أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أديب كمال الدين - قال الذئب: أنا هو البحر!














المزيد.....

قال الذئب: أنا هو البحر!


أديب كمال الدين

الحوار المتمدن-العدد: 4665 - 2014 / 12 / 18 - 08:23
المحور: الادب والفن
    


شعر: أديب كمال الدين
1.
كانَ الذئبُ يمشي على شاطئ البحر
حينَ استغاثَ به الغريق.
ضحكَ الذئبُ ممّا يرى.
لكنَّ الغريق صرخ:
أنقذني من البحر!
ضحكَ الذئبُ ثانيةً وقال:
أنا هو البحر!
2.
أنْ تُطلقَ النارَ على رأسِك
أهون مِن أنْ تكتبَ القصيدةَ ذاتها
ألفَ مرّة
بحرفٍ واحد
ونقطةٍ واحدة.
3.
الحريقُ يتكرّر.
النارُ تبزغُ هذي المرّة
من النافذةِ أو من الجدار.
لكنّها ليست النار التي عرفتُها،
فالنار لبستْ ثياباً تنكّريّة
لا يخرجُ منها اللهبُ أو الدخان
لكنَّ لسعتها، بالطبع،
أشدّ ضراوة ووحشيّة.
4.
ماتَ كاتبُ الشيزوفينا
بعد أنْ بلغَ من العمرِ عتيّا.
كانَ يتحدّثُ عن الحُبِّ ويمارسُ الكراهية،
كانَ يترجمُ للعُشّاقِ ويرقصُ مع الجلّادين،
كانَ يبكي أمامَ الله
ليرفع نخبَه عالياً للطاغية.
5.
في شبابي
حزمتُ حقائبي
لأسافرَ إلى بلدِ غوته وشيلر.
لكنّ المعريّ ذكّرني بعماه وعماي،
وديك الجنّ قرأَ عليَّ سرّاً
مرثيتَه المُرعبة،
والسيّاب أربكني بجوعه وإفلاسه،
فهجاني الحُطيئة،
بعدَ أنْ نسيتُ أمرَ السفرِ إلى الأبد،
هجاني كما يقتضي الحال.
6.
عن مرآتِكِ الكبيرة
كتبتُ الكثير
لأنّها علّمتني الكثير.
لكنني أحاول أنْ أنساها
وأنسى شظاياها المُتناثرةَ هنا وهناك:
في الفراشِ
وفوقَ الطاولة
وفي جوازِ السفر
وفي كتابِ أعمالي الشعريّةِ الكاملة.
7.
طاردتني كلابُ الدهرِ طويلاً في الصحراء،
لكنَّ مشهد القمرِ بازغاً سَحَرني
فوقعتْ قصيدتي فريسةً للمُطاردةِ الوحشيّة
والتأمّل الفضّيّ.
8.
أنْ تكونَ من دونِ قدمين
ويُطلَبُ منكَ كلّ يوم
أنْ تمشي على حبلِ السيركِ الشاهق
وتحتكَ النار والطبول والجمهور:
تلك هي القصيدة.
9.
لا تضعْ لقصائدكَ أرقاماً ولا عناوين
لأنّ حروف قصائدك
مُتشابهة حدّ اللعنة
مثلما قطرات دمِكَ مُتشابهة هي الأخرى
حدّ اللعنة.
10.
أتذكّرُكِ:
كنتِ هنا تمشين،
وأحياناً تكتبين كلماتِ الأغنية
وأحياناً تتعرّين
وأحياناً تحاولين الإصغاءَ إليّ
وأحياناً تنامين بجانبي كقطّةٍ مُتعَبة.
أتذكّرُكِ جيّداً
بأسمائكِ التي لا تنتهي
وبوجوهكِ التي لا حصر لها،
أتذكّركِ حدّ النسيان.
11.
يحاولُ الشعْرُ أنْ ينقذني ممّا أنا فيه.
أشكرُهُ كثيراً
وأحاولُ أنْ أصافحه فأمدّ يدي
فأنتبه إلى أنَّ أصابعه
أصابع مُتشرّدٍ
ينامُ في الشارعِ عارياً،
عارياً تماماً.
12.
الموتُ لا يشبهُ الذئبَ ولا الأفعى،
الموتُ يشبهُ نفْسه فقط.
ذلك هو بيتُ القصيد.
13.
صور الموتِ التي يعرضُها التلفزيونُ كثيرة:
الموتى في كلِّ مكان،
في الشوارعِ والمقابرِ والشققِ السكنيّة،
في وفي وفي...
حتى بدأتُ أشكُّ بأنّ هذه الصور
هي إعلان تجاريّ لشركةِ عزرائيل الكبرى.
14.
لم يبقَ منكِ شيء
سوى شظايا حلم.
أجمعُها فوقَ سريري كلّ صباح
بلطفٍ شديدٍ
لأنّها عبارة عن رمادٍ خالص.
15.
طوالَ حياتي لم أفعلْ شيئاً
سوى أنني تركتُ جسدي الجريح
ينزفُ وهو يغرقُ في الفرات،
يغرقُ أمامَ عيني
كطائرٍ ميّت.
16.
في زمننا المُعَولَم
توقّف الشاعرُ عن الحلم،
فتوقّفت القصيدة
عند إشارة المرور الحمراء طويلاً
حتّى قيلَ إنّها أخذتْ تتسوّلُ من العابرين.
17.
حينَ استلمتُ مجموعتي الجديدة
اكتشفتُ أنَّ الناشرَ قد وضعَ اسمي
كعنوان للقصيدة،
ووضعَ القصيدةَ كعنوان للحرف،
ووضعَ الحرفَ كعنوان للنقطة،
ووضعَ النقطةَ كعنوان لي.
18.
كيفَ لي أنْ أكفكفَ دموعَكِ
وأنا الأخرس
الذي خُلِقَ من دونِ يدين
ولا قدمين؟
19.
كلُّ حرفٍ هو أبجديّةٌ من الألم.
20.
كلُّ حرفٍ هو أبجديّةٌ من الشمس.
21.
كلُّ حرفٍ
لا يتبسملُ بمحبّةِ الذي يقول
للشيء كنْ فيكون،
ليسَ بحرف.
هذا ما قاله الشاعرُ الذي أقاموا له
تمثالاً كبيراً من الحسدِ والكراهية.
22.
حينَ امتلأ قلبي بالجمر
فاحتْ رائحةُ القصيدةِ بالشوق.
23.
حينَ أُلقِيتُ على بابكِ مجنوناً
ضربني العابرون بالحجارة
حتّى سال منّي الدم
ثُمَّ نصبوا لي صليباً من الهذيان.
24.
أرادَ صديقي الناقدُ أنْ يكتبَ عن قصائدي
فاكتشفَ أنَّ الكتابةَ عنها
تشبهُ السيرَ على حبلِ السيركِ الشاهق
فوقَ النارِ والطبولِ والجمهور.
فارتبكَ
وهو لم يزلْ على بابِ السيرك
وبيده بطاقة الدخول.
25.
كيف تستطيعُ أنْ تصفَ الغابة
دونَ أنْ تذكر فيها أسماءَ الشجرِ والزهور
ودونَ أنْ ترسم ريشَ الغرابِ والحمامة؟
كيف؟
26.
في الغربة
انتهتْ أحلامي كلّها،
فاضطررتُ إلى أنْ أرتّقَ أحلامي العتيقة
واحداً واحداً.
وكلّما رتّقتُ حلماً قبّلتُه
كما يقبّلُ العاشقُ معشوقتَه
ثُمَّ ألقيتُه بهدوءٍ في البحر.
27.
حينَ قرّرَ مُعدُّ الأنطولوجيا
أنْ يختارَ لي قصيدةً،
اختارَ لي قصيدةً قديمة،
قديمةً جدّاً.
لا أعرفُ لماذا اختارها:
ألِأنّها كانتْ موشومة بموتِ أنكيدو
ودموعِ كلكامش؟
28.
بعدَ خراب البصرة
وخراب بغداد
وخراب روما
وخراب سدني،
جلستُ أرتّبُ حياتي.
29.
قالتْ لي القارئةُ العاشقة:
قصائدُكَ ذات صورٍ لا تُنسى
وبحرُها غامضٌ ومُخيف،
لكنّها لا تصلح للحُبّ.
لأنّ قصائدَ الحُبّ
ينبغي أنْ تكونَ بسيطةً حدّ السذاجة
وعاريةً حدّ الهذيان.
30.
لكثرةِ ما أرى الغربانَ في أحلامي
قرّرتُ أنْ أصبغَ ليلي
باللونِ الأبيض!

