أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أحمد سعده - رسالة حنين














المزيد.....

رسالة حنين


أحمد سعده
(أيمï آïم)


الحوار المتمدن-العدد: 4665 - 2014 / 12 / 18 - 10:28
المحور: الادب والفن
    


إلى غائــــــــــبـة...

لم أحكي لك عن طفولتي من قبل.. وقد لا تعرفي أني كنت طفلا يعشق مطاردة الفراشات، وتسلق الأشجار، وأراقب ظلي فوق سطح مياه الأنهار، وأنادي على صديقاتي من الجنيات.. كنت أثق تماما في عالم الأطفال، وأعيش داخل قصص الأميرات، وحكايات الأقزام، والبجعات المتوحشات، وماوكلي فتى الأدغال... طفلا بريئا أحمقا يرى عالم البشر كله ملائكة لا تعرف الظلم، وتنوي المساعدة والمحبة والعطاء..

تذكرين أول مرة رأيتك منذ تسعة سنوات، في معرض للفنون التشكيلية بالأوبرا.. رأيتك تتحدثين مع أصدقائك أمام لوحة المحارب الروماني العظيم مارجرجس أمير الشهداء، لم أستطع مقاومة شعوري في مراقبتك، كنت مترددا وخجولا، وأنتِ رقيقة وكريمة. اقتربتِ مني وبصوت دافىء سألتيني عن الحزن الدفين في عيني..!

في نفس اليوم أصدرت المحكمة حكما نهائيا برفض دعوى عودة "والدي" وزملائه لعملهم... والدي رجل شريف ومجتهد، حياته تتلخص في رعايتنا. تم فصله سنة 2001 من عمله كضريبة لخصخصة نظام مبارك. وبعدها بسنتين رحل شقيقي عن الحياة بعد صراع مع المرض.. ليزداد والدي ضغطا وتوترا.. من فقد عمله وإبنه لا يلومه أحد على أفعاله.. صموده في الحياة وحده يستحق التقدير..

18 ديسمبر 2005، كان لقائنا الأول... لن أخبرك عن مشاعر شاب لا يزال يعاني فقدان توأمه، وخسر معركته في رد الظلم عن والده.. الشعور بالضعف وقلة الحيلة حولوا الوجه الذي كانت تدهشه قصص الأقزام والأميرات، لوجه يكسوه الأسى والإحباط.. من عاني الفقدان والظلم لن يشعر بالأمان طيلة العمر.. وأصبحت رجل الحزن بامتياز..!

عندما عينت بقطاع البترول المصري، إخترت العمل في الحقول.. الكل يتسابق على المراكز الرئيسية في القاهرة ليبقى قريبا، وأنا قررت الابتعاد ما بين الصحراء الغربية والبحر الأحمر وسيناء.. هناك، حيث الطبيعة الخشنة، وقبائل البدو، وصراعات النفوذ، وتجارة السلاح، وعصابات الإرهاب. أكلت معهم المقلوبة وفتة البطيخ المشوي، وتعلمت اللغة الأمازيغية.


كنت جبانا حينما اخترت لعلاقتنا أن تبقى في الظل.. الكل يعرفني جادا واثقا، وقويا لأقصى الدرجات.. قادر على قيادة فريق من العمل، ربما قادر على قيادة جيش من المقاتلين. لا يهم، فأنا لم أملك حتى شجاعة تحمل مسئولية حبنا.. أنتِ الوحيدة التي رأتني من الداخل عاريا فاقد الثقة.. أنت الوحيدة التي طالعت أعماقي التي تدفن ذاك الطفل الذي يبقى يطارد الفراشات..


لوحاتك الأخيرة أكثر من رائعة.. أشاهدها وأتذكر كيف احتفلنا سويا فوق أعلى قمم جبل موسى بحصولك على شهادة الدكتوراه.. شعرت يومها أنك كالجاذبية، وأن كل ما بداخلي يتحول إليكي. شعرت باستعدادي لفعل أي شىء لحمايتك.. كنا حقا سويا في كل اللحظات..


تشبهين لحد ما "كريستينا فرنانديز" رئيسة الأرجنتين.. المرأة القوية التي أحرجت أمريكا أمام المجتمع الدولي.. في نهاية سبتمبر الماضي، وبعد عدد من الكلمات التقليدية لقادة الدول في مجلس الأمن، وقفت "كريستينا" بشجاعة استثنائية وبكلمات نارية تفضح نفاق وتناقض قرارات المجلس، وتتهم أمريكا بالعبث بالثورات العربية، ودعم العدوان الإسرائيلي على غزة.. "أوباما" ظهر منزعجا، قبل أن يتم قطع الترجمة عن كلمتها، ثم قطع الإرسال تماما.. كريستينا نطقت بما عجز الحكام عن قوله.. القوة أحيانا عنوانها إمرأة.!

الرجال عادة لا يميلون للمرأة القوية الحاسمة. بينما أنا أحببت فيك هذا الحسم.. ربما لأن قوتك كانت تحتوي ضعفي.. أتذكر ذات ليلة تهيئنا لممارسة الجنس، وما أن رميت رأسي إلى صدرك الحاني، حتى نمت كطفل في وضعه الجنيني، مستسلما وسالما..


