أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - جمال محمد تقي - على الذهب الاسود تدور الدوائر















المزيد.....


على الذهب الاسود تدور الدوائر


جمال محمد تقي

الحوار المتمدن-العدد: 1307 - 2005 / 9 / 4 - 09:16
المحور: الادارة و الاقتصاد
    


كان الحديد والفحم هما عماد الثورة الصناعية في اوربا التي تعتبر نقلة نوعية في التطور الانساني من حيث ، نمط الانتاج وسعته وعلاقاته ، وقد سبق ذلك عوامل اقتصادية وسياسية واجتماعية وثقافية ، تراكمية منذ عصور النهضة مثل ، الاكتشافات الجغرافية ، والمخترعات والاكتشافات العلمية ، وتحرر الفكر من نزعته الكنسية ، ثم نشؤ الدول القومية ، وغيرها ، لتبدأ حينها اوسع عملية اتصال بين اجزاء الارض المأهولة وغير المأهولة عرفتها البشرية ، وسببها الحقيقي ، ازدهار التجارة والبحث عن موارد جديدة كوقود لماكنة الانتاج الرأسمالي اضافة الى اسواق عالمية لتصريف فائض الانتاج المتزايد .
مما ادى لاحقا وبالضرورة الى بروز مظاهر الاستعمار العسكري المباشر ، اضافة الى الشكل الاستيطاني الذي تكرس في بعض المناطق الغنية من افريقيا واسيا .
ومن ابشع انواع التنكيل بالشعوب المستعمرة وحتى قبل استعمارها المباشر هو استعباد ابناء هذه الشعوب جسديا وترحيلهم الى حيث الارض الجديدة ، اضافة الى الابادة الجسدية والجماعية لشعوب اخرى كما حصل ذلك مع الهنودالحمر في امريكا الشمالية .
لقد كان احتلال المناطق المشرفة على حركة التجارة العالمية وجعلها محميات مطلقة للدول المهيمنة على العالم حينها كما حصل ذالك مع رأس الرجاء الصالح وجبل طارق ومن ثم قناة السويس وباب المندب وأغلب مناطق طريق الحرير القديم برا وبحرا ـ من أوربا الى الهند والصين .
اضافة الى قناة بنما لاحقا الا دليلا اخر على مدى اتساع نطاق النهم الكولونيالي. وكان الصراع الاوربى في هذه العملية واضحا وحروب نابليون والصراع الفرنسي البريطاني ثم الصراع البريطاني الاسباني والبرتغالي يدل على ماذهبنا اليه .

وحتى نهايات القرن التاسع عشر لم يكن النفط قد تم استخدامه على نطاق تجاري في الصناعة او كمادة اساسية للوقود ، حينها كان نفط المكسيك هو المصدر الاساسي لاحتياجات الدول الكبرى حتى جاءت اكتشافات نفط عبدان " مسجد سليمان" 1908 ثم نفط العراق بعدها بسنوات قليلة ، مما عزز تمسك الانكليز بولاية الموصل اثناء تقاسم تركة " الرجل المريض " الدولةالعثمانية . وهذا ما عزز توجه الانكليز ايضا في اصدار وعد بالفور1917 لتكوين وطن قومي لليهود يكون بمثابة حامية متقدمة في الدفاع عن المصالح المتعاظمة لهم في المنطقة العربية .
ومعنى هذا ان اهمية منطقة الخليج خصوصا ، وعموم المنطقة العربية قد تضاعفت عند الدول الاستعمارية ، بعد ان كانت هذه الاهمية مقتصرة على الموقع الاستراتيجي والعلاقات التجارية ، صارت الاهمية غاية بالخطورة الاوهي ، كونها تملك النفط بغزارة وهو مصدر اساسي لتوريد الطاقة فاق بمزاياه
الفحم والبخار او اي مصدر اخر .

