أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - رفيق عبد الكريم الخطابي - الحرب السرية ضد روسيا السوفياتية..بعيون أخرى















المزيد.....



الحرب السرية ضد روسيا السوفياتية..بعيون أخرى


رفيق عبد الكريم الخطابي

الحوار المتمدن-العدد: 4662 - 2014 / 12 / 14 - 17:21
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



تمهيد :


وأنا أعمل على ترجمة كتاب " المؤامرة الكبرى..الحرب السرية ضد روسيا السوفياتية " ، وهو عمل يدخل في إطار اهتمامنا الخاص بمرحلتين نعتقد انهما الأهم بالنسبة للمهتم بدراسة التجربة الاشتراكية الأولى في التاريخ ، تجربة البناء الاشتراكي في الاتحاد السوفياتي السابق ، هاتين الحقبتين حددناهما من قبل في : السنوات الأولى لاستلام البلاشفة للسلطة في روسيا و ما رافق ذلك من صعوبات ومشاق وتآمر وحصار ..إلخ ، وما أبان عنه الشيوعيون البلاشفة الروس من بطولات و من روح للإقدام والتحدي وتدليل للصعاب والإرادة الفولاذية التي لا تتراجع ولا تنهزم أمام كل اشكال الامتحانات الصعبة والظروف القاسية ، هؤلاء البلاشفة ، الكوادر العمالية المبدئية لم تعرف التردد للحظة أمام كل أنواع الأعداء بالداخل كما بالخارج ، هؤلاء المناضلون الأجداد ، هم النموذج و القدوة التي يحتاجها كل رواد التغيير من الأحفاد في زمننا هذا وفي وطننا هذا ، ومن ثمة كانت الأهمية القصوى لهاته الحقبة التاريخية الزاخرة بالدروس والعبر الثورية . ثاني تلك الحقب التي كرسنا لها جانبا مهما من البحث : هي الحقبة التي تلت وفاة القائد لينين و الحنكة السياسية التي تمتع بها القائد ستالين ورفاقه واستطاعوا من خلالها مواجهة ودحر مختلف أنواع التآمر داخليا ، تآمر انتهازي تحريفي ، وعبر بقايا عملاء الامبريالية في روسيا السوفياتية ، مع ما رافق ذلك من معجزات اقتصادية وسياسية ( دحر الخطر النازي عن كل أوربا ) . نحن نعتقد ان دراسة التجربة السوفياتية ومختلف مراحلها ، مرحلة التأسيس والبناء ومراحل التراجع أو الانقلاب التحريفي.. هي مهمة لا غنى عنها بالنسبة لبلاشفة الحاضر ، أما تركيزنا على تلك الحقبتين فلا يلغي مهمة إعادة التقييم العلمي لكل التجربة ، فهي سلاح لا مناص منه في مواجهة كل الفلول التحريفية وكل القراءات الانتهازية المغرضة للتاريخ قصد تكريس القائم ، وهي لا مناص منها لاستلهام الدروس التاريخية ..ولكي نكون أكثر وضوحا ، ونحن نمارس ضمن إسهال انتهازي لا حد لتقيحاته ، حيث يتنطع لهذه المهمة ( قراءة التجربة الاشتراكية ) للأسف أعداؤها وبمختلف العناوين والأشكال ، إما تيئيسا أو تبريرا أو تقديسا للأموات وكرها في الحياة ، وإما تجنيا و تشويها وتضليلا وحربا على الماركسية اللينينة تكريسا للقائم وحنقا على الآتي وخوفا منه .. إننا على النقيض من هؤلاء جميعا ، نريد لقراءتنا أن تكون تمثلا لقراءة البلاشفة الأجداد لتجربة الكمونة الباريسية ، قراءة هدفها الأول والأخير شحد الهمم ومراكمة التجارب والمعارف الثورية للتغيير ونحوه ، وليس للتنابذ الفقهي العقيم بين شيوخ اليأس والدجل المجمدين في متاحف وكهوف الأحزاب الشيوعية التحريفية الكلاسيكية وبعض الصبية الصغار الطارئين ممن لا يفقهون من وسائل البحث العلمي ومناهجه سوى ما لقن لهم عن تقنيتي " كوبي ـ كولي" .
قلت ، وأنا أعمل على تنقيح ترجمة الفصول الأولى المترجمة من الكتاب أعلاه ، عثرت بالصدفة على مقال نشر في شتنبر من هذا العام بعنوان : " الدعاية الروسية من أصولها إلى يومنا هذا " للكاتب جويل كونتز . وهو يتناول بالنقد الكتاب الذي سننشر أجزاء منه تباعا فيما يلي من مقالات . ما أثار انتباهي في هذا المقال أن صاحبه ، على غرار بعض الصغار من " مثقفينا " ترك كل الكتاب ومضامينه وراح يناقش كاتبيه . ومع أن موضوع مقالته هي حول الدعاية التي اعتادت روسيا بحسب قراءته على استعمالها منذ القدم حتى أيامنا هاته ، والمتعلقة بمقولة المؤامرة الدائمة التي تتعرض لها روسيا أيام ستالين كما أيام بوتين ، فإنه لم يتعرض بالمطلق للمصادر التي اعتمد عليها الكاتبان ، سوى ما تعلق بمحاضر محاكمة موسكو التي طعن فيها ، وشهادة السفير الأمريكي في روسيا آنذاك والتي اعتبرها شهادة لرجل ساذج ! ( هكذا ) ، سفير الولايات المتحدة الأمريكية يصبح رجلا سادجا متى كانت شهادته لا تدعم الدعاية المكارثية الحديثة . غير ذلك ، فلن نعثر على شيء مطلقا ، سوى دفاع محتشم عن تروتسكي ومن خلال هذا الأخير حاول نقد كل معطيات الكتاب . نشير لهذا الأمر من زاويتين : الأولى التشابه بين منهج الانتهازيين عموما عربا وعجما فالانتهازية واحدة وحدة جذورها الطبقية ووحدة الصراع العالمي بين المشروع الاشتراكي القادم وبين نمط الإنتاج الرأسمالي المعولم والمحتضر .. فالشخصنة والانتقائية ومختلف أنواع الصراخ التضليلي المستند على منطق صوري بسيط في ابتذاله ، وثانيهما : قوة المصادر ومصداقيتها ، وهي كثيرة جدا تبتدئ بالاعترافات والسير الذاتية للجواسيس الذين عملوا في روسيا عقب نجاح ثورة أكتوبر ولا تنتهي بمحاضر وتقارير السفراء وأعضاء البعثات الدبلوماسية العاملة في روسيا أيضا البريطانية والأمريكية والفرنسية.. ، التي اعتمد عليها الكاتبين : ميشال سايرس وألبرت في كتابهما :" المؤامرة الكبرى .." الذي ظهر في عام 1946 في الولايات المتحدة .
ألبرت يوجين كان (11 مايو 1912 / 15 سبتمبر 1979) صحفي أمريكي ، مصور ، وكاتب.
وميشيل سايرس ، وهو شاعر أيرلندي غادر إلى الولايات المتحدة الأمريكية في عام 1936 ، سايرس سيكون على القائمة السوداء للمكارثية في سنوات الستينيات .

