطاء العقل كل ما من شأنه الإقدام على تغيير الحياة البشرية وإقامة علاقة صخرية بين الوجود العلمي والوجود البشري المؤسس، كون أن العالم الذي يبني مبادئه وفق قواعد مرتبة هي التي توسع حلقة الفداء القائم على التفكير، فتصبح الأحرف برسومها المختلفة هي الكعب العالي في تاريخية المأثورات العظيمة.
ما من علاقة متصلة بما تولد عليه المختزلات التي تجعل الفرد الإنساني غير مدرك لحقيقته التي تصنع الفارق بين الروح وروحانيتها المستهلكة، كم هي صعبة تلك العلاقة القائمة على الفهم الحصري، بينما للعقل كامل الحق على سبيل إقامة التفرّع التكتيكي من أجل كسب بعض الجولات العالية الجودة وإثراء الهم المتدارك والمشترك لدا كافة البشر.
أن تولد من أعضاء أفعى هو قدر الفرد الإنساني الذي يثبت أن العالم قائم على التفكير الارتجالي، فلطالما تعلم الإنسان كيفية الأخذ بالمصاعب من أجل إصلاح الأعطال، والخروج بتصورات تلتهم الواقع العام للعالم، إنّ المجرد الذي يؤسس له العالم أيضا، ما هي سوى زاوية شكلها الفيلسوف في أرقى لحظات غيابه عن الوعي.
ما أجمل روما وهي تولد من رحم جزائرية خالصة، وما أصعب التأقلم مع الجمهورية وهي تولد من رحم الدماء، ما أصعب أن يبكي الإنسان حظه، لكن الحظ لن يبك عليه أبدا، فلما يبكي الفرد الإنساني أمرا لن يلتفت له أبدا، ولن يقدّر دموعه؟
هاتفني صديق لم يفعل ذلك منذ وقت طويل، وطرح علي أمرا مفاجئا مفاده أن العالم قد تغيّر باتجاه الجحيم، طالبا رأيي في هذا العالم الجديد، ومؤكدا على أن البشر بإمكانهم صناعة عالم أفضل. فما يسعني إلا أن أحاول طرح ما يتصل بعالم لا يختلف عن غيره من العوالم التي سبقته.
من الطبيعي جدا أن يغدوا الفرد الإنساني متفائلا بعالمه الذي يحياه اعتقادا منه بأنه أفضل العوالم على الأقل بالمقارنة مع ما مضى، لكن تأكدوا أيها المتفكّرون، أنّ عالمنا لا يختلف عن عوالم البشرية، بكل ما يحمل من سعادة ودموع. أنا واثق من هذا.
كم تألمتُ وأنا أرى المجتمع يجلني بعيدا عن أحب إنسانة إلى قلبي والثانية التي كانت فيها جالسة بقربي، إنه من مشاهد زيف البشرية على بشريتها التي أعلنت القيود وأعطت الحق للجلادين بأن يجلدوا أرواح البشر، وكأن اجتهاد فلاسفة اليونان وروما وكل العلماء والعقلاء من بعدهم لم يصلوا إلا إلى تعزيز سلطات الأوهام على نفسيات متعبة، ثم يظهر الدين كمراقب لكل أطراف العمل الابداعي وتعديل الشرائع على أنها صور كبح للشهوات، متناسين على أن الصورة الانسانية هي ذاتها تدعوا إلى ضرورات العيش، كون أن الضرورة التي تنبثق من الاحساس ما هي سوى احدى الضرورات، لما يحارب البعض الضرورات في سبيل نشوة السلطة التي ولدت معه واحتقرته بكامل مجهوداتها.
بعيدا عن البشر لا يزال الفرد الإنساني يقتات من أهم الأفكار الكبرى التي ربطت التاريخ بأهم الأحداث الاستبدادية عبر العصور، فما الفرق بين كنيسة تجعل المرأة شيطانا، والمجتمع الذي يجعل المرأة عارا؟ ما الفرق؟؟ يبدوا أن الفرق الوحيد هو السماء والأرض.
من يسلب الوعي من القطيع هو الراعي الذي ملك وعيا يلبس فرو ذئب غير بعيد عن صولجان كاهن مصر القديمة، وغير قريب من جناح نسر قيصر روما، وهو أيضا ضمن العين اليسرى لنسر عَلَـم زعيم البيت الأبيض. الأمور كلها تخط بنفس اليد أيها السادة.
من أسباب شقاء البشر أنه لا يستطيعون أن يوقظوا وعيهم في الوقت المناسب، لقد أحببتُ الحياة بقرب حبيبتي، لكن الحياة تضع أمامي الكثير من علامات الموت، بينما الوعي هو الخيط الهادي الذي يجعلني أتخطى مسارات الموت في طريق حياتي.
لقد تقاطعت الحضارات في أن اللذة كانت ولا تزال أهم محطات اللذائذ والنعم، ومن يجحد الأشياء عليه أن ينفي روحه إلى سجون رواندا، هذا ما هو حاصل في بقع ادعت المثالية لكنها تناست كيف يكون للمثال معاني عديدة تأخذ بأصول الموجودات لتجعل من الدنيا حياة ومن الأفكار أرواحا لا تستكين إلا لما هو قادر على استيعابها واحتوائها ضمن قالب جميل جدا. لقد كان العلوم وقبلها الفلسفات هي التي تعطي للروح الإنسانية قيمتها، فبدل أن يتبع الإنسان العالم الجاف، عليه أن يصنع عالمه الرطب على وزن طاليس.
لي أن أعرف بأن ولادة الأفكار هي من يقدم الخدمة التي تبقى أزلية أبد العصور والأزمنة، كل هذا يدفع بما لدا العالم من تأويلات إلى الواجهات الاعلامية، كل فرد يدعي التخلق أو المثال هو فرد من هؤلاء الأوائل الذي يخرقون الأخلاق والمبادئ.
لقد كان للعالم أكثر من وقفة أمام حيرة الأفراد، لكن الفرد نسي أو تناسى ما يتذكره الزمن أمام مطبات السلطات المختلفة، لتعود المواقف إلى حالات الحصار، كون أن المأخذ الجاهز أمام الكل المتفاني الذي يهدف إلى سداد حاجياته المعرفية يأخذ نَفَسه العميق من روح التجربة الديموقرا-فكرية.