الحرب العالمية الاولى واعادة تقاسم العالم :
خرجت بريطانيا من الحرب الكونية الاولى امبراطورة لاتغيب الشمس عن املاكها وفرنسا شريكتها في النصر استحوذت هي الاخرى على نصيب ليس بقليل من غنائم الحرب ، حسب اتفاقية سايكس بيكو المعروفة . اما دول المحور فقد خسرت كل شئ الا طموحها في الحصول على نصيب من المستعمرات
وطريق يوصل بلاد الجرمن الى المياه الدافئة والى دفئ الوقود السحري المدهش ، الى منابع النفط .
لذلك عاد هذا الطموح يتجدد وتجدت معه الحرب الكونية !
وعندما دخلت امريكا على الخط ، حيث وقفت الى جانب دول الحلفاء عام 1917 ودخلت بذلك الحرب رسميا كانت قد تنبهت لاهمية الاكتشافات النفطية الجديدة وهي قد خبرت مزايا النفط حيث كان هوس التنقيب عليه في القارة البكر يفوق هوس البحث عن الذهب الاصفر؟

ومع اتساق سياسي يوحي بالطهارة والترفع عن السياسات الجائرة للدول الكبرى التي سبقت امريكا في ميدان السيطرة على مقدرات العالم وعلى ثروات المنطقة العربة تحديدا ، طرح الرئيس الامريكي ويلسون مبادئه الشهيرة التي اعلنها خلال خطبته في كانون الثاني 1918 وهي حق الشعوب بتقريرمصيرها واعلانه 14 مادة تحترم رغبات الشعوب المستعمرة وان هدف دخولهم الحرب هو تحريري وليس استعماري الخ. علما ان اعلان هذه المبادئ جاء بعد ان فضحت ثورة اكتوبر الاشتراكية في روسيا عام 1917 معاهدة سايكس بيكو ، ويبدو ان امريكا احست حينها ان الخطر الروسي القادم سيكون معيق للحلف الانكلوـ امريكي الذي بدأ يعمل لتكامل الادوارفي تواصل الهيمنة على العالم بطرق غير مباشرة ولسد الفراغ الذي قد ينتج عن انحسار الهيمنة البريطانية لاي سبب من الاسباب. خاصة وان الروس قد يكونوا في مقدمة اعدائهم زد على ذلك انعدام الاستقرار في اوربا ذاتها حيث تسببت الحرب الاولى في اشاعة روح الانتقام وانتهاز الفرص . وان امريكا ليست مختلفة عن حلفائها الانكليز او الفرنسيين امام الرأي العام العالمي لذلك جائت مبادئ ويلسون برائة ذمة غير نزيهة .

فلم تكن امريكا يوما من الايام " امبريالية شريفة " رغم حلاوة مبادئ ويلسون !؟ واستطرادا اقول : ان هناك بعض المواقف لفرنسا ، متميزة عن الحلف الانكلوـ امريكي وهي في احايين كثيرة تريد ان تكون متوازنة لمصالحها ومصالح لاخرين وعلى هامش السيرة اذكر ان صدام حسين في احدى خطبه المعروفة كان قد سمى فرنسا( بالامبريالية الشريفة) ، نتيجة لعلاقتها المتوازنة مع العرب واسرئيل .

الحرب العالميةالثانية والصعود الى القمة :
كانت المشاركة الامريكية في الحرب العالمية الثانية ضرورة تاريخية حتمتها انعكاسات الحرب على مراكز القوى العالمية والاستعداد للمواجهة المحتملة مع الاتحاد السوفياتي الذي بات يهدد المصالح الامبريالية في اهم مقوماتها الا وهو الاطاحة بالانظمة التابعة واقامة انظمة ثورية تهدد بالصميم المصالح الاقتصادية وعلى رأسها امدادات النفط التي لاغنى عنها بل اصبحت ام السلع في الانتاج العالمي .

