أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رحمن خضير عباس - بؤس الأنثى وعذاباتها















المزيد.....

بؤس الأنثى وعذاباتها


رحمن خضير عباس

الحوار المتمدن-العدد: 4665 - 2014 / 12 / 18 - 08:24
المحور: الادب والفن
    


بؤس الأنثى وعذاباتها في رواية
( نساء بين متاهات السحر والمجهول)
رحمن خضير عباس
عن دار السلام للطباعة والنشر . صدرت رواية للكاتبة وداد معمار ، ولعلها روايتها الأولى وهي تلج باب الكتابة من اوسع أبوابها وأشقها وأكثرها صعوبة. أعني عالم الرواية . ولعل القاريء سيشعر بالزهو وبالفخر وهو يقرأ لكاتبة إمتلكت جرأة كبيرة لسفح وفضح المستور والمسكوت عنه لعملية رقّ وبغاء وإستغلال بشع ضد ضحايا أنثوية في عمر الزهور ، مستغلين جملة من الذرائع ، منها مايتعلق بوضع المرأة وحقوقها المستلبة ،إضافة الى استغلال الوضع الإجتماعي لمجتمع تتمايز فيه الطبقات ، فهنالك فقر مدقع وهنالك في الجانب الاخر غنى فاحش ،وفي ظل غياب تفعيل القوانين التي تمنع التحرش بالأطفال ، واستغلال الوظائف ، وهيمنة الفساد الإداري الذي يجعل التخلص من المأزق الجرمي مسالة هيّنة ، تتعلق بالمال . لقد تناولت الكاتبة كل هذه الأشكاليات بشكل غير مباشر وهي تقوم بعملية سردية لقصة إمرإة تسقط في في وحل رذيلة فُرضت عليها .
تناولت الرواية محورين كما جاء في عنوانها : محور السحر ومجاهيله ورغم أنها لم تسهب في هذا المحور ، لكنها أضاءت بعض جوانبه ، واعطت القاريء فكرة عن الشعوذة التي تقوم بها الشوافات اللواتي يقمنّ بأساليب غريبة وشاذة للوصول الى اهداف رخيصة وغير إنسانية ومنها إخضاع الرجل الى رغبات النساء اللواتي عجزن عن مواجهته في الواقع فإلتجأنّ الى السحر والشعوذة.
أما المحور الثاني : فهو الضياع الذي تواجهه المرأة بين غابة من المجاهيل الحادة التي تستغلها بشكل بشع ، حتى تحولت الرواية الى شهادة توثق عمق الإنتهاكات التي تجري في العتمة ووراء الكواليس لمجتمعات مزدوجة السلوك والفعل والتفكير والإرادة .
لقد حملت الرواية صوتا أنثويا يقوم بسرد الأحداث كما وقعت للراوية- اعني التي تكفلت بالسرد وهي الفتاة فرح والتي تقمصت نمطا سرديا يشبه روايات شهرزاد .المرأة القاصة والضحية والتي تحمل ذالك الزخم الهائل من لهيب الأحداث وصورها ، لتلقي ذالك على رجل طاريء تجده في مكان لم تحدد ماهيته وتسرف في حكاياتها وكأنه شهريار في إنصاته والذي سيجعل من حكاياتها مصدر إعجاب ذكوري ومصدرا للتنفيس والتخلص من أعباء الآثام المرتكبة . وقد كان الصوت الأنثوي في كل عملية السرد يميل الى وجهة نظر مفادها ، أنّ الضحية هي الأنثى دائما ، وأنّ الجلاد هو الذكر بمكره ودهائه وسلطته وخبثه .فقد يكون المدرس في المدرسة او صاحب السيارة في الشارع أو الطبقات الثرية من الرجال وقد يكون الدركي او الشرطي او الموظف أوالتاجر . هؤلاء والذين أسسوا لهوهم على حساب عذابات المرأة من خلال التمتع بالنساء اللواتي تقطعت بهن سبل العيش . مستخدمين كماشات من النسوة المنحرفات والمحترفات.
نقلتنا الكاتبة وداد المعمار الى بعض الحفريات الأنثروبولوجية . وهي التمسك بقيور الأولياء الصالحين من أجل إحراز بعض المغانم الوهمية . وفي الحقيقة ان المجتمعات التي تتفشى فيها الامية والتدني المعرفي وفي ظل شيوع اللاتوازن في المجتمع من ناحية توزيع الدخل ووجود الفاقة والثراء ،ونشوء ظلم القوي على الضعيف ، مما يجعل الأخير أن يلجأ الى قوى غيبية في محاولة واهمة منه لدرء هذا التسلط ومن ثمة الشعور بالأمان النسبي . تناولت الكاتبة هذا الامر وهي في معرض السرد عن أمثلة ونماذج لضحايا أنثوية في ذالك المجتمع المتسلط ،فالولي الصالح يصبح الشفيع والبديل والمؤثر والذي يمتص الآثام او يصبح مصدر قوة للضعيف لأخذ الحيف او الثأر او الإنتقام . لم نر تحليلا فنيا ، بل قرأنا سردا في نصها الروائي الذي يفترض أن يلامس الظواهر بوعي الكاتب وايحاءاته ،وليس بالوصف المجرد . ثم توقفت عند تجربة السحر وطقوسه لدى الشوافات ، وقدمت صورة واقعية لتجربة بشعة تقوم بها العرّافة حيث تقوم بذبح السلحفاة وهذا يقودنا الى موضوعة ما يسمى بالسحر المتفشي في المغرب ولعل دراسة محمد أعراب تلقي اضواءا على هذه الظاهرة . فهو يرى ان التأريخ القديم يسجل ولعا للمحيط الجغرافي الذي تناولته الكاتبة ، كما أن هناك تأثيرات للطقوس الرومانية في مرحلة ما والتي نقلتها الى المغرب ، إضافة الى التاثيرات الإفريقية . لقد كانت تأثيرات الكتب التي ألفها بعض المغاربة القدماء عما يسمى بالعلوم الخفية له تأثير كبير على إنتشار السحر والخرافة والتي يفسر البعض تواجدها نتيجة للقلق الجمعي من المجهول واضطرابات الشعور بالضعف فيقوم السحر بإمتصاص المخاوف وتهدئتها وإفتراض العلاج . لقد قدمت لنا نموذجا للقاء العرافات بالفتيات المراهقات وتقديم الوصفة السحرية لأحداهنّ