"... أنت صالح بطرق عديدة يا صاح، وإذا لم تكن صالحا فإنك لست بالشرير، بل أنت كسول متراخ. ويا ليت الضباء تستطيع أن تُعلّم السلاحف البطيئة السرعة والرشاقة!.... " (جبران خليل جبران، النبي، دار تلانتيقيت للنشر والتوزيع-الجزائر، 2003م، ص:89).

كل من يفكّر فهو شرير بين التجمعات التي تعشش فيها الجهل، لعل أبشع الجرائم تلك التي تتعلق بقمع التفكير، لقد أبدع الفرد الإنساني الفلسفة في ظل الحرية، حتى أنّ بعض الفلاسفة المعاصرين، قد تخلوا عن عقولهم فداء لشجرة الأحرار، لموطن الأحرار، ومن أجل الابقاء على حرية التفكير والتعبير؛ لدا من يُسكت الفكرة مهما كان حجمها ومقصدها وقصديتها فهو حتما مجرم في حق الإنسانية الأبدية. لكن هناك الكثير من توليفات العاهات الصلبة التي تغلف الفعل البشري، تلك التي تتعلق بما هو مرتبط بالإنسان ككيان وكينونة، وعليه تتم مراجعة التقديرات البشرية على أنها فعل يستطيع تزيين الحياة البشرية كما وكيفا، هي روح للروح، وهي المديرة لأرواح أخرى، ترشدها وتحيط بها طمعا في ذاتيتها التي تتغذى من الفكرة، فكلما كبحت وجمّدت الأفكار، كان لها عنفوانها ومجدها بشكر انشطاري على شاكلة العظمة.
تلقي الأوامر هي من قيود الفكر والوعي والاستقامة، لا تحلوا للروح أن تحمل أعباء تتهيب حملها الجبال ووديانها، وعليه تبقى الأفعال قاطبة ضمن دوائر ميسرة وهي تحمل أثقالها في عالم أضخم وأفخم مما يتوقه البشريّ البسيط.
من يشرعن المآسي الروحية هو الذي يسكت صوت الروح؛ صوت الأفكار الحر، وعليه فإن التعلم والتفلسف هي أولى أساسات الروح من أجل بناء عالم أكثر أمانا وقيمة، فما يجعل الفرد قادرا على تأسيس الفعل النهضوي هو ما يمكنه من اقامة الصورية البشرية كيفها أعاد للوعي أحقيته في تأسيس اليسير من الأفعال الفكرية أمام ما تحتويه الحياة من عوائق، هذا ما يكتب للعالم أسهم النجاحات التي تدوم أكثر مما تزول منها الأيقونات الصنمية.
ما من فرد يحاول اطلاق احدى الرصاصات من مسدسه الذي صُنع بتكساس على احدى الأفكار، إلا وقد وقع شهادة اعدام روحه في نفس الثانية التي تشهد انطلاق هذه الرصاصة؛ ليس حريا بالعالم أن ينهار بسهولة، لكن الجشع والأنانية المفرطة، قد تدمّر آدمية الإنسان دون وعي كاف بها، وعليه يكون من المهم العودة إلى تقدير الأوقات قبيل تقييمها وتنميتها بالإقرار.
جنة الفيلسوف هي أفكاره الفاعلة والمفعول بها، بينما الأخبار هي التي توحد الفكرة بالتفكير، تلك الأنباء التي توردها الفضائيات الأزلية عبر نصوص كتبت بأحرف خالدة منذ البدء، حين كان هناك الأنانية تفرض سيفها على رقاب البشر، فتحرم الكلمة من الخروج خوفا منها أو تعطشا لمصادرة مفعولها الذي ينتعش به الإنسان الإنساني بدل اعتلاف الطبيعة من طرف الإنسان الطبيعي.
من الجاهلية التي احترفت الصوت الجامد والتسرّع العابث إضافة إلى البطش الشديد يحنّ الفرد البشري إلى راهن غطرسته، لكن من المهم أيضا العودة إلى الهلاك الذي لطالما زاحم الإنسان في مشروعية بقائه.
يبقى الفرد حيا ما دام أنه قرر ذلك، لكن العلم يجعل منه عاملا على الأقل، ومن يعمل على ضوء أفكاره الخالصة التي ولدت من رحم عقله المكابد، والذي آلمته كثيرا وهي تكشف عن عذريتها، فإنه يلقى أجرا عظيما، فيوضع في خانة النبلاء.