مقدمة الكتاب :

استعمل الكاتبان بغزارة الوثائق الرسمية لوزارة الخارجية الأمريكة ، تقارير ومحاضر مختلف لجان الكونغرس الأمريكي ، الوثائق الرسمية المنشورة من طرف حكومة بريطانيا الكبرى ، والتقارير الكاملة الحرفية التي نشرتها الحكومة السوفياتية ، محاضر وإفادات محاكمات الجواسيس ، المخربين والمتهمين بالخيانة العظمى والتي جرت أطوارها في الاتحاد السوفياتي منذ اندلاع الثورة .
كل الأحداث والحوارات التي يشير إليها الكتاب لم يختلقها مؤلفاه . كل المواد المستعملة استقياها من مختلف المصادر المشار إليها أعلاه أو داخل النص او ضمن الإحالات المشار إليها في آخر كل جزء منه.
إنهما يودان التعبير عن الشكر والامتنان بالخصوص إلى السيد هاربر ، الذي صرح لهما بالاقتباس المطول من كتابه: "الجاسوس البريطاني القائد: مغامرات سيدني رايلي "
"un maitre espion anglais : Les aventures de Sidney Reilly"
إنهما يودان أيضا الاعتراف بما يتوجب إلى السيد : "سيدريك بيلفراج" من أجل المساعدة والدعم الذي قدمه لهما في البحث كما في التحرير لهذا الكتاب في مراحله الأولى.

الشطر الأول: " صعود البلاشفة إلى السلطة".

1ـ مهمة في بتروغراد:

خلال صيف سنة الحسم 1917 ، وباعتبار أن البركان الثوري الروسي كان هادرا ويستشيط غضبا ، وصل إلى بتروغراد ، أحد الأمريكيين " ميجور Le majeur " يدعى رايموند روبنس ، مكلف بمهمة سرية ذات أهمية قصوى . رسميا كان مسافرا كمساعد قائد للصليب الأحمر الأمريكي . لكن في الواقع كان منتميا لمصالح الاستخبارات في الجيش الأمريكي . مهمته السرية تتمثل في المساعدة على الحفاظ على استمرار موقع روسيا في الحرب ضد ألمانيا.
الوضع على الجبهة الشرقية كان ميؤوسا منه . الجيش الروسي ، بتجهيزاته البئيسة و قيادته السيئة ، كان قد تقطعت أوصاله وتمزق إلى خرق وتفككت خطوطه من طرف الألمان . منهوكا ومهزوز المعنويات نتيجة الحرب ومنخورا من الداخل ، النظام الإقطاعي القيصري أصبح مترنحا ومنهارا .
في مارس 1917 ، القيصر نيكولا الثاني قدم تنازلا وتم تشكيل الحكومة المؤقتة . كلمة السر الثورية :" الخبز ، السلم والأرض !" ترددت في كل البلاد ، موجزة كل الطموحات القديمة والآمال في تلك اللحظة لملايين الروس الفقراء ، المجوعين والمنهوكين بالحرب .
حلفاء روسيا ، بريطانيا العظمى ، فرنسا والولايات المتحدة ، كانوا يخشون من أن يترك الجيش الروسي الحرب في أي لحظة ، مليون جندي ألماني يستطيعون على حين غرة أن يسحبوا من الجهة الشرقية ويرمون في الجبهة الغربية ضد قوات الحلفاء المنهكة . فكرة أن القمح الأوكراني ، فحم الدونيتز ، نفط القوقاز وباقي المصادر الأخرى اللامحدودة للأرض الروسية ، ستسقط في المخالب الجارحة للامبريالية الألمانية ، كانت كذلك تنذر بأوخم المخاطر .
الحلفاء يجاهدون أنفسهم بشكل يائس على إبقاء روسيا في الحرب ، على الأقل إلى حين أن يتمكن الإسناد الأمريكي من الوصول إلى الجبهة الغربية . الميجور روبنس Le majeur Robins كان واحدا من العديد من ضباط مصالح الاستخبارات ، دبلوماسي وعسكري في نفس الوقت ، الذين تم الاسراع ببعثهم إلى بتروغراد من أجل محاولة فعل المستحيل لأجل الإبقاء على روسيا في الحرب...
عمره كان 43 سنة ، له طاقة غير محدودة ، لامع وفصيح جدا وله هيبة شخصية ، بشعره الأسود ، ووجه يشبه النسر ، رايموند روبنس كان شخصية متميزة ، معروف جيدا لدى الرأي العام الأمريكي . لقد ترك وضعا متألقا في ميدان الأعمال في شيكاغو لكي يكرس نفسه للعمل الخيري والإجتماعي . سياسيا كان منتميا لحزب روزفيلت . وقد لعب دورا على مستوى عالي في حملته الإنتخابية المثيرة لعام 1912 ، حيث بطلها ، ثيودور روزفيلت ، حاول جلبه معه إلى البيت البيض لمساعدته في مجال المالية أو في الماكينة السياسية . روبنس كان " مناضلا " ليبراليا ، مقاتل لا يتعب وحركي بالنسبة لكل قضايا مواجهة "الرجعية" .
ـ ماذا ، رايموند روبنس؟ هذا رجل روزفيلت؟ ماذا لديه ليفعله هنا؟
هكذا تساءل الكولونيل ويليام طومسون ، قائد الصليب الأحمر الأمريكي في روسيا ، عندما علم بأن روبنس أرسل إليه كنائب له . الكولونيل طومسون كان جمهوريا وانتهازيا . كانت له بشكل شخصي مصالح مهمة داخل عالم الأعمال بروسيا ، داخل مناجم النحاس والمنغنيز . لكن الكولونيل طومسون كان كذلك ملاحظا واقعيا ويتميز بنظرة ثاقبة . لقد كان له رأي من قبل ، بصفة خاصة ، بأنهم لن يربحوا شيئا نتيجة الطريقة المحافظة التي يتعامل بها القادة الرسميون في الإدارة الأمريكية اتجاه الأوضاع المضطربة في روسيا .
دافيد فرانسيس ، السفير الأمريكي في روسيا في تلك الحقبة ، كان بنكيا عجوزا في سانت لويس ، عنيد ولاعب بوكر كبير وكان من قبل رئيس حكومة محافظة ميسوري . كون صورة غريبة عن نفسه في الأجواء الساخنة ببتروغراد الثائرة ، بشعره الأبيض وياقات قمصانه الكبيرة تبعا للموضة القديمة وملابسه السوداء .
العجوز فرانسيس ، كما قال أحد الدبلوماسيين البريطانيين ، لا يفرق بين الجندي الثائر وحبة البطاطس !.
لكن جهل فرانسيس بما يتعلق بالسياسة في روسيا ، لم يفعل سوى في تقوية علاقاته وانطباعاته الغير مفهومة التي كان السفير الأمريكي في بتروغراد يقوم بها ، والتي كانت تدور حولها عموما دردشات الجنرالات والمليونيرات القياصرة . فرانسيس صرح إذن بأن كل الثورة الروسية كانت نتيجة لمؤامرة ألمانية وبأن جميع الثوريين الروس كانوا أناسا من الخارج (غرباء). في جميع الأحوال ، كان يعتقد بأن كل تلك المسائل ستتم تصفيتها سريعا .
في 21 أبريل 1917 ، السفير فرانسيس بعث برقية سرية إلى روبير لانسن وزير الخارجية الأمريكي تقول : " الاشتراكي المتطرف أو الفوضوي المسمى لينين يلقي خطابات عنيفة مدعما عبرها الحكومة ، الغرض بتركنا له مجالا رحبا ، فيتم ترحيله في الوقت المناسب ".
لكن الثورة الروسية كانت أبعد من أن تهدأ بعد قلب القيصر ، بل كانت فقط في مرحلة بدايتها . الجيش الروسي ذاب وتبخر ولا أحد في روسيا قد يستطيع الوقوف ضد ذلك . ألكسندر كرينسكي ، الطموح ، الوزير الأول في الحكومة الانتقالية ، قام بجولات في الجبهة الشرقية مصرحا بخطابات براقة أمام الجنود حيث أكد لهم بأن " النصر ، الديمقراطية والسلم " كان بمتناول اليد . بدون أدنى تأثر من الجنود الروس الجائعين والثائرين والمستمرين في الهروب من الخدمة العسكرية بعشرات الآلاف . بملابسهم الخشنة والرثة ، موجاتهم تنتشر بما لا نهاية داخل القرى والحقول الغارقة بالأوحال بفعل الأمطار، على طول الطرق والممرات ، داخل المداشر والمدن (2) .
في الخلف ، الجنود الروس ، أثناء عودتهم إلى بلدهم ، يلتقون بالعمال والفلاحين الثوريين . في كل مكان ، الجنود ، العمال والفلاحون يشكلون لجانا ثورية ، أو السوفييتات ، كما يسمونها ، وينتخبون ممثليهم لكي يسمعوا كلمات السر "السلم الخبز والأرض "، إلى الهيئة العامة للحكومة في بتروغراد .
عند وصول الميجور (القائد) رايموند روبنس إلى بتروغراد ، كانت البلاد غارقة بموجات من الفقراء اليائسين والجائعين . داخل العاصمة يمر ممثلون عن الجنود بدون توقف وعبر صفوف مستقيمة ، آتية من الخنادق الموحلة من جبهة القتال معلنة عن نهاية الحرب . خواطر أو إشاعات تفبرك نتيجة الجوع تقريبا كل يوم . حزب لينين البلشفي ، منظمة الشيوعيين الروس التي صرخ كيرنسكي بكونها غير قانونية والتي تصمد ، سريا، و تزداد بسرعة قوة وتعاطفا.