" - هل أحضرت شيئا من شعره وأظافره وقطعة ثوب من قميصه الداخلي تفوح منها رائحة عرقه ، وقليل من الملح وصورته ؟ ص26 " تحلم الفتاة وتقول لنفسها " أجل ليأتيني مهرولا كالبهلول راكع تحت ركابي ويقول :أنا عبدك للا " كما تأتي الكاتبة بالكثير من الأمثلة والوصفات ، حيث تحاول ان تدخل القاريء الى هذه الأجواء المشحونة بالقسوة والخرافة والإبتزاز والكراهية ، ومن خلال السرد نشعر أنّ الكاتبة أرادت إلقاء الضوء على مثل هذه الظواهر لأدانتها .
كما توقفت الرواية كثيرا على العلاقة المخادعة بين المدرس كمال وبين تلميذته فرح ، وما يتخلل ذالك من لقاءات عاطفية مشحونة بالرغبات الجسدية التي أسهبت الكاتبة في وصفها . ومن خلال ذالك تصل الى استنتاج مفاده : إنّ كمال يستغل موقعه كمدرس لخداع الصبايا والإيقاع بهنّ ، وهو يمثل - حسب الرواية - الجوانب السلبية لبعض الأطر التعليمية التي لاتحترم رسالتها . وقد بينت الكاتبة أنّ المدرس كمال أشبه بالمريض النفسي والذي يستخدم كل الوسائل لتلويث عفة القاصرات من أجل إشباع نزواته . والتي لاتتوقف عند حد ، حتى بلغ به الأمر أن يستغل تهديدها بفضحها من خلال الصور العارية التي إلتقطها على حين غفلة منها . ولقد كان النص بمجمله إدانة لهذه النماذج الذكورية المتمثلة بهذه الأجواء الغريبة والتي تبني نسيجه العنكبوتي على الضحايا . ولكنها لم توجه أصابع الإتهام الى شخصية المرأة التي تستجيب بسهولة لأغراءات المال ، والسقوط في المصيدة .
لقد كانت الكاتبة جريئة في وصف اللحظات الجنسية بين الرجل والمرأة ، كما بالغت في تكرار المواقف ، ولم تلجأ الى الإيحاء بذالك . وفي الحقيقة أنّ هناك الكثير من الروايات العالمية التي انتهجت هذا الطريق ومن أشهرها رواية لورنس المعروفة ( عشيق الليدي شارلي) والتي كانت تشتمل على لغة جنسية في وصف المشاهد ، وقد حُرمت ومنعت من قبل القضاء الإنجليزي ، وبعد سنوات اعيد الإعتبار لها بدافع أن ذكر الفواحش في اللغة محاولة للترفع عنها . الكاتبة وداد لم تلجأ الى كلمات فاحشة ، ولكنها قامت بالوصف فمثلا حينما تناولت الإغتصاب وفض البكارة كان بشكل إيحائي تمثل من خلال الدم المتفجر والذي أثار مخاوف الندم اكثر من مباهج اللذة ضمن قيم يكون فيه للبكارة شهادة الشرف التي تعني المراة والرجل وما يحيط بهما من الأسر والمجتمع . كما تناولت سلوك الآباء في إلقاء بناتهم في المجهول ، فقد صوّرت الكاتبة أنّ فرح قد أجبرت بالزواج من رجل سكير وسيء . وكان يعاملها هو واهله بقسوة . ولكنها تخلصت من عقدة البكارة حينما إستغلت سكره الشديد وجرحت يدها للأيحاء له بانه فضّ بكارتها . وقد تكون المحاولة ناجحة للكاتبة في معالجة هذه العقدة في الرواية ولكنها غير مقنعة .
لقد كانت الرواية من البداية الى النهاية تدور في دائرة العلاقات العاطفية والجنسية ،ما بين رجال شبقيين وما بين نساء مستلبات الإرادة مما جعلها تلمّ بعناصر التشويق والإثارة حتى تمكنت من شدّ خيوط الأحداث والحكايات والأفعال وردودها والوصف المحيط بها . ولكنها أهملت اشياء جوهرية في البناء المعماري للرواية . ففي الوقت الذي نجحت فيه في حياكة أطراف الأحداث الصغيرة والمتلاحقة ، وأسست نسيجا روائيا قد يتمتع به من ليس إلمام بالرواية أو لم تتدرب ذائقته الأدبية على روائع الادب العالمي . لكنها أخفقت في انتهاج التقنية الفنية المناسبة والتي تجعل من الرواية ليس مجرد تراكم لحكايات ، بل تجعلها بناءا معماريا متكاملا يعتمد على الحبكة الفنية وليس مسار الحدث وتصاعده . كما انها لم تحاول تبويب الأحداث في فصول لكي تمنح لنفسها القدرة على المناورة الفنية وانتهاج عنصر التدرج في تصاعد الفعل الروائي .فينبغي على الكاتب أنْ يرصد الأحداث ويقدمها بشكل يعتمد على المونتاج وليس بالشكل (الخام ) الذي سلكته الكاتبة معتمدة على السرد فقط مما جعلها تخلق شخصية وهمية ( ناجي) ينتظرها كل يوم للأستماع الى بقية القصة كما اشرت بشكل (شهرزادي) بحيث أنّ القاريء لم ير في ناجي الاّ مجرد مستمع وكأنه إنسان آلي . ومن هنا فإنّ وجوده فائض عن الحاجة الفنية.وفي مجمل الأمر استطيع أن اقول بان الرواية فاشلة من الناحية الفنية .
ولكن من ناحية أخرى فإنّ الكاتبة وداد المعمار قد إمتلكنت خميرة روائية غزيرة ،وقدرة جميلة على امتلاك ناصية النص وتوزيع الأدوار من دون تشذيبها .كما انها تمتلك نَفَساً سرديا طويلا وقدرة على جعل الرواية وسيلة للدفاع عن قضايا المراة ، وقد نجحت في جعل القاريء متعاطفا معها .



