أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رائف أمير اسماعيل - بريء














المزيد.....

بريء


رائف أمير اسماعيل

الحوار المتمدن-العدد: 4663 - 2014 / 12 / 15 - 13:58
المحور: الادب والفن
    


جفل حين سمع صوت أبنه يناديه ... وأسرع في الوقوف ... ثم أسرع في الخطو اليه ...
كان عندها بين أصدقائه يفاخر في انه اليوم قد ضرب ابنه ضربا مبرحا الى الحد الذي توسل فيه ابنه ان يسامحه على خطئه وانه لن يفعلها مرة أخرى ...
كان جلسائه يحبونه كثيرا ... كانوا يعلمون أنه يكذب كثيرا ... ويعلمون انه كان يخاف ابنه كثيرا ولايستطيع أن يوبخه بكلمة واحدة ... بل العكس، كان هو من يتجرع كلماته القاسية ونصائحه التي لاتنتهي يوميا ..
كانوا يعرفون انه يفرغ لهم معاناته بحديث معكوس متلذذين ببرائته ... ضاحكين على تأتأته
زوجه أبوه وهو بعمر الأربعة عشر عاما عسى أن ينجب له أحفادا يعوضوه عن حسرته في أبنه الوحيد البليد هذا، لكنه أيضا لم ينجب سوى إبنا وحيدا عوضته الجينات ذكاءا حادا وشخصية أحد، فكان تنافر الشخصيتين واضحا لأبناء القرية.
توفى الجد فأرث ثروة طائلة أغنته عن مشاق الحياة .. ومسكت زوجته حسابات الثروة فأغنته عن ألتسفه بها .. وحين ماتت، كان قد بلغ أبنها العشرين عاما فتولى عنها التدبير ... فأستطاع أن يكمل دراسته الجامعية ويتزوج بمن شاء.
كان الإبن يكبر في العمر والجسد والذهن بينما بقي الأب البليد على بلادته وجسمه ... بل بقي جسمه طريا وبملامح وجه بدا للناظر وكأنه هو الابن حين يرى الاثنين معا ..
الأب بعمر الأربعين بدا أصغر من ابنه الذي أصبح بعمر الخامسة والعشرين ... وكلما تقدم الإبن في العمرأكثر .. كلما التاع أكثر من براءة أبيه .. وكاد يطرده من بيته أكثر من مرة لولا تدخل زوجته الطيبه وتحملها .. خصوصا أنه أيضا قد أصبح جدا لطفل صغير وجميل ... يحبه ويتعامل معه وكأنه صغير مثله ...
كانت المشكلة في بلادته، انه لايدرك معاني الكلام .. لايدرك كلام الفواحش الذي يسمعه من الناس فيردده هنا وهناك وأمام زوجة ابنه .. ويصدق كل كلام الناس فيوقع نفسه في ما أرادوا به من سخرية أو مكيدة ضحك. بل وصلت الدرجة انه يطيع طلب شاب صغير بأن يعري جسده. أو يستجيب الى آخر في تسلق حائط بيت من بيوت القرية كي يجلب له طيرا قد فلت منه.
قرر ألإبن الذي أصبح مهندسا مرموقا وشخصية سياسية أن يستغل خطر الحرب الأهلية التي باتت جبهتها قريبة من القرية فيرحل الى مكان آخر يستطيع به أن يحبس أبيه في زاوية بيت أكبر ويبتعد به من الناس السيئين الذين عرفوا كيف يستغلوه .... لكن الحرب كانت أسرع ...
هجمت على القرية أعدادا كبيرة من الاعداء ... فهرب أبناؤها الشجعان ... وحين أراد الابن ان يجمع عائلته ليفر بها ... لم يجد والده البليد في مكان قريب .. فذهب ليبحث عنه ...
تفاجأت القرية بأن الاعداء يُقتلون الواحد تلو الآخر من طلقات بندقية يرمي بها شخص منهم من فوق بيت على حافة القرية ... فتشجع الاشجع ليحذوا حذوه .. ثم الآخر والآخر ... فتراجعت القرية كلها عن الهروب ... بعدما تبين ان النصر هو حليفهم ...
لكن المفاجأة الأكبر كانت أن الشخص ذاك .. الذي كان قد شجع القرية كلها على الثبات والذي قتل أكبر عددا من الاعداء ... هو نفسه ذلك الأب البليد..
أصبح البليد من تلك اللحظة بطل الابطال ومنقذهم ... خجلوا مما كانوا يستهزئون به ... وحيوا ابنه على بطولته، وأصبح الابن يتشرف بأسم والده..
سألوه
- كيف تعلمت القتال؟ نحن لم نرك يوما تحمل بندقية
- (فلان) علمني أياها في بستانه كي أقتل فلان لأنه قد هتك عرضه .. لكنه بعدها لم يقل لي اقتله ... ثم أكمل
- الاعداء كان يريدون قتل حفيدي فقتلتهم كلهم
حلل شخصية البليد فيما بعد أحد مثقفي القرية فقال
- كان هذا الشخص بدماغ أيمن .. أي أن فص دماغه الايمن هو الناشط والمسيطر فيما ضمر نصفه الايسر .. لذلك هو قد أخفق في العلاقات مع الآخرين التي تتطلب المنطق وجمع الخبرات ...و نجح في التصويب على الهدف باطلاقة واحدة........ ولايخاف
14/12/2014



#رائف_أمير_اسماعيل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- باراشيطانلوجي
- نظرية الأوتار الفائقة من منظور الفلسفة العلمية
- تفسير ظاهرة التنويم الايحائي(المغناطيسي)
- قنبلة الزمن الأسود
- تعويم الشعر العربي .. مقاربة بين ظاهرة الشعر و ظاهرة النقد ا ...
- شجرة برتقال
- عبور
- تخطي
- ظل الزمن
- حوار فلسفي
- مسيرة
- مرآة الزمن
- سعيد العتال
- مشروع صفر
- شارع الاطباء
- الصرح الزراعي
- الوطن وحقوق الانسان
- وجهها
- فلم الماتريكس.. جنة الأحلام على أرض أجهزة الكمبيوتر
- أرجوحته


المزيد.....




- بلدية باريس تطلق اسم أيقونة الأغنية الأمازيغية الفنان الجزائ ...
- مظفر النَّواب.. الذَّوبان بجُهيمان وخمينيّ
- روسيا.. إقامة معرض لمسرح عرائس مذهل من إندونيسيا
- “بتخلي العيال تنعنش وتفرفش” .. تردد قناة وناسة كيدز وكيفية ا ...
- خرائط وأطالس.. الرحالة أوليا جلبي والتأليف العثماني في الجغر ...
- الإعلان الثاني جديد.. مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 الموسم ا ...
- الرئيس الايراني يصل إلي العاصمة الثقافية الباكستانية -لاهور- ...
- الإسكندرية تستعيد مجدها التليد
- على الهواء.. فنانة مصرية شهيرة توجه نداء استغاثة لرئاسة مجلس ...
- الشاعر ومترجمه.. من يعبر عن ذات الآخر؟


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رائف أمير اسماعيل - بريء