أنا رجل لم يعرف النساء، ولا يعرف شيئا عن فحولته.. أنا رجل مهزوز للغاية.. ولكن دلالك ورفقك جعلاني واثقا للمرة الأولى.. جعلاني أشعر بأني الرجل المسئول الذي يقود.. بينما أنت في الواقع من يدير ساحة العرض..! جعلتيني رجلا.. رجل لامرأة واحدة.. رجلك أنت.


في أوقات نشوتنا المقدسة.. كنت تنامين بين يدي في استسلام، تصنعيني بطلا ملحميا في رحلتة إلى بلاد الشغف، تجعليني المنقذ الذي سيحكم ضياع هذا العالم.. ملك الملوك الذي تداعبه إحدى جواريه كراقصة استربتيز.. تئنين برقة، تشهقين برفق، تتأوهين بنعومة، وتصرخين بشوق..

إنصهار جسدي وروحي، نصبح معه شيئا واحدا لا يعرف الأنا.. إنسجام واحد، إيقاع واحد، صلاة واحدة.. سلام نفسي يتسلل فيسمح لقوة الحياة أن تتدفّق وتنساب إلى أرواحنا، فالجسد ليس عدو الروح، إنه الروح في شكلها المادي..!

رقصة كونية على سلم الخلود، أشعر معها أنني لا أشعر.. أذوب إلى حمم بركانية.. تتجاوز أجسادنا الحدود، فتهب العاصفة وننتفض كالرعد، ونهتز، ونرتعش بأكملنا.. رعشة خطيرة جدا تنساب من أعماق الروح، ليست كتلك الرعشات الساذجة... بل شيء مختلف تماما، ذو بعد روحاني آخر، يظهر واضحا في اتحادنا مع الله المعشوق الأبدي.. ألم أقل لك كثيرا أنك جزء من إيماني بالله..!


أنا لست ملاكا، ولا متدينا.. لكني أبدا لا أخون. لا أعرف الكذب ولا النفاق.. لا أستغل ولا أساوم.. لم أقفز يوما فوق كتف غيري، ولم أظلم يوما أو أستهين بأحد.. لا أشرب الخمر ولا أدخن.. وارتضيت أن تكوني خطيئتي التي أحببتها وذنبي الذي لا أندم عليه.. الندم خطوة في طريق المغفرة. لكني نويت مقابلة ربي بذنبي هذا.


الابتعاد كان القرار الأصعب في تاريخي.. ابتعدت حتى لا أمثل عبئا عليك.. لكني لن أتوقف عن متابعة لوحاتك.. ولن أتوقف عن كتابة رسائلي إليك وسأضعها مع بقايا أشياءك وملابسك التي لا تزال تحتفظ بعطرك..

سأبقى أعتز بزماني معك.. ربما كان زمن العفوية وقلة الخبرة، لكنه زمن العشق والطهر والأنواء، زمن الحماس والرجولة والعظمة والسخاء.. زمن الذكرى الخالدة، التي سأظل ألتفت إليها بإعجاب واحترام..



#أحمد_سعده (هاشتاغ)       أيمï_آïم#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إزدواجية الأخلاق
- الليلة الأخيرة
- كلام أطفال عن أمريكا
- كنتاكي
- ساعة في مستشفى حكومي
- كابوس الموت
- رجُل الرصيف
- رمسيس ونفرتاري
- صلح الحديبية
- أم شيماء
- إمرأة واحدة تكفي
- انتحار زينب مهدي
- حضن ووداع
- عايدة
- قصة -محمود ومريم-
- الدولة الإِسلامية .. كابوس لا ينتهي.!
- ضجة حول تصريحات الكاتبة فاطمة ناعوت عن أضحية العيد
- عام من النشاط النقابي
- ما بعد الحرب على غزة.
- حول الموقف المصري من الحرب على غزة.


المزيد.....




- -سينما من أجل غزة- تنظم مزادا لجمع المساعدات الطبية للشعب ال ...
- مشهور سعودي يوضح سبب رفضه التصوير مع الفنانة ياسمين صبري.. م ...
- NOW.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 154 مترجمة عبر فيديو لاروزا
- لماذا تجعلنا بعض أنواع الموسيقى نرغب في الرقص؟
- فنان سعودي شهير يعلق على مشهد قديم له في مسلسل باللهجة المصر ...
- هاجس البقاء.. المؤسسة العلمية الإسرائيلية تئن من المقاطعة وا ...
- فنانة لبنانية شهيرة تكشف عن خسارة منزلها وجميع أموالها التي ...
- الفنان السعودي حسن عسيري يكشف قصة المشهد -الجريء- الذي تسبب ...
- خداع عثمان.. المؤسس عثمان الحلقة 154 لاروزا كاملة مترجمة بجو ...
- سيطرة أبناء الفنانين على مسلسلات رمضان.. -شللية- أم فرص مستح ...


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أحمد سعده - رسالة حنين