#رحمن_خضير_عباس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ألبوح الساخر في (قريبا سأحبك)
- لا ..لاتحرقوا كتب سعدي يوسف
- مجزرة سبايكر
- لماذا يتمسك المالكي بكرسي الحكم
- الرجل الوحيد في البرلمان
- موفق محمد .. شاعر لمدينة فقدت حدائقها المعلقة
- القانون الجعفري
- طائرة العامري
- ماذا ستقول السيدة النعيمي الى دولة الرئيس
- حكايات مرّة
- حول ضرب البريطانيين في البصرة
- هاشيدا...رائحة الدم ولون الدمع
- جان جينيه ..القبر والمدينة
- فنانون ..بلاحدود
- مسرى الناي .. سِفر الوجع المزمن
- على صهوة المجد.. واشكالية الهوية الشعرية
- عيّنة من نوابك ..ايها الشعب العراقي
- مظاهرات اليوم
- تجليات الواقع والخيال ..في رواية طوفان صدفي
- هروب سجناء القاعدة


المزيد.....




- خداع عثمان.. المؤسس عثمان الحلقة 154 لاروزا كاملة مترجمة بجو ...
- سيطرة أبناء الفنانين على مسلسلات رمضان.. -شللية- أم فرص مستح ...
- منارة العلم العالمية.. افتتاح جامع قصبة بجاية -الأعظم- بالجز ...
- فنانون روس يسجلون ألبوما من أغاني مسلم موغامايف تخليدا لضحاي ...
- سمية الخشاب تقاضي رامز جلال (فيديو)
- وزير الثقافة الإيراني: نشر أعمال لمفكرين مسيحيين عن أهل البي ...
- -كائناتٌ مسكينة-: فيلم نسوي أم عمل خاضع لـ-النظرة الذكورية-؟ ...
- ألف ليلة وليلة: الجذور التاريخية للكتاب الأكثر سحرا في الشرق ...
- رواية -سيرة الرماد- لخديجة مروازي ضمن القائمة القصيرة لجائزة ...
- الغاوون .قصيدة (إرسم صورتك)الشاعرة روض صدقى.مصر


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رحمن خضير عباس - بؤس الأنثى وعذاباتها