أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عدنان حسين أحمد - الفنان جلال علوان يُجسِّد الأحلام الشخصية على السطوح التصويرية















المزيد.....

الفنان جلال علوان يُجسِّد الأحلام الشخصية على السطوح التصويرية


عدنان حسين أحمد

الحوار المتمدن-العدد: 4665 - 2014 / 12 / 18 - 14:09
المحور: الادب والفن
    


كثيرة هي المشاريع الفنية التي ينغمس فيها الفنان التشكيلي جلال علوان، فقد انطلقت بواكير تجربته الفنية مذ كان طالباً في أكاديمية الفنون الجميلة ببغداد. ثم تعززت هذه التجربة بدماء جديدة حينما واصل دراسته في الكلية الملكية للفنون بمدينة لاهاي الهولندية وأقام فيها العديد من المعارض الشخصية والمشتركة. وعلى الرغم من الكَرم الهولندي المعروف تجاه اللاجئين من مختلف أنحاء العالم إلاّ أنّ جلال علوان لم يشعر بالاستقرار، وربما لم يجد آصرة للارتباط بهذه الأراضي المنخفضة التي تتوسد الضفة الشرقية لبحر الشمال.
لقد قرر جلال أن يحسم أمره وييمِّم وجهه شطر المملكة المتحدة التي يجد فيها العراقيون بعض ضالتهم الغامضة في الركون إلى هذا البلد الذي قد يكون ملاذاً لغوياً أو لعلّه ينطوي على بيئة عراقية وعربية مهاجرة نحنُّ لها على الرغم من تفادينا لهذا الحنين أو نكراننا له.
وأكثر من ذلك فإنّ المملكة المتحدة هي بيئة فنية كوزموبوليتانية تستطيع أن تصهر في بوتقها نتاجات كل الفنانين العالميين المنفيين أو المُقتلَعين من جذورهم أو الذين غامروا بالرحيل فوجدوا في هذا البلد المحاصر بالمياه من جهاته الأربع، فردوساً جميلاً طالما حلموا بالوصول إليه كي يتنفسوا هواء الحرية قبل أن ينهمكوا بتأمين هاجس الطعام.
من لندن، هذه المدينة المكتظة بأكثر من مائة جنسية، انطلق جلال علوان بمشاريعه الفنية التي اجترحها من مخيلته المشتعلة فكانت تنطوي على التشخيص تارة، وعلى الفن المفهومي تارة أخرى، على التلميح حيناً وعلى التصريح حينا آخرَ تاركاً لمُشاهِده أن يفكّ الرموز والطلاسم والأحجيات الفنية إن توفّر عليها هذا العمل الفني أو ذاك. وللتعرف على بعض مشاريعه الفنية الكثيرة ارتأينا أن نحاوره في ثلاثة مشروعات لا غير آملين أن نجد من خلالها منفذاً لتقنية الفنان جلال علوان وطريقة تفكيره في التعاطي مع اللغة البصرية الأخّاذة الجمال.

غرفة الانتظار
* كيف انبثقَ في ذهنكَ "مشروع غرفة الانتظار" وهل أن الحُلم أو الخيال المتشظّي هو الوسيلة الوحيدة للتحايل على الواقع المزري في العراق الجديد كما يسمّونه؟
- قمتُ في زيارتي الأخيرة للعراق في شباط الماضي لإكمال بعض المعاملات الرسمية، وكان الانتظار السمة البارزة في حياة الناس وخصوصا في الدوائر الرسمية، ربما لأن مفهوم الوقت وحساباته لم يعد يمثل هاجساً للناس هناك، فالضياع والخسارات أصبحت قرينة لوطن ينهشه الغياب. فالوقت والأمان، والثروات، والخبز، والكهرباء، والإحساس بالآدمية، والحرية الفردية، والانتظار، كلها عناصر نهشتها فوضى اللامعقول وعدم المسؤولية.
لذلك جاء عملي (غرفة الانتظار) بعد مراجعتي لوزارة الخارجية العراقية لتصديق وثائق لي حيث تطلّب الأمر مني أن أنتظر 7 ساعات في صالة انتظار، غير مُهيأة لاستيعاب 400 مواطناً كانوا متواجدين في ذلك الصباح. فالصالة غير مكيّفة، ومعدومة التهوية، ومقاعدها الخمسون نصفها عاطلة لايمكن الجلوس عليها، ولا يجوز مغادرة المبنى حتى اكتمال المعاملات.
كان الوضع بائساً ومُتعِباً للجميع، وبالكاد يستطيع الإنسان الاتكاء على الحائط. في تلك اللحظات التعيسة وأنا الغارق في حزني على ما آلت إليه الأمور ولدت في ذهني فكرة غرفة الانتظار. تخيّلت المكان مليئاً بالاراجيح، وتخيلت سعادة الناس وهي تتأرجح في فضاء رحب منتظرة معاملاتها التي ستنجز كالحلم وفي وقت لايزيد عن الـ 7 دقائق . لقد قررت أن أنتصر على هذا الشعور القاتل بالتحايل، فأستبدل الصورة اللعينة للانتظار في ذهني في الأقل بصورة الأراجيح التي طالما أدخلتْ السرور إلى قلبي حينما كنت طفلاً صغيرا.