رايموند روبنس رفض أخذ محمل الجد أفكار السفير فرانسيس وأصدقائه القيصريين حول روسيا. لقد خسر بعض الوقت داخل صالونات بتروغراد ثم ارتمى في " البادية " حسب تعبيراته ، كي ينظر للوضع مرأى العين . روبنس اعتقد عاطفيا بما أسماه " عقل الشارع، هذه المسألة كانت مشتركة في أمريكا عند رجال الأعمال الناجحين ، حالة العمل لا تستند على المناكفات ، لكل من يبحث بثبات على إدراك الوقائع " . كان يسافر في البلاد، يزور المعامل ، يحضر الاجتماعات النقابية ، يدخل إلى المواقع والثكنات العسكرية وذهب أيضا إلى الخنادق الممتلئة بالفئران بالجبهة الشرقية . لكي يرى ما يحدث في روسيا ، روبنس اختلط بالشعب الروسي .
هذه السنة ، روسيا كانت تشبه مؤتمرا ضخما جدا ومشتعلا . بعد عقود من الصمت القسري ، الشعب في الأخير حرر لسانه . في كل مكان كانت تعقد اللقاءات والندوات . الكل يتكلم . رجالات الحكومة ، المحرضون القريبون من : الحلفاء ، البلاشفة ، الفوضويون ، الاشتراكيون الثوريون ، المناشفة ، الجميع يتكلم في نفس الوقت . البلاشفة كانوا المتكلمين الأكثر شعبية ، والجنود والقرويون يرددون ما يقوله البلاشفة .
ـ " أروني لماذا علي أن أحارب ؟ يتساءل جندي روسي في أحد الندوات الجماهيرية الملتهبة . هل من أجل كوسطنطينوبل أو من أجل روسيا حرة ؟ هل من أجل الديمقراطية ، أو من أجل المقامرين الرأسماليين ؟ إذا استطعتم أن تثبتوا لي بأني سأدافع عن الثورة ، إذن سأذهب إلى الحرب بدون أن تكونوا في حاجة إلى تهديدي بحكم الإعدام . عندما تكون الأرض للفلاحين ، المعامل للعمال ، و السلطة للسوفييتات ، عندئد سنعرف بأنه عندنا شيء ندافع عنه ، وسنقاتل من أجله !"
روبنس كان من بعض الجوانب ، شخصية قريبة من هذا الجو من النقاشات . في أمريكا ، كان يناقش من حين لآخر مع ماركسيين أمريكيين ، لما لا يناقش مع البلاشفة الروس ؟. وفي العديد من الأحيان ، روبنس كان يطلب الإذن للرد على المتحدثين ، امام الجماهير الغفيرة . داخل المعامل وداخل الخنادق ، الأمريكي ذو الكتفين العريضين والعينين السوداويين كان يقف ويتكلم . في المنتديات الروسية ، كان يوضح ويستعرض ماهية الديمقراطية الأمريكية ومخاطر العسكراتية الروسية . بدون أن تحدث تغييرا ، تصفيقات حارة حيت خطاباته .
وفي نفس الوقت ، روبنس لم يهمل عمله في الصليب الأحمر . عليه إيجاد مؤن للمدن المصابة بالمجاعة . نازلا من الفولغا ، وجد مخزونا ضخما من القمح التالف (أو القريب من التلف) داخل المستودعات . هذا القمح ترك هناك لانعدام وسائل المواصلات . تحت نظام عاجز للقيصر ، جميع وسائل النقل كانت محطمة و كيرينسكي لم يعمل شيئا لتجاوز الوضع . روبنس اقترح تهيئ زوارق لنقل القمح عبر النهر. موظفو حكومة كيرنسكي أخبروه أن ذلك غير ممكن . أحد القرويين جاء لرؤية روبنس ، عرف عن نفسه بكونه : كان رئيسا لإحدى سوفييتات الفلاحين بالمنطقة . أخبره أنه سيجد هذه الزوارق . وفي الغد صباحا ، بدأ القمح ينتقل من الفولغا نحو موسكو وبتروغراد . في كل مكان ، روبنس وجد أدلة متطابقة على فساد وعجز حكومة كيرنسكي ، المعارضة لتنظيم وإقامة السوفييتات الثورية . عندما يقول رئيس السوفييتات بأنه يعمل هذا الشيء . فإن ذلك الشيء سينجز .
أول مرة سيذهب فيها روبنس إلى قرية روسية وسيطلب فيها مقابلة السلطات المحلية الرسمية . القرويون بدأوا بالضحك . " سيكون من الأفضل رؤية رئيس السوفييت كما قالوا له ".
ـ ماذا يعني هذا السوفييت ؟ سأل روبنس .
ـ مجلس نواب العمال ، الجنود والفلاحين .
ـ لكن ، إنها شكل تنظيمي ثوري ، يحتج روبنس . أريد مقابلة السلطات المدنية الشرعية / القانونية .
القرويون يضحكون مجددا :" آه ! إنها لا تعني شيئا . سيكون من الأفضل لك مقابلة رئيس السوفييت !".
عند عودته إلى بتروغراد ، بعد رحلته التفقدية ، روبنس رفع تقريره الأول إلى الكولونيل طومسون .
" الحكومة الانتقالية لكيرنسكي ، يقول ، هي شكل لجهاز بيروقراطي ، مفروض من القمة ومدعوم بالحراب والبنادق في بتروغراد وموسكو وفي المدن الأخرى ". الحكومة الحقيقية للبلد هي تلك التي تمارس من طرف السوفييتات . لكن كيرنسكي كان مع متابعة الحرب ضد ألمانيا ، ولهذا السبب روبنس فكر بأنه يجب أن يبقى في السلطة . إذا كان للحلفاء مصلحة في إبعاد روسيا من ظلمات الضربة القاضية التامة والسقوط تبعا لذلك تحت الهيمنة الألمانية ، يجب أن يمارسوا كل تأثيرهم لإرغام كيرنسكي على الاعتراف بالسوفييتات والتشارك معها .
حكومة الولايات المتحدة يجب أن تكون متحسبة ومحتاطة بشكل كامل من الوقائع قبل فوات الأوان . روبنس قدم اقتراحا جليلا بعد ذلك : يجب القيام حالا بحملة ضخمة للبروباغندا لإقناع الشعب الروسي بأن ألمانيا تشكل الخطر الحقيقي الذي يهدد ثورته . بشكل مفاجئ لروبنس ، الكولونيل طومسون أعلن بدون تحفظ موافقته على تقريره ومقترحاته . لقد أخبره بأنه سيتصل بواشنطن للتأكيد على برنامجه / مخططه لحملة البروباغندا ويطلب الموافقة عليها ثم تخصيص ميزانية لوضعها موضع التنفيذ . في انتظار الجواب ، ولأن الوقت كان ثمينا ، روبنس كان عليه التهييء لما بعد الموافقة.
ـ لكن أين سنضع هذه الأموال ؟ يسأل روبنس .
ـ سأضع مليونا في جيبي ، يقول الكولونيل طومسون .
روبنس كان لديه تصريح بسحب أضعاف المبلغ من الحساب الشخصي للكولونيل في بتروغراد . قبل كل شيء ، يضيف طومسون ، يجب ضمان مواصلة الحرب من طرف الجيش الروسي على الجبهة الغربية ومنع الألمان من دخول روسيا .
من جهة أخرى ، الكولونيل طومسون أصبح جد مقتنع بالمخاطر التي يقوم بها جراء تدخله بشكل شخصي ومتزايد في الشؤون الروسية.
ـ هل تعلم ماذا يعني هذا روبينس ؟ يقول طومسون .
ـ أعتقد أن هذا يعني بأنه أملنا الوحيد لإنقاذ الوضع ، كولونيل ، يجيب روبنس .
ـ لا ، أريد القول : هل تعلم ماذا يعني هذا بالنسبة لك؟
ـ ماذا يعني؟
ـ هذا الأمر يعني أنه إن فشلنا ، ستعدم بالرصاص.
روبنس رافعا كتفيه :" رجال أحسن وأصغر منا يموتون كل يوم على الجبهة الغربية ". أضاف روبنس بعد لحظة صمت :
ـ إذا أعدمت بالرصاص ، أنت كولونيل ، ستشنق .
ـ لن أستعجب أو أفاجأ إن كان كلامك محقا، علق الكولونيل روبنس .