اضافة للخوف من الانتصار العسكري السوفياتي الذي قد يهدد اوربا في عقر دارها ويغزو كامل اسيا اذا انتصر على اليابان والخ ، ان الاقدام على تزعم العالم الراسمالى بمواجهة الاتحاد السوفياتى لم يأتي من فراغ بل سبقه استعداد وتنسيق سياسي وتطور اقتصادي ملحوظ لم يعد يكتفي بالمشاركة ضمن حصص الشركات متعددة الجنسيات بل ان الناتج القومي الامريكي ومعدل الاستثمارات وفي مختلف المجالات فاقت اوربا وتجاوزتها فالسوق يجب ان تمهد للمالك الجديد .
ومن هذا المنطلق كان التسرع الامريكي في ضرب اليابان بالقنابل الذرية لضمان استسلامها قبل ان يصل السوفيات الى هناك ، ومن ذات المنطلق كانت خطة مارشال لاعادة اعمار اوربا عموما والمانيا تحديدا.
ان المخاوف الامريكية في محلها وما شهدته منطقتنا العربية اثناء الحرب وبعدها من نهوض لمقارعة المصالح الامبريالية في بحر النفط الذي يتركز اكبر احتياطياته في الخليج وايران والعراق اكبر دليل على ذلك " حركة مايس 1941 المعروفة بحركة رشيد عالي الكيلاني ـ الرفض الشعبي العربي للهجرة اليهودية الى فلسطين وثورة عبد القادر الحسيني ثم الرفض العربي لقيام دولة سرائيل وتقسيم فلسطين 47 ـ 49 ومجاراة الحكومات العربية لارادة شعوبها بحرب كارتونية مخادعة ـ محاولة تأميم النفط الايراني من قبل حكومة محمد مصدق 1951ـ 1953 ـ انقلاب 23 تموز 1952 في مصر التي تحولت الى ثورة شعبية وقومية تحررية رائدة بقيادة الزعيم جمال عبد الناصر ـ ثورة 14 تموز 1958 في العراق بقيادة عبد الكريم قاسم التي اسقطت حلف بغداد الاستعماري ـ قيام الوحدة المصرية السورية 1958 ـ بدأ العمل على تثبيت مشايخ الساحل المتصالح الخليجي كدول سيادية لتسهيل اللعب على مشاكلها دون مشاكل".

النفط لاعب اساسي في الحرب الباردة :
كلما ازداد التقدم العلمي والتكنلوجي عمقا كلما ازدادت اهمية النفط واستخداماته وهذه مفارقة لان النفط مورد ناضب فأنه من الطبيعي ان يركز العالم على ايجاد بديل مناسب يحل محله ولايسبب ذات المشاكل البيئية التى يسببها استخراج واستخدام النفط ، الواضح ان تكلفة النفط مهما ارتفعت اسعاره حتى ان وصلت الى 200 دولار للبرميل فهي اكثر ربحية من اي بديل وهي مادة صناعية دخلت في مجالات لاتحصى ، وعليه لايمكن الاستغناء عنه مادام اقتصاد السوق هو السيد السائد ! ؟

النفط يعنى : تنقيب ثم استخراج ثم تصريف وتحويل وتصنيع ثم تحكم بالاسعار وتحكم بالعائد ويعني التنافس على المزيد من الاستثمار ويعني المضاربة بما يخدم الدولار وهذا كله يعني مزيدا من الضرائب
للدول الصناعية من شركاتها ويعني رفاه اقتصادي نتيجة لدورة النفط وملحقاته .
في عام 1973 عندما استخدم العرب النفط كسلاح ضاغط على الدول الغربية من اجل لجم الغطرسة الاسرائيلية ، اخذت هذه الدول تحتاط لمثل هكذا حال وبكل الوسائل المشروعة وغيرالمشروعة ، انها مستعدة لخوض حرب ضروس من اجل الحصول على النفط دم الحضارة الحالية واستمرار تدفقه.

لقد طوق المعسكر الاشتراكي بقواعد واحلاف عسكرية كى يبعدوه عن مناجمهم وكنوزهم وكانت افغانستان الثغرة التي خشي اسياد النفط منها ، ومن عائدات النفط ذاته كانت تمول الحرب ضد الروس
في افغانستان وغيرها ، ومن عائدات النفط تمول الحملات ضد الدول الصديقة للروس ، قالوا: لماذا لاتتخلص امريكا من كاسترو رغم قربها الشديد منه قلت : السكر يسكر لاكنه لايمكن ان يحرك محرك سيارة ولو لكيلو مترواحد . . اما شافيز او صدام او او فهي تصنع الاعاجيب لتنال ما بأيديهم من نفوط .