الطاقة التعبيرية
* ما الطاقة التعبيرية الكامنة في الأثاث، وما نوع الذكريات الفردية والأسَرية التي تكتنفها، وكيف توقف بناء ذاكرتك العاطفية من جهة، والوجودية من جهة أخرى ضمن حدود بيئتك المُنتهكَة، وحريتك الشخصية المُصادَرة؟
- كانت هنالك محطات في حياتي أرغمتني على تبديل أثاث منزلي لمرات عديدة. في بداية العشرينات من عمري أُعتقلت مع أخي الوحيد في العراق في (معتقل أمن بغداد) حيث أتلفَ وسرقَ رجال الأمن الكثير من أثاث منزلنا، وضاع معها العديد من الذكريات الشخصية والعائلية، وتوقف في أثنائها بناء الذاكرة العاطفية التي كانت تربطني بمفردات بيئتي. ثم تركت العراق إلى عمان ومنها إلى هولندا، الدولة التي منحتني الجنسية، ولكنها لم تمنحني الاستقرار على الرغم من المدة الطويلة التي قضيتها هناك. ثم محطتي الأخيرة لندن.
الانتقال المتكرر أربكَ عندي أحاسيس الحنين،الامتلاك والانتماء، ولمجرد أن يبدأ الشعور بالامتلاك أجد نفسي مرغماً على أن أهجر ممتلكاتي مرة تلوالأخرى وأشعر وكأنني يتيم البيئة أو غريب عنها. لذلك وجدت نفسي متأرجحاً بين الواقع بكل تعثراته والخيال بكل تأملاته. الواقع المتمثل بمفهوم الاستغناء والرحيل والفناء، والحلم المتمثل بمفهوم الخلود والتعلّق، والتشبث والاستقرار.
فكان لابد من إيجاد حل لتخطي هذا الشعور المربك باستبدال هذه العلاقة المليئة بالقطيعة والهجران والتخلي عن عالم أكثر سحراً وواقعيةً واستقراراً حتى ولو كان واقعاً افتراضياً، أي بمعنى آخر أريد خلق علاقة بين الواقع والمتوقع من خلال الاحتفاظ بما يمكن الاحتفاظ به من مفردات البيئة بعد تحويلها من مشاهد تقليدية نمطية إلى مشاهد إبداعية أخرى، لأنني أريد أن أتعرف من جديد على العالم المحيط بي. أنني أقوم بتفكيك صورة (مفردات البيئة التي من حولي) ومفهومها في ذهني وإعادة تركيبها إلى مفهوم تعبيري رمزي لخلق حوار بين المادة والوعي للتعرف من جديد على ممتلكاتي. وتلك المفردات لها مفاهيم محددة أود أن أحوِّل تراكيبها إلى كائنات أكثر حيوية، ذات قدرة تواصلية يمكن أن تثير الأحاسيس والخيال، وتحرك الإدراك لوجود فيزيائي جديد ذي شحنة شعرية ساحرة.
إنها عملية تغيير في الهوية تتخطى عامل الزمان والمكان عندما يصبح عملاً ابداعياً يسمح لي وللمتلقي بالهروب من الواقع الروتيني اليومي التام من ناحية، ويصبح للحاجيات وجوداً آخرَ في ذاكرتي من ناحية أخرى.