2ـ الثورة المضادة:

بالرغم من أن رياح الخريف الرطبة والباردة ، تعصف من بحر البلطيق ومن السحب المنخفضة المحملة بالأمطار تظلم سماء المدينة، فإن الأحداث تتسارع في بتروغراد.
شاحب لونه وعصبي ، لابسا هندامه الكاكي المعتاد ، المملوء بالأزرار حتى الأعلى ، عايناه لامعتان ويده اليمنى متينة مثبتة على طريقة نابليون، ألكسندر كيرينسكي، رئيس الحكومة الموقتة، يمشي على طول وعرض مكتبه في قصر الشتاء.
ـ ماذا ينتظرون مني؟ يصرخ كيرينسكي متوجها إلى رايموند روبنس . في نصف الوقت ، يجب أن أتحدث بكلام الليبرالية في أوربا الغربية، لكي أعجب الحلفاء، وما تبقى من الوقت يجب أن أتكلم بحديث الاشتراكية الروسية، إدا أردت أن أنقذ حياتي.
كيرينسكي كان على حق في أن يكون قلقا . خلف ظهره ، المدافعون الرئيسيون عنه ، المليونيرات الروس وحلفائه الانجليز والفرنسيين تآمروا عليه من قبل لإبعاده عن السلطة.
المليونيرات الروس هددوا علانية بدعوة الألمان ، إذا إنجلترا وفرنسا رفضتا التدخل والعمل على وقف الثورة.
" الثورة هي مرض ، صرح ليانوزوف " روكفيلر روسيا " ، إلى الصحافي الأمريكي جون ريد. طال الزمن أو قصر القوى الأجنبية سوف يضطرون للتدخل، مثلما نضطر لعلاج طفل مريض وتعليمه المشي".
مليونير روسي آخر ، ريابوشينسكي ، صرح بأن الحل الوحيد كان هو : "عزل أصدقاء الشعب المزيفين، هؤلاء السوفييتيين (أنصار السوفييتات) واللجنة الديمقراطية، وإعدامهم شنقا !".
السيد سامويل ، رئيس المصلحة الديبلوماسية الديبلوماسية الذكية britanique Intelligenece Service diplomatique(ISPR) ، في روسيا ، كانت له محادثات مع هؤلاء الميليونيرات الروس قبل ذهابه إلى لندن ، لكي يوصل خلاصاته إلى هناك، بأن الديكتاتورية العسكرية أحسن حل للمشكل في روسيا. حسب هون HOME ، أحسن المرشحين لمنصب ديكتاتور روسيا كان الأميرال كولتشاك ، الذي يقول هوم، كان من بين كل من عرفهم الأقرب إلى " النبيل الإنجليزي gentleman anglais" ، والجنرال كورنيلوف القائد القوزاقي في الجيش الروسي السريع الغضب.
الحكومتين الإنجليزية والفرنسية قررتا دعم وإسناد الجنرال كورنيلوف. كان الرجل الذي يمتلك الطاقة والحيوية والذي سيحافظ على موقع روسيا داخل الحرب، وسيعدم الثورة ويحمي الاستثمارات المالية الإنجليزية والفرنسية في روسيا. عندما توصل ، روبنس بهذا القرار ، أحس بأن الحلفاء ارتكبوا خطأ جسيما : إنهم لم يفهموا مشاعر الشعب الروسي وأنهم مارسوا ببساطة نفس لعبة البلاشفة الذين تنبأوا منذ البداية بكون حكومة كيرينسكي ستصبح الواجهة المتقدمة التي خلفها تستعد الثورة المضادة بسكل سري. الملحق العسكري البريطاني، الماجور العام ألفريد كنوكس ورئيس البعثة العسكرية البريطانية في بتروغراد استعطفوا روبنس فجاة بان يغلق فمه.
المحاولة الإنقلابية انطلقت في صباح 8 شتنبر 1917 . في البداية إعلان من كورنيلوف، بصفته رئيس أركان الجيش ، دعا إلى قلب الحكومة الإنتقالية وإلى إحلال " النظام والانضباط " . آلاف المناشير تتوج وتصف كورنيلوف كبطل لروسيا، جابت شوارع موسكو وبتروغراد. في كتابه "الكارثة" الذي ظهر بعد ذلك بسنوات ، كيرينسكي اعترف بأن " هذه المنشورات طبعت على نفقة البعثة العسكرية البريطانية وحملت إلى موسكو من السفارة البريطانية في بتروغراد عبر القطار داخل مقطورة الجنرال كنوكس ، الملحق العسكري البريطاني ". بعد ذلك أعطى كورنيلوف أوامره إلى 20 ألف رجل بالسير فوق بتروغراد. ضباط فرنسيين وإنجليز ببذل روسية ساروا مع جنود كورنيلوف.
كيرينسكي مرعوبا ومذعورا نتيجة هذه الخيانة. لقد تمت تحيته وكرمه في باريس ووصفوه بكونه " رجلا ديمقراطيا عظيما" ووصفوه ك " بطل الجماهير الروسية" . في حين هنا ، ممثلوا الحلفاء يحاولون قلبه ! لقد كان يطلب يائسا ماذا أفعل وهم لا يفعلون شيئا.
سوفييت بتروغراد الذي يسيطر عليه البلاشفة ، بمبادرة خاصة منه، دعا إلى تحرك فوري. ودعا العمال المسلحين إلى الالتحاق بجنود البحرية الثوريين بأسطول بحر البلطيق وبالجنود في الجبهة . عمال بقبعاتهم وببستراتهم الجلدية ، مسلحون ، مستعدون ومتأهبون وسط الأزقة وشوارع المدينة . لقد تم تحريك قطع المدفعية والرشاشات . الحرس الأحمر ، عمال بقبعاتهم وببستراتهم الجلدية ، مسلحون بالبنادق والقنابل اليدوية (غروناد) في أيديهم، يقومون بدوريات في الضواحي الموحلة .
بعد أربعة أيام ، جيش كورنيلوف تراجع . الجنرال نفسه ألقي عليه القبض من طرف لجنة الجنود التي تم تشكيلها بسرية تامة داخل جيشه بالذات، حوالي 40 جنرال تابعين للنظام القديم، من الذين كانوا متورطين في مؤامرة كورنيلوف تمت محاصرتهم منذ البداية أي في فترة بعد الزوال من بداية المؤامرة ، داخل فندق أستوريا Astiria حيث كانوا ينتظرون أخبار نجاح كورنيلوف. وزير الحرب ونائب كرينسكي ، بونيس سافينكوف ، تم اصطياده من مكتبه من طرف الغاضبين وسط الحشد بسبب مشاركته في الانقلاب. الحكومة المؤقتة أضحت دعاماتها مترنحة ومرتجفة .
الانقلاب كانت له بشكل دقيق كنتائج ، الشيء الذي أريد منه إبعاده، أي أتى بالنتيجة المعاكسة أو الضدية لأهدافه : نصر للبلاشفة وبرهنة على قوة السوفييتات.
لقد كانت السوفييتات وليس كرينسكي من لهم السلطة الفعلية في بتروغراد.
" القوة المتصاعدة للسوفييتات ، يقول روبنس، نجحت في هذه العملية ، بدون أي عنف..إنها قدرتهم وسلطتهم هي من هزمت كورنيلوف".
السفير فرانسيس ، من جهة أخرى، بعث برقية الى وزارة الخارجية في الولايات المتحدة :" فشل ذريع لكورنيلوف ، نصائح سيئة ، معلومات سيئة ، وسائل ومنهجية غير نظيفة وغير مناسبة، جنود جيدين وطنيين لكن تنقصهم الخبرة . حكومة مرعوبة جدا، تستطيع الاستفادة من الدرس".