*********************
www.adeebk.com



#أديب_كمال_الدين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سينُ العظامِ والحُطام
- الموتى يرقصون عند الباب
- البحر والمرآة
- قصيدة السيرك
- توريث
- قصيدة اللقلق
- تكرار
- البحر صديقي
- تناقضات
- شهرزاد
- ميم المشهد
- صلاة صوفيّة
- الكلُّ يرقص
- قاب قوسين
- قاف القضبان
- راء المطر
- القصيدة الأنويّة
- حاء الحلم
- إشارة كم كتبوا
- إشارة من أنا


المزيد.....




- “أقوى أفلام هوليوود” استقبل الآن تردد قناة mbc2 المجاني على ...
- افتتاح أنشطة عام -ستراسبورغ عاصمة عالمية للكتاب-
- بايدن: العالم سيفقد قائده إذا غادرت الولايات المتحدة المسرح ...
- سامسونج تقدّم معرض -التوازن المستحدث- ضمن فعاليات أسبوع ميلا ...
- جعجع يتحدث عن اللاجئين السوريين و-مسرحية وحدة الساحات-
- “العيال هتطير من الفرحة” .. تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- مسابقة جديدة للسينما التجريبية بمهرجان كان في دورته الـ77
- المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي: إسرائيل تعامل الفنانين كإرهاب ...
- نيويورك: الممثل الأمريكي أليك بالدوين يضرب الهاتف من يد ناشط ...
- تواصل فعاليات مهرجان بريكس للأفلام


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أديب كمال الدين - قال الذئب: أنا هو البحر!