الانهيار السوفياتي يتوج امريكا :
بلا منازع دخلت امريكا هذا القرن كملكة تملك وتحكم العالم حتى صار متداولا قول القرن الامريكي
وامركة العالم الخ . وعليه بدأت قرنها بتصفية حساباتها العالقة منذ نهاية الحرب الباردة ، الروس عندها عزيز قوم ذل وليس منهم حرج اما العرب النفطيون فهم المطلوبون الان . !
رغم اتساع رقعة الاكتشافات النفطية حول العالم ، نفط بحر الشمال ، نفط اسيا الوسطى وغيرها الا ان اهمية النفط العربي عموما " الجزائر ليبيا السودان اخيرا " والخيلجي والعراقي تحديدا يتميزبأحتياطيه المهول وقلة تكلفته وجودته العالية لذلك فأن العين عليه دائما . وليس معنى هذا الخوف من عدم ضمان تدفقه وبيعه ، كلا ، فقد صيرت اقتصاديات هذه البلدان على الاحادية والتبعية فهى لاتملك الاان تستخرج ما استطاعت لتبيع ، انما الامرالاهم كيف تبيع ولمن وبأي سعر وماذا سيكون مصير العائد ؟ ، العين على كل هذه الخطوات ، ولها عندهم ايجابات بحيث مهما صدرت وحصلت على موارد فهى يجب ان تبقى كما كانت دول استهلاكية غير مستقرة تابعة ذات اقتصاد مشوه ، محلك سر !

وصارت اوبك التي تأسست في بغداد أبان المد الثوري العالمي 1961العوبة بيد الامريكان بالتنسيق مع الحلفاء المزمنين حكام الخليج وهي واجهة ليست فعالة لتحديد سقف الانتاج النفطي علما ان الدول النفطية من خارج اوبك مثل النروج وروسيا وامريكا ذاتها لها سياساتها الخاصة التي قد تعرقل المجهودات التضامنيةان وجدت داخل اوبك. . وراحت الاحتكارات النفطية تنفث سمومها في صناعة النفط الروسية ذاتها وهي تجتهد الان لاحتوائها مستقبلا !؟ بعدان كانت عونا للسياسة التحررية للبلدان المنتجة .

يراد من العراق ان يكون درسا للاخرين :

كان لتأميم شركة النفط العراقية عام 1972 اثره البالغ على مجمل توجهات الكارتلات النفطية العالمية وذلك ليس لحرمانها فقط من مزايا دورة النفط العراقي وانما لانها سابقة قد تفتح ابواب جهنم عليها عندما يستلهمها المنتجون الاخرون ؟ ولم يكن التأميم العراقي ولادة سهلة بل تحصيل حاصل للتوجهات الوطنية التى ارادت استثمارهذه النعمة لخدمة برامج التنمية الحقيقية اولا ثم لتجريد الاحتكار النفطي من السلاح الذي يستخدمه دوما بوجه اي حكومة عراقية تخرج عن بيت الطاعة الامبريالي ـ الامريكي تحديدا حيث تلاعبها المستمر بألانتاج من كميته وبالتالى بموارده المالية التي على ضوئها تحدد برامج الميزانيات والخطط الاقتصادية . فعندما اصدر عبد الكريم قاسم قانون رقم 80 الذي جرد الشركات الاحتكارية من امتياز التنقيب عن النفط في العراق وجعلها تعمل بمساحة تقل عن 2% من الامتياز السابق اعتبر حينها صفعة قوية لوجه شركة نفط العراق الاحتكارية ، وقد لاحظنا كيف ان سقوط قاسم كان هزة عنيفة اعقبت
صفعته بسنتين !؟ ومما زاد الطين بلة انه اخذ بسياسة ضم الكويت للعراق قبل استقلالها مما اثار حفيظة ذات الدوائروسعت لاسقاطه وبأي ثمن فالكويت خزان نفطي اخر لايجب ان يمس !