3 ـ الثورة:

الأحداث تتسارع الآن بسرعة الضوء. ما زال في السرية ، لينين أعطى للثورة كلمة سر جديدة :" كل السلطة للسوفييتات ، لتسقط الحكومة المؤقتة".
7 أكتوبر ، الكولونيل طومسون ، قلق ، بعث برقية إلى واشنطن :" البلاشفة يبحثون الآن على السيطرة على مؤتمر عموم روسيا لسوفييتات العمال والجنود المدعوين للاجتماع هنا في هذا الشهر. إذا نجحوا سيؤسسون حكومة جديدة . النتائج كارثية قد تصل ربما إلى عقد صلح منفرد . لنستعمل كل الوسائل لكن يجب أن نحصل على مساعدة آنية ، وإلا كل الجهود ستكون متأخرة جدا".
في 3 نونبر، عقد إجتماع سري للقيادة العسكرية للحلفاء بروسيا في مكتب الكولونيل طومسون : ماذا يتوجب علينا فعله لإيقاف البلاشفة ؟. الجنرال نييسيل ، قائد البعثة العسكرية الفرنسية ، هاجم بحدة الحكومة المؤقتة لعجزها ووصف الجنود الروس ب " الكلاب الصفراء" ، ما دفع أحد الجنرالات الروس إلى مغادرة القاعة محمرا وجهه من الغضب.
الجنرال كنوكس آخذ على الأمريكيين عدم دعمهم لكورنيلوف.
هذا لا يهمني في مؤاخذة كرينسكي وحكومته الإنتقالية، موجها كلامه إلى روبنس. إنه غير مؤهل وعاجز وسلبي جدا . كان عليكم الوقوف مع كورنيلوف.
ـ طيب ، جنرال، أجاب روبنس ، لقد كنت مع كورنيلوف !
الجنرال الإنجليزي احمر وجهه :" الشيء الوحيد الممكن في روسيا ، هي ديكتاتورية عسكرية ، يقول الجنرال الإنجليزي . هؤلاء الناس يحتاجون إلى فزاعة تخيفهم !
ـ جنرال ، يقول روبنس، تستطيع ان تجد نفسك في الحال في حضرة ديكتاتورية من نوع آخر.
ـ هل تفكر في هذه العصابة من البلاشفة ؟
ـ نعم ، في هؤلاء أفكر .
ـ روبنس ، قال الجنرال كنوكس، أنت لست عسكريا ولا تفهم شيئا في الأمور العسكرية. العسكريون يعرفون كيف يتصرفون مع بشر من هذه الشاكلة: نصطادهم ونرميهم بالبنادق !.
ـ نعم إن وصلنا إليهم ! أقبل ، جنرال ، بأني لا افقه شيئا في الأمور العسكرية ، لكني أفقه في المسائل الجماهيرية: لقد عملت مع الشعب طيلة حياتي. لقد رأيت ما يجري في روسيا ، وأعتقد أننا أمام مسألة متعلقة بالجماهير.
في 7 نونبر 1917 ، أربعة ايام بعد هذا الاجتماع ، البلاشفة أخدوا السلطة في روسيا.
الثورة الروسية التي أشعلت العالم نتجت بشكل غريب وتقريبا بصورة تدريجية في البداية غير محسوسة . إنها الثورة الأكثر سلمية في التاريخ . بعض العصابات المشكلة من الجنود ومن بعض البحارة يتسكعون بشكل فجائي في شوارع المدينة. كانت هناك بعض الطلقات النارية من حين لآخر مبعثرة ومتفرقة ، رجال ونساء اجتمعوا وسط الشوارع ، يناقشون ويلوحون بأيديهم ، يقرؤون آخر النداءات . الإشاعات المتناقضة ،والتي اصبحت عادة، تنتقل من مكان إلى آخر. "الترام les trams" تصعد وتنزل بشارع نيفيسكي Nevski . المسيرون ذهبوا إلى المخازن . جرائد المحافظين في بتروغراد التي صدرت في هذا اليوم نفسه كما العادة لم تشر حتى إلى أن هناك ثورة بدأت في التشكل.
تقريبا بدون معارضة ، البلاشفة احتلوا مراكز الهاتف والبرق ، بنك الدولة والوزارات. قصر الخريف ، مقر الحكومة الانتقالية لكيرنسكي، تم تطويقه ومحاصرته.
كيرنسكي هرب خلال فترة بعد الزوال ، في سيارة للسفير الأمريكي وترفع العلم الأمريكي . في لحظة ذهابه ، أرسل بسرعة كلمة إلى السفير فرانسيس قال فيها أنه سيعود مع وحدات من الجيش في الجبهة وسوف " ينهي المسألة في أربعة أيام". على الساعة السادسة مساء ، السفير فرانسيس بعث برقية إلى وزير الخارجية لانسين :" البلاشفة يظهر أنهم سيطروا على كل شيء هنا ، لم أستطع معرفة مكان تواجد الوزراء".
حوالي منتصف هذه الليلة الباردة والرطبة، شاحنات تجوب الشوارع الموحلة ، تقوم بتفقد دوري ومنتظم لمراكز الحراس ، المقامة في تقاطعات الشوارع، المتحلقين حول مباخرأو مواقد الجمر. بعض هذه الشاحنات كانت ترمي مناشير كتب عليها :" إلى مواطني روسيا :
الحكومة الانتقالية أزيلت : السلطة انتقلت إلى أيدي اللجنة العسكرية الثورية، وهي مؤسسة ضمن سوفييتات مندوبي العمال والجنود ببتروغراد ، الذي يقود البروليتاريا وحامية بتروغراد.
الهدف الذي من أجله كافح وناضل الشعب : اقتراح فوري لعقد صلح ديمقراطي ، إلغاء الملكية العقارية الكبيرة ، تشكيل حكومة سوفياتية، هذه القضية تم إنجازها بنجاح.
عاشت ثورة الجنود والعمال والفلاحين !
لجنة الجنود الثورية ضمن سوفييتات مندوبي العمال الجنود ببتروغراد",
المئات من الحرس الأحمر ومن الجنود اجتمعوا ككتل متراصة حوالي قصر الخريف ،اللامع بالأضواء، آخر معاقل الحكومة الانتقالية المنهارة : فجأة ، الكتلة بدأت في الحركة ، اجتاحت ساحة القصر ، قفزت من فوق الحواجز ودخلت قصر الخريف. وزراء كرينسكي السابقين ألقي عليهم القبض في الصالة في الصالة الكبرى المزركشة بالديكورات حيث حوصروا طوال النهار حول مائدة كبيرة. المائدة كانت مليئة بالأوراق ، كل ما تبقى من النداءات التي لم تتوقف مطلقا والتي تبتدئ بهذه العبارة :" الحكومة الإنتقالية تتوجه إلى جميع طبقات البلاد لدعم الحكومة الانتقالية.."
في 10H45 من ليلة 7 نونبر 1917 ، بدأ مؤتمر عموم روسيا لسوفييتات مندوبي العمال والجنود جلسته الافتتاحية في صالة الاستقبال الكبرى بمعهد سمولني الذي كان من قبل أكاديمية خاصة ببنات أو فتيات الأرستقراطية القيصرية. القاعة الضخمة ، كانت مملوءة بالدخان، بأعمدتها الرخامية ، الشمعدان أبيض، وأرضيتها الخشبية المزركشة ، أصبحت الآن ملجئا للممثلين المنتخبين لجنود وعمال روسيا . متسخون وبلحي غير حليقة ، متعبون جدا ، مندوبو المؤتمر عن الجنود ما زال وحل الخنادق على بذلهم العسكرية ، العمال بقبعاتهم casquette وستراتهم الجلدية السوداء ، جنود من البحرية بثياب من " الجيرزي" مخططة يضعون على رؤوسهم قبعات دائرية من الصوف béret ، يستمعون بإمعان لأعضاء اللجنة المركزية التنفيذية الذين يصعدون بالتتابع إلى المنصة. المؤتمر دام ليومين . في مساء اليوم الثاني ، صعد رجل قصير القامة ـ مستقيم داخل سترة مجعدة " مكمشة " veste fripée ـ إلى المنصة ، جبينه كبير ولامع ، بين يديه حزمة من الأوراق ، هتاف عام وحماسي كان في استقباله.
الهتاف والترحيب دام لعدة دقائق ، عندئذ انحنى بخفة إلى الأمام ، المتحدث قال :" سننتقل اللآن إلى البدء في تشييد النظام L’ordre الاشتراكي " . المتحدث كان لينين .
المؤتمر اختتم بتشكيل أول حكومة سوفياتية ، أو لجنة ممثلي الشعب ، برئاسة : فلاديمير إيليتش لينين.

4 ـ لا إعتراف :