هاجس الحوار
* تشتغل على فكرة المشروع المتعدد الثيمات الذي يستجيب لمفهوماتك الفكرية وخطابك الجمالي، ومشروع الحوار هو أحد هذه المشاريع التي انهمكتَ بها لمدة زمنية طويلة بعض الشيئ. هل تريد أن تروِّج لمفاهيمكَ أم لرؤيتك البصرية الجمالية؟
- يمثل العمل الفني بالنسبة لي أحياناً ملاحظاتي وهمومي التي أدوِّنها في دفتر يومياتي بشكل بصري أو أنني أعلن عمّا يشغلني من أفكار بشكل مرئي ومسموع ومحسوس وملموس. ومشروع الحوار مثال على ذلك. المشروع عبارة عن محاولة تحليلية بصرية، أردت من خلالها تصوير موقف الحوار (من قِبلي أنا ومن قِبَل الآخر)، وإلى أي مدى نحن أحرار بما نفكر ونقرر؟ وهل أن كل ما يُطرح في الحوار هو كل شيء؟ وكيف نتبنى المواقف؟ وهل هل هنالك تبنيات مخفية أو معلنة، أم أن هنالك خلف مشهد الحوار مصالح أو خلفيات (تاريخية، دينية، عرقية، بيئية، عشائرية، طائفية أو أخلاقية) نحن مكبّلون بها وهي تحدد طبيعة الحوار ،نوعيتة، مستواه واتجاهه؟ وما مصداق الفكرة التي تقول: (عندما نتغير يتغير العالم من حولنا) أو (كيف ما تكونوا يولّى عليكم)!
في "مشروع الحوار" وضعت الرؤوس على وفق الترتيب الآتي: "الأبوين والبيئة والتعليم والعمل والتجربة والعوامل الطبيعية والزمن كلها عوامل تكوّن الشخصية وهي بالنتيجة مَنْ يقود الحوار. أما مصادر المعلومات فهي متنوعة متشابهة ومختلفة ومتقاطعة أحيانا. وأردتْ للقناعات أن تكون راسخة كالمسامير في الرأس. أما عندما تنحسر مصادر المعرفة فإننا نرفض الآخر ونتطرف في آرائنا. يكشف إلقاء اللوم على الآخر عن إستراتيجية العاجز، إذ أن موقع المتفرج هو أكثر أمناً من موقع المبادرين. أمّا إظهار عيوب الآخرين وإسقاط المبادرين فهو يغطي فشلنا؟ يقول علي ابن أبي طالب: ما جادلتُ جاهلاً إلا وغلبني، إذ لا يصبح للحكمة قيمة أمام الجاهل العنيد."
لابد من الوقوف عند مادة الصنع فهي من الراكو (وهو خزف بطريقة يابانية قديمة خاصة طوّرها الأوروبيون)، والقطع المعدنية كالحديد والرصاص، إضافة إلى المطّاط. أما الفيغر المنفّذ هو بحجم الرجل الاعتيادي وقداخترت ملامحه بحيث يمكن أن نجدها في كل أعراق البشر، كما بالغتُ في طول الرقبة للدلالة على غرور الإنسان الذي يفخر بنفسه حتى وإن لم يستحق ذلك. وقد قمتُ بتثبيت قطع البورتريهات على قواعد خشبية.



#عدنان_حسين_أحمد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- جائزة صحفي العام في حقوق الإنسان بلندن تُسند إلى جمال حسين ع ...
- موعظة عن سقوط روما . . تحفة فيراري الأدبية التي خطفت الغونكو ...
- الترِكة الثقيلة للمالكي
- مخملباف ينتقد العنف الذي يلي سقوط الطغاة
- الفنانة البريطانية مارلو موس ونأيها عن الشهرة
- التزامات الحكومة العراقية الجديدة
- مهرجان فينيسيا السينمائي في دورته الحادية والسبعين
- رحيل المخرج البريطاني ريشارد أتنبره
- رؤية عبد المنعم الأعسم للإصلاح والفكر الإصلاحي في بلد مضطرب
- بليندا باور تفوز بجائزة هاروغيت لأدب الجريمة
- كينغ روبو وحروبة الفنية على الجدران
- متوالية الأقنعة في رواية -أقصى الجنون . . الفراغ يهذي- لوفاء ...
- أنتلجينسيا العراق بين الماضي والمستقبل تحت مجهر سيّار الجميل
- حركة السوبر ستروك ومضامينها الفنية
- الشخصية الأسطورية في الفيلم الوثائقي الإيراني
- تقنية الإبهار في فيلم أمازونيا لتييري راغوبير
- مقبول فدا حسين. . أهدى حبيبته ثمانين لوحة لكنه لم يحظَ بالزو ...
- قراءة نقدية في كتاب سينما الواقع (2-2)
- قراءة في كتاب سينما الواقع لكاظم مرشد السلّوم (1-2)
- الفنانة لويز بورجوا تغرف من سيرتها الذاتية


المزيد.....




- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!
- مهرجان بابل يستضيف العرب والعالم.. هل تعافى العراق ثقافيا وف ...
- -بنات ألفة- و-رحلة 404? أبرز الفائزين في مهرجان أسوان لأفلام ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عدنان حسين أحمد - الفنان جلال علوان يُجسِّد الأحلام الشخصية على السطوح التصويرية