ثم جاء انشاء شركة النفط الوطنية العراقية 1964التي شكلت خطوة عملية بالاتجاه الصحيح ، لكن انعدام الاستقرار السياسي حرم هذه الخطوة من التطور ، حتى حصول الخطوات العملية الناجحة بعد انقلاب 17 تموز68 ففي حزيران 1969 تم التوقيع على اتفاقية المعونة الفنية السوفيتية لحقول الحلفاية الواقعة في محافظة العمارة وحقول اخرى بكلفة 70 مليون دولار وبعد اسابيع تم الاعلان عن اتفاقية حقل الرميلة الشمالي ومد خط انابيب لربط الحقل بميناء الفاو بمقابل حصول الروس على ثمنه نفطا خاما .
وفي 7 نيسان 1972 افتتح ألكسي كوسجين رئيس الاتحاد السوفياتي بنفسه انتاج حقل الرميلة الشمالي واثناء زيارته تلك وقع مع احمد حسن البكر معاهدة الصداقة والتعاون الاستراتيجية وكان امدها 15 عاما
وفي ايار من نفس العام قدمت الحكومة العراقية انذارها الشهير الى شركة نفط العراق ، وخيرها الانذار ما بين المحافظة على معدلات الانتاج السابقة وان تنهى خلافاتها المالية المعلقة مع الحكومة والا انها ستواجه التأميم .
وجاء رد الشركة رافضا هذا الانذار وعندها اعلنت الحكومة العراقية تأميم الشركة وذلك في الاول من حزيران 1972 . وقد رافق كل هذه الخطوات تقارب بين حزبي البعث والشيوعي ولم يملك الاخيرالا التأييد والدعم لخطوات البعث ، وكان لتعيين كلا من عامر عبدالله ومكرم الطالباني وزراء في الحكومة العراقية اثره فيما بعد لقيام الجبهة الوطنية والقومية التقدمية سنة 73 علما انه بعد هذا التعيين بأيام قدم الانذار لشركة نفط العراق . وكانت الحكومة العراقية قد أمنت جانب الحركة الكردية ببيان 11 اذار70 مما جعلها وحزب البعث يكسروا قاعدة اللعب بالورقة الكردية بواسطة شاه ايران ومن خلفه احتكارات النفط للضغط واضعاف موقف الحكومة العراقية .

لقد نجح البعث في احلك الظروف في تأمين نفسه ومن ثم اكسبه التأميم شعبية عراقية وعربية منقطعة النظير.هذا اضافة الى قفزة حقيقية في عائدات النفط وبالتحديد بعد ارتفاع الاسعار الكبير منذ 73 وهذا ماانعكس على برامج التنمية وعلى دخول المواطنين . واصبح العراق فعلا في طليعة البلدان النامية من حيث الاستثمارات في البنى التحتية ومن حيث التطورالاجتماعي والثقافي والتقني وصار العراق لاعبا يحسب له الحساب في عموم الشرق الاوسط.
ولم يرق هذاالحال للاحتكارات النفطية ولا لاسرائيل ومن بعد لم يرق لامريكا ، وكما ذكرنا سابقا فأن ايران هي الشرطي الذي يمكن استخدامه دوما بوجه نهضة العراق وهذا قد حصل ايام قاسم وايام المد الوحدوي العراقي المصري السوري . وكان اغوات الاكراد في العراق هم الاداة ففي عام 74 بدأ البارزاني الاب تحركاته المدعومة من قبل السافاك الايراني لزعزعة الوضع في شمال العراق ولم يكن خافيا ان الموساد الاسرائيلي كان قد دخل على الخط مبكرا وكذا المخابرات الامريكية ، يا اعداء العراق اتحدوا وهذا ماحصل فعلا . حتى الحزب الشيوعي قد ادان حينها هذه التوجهات واتهم قيادة البرزاني بالجناح اليميني في الحركة الكردية لرفضها الانخراط بالجبهة الوطنية
واصرارها على العمل مع اعداء العراق رغم ان الاكراد كانوا قد حصلوا على مكاسب مهمة ابرزها اعتبارهم شركاء اساسيين في الوطن وفي الحكم كامل الحقوق الثقافية حكم ذاتي يمكن ان يتطوربأدائه الخ
وهكذا مكاسب لم يحصل عليها اي كردي في اي مكان اخر وقدتحققت بفضل تضامن عموم الشعب العراقي مع حقوقهم المشروعة .
وبدأت المؤامرة بالعمل العسكري ضد قوات الجيش العراقي في شمال العراق ، وازاء ذلك حاول صدام حسين شخصيا درء هذا الخطر بعقد صفقة مع شاه ايران اعطيت بموجبها اجزاء من شط العرب لايران مقابل عدم التدخل في شؤون العراق وتعاون أمني وبذلك انهارت الحركة الكردية المسلحة ، وقتها لم تبرز اعتراضات واضحة على اتفاقية الجزائر ، رغم انها عقدت على حساب ارض العراق، واعتقد ان شاه ايران نفسه لم يكن منسجما مع المشروع الامريكي الاسرائيلي للذهاب في حرب العراق الى النهاية !؟
لقد انفرد صدام بقوة العراق وخلت الساحة له بعد ان ابعد الشيوعيين عن الحكم نهائيا ، وحتى مجئ الخميني الى ايران لم يكن هناك مايؤرق البعث في العراق.