في الغد ، السفير فرانسيس بعث إلى صديقه مادين سامر ، القنصل العام الأمريكي في موسكو ، ملاحظة يقول فيها :" نقول بأن سوفييتات العمال والجنود في بتروغراد قد شكلوا حكومة برئاسة لينين ، تروتسكي وزيرا للشؤون الخارجية ، والسيدة أو الآنسة كولونتاي ، وزيرة للتربية ، شيء مقزز ! لكن آمل أن نبدل الجهد اللازم لإنهاء هذه الوضعية السخيفة، كلما أسرعنا في إنهاء هذا كلما كان العلاج سريعا ".
السفير الأمريكي بعث برقية إلى واشنطن جاء فيها بحسب رأيه أن النظام السوفياتي الجديد ليست سوى مسألة أيام . لقد أصر على وزارة الخارجية بعدم الاعتراف بالحكومة الجديدة ، ما دام البلاشفة لم يزاحوا ولم يعوضوا ب " وطنيين " روس..
في نفس الصبيحة ، رايموند روبنس، دخل إلى مكتب الكولونيل طومسون ، في إدارة الصليب الأحمر الأمريكي في بتروغراد :
" كولونيل، يقول روبنس، يجب أن نتصرف بسرعة ، فكرة ان كرينسكي قد يستطيع جمع جيش من مكان ما ، أو أن القوقازيين سيأتون بهدايا ، أو أن الحرس الأبيض بفيلاندا ، هو ضرب من الجنون . لن يستطيعوا الوصول على هنا بالمطلق. سيجدون في طريقهم العديد من الفلاحين المسلحين . لا ، هذه المجموعة التي دخلت للتو إلى المسرح بمعهد سمولني ستبقى في أماكنها لمدة معينة من الوقت !".
روبنس طلب من رئيسه السماح له بالذهاب إلى سمولني وبمحاورة لينين. " على الأرجح ، هم أناس شرفاء ولديهم قيم " قال روبنس متحدثا عن البلاشفة . قبل الجواب ، طومسون كشف لروبنس عن الأمر الذي وصله للتو من واشنطن والقاضي بسحبه إلى الولايات المتحدتة من أجل التشاور . فيما يخصه هو ، فقد كان مع نفس فكرة روبنس: البلاشفة يمثلون فعليا وجيدا الجماهير الشعبية الروسية وعندما يصل إلى الولايات المتحدة ، سيجد نفسه من أجل إقناع وزارة الخارجية بذلك. في الانتظار ، روبنس موعودا برتبة كولونيل ، أصبح رئيسا لبعثة الصليب الحمر الأمريكي في روسيا . الكولونيل طومسون مد يده مصافحا نائبه السابق ، متمنيا له حظا موفقا...
روبنس لا يضيع وقتا . لقد ذهب رأسا إلى سمولني وطلب الحديث مع لينين.
ـ لقد كنت مع بقاء كرينسكي ، قال روبنس بصراحة ، لكني أقر بالخطأ ، عندما وجدت نفسي أمام جثة ، وأعتبر أن الحكومة الانتقالية كميتة. أريد معرفة إن كان الصليب الأحمر الأمريكي يستطيع أن يكون مفيدا للشعب الروسي بدون أن يعكر ذلك مصالحنا القومية . لست متفقا مع مع برنامجكم في الداخل ، لكن المسائل الداخلية في روسيا لا تهمني . أكان كورنيلوف أو القيصر أو أي شخص آخر في السلطة ، فسأتكلم معه بنفس الطريقة .
لينين أظهر في الحال إعجابا مع هذا الأمريكي الصريح والديناميكي ، وحاول شرح خصائص النظام الجديد لروبنس:
ـ يقولون أني ديكتاتور ، يقول لينين ، أنا فعلا ديكتاتور في هذه اللحظة . أنا ديكتاتور بمقياس وبالقدر الذي أستند فيه على رغبة وإرادة جماهير العمال والفلاحين. إذا توقفت عن فعل ما يريدونه ، فسيزيلوني من السلطة ، وسأكون ضعيفا مثل القيصر . فيما يتعلق بالأوجه الاقتصادية للنظام السوفياتي ، ليني واصل :" سنرفع تحديا إلى العالم بخلق جمهورية للعمال ، لن ينتمي إلى السوفييتات أولئك الذين يستحوذون على مخزونات ولديه أسهم ، أولئك الذين يملكون . للانتماء إلى السوفييتات يجب أن تكون عاملا ، حوض الدونيتس للفحم سيمثل من طرف منجميين ، السكك الحديدية بعمال في السكك الحديدية ، مصلحة البريد بعمال البريد..وهكذا.
لينين عرض على روبنس فقرة أخرى أساسية من برنامج البلاشفة :" حل المسألة الوطنية" . في ظل النظام القيصري ، اختلاف الجماعات وتنوعها وتعددها القومي في روسيا كانت مسحوقة ومضطهدة وتحولت إلى شعوب مستعبدة " . كل هذا يجب ان يتغير ، يقول لينين . معاداة السامية وجميع الأحكام المسبقة الأخرى البدائية المماثلة التي استغلتها القيصرية لإخضاع مختلف الجماعات القومية ، ومعاداة بعضها البعض يجب ان تكنس . جميع القوميات والأقليات الوطنية لروسيا سوف تتحرر كليا، ستكون لهم حقوق متساوية وستتمتع بحكم ذاتي على المستويين الاقليمي والثقافي ". لينين قال لروبنس بأن الرجل الذي يمكن أن يتحمل مسؤولية حل هذا المشكل المعقد وعلى درجة أولى من الأهمية كان أحد البلاشفة الذي له سلطة القرار في كل ما يتعلق بالمسألة الوطنية والقومية ، هو جوزيف ستالين (3).
روبنس طلب من لينين معرفة أية شروط أن شروط يمكن أخدها بعين الاعتبار لكي تواصل روسيا الحرب ضد ألمانيا.
لينين أجاب بكل صراحة أن روسيا قد توقفت أصلا عن القتال. روسيا لا تستطيع مواجهة ألمانيا ما دام جيشها الجديد ، الجيش الأحمر لم يتشكل بعد . هذا سيأخذ وقتا . كل البنيات المحطمة والمتفسخة في الصناعة والنقل الروسيين يجب إعادة تنظيمها رأسا على عقب.
الحكومة السوفياتية ، يواصل لينين، تريد ان يعترف بها من طرف الولايات المتحدة وتبحث عن صداقتها". لم يتجاهل الأحكام المسبقة التي يتم نشرها وزرعها داخل الأوساط الرسمية ضد نظامه وعرض على روبنس برنامج حد أدنى للتعاون : في مقابل مساعدة تقنية تقدم من طرف الأمريكيين ، الحكومة الروسية ستتكفل باستعادة كل الأجهزة والمعدات الحربية في الجبهة الشرقية ، وبهذا سنتجنب وقوعها بين ايدي الألمان.
روبنس عرض على الجنرال جادسون ، الملحق العسكري الأمريكي الذي يقود البعثة العسكرية الأمريكية في روسيا ،مقترحات لينين، وقد زار الجنرال جادسون سمولني من أجل التدقيق في تفاصيل الاتفاق . جادسون كان له طلب إظافي يتعلق ب : مئات الآلاف من أسرى الحرب الألمان والموجودون بين أيدي الروس، طلب عدم إعادتهم إلى وطنهم قبل نهاية الحرب . لينين وافق على الطلب.
الجنرال جادسون أخبر بسرعة السفير فرانسيس ب
أنه سيكون من مصلحة الولايات المتحدة الاعتراف بالحكومة السوفياتية.
" الحكومة السوفياتية هي حكومة أفعال ووقائع ، يجب الحفاظ على علاقات معها" يقول جادسون.
لكن السفير كان له رأي آخر وقد سبق ان بعث به إلى واشنطن.
أيام قليلة بعد ذلك ، جاءت برقية من وزير الخارجية لانسن تشير على السفير فرانسيس بأن كل ممثلي الولايات المتحدة يجب أن :" يقطعوا كل اتصال مباشر مع الحكومة البلشفية". البرقية أكدت بدقة :" وبالخصوص جادسون".
برقية ثانية بعثت بعد ذلك بفترة قصيرة ، طلبت عودة الجنرال جادسون إلى الولايات المتحدة.
روبنس فكر في تقديم استقالته كاحتجاج ضد موقف وزارة الخارجية ، لكنه فوجئ بطلب السفير فرانسيس منه البقاء في مكانه الوظيفي والحفاظ على اتصالاته ب سمولني.
" أعتقد أنه سيكون من قلة الأدب القطع المفاجئ والكلي لعلاقاتك ، أي أن تتوقف على زياراتك، وفي نفس الوقت ، أنا احتاج لمعرفة ماذا يفعلون وسأبقى بينك وبين النار".
ما لا يعرفه روبنس ، هو أن فرانسيس كان يريد معرفة كل المعلومات الممكنة حول الحكومة السوفياتية من أجل أهداف خاصة ، وكانت شخصية في عمومها.

5 ـ الديبلوماسية السرية :