"... والتاريخ منذ عهد (الفيران) في روما، إلى شهداء بدر، إلى أبطال ستالينغراد، ليس سوى شرحا لهذه الحقيقة... " (مالكـ بن نبي، بين الرشاد والتيه، دار الفكر-دمشق، 2010م، ط: 01، ص: 85).

سجلات قتلى الحرية الفكرية طويلة للغاية، أحرار من هذا النوع تجد مراقدهم في دفاتر نسيان أو تناسي العظمة، الكلّ يقصد ضريح الفاشلين المشهورين ويبكي على أعتاب قبوره، لكن لا أحد يقصد ضريح أرسطو ويندب زمن وفاته، لسبب بسيط يتمثل في أنّ البشرية تقدّس سخافتها، بينما ترمي بقيمتها الروحية في أقبية العفن، لا أحد يزور مرقد أرسطو لأن الفيلسوف الذي علّم الإنسان كيف يعصم روحه من زلاتها لم يشأ أن تُبنى فوق جثته أكواما من الأحجار والطوب، بينما آثر أن ينام نومه الطويل بجانب نبات الصبّار بتزامن مع حياة أفكاره بين الأجيال.



#مزوار_محمد_سعيد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- غوانتنامو الفلسفة الجزائرية
- لماذا أفكر؟
- حرج مشروع
- خذ دولارا واترك الميدان
- مأتم العيد
- الايروسية والفردوسية 2
- الايروسية والفردوسية 1
- أَخْشَى عَلَيْكِ مِنْ كَلِمَاتِي
- فلسفة كالخاس الجزائري 12
- فلسفة كالخاس الجزائري 11
- فلسفة كالخاس الجزائري 10
- فلسفة كالخاس الجزائري 9
- فلسفة كالخاس الجزائري 7
- فيلسوف بعقل البيشمركة
- نابليون إسلامي، فمن أنتم أيها الإسلاميون؟
- العالم كهدية إلى كونثيا
- باسم يوسف و فلسفة الضحك
- الجزائر، المقبرة الفلسفية
- المسلمَة الأخلاقية
- البراءة من الاعتداء للإدانة بالقتل


المزيد.....




- -الطلاب على استعداد لوضع حياتهم المهنية على المحكّ من أجل ف ...
- امتداد الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين إلى جامعات أمريكية جدي ...
- توجيه الاتهام إلى خمسة مراهقين في أستراليا إثر عمليات لمكافح ...
- علييف: لن نزود كييف بالسلاح رغم مناشداتها
- بعد 48 ساعة من الحر الشديد.. الأرصاد المصرية تكشف تطورات مهم ...
- مشكلة فنية تؤدي إلى إغلاق المجال الجوي لجنوب النرويج وتأخير ...
- رئيس الأركان البريطاني: الضربات الروسية للأهداف البعيدة في أ ...
- تركيا.. أحكام بالسجن المطوّل على المدانين بالتسبب بحادث قطار ...
- عواصف رملية تضرب عدة مناطق في روسيا (فيديو)
- لوكاشينكو يحذر أوكرانيا من زوالها كدولة إن لم تقدم على التفا ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - مزوار محمد سعيد - الديموقرا-فكرية