الحرب العراقية الايرانية : "عصفوران بحجر واحد"!
خشية صدام من اندفاع الثورةالاسلامية في ايرن نحوالعراق ومعرفة الآيات في ايران ان استمرارهم في الحكم يتطلب استمرار الثورة وان حتم ذلك تصديرها ، لذلك كان اعلان صدام عن بدأ الحرب ضد ايران قد سر حكام ايران الجدد وذلك لتتخلص من كل شركاء الثورة ، من يساريين وديمقراطيين ولبراليين ،
ولم اكن مغاليا لوقلت : لولم يبدأ صدام الحرب لبدئها الخميني !
لقد نشفت كل الارصدة بشراءالاسلحة وبيع النفط بأي وسيلة واي سعر للحصول على معدات الحرب وعلى ضمان خطوط الامدادات العسكرية والمدنية وليست نفوط العراق وايران ، ان كل دول الخليج قد جندت مواردها النفطية في هذه الحرب والكل اخذ ينتج وبأقصى قدرة مما انعش السوق واخذت عصافيره
تزقزق انها اكبر تراجيديا يختلط فيها الدم بالنفط بصناديق الاسلحة وهي دورة حياة اوممات للريع النفطي
وغير النفطي .
بهذه الحرب ضربت اقوى قوى في المنطقة واستنزفت طاقتهما وكانت امريكا واسرائيل وراء ادامة عمر هذه الحرب ، فضيحة ايران غيت ، ضرب المفاعل النووي العراقي بالطائرات الاسرائيلية
تزويد العراق بالمعلومات العسكرية عن تحركات القطعات الايرانية ، وبعد 8 سنوات ارادت امريكا ايقافها فأوقفتها من خلال المساهمة بشكل مباشر بحماية ناقلات النفط الكويتية والقصف المباشر لبعض المواقع النفطية.
وعلى رأي الاستاذ سعد البزاز فأن هذه الحرب كانت أم لحرب اخرى قادمة ! في كتابه الموسوم ـ بحرب تلد اخرى ، حيث ما مرت سنتين على نهاية الحرب العراقية الايرانية 88 حتى دخل صدام الكويت 90 ومعه قائمة بالمسببات اغلبها نفطي : اغراق السوق ، خفض الاسعار ، سرقة نفط الرميلة وغيرها . وحصلت الحرب السريعة وكانت سريعة بخطف كل احتياطيات الريع النفطي للكويت
والسعودية واغلب دول الخليج بل قد استدانت لتغطية تكاليف الحرب على العراق " من لحم ثورة أطعمة"
وجاء الحصار ليكون اكبر جريمة بحق شعب العراق بحيث صار لاجئا في بلاده وصار معزولا عن كل معالم الحياة الطبيعية انها وصمت عار بجبين امريكا والامم المتحدة بحيث اعتبروا شعب العراق قاصرا
وهم الذين يطعموه ويطببوه بماله الذي اصبح سائبا لمدة 13 عاما وعملية سرقة ثروات العراق سائرة على قدم وساق حتى الان دون طائل .