في 2 دجنبر 1917 ، السفير فرانسيس بعث إلى واشنطن أول تقرير سري له حول تحركات الجينرال كاليدين الأب القائد للقوزاق . فرانسيس اعتبر الجنرال ك " قائد أعلى للقوزاق وتعدادهم 200 ألف ". الجنرال كاليدين شكل جيشا أبيض للثورة المضادة ضمن قوزاق روسيا الجنوبيين، بإسم " الاستقلال الهدية Indépendance du Don "، وكان يستعد للزحف نحو موسكو لإسقاط الحكومة السوفياتية. مجموعات سرية من ضباط القيصرية ، في بتروغراد وموسكو ، كانوا يقومون بأعمال تجسسية معادية للسوفيات لصالح كاليدين وحافظوا على اتصالاتهم مع السفير فرانسيس.
بطلب من فرانسيس، تقرير مفصل حول قوات الجنرال كاليدين أرسل إلى وزارة الخارجية أياما بعد ذلك عبر مادين سامر ، القنصل العام الأمريكي في موسكو. سامر مادين كان متزوجا من بنت أحد كبار النبلاء القياصرة ، و يقوم بنشر وتعزيز الإشاعات والأحكام المغرضة ضد النظام السوفياتي بشكل اقوى وأكثر حدة من السفير فرانسيس نفسه.
حسب تقرير سامر إلى وزارة الخارجية ، كاليدين كان قد جمع حوله كل العناصر " العادلة والشريفة" في روسيا الجنوبية.
وزير الخارجية لانسن بعث برقية إلى السفير المريكي في لندن ، لكي يوفر له سريا قرضا ماليا لأجل تمويل قضية كاليدين. هذا القرض ، يقول الوزير ، يجب ان يتم بوساطة إما الحكومة الانجليزية أو الفرنسية.
" لست محتاجا إلى التأكيد عليكم ، يضيف لانسن ، على ضرورة الفعل السريع والإصرار على الذين تتحدث معهم ، على أهمية هذا الأمر الذي نجهله حول تعاطف الولايات المتحدة اتجاه حركة كاليدين، وكذلك وبأقل حدة حول دعمه ماليا ".
نصح السفير فرانسيس على استعمال أقصى درجات السرية في علاقاته مع رجالات كاليدين في بتروغراد ، لكي لا يثير شكوك البلاشفة.
رغم الاحتياطات المتخذة ، الانقلاب تم كشفه من طرف الحكومة السوفياتية ، والتي كانت متأهبة لأي إمكانية للتدخل من طرف الحلفاء في روسيا . في منتصف دجنبر ، الاعلام السوفياتي أدان أو اتهم السفير الأمريكي باشتراكه وتواطئه مع كاليدين . فرانسيس نفى بقوة معرفته بالقائد القوزاقي.
" سأقوم بندوة صحفية ، هكذا كتب فرانسيس في برقية له إلى لارسن في 22 دجنبر ، والتي سوف أكذب فيها بالواضح ، أي معرفة لي بحركة كاليدين ، أو أي علاقة لي به ، اعتمادا على توجيهاتكم الصارمة بعدم التدخل نهائيا في الشؤون الداخلية وعلى معطى كوني التزمت بذلك حرفيا".
محاصرا من طرف تآمر الحلفاء وضعيف جدا في مواجهة مع الآلة الحربية الثقيلة الألمانية وحيدا ، الحكومة السوفياتية يتوجب عليها حماية نفسها بأحسن ما تستطيع. ألمانيا تشكل الخطر الأكثر راهنية وإلحاحا.
من أجل إنقاذ روسيا الجديدة وربح الوقت من أجل التصدي لمهام إعادة التنظيمات الأساسية ومن أجل بناء جيش أحمر ، لينين اقترح توقيع صلح آني أي في اللحظة في الجبهة الشرقية.
" يجب علينا عقد صلح بأي طريقة كانت ، يقول لينين لمعاونيه، بعد أن رسم صورة مفصلة عن الأوضاع والشروط الكارثية التي يتواجد فيها قطاع النقل والصناعة الحربية ، يجب أن نصبح أقوياء ، ولأجل هذا ، يلزمنا بعض الوقت... إذا قررت ألمانيا التقدم ، سنكون مجبرين على قبول أي شكل للسلام ، هذا السلام سيكون أفظع عنذئد ".
نتيجة لإلحاح من لينين ، لجنة سوفياتية ذهبت على وجه السرعة إلى بريست ليتوفسك حيث تتواجد القيادة العامة الأكبر للجيش الألماني في الشرق ، لكي تحمل إليه الشروط الألمانية للصلح.
في 23 دجنبر 1917 ، بعد يوم واحد من الجولة الأولى التمهيدية لمؤتمر الصلح ببريست ليتوفسك ، اجتمع ممثلون عن فرنسا وبريطانيا العظمى في باريس وعقدوا اتفاقا سريا لتقسيم روسيا . هذا الاتفاق وضع له كعنوان " اتفاق فرنسي إنجليزي ل 23 دجنبر 1917" حدد مناطق الفعل الفرنسية والإنجليزية . حسب مضامينه ، إنجلترا ستحصل على منطقة تأثير في روسيا ، تشمل بترول القوقاز والسيطرة على الحواضر البلطيقية. فرنسا منطقة تعطيها الحديد والفحم بحوض الدونيتس والسيطرة على شبه جزيرة القرم .
هذا العقد السري الفرنسي ـ الإنجليزي شكل الإطار السياسي الذي سوف تنهجه هاتين الدولتين اتجاه روسيا في السنوات المقبلة.
ترجمة : رفيق عبد الكريم الخطابي ـ البيضاء في 1 دجنبر 2014
من كتاب : " المؤامرة الكبرى..الحرب السرية ضد روسيا السوفياتية " للكاتبين الأمريكيين
ميشال سايرس وألبير أوجين كاهين Michel SAYERS et Albert E. KAHIN



#رفيق_عبد_الكريم_الخطابي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- - وصية لينين - ... قراءة أخرى
- رد أولي على اخر مقالات الشمري
- من تانديت إلى البيضاء ..رحلة التساؤلات
- حول مؤسسة ابن رشد وجائزتها الأخيرة
- أكاذيب حول تاريخ الاتحاد السوفياتي ..الجزء الأخير
- أكاذيب حول تاريخ الاتحاد السوفياتي ..الجزء 3
- أكاذيب حول تاريخ الاتحاد السوفياتي... الجزء 2
- أكاذيب حول تاريخ الاتحاد السوفياتي..الجزء 1
- الثورة والثورة المضادة لن يوجد في بيتنا أي تروتسكاوي
- 11 شتنبر من وجهة نظر أخرى
- من فؤاد السنيورة إلى فؤاد النمري.. طوبى للحريري الجزء 3
- من فؤاد السنيورة إلى فؤاد النمري.. طوبى للحريري الجزء 2
- من فؤاد السنيورة إلى فؤاد النمري.. طوبى للحريري
- المنظمة الإرهابية الأكثر دموية في العالم
- الأورو: أداة إمبريالية
- اغتيال مصطفى مزياني ..شهيد آخر، جريمة أخرى
- التحريفي الأول يعانق الظلامي الأول بالمغرب
- لهم قبلهم ..ولنا قبلنا
- لنجسد تضامننا مع الرفيق المناضل محمد المسعودي دعوة للرفاق في ...
- العراق والهمجية الامبريالية...هل من دروس لشعوبنا؟


المزيد.....




- ترامب يفشل في إيداع سند كفالة بـ464 مليون دولار في قضية تضخي ...
- سوريا: هجوم إسرائيلي جوي على نقاط عسكرية بريف دمشق
- الجيش الأميركي يعلن تدمير صواريخ ومسيرات تابعة للحوثيين
- مسلسل يثير غضب الشارع الكويتي.. وبيان رسمي من وزارة الإعلام ...
- جميع الإصابات -مباشرة-..-حزب الله- اللبناني ينشر ملخص عمليات ...
- أحمد الطيبي: حياة الأسير مروان البرغوثي في خطر..(فيديو)
- -بوليتيكو-: شي جين بينغ سيقوم بأول زيارة له لفرنسا بعد -كوفي ...
- كيم جونغ أون يشرف بشكل شخصي على تدريب رماية باستخدام منصات ص ...
- دمشق: دفاعاتنا الجوية تصدت لعدوان إسرائيلي استهدف ريف دمشق
- هبوط اضطراري لطائرة مسيرة أمريكية في بولندا بعد فقدان الاتصا ...


المزيد.....

- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل
- شئ ما عن ألأخلاق / علي عبد الواحد محمد
- تحرير المرأة من منظور علم الثورة البروليتاريّة العالميّة : ا ... / شادي الشماوي


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - رفيق عبد الكريم الخطابي - الحرب السرية ضد روسيا السوفياتية..بعيون أخرى