احتلال العراق بداية الانحدار الامريكي :
قال مود ، وهوالقائد العسكري البريطاني اثناء دخوله بغداد بعداحتلالها عام 1917 ، جئنا محررين ولسنا فاتحين ! وقالها بريمر الحاكم المدني للعراق بعد احتلاله ، جئنا لتحرير العراق واشاعة الديمقراطية فيه !؟
ما اشبه اليوم بالبارحة ؟
ان التواجد الامريكي المباشر في لب هذه المنطقة النفطية ، صاحبة اكبر احتياطي عالمي للطاقة يعني أمرين اولهما : استهتار بأي شكل من اشكال الشرعية واستسهال للعملية ذاتها اي الاحتلال العسكري المباشر هذا الاسلوب الذي امسى قديما للاستعمار القديم ، ويبدو ان انهيار الاتحاد السوفياتي ومعسكره الاشتراكي قد سمح بعودة هذا الاسلوب القديم الى التداول ! .
ثانيهما : انهم قادمون لترتيب الاوضاع في هذه المنطقة الحساسة من العالم وهذه الترتيبات لاتحدث الا بالتواجد المباشر، اما دعاوى الخطر الاسلامي والارهاب العالمي فهي هوامش يجري تضخيمها هوليوديا
من اجل التغطية على ترتيبات التحكم المطلق بالمصدر الاساسي ولانغالي ان قلنا المصدر الوحيد المطلوب عالميا للطاقة على مدى العقود الثلاثة اوالاربعة القادمة ونجاح هذه الاجراءات يعني نجاح للسيادة الامريكية على العالم الى ما شاء الله .
اعلن بوش : ان منطقة الشرق الاوسط يجب ان تكون سوق واحدة لها افضلية الشراكة مع الولايات المتحدة خلال العشر سنوات القادمة .
لدمج اقتصاديات المنطقة بالاقتصاد الاسرائيلي والعراق بثقله سيكون الجسرلهذا الدمج بعد ان فتحت ابواب مصر والاردن فاللعراق نفطه وامكانياته الاخرى ، وهنا جاءت تسريبات عن النية لاعادة الحياة لانبوب النفط العراقي القديم الى ميناء حيفا !؟ يتندر من استباح الحرمات قائلا : ان المال العربي عندما يكون بأياد يهودية ستتحقق المعجزات وبحماية امريكية !؟
لقد اعلن بريمر الباب مفتوحا بقوانينه الخاصة بالملكية والاستثمار، وخاصة الاستثمارات النفطية الاحتكارية ودعى الى تخصيص الجزء الاعظم من الصناعة النفطية ، مما يعني انقلابا على التأميم وعلى الانجازات الوطنية التي تعطي الشعب سيادته الحقيقية على ثرواته ومقدراته .
لعنة العراق ستلاحق المحتلين واذنابهم وسينقلب السحر على الساحر وهي البداية .



#جمال_محمد_تقي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- يسار ولكن
- الحماسة في الاهزوجة
- مثقفون وسياسيون للبيع
- من يغذي الارهاب في العالم


المزيد.....




- حرب غزة تصرف صندوق بيزوس عن استثمار 30 مليون دولار في إسرائي ...
- وزير المالية الأوكراني يعترف بوجود صعوبات كبيرة في ميزانية ا ...
- تباطؤ نمو الاقتصاد الأميركي وارتفاع معدلات التضخم بالربع الأ ...
- انخفاض أسعار مواد البناء اليوم الخميس 25 أبريل 2024 في الأسو ...
- نمو الاقتصاد الأمريكي 1.6% في الربع الأول من العام
- بوتين: الاقتصاد الروسي يعزز تطوره إيجابيا رغم التحديات غير ا ...
- الخزانة الأمريكية تهدد بفرض عقوبات على البنوك الصينية بزعم ت ...
- تقرير: -الاستثمارات العامة السعودي- يدير أصولا بنحو 750 مليا ...
- البنك الدولي: توترات الشرق الأوسط تهدد التقدم العالمي بشأن ا ...
- معضلة الديون في فرنسا.. وكالات التصنيف قلقة ونظرتها سلبية


المزيد.....

- تنمية الوعى الاقتصادى لطلاب مدارس التعليم الثانوى الفنى بمصر ... / محمد امين حسن عثمان
- إشكالات الضريبة العقارية في مصر.. بين حاجات التمويل والتنمية ... / مجدى عبد الهادى
- التنمية العربية الممنوعة_علي القادري، ترجمة مجدي عبد الهادي / مجدى عبد الهادى
- نظرية القيمة في عصر الرأسمالية الاحتكارية_سمير أمين، ترجمة م ... / مجدى عبد الهادى
- دور ادارة الموارد البشرية في تعزيز اسس المواطنة التنظيمية في ... / سمية سعيد صديق جبارة
- الطبقات الهيكلية للتضخم في اقتصاد ريعي تابع.. إيران أنموذجًا / مجدى عبد الهادى
- جذور التبعية الاقتصادية وعلاقتها بشروط صندوق النقد والبنك ال ... / الهادي هبَّاني
- الاقتصاد السياسي للجيوش الإقليمية والصناعات العسكرية / دلير زنكنة
- تجربة مملكة النرويج في الاصلاح النقدي وتغيير سعر الصرف ومدى ... / سناء عبد القادر مصطفى
- اقتصادات الدول العربية والعمل الاقتصادي العربي المشترك / الأستاذ الدكتور مصطفى العبد الله الكفري


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - جمال محمد تقي - على الذهب الاسود تدور الدوائر