أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - قحطان جاسم - تجربة اليسار في اميركا اللاتينية: هل تصلح دليلا لاصلاح اوضاعنا السياسية والفكرية؟















المزيد.....

تجربة اليسار في اميركا اللاتينية: هل تصلح دليلا لاصلاح اوضاعنا السياسية والفكرية؟


قحطان جاسم

الحوار المتمدن-العدد: 4661 - 2014 / 12 / 13 - 21:18
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    



ما تزال الاحزاب التي تسمي نفسها اشتراكية او شيوعية في منطقة الشرق الاوسط تعيش على تراث مثقل بالنكسات والتصورات المفصولة عما يجري فعلا في الواقع. فرغم ما حدث من تطورات هائلة، سياسية وفكرية في العالم، فانها ما تزال تتمسك بنفس البرامج والتصورات التنظيمية والعملية التي مر على بعضها اكثر من ثمانية عقود من السنوات.
ورغم ان بعضها حاول التكيف لما يجري من تحولات، فأن هذا التكيف بقي شكليا ولم يمس جوهر عملها وفكرها الذي تستند عليه. وبقول آخر، لم يمس هذا التكيف والتغيير الحياة الحزبية والتنظيمية والفكرية، رغم ادعائها تبنيها للرؤى الديمقراطية في عملها. فما تزال قياداتها الكلاسيكية تهيمن على هذه الاحزاب والتنظيمات، كما لم تشهد البنى التنظيمية تجديدا يذكر يتماشى مع جوهر الأسس الديمقراطية الذي يتطلب التغيير المتواصل للبنية الداخلية والاشخاص، الى درجة أنهم تحولوا الى موظفين فيها، تهيمن عليهم ذات الشعارات والمفاهيم التي أطلقت قبل اكثر من نصف قرن، بحيث اصبح وجود هؤلاء القادة وشعاراتهم ومفاهيمهم عوائقا فعلية امام تطور هذه الاحزاب والمنظمات وتجددها.
بنفس الوقت نجد قوى سياسية في مناطق اخرى من العالم رأت في التحولات السياسية والفكرية العالمية فرصة لتجديد نفسها، واتباع مناهج فكرية واساليب عملية للانفتاح على الجماهير، التي تبحث لها عن دليل في اوضاع تزداد تعقيدا وشراسة وظلما. ومن بين هذه القوى، اليسار الديمقراطي في اميركا اللاتينية، الذي احرز انتصارات باهرة مكنته حتى الآن من تسنم السلطة في عشرة بلدان لاتينية اميركية.
وكما اشار مركز البحوث العالمي في مقالة كتبها الباحث أسد إسمي بأن عام 2014 هو عام انتصارات اليسار في اميركا اللاتينية، حيث تم اعاة انتخاب الرؤساء في البرازيل وبوليفيا علاوة على فوزه في السلفادور.
بالطبع لم تكن هذه الانتصارات نتيجة ترديد واطلاق شعارات جميلة عن التوزيع العادل والاشتراكية والحرية وغيرها، بل خلاصة عمل سياسي شاق ومعقد، واعتماد اساليب ومناهج جديدة لكسب الجماهير، التي يحاول الرأسمال العالمي والمحلي تضليلها او شراء ولائها.
فديلما روسيف رئيسة حزب العمال الاشتراكي والرئيسة الحالية للبرازيل، التي فازت على منافسها نصير الراسمال اليخو نيفيز، تصف نفسها بالام والجدة والزوجة والمرأة التي ناضلت ضد السرطان الذي اصاب غددها اللمفاوية ، لكنها ايضا الاقتصادية والعضو السابق في تنظيم " الطليعة الثورية المسلحة لبالمار " وهي منظمة استلهمت اساليبها والعديد من افكارها من الثورة الكوبية وحرب المدن الشعبية التي قاومت الدكتاتورية القائمة آنذاك في البرازيل والمدعومة من امريكا منذ عام 1964. وقد تعرضت جراء ذلك للسجن والتعذيب البشع. لكنها لم تتوقف عن مناصرة الحقوق المشروعة للشعب البرازيلي. وقد فازت في الانتخابات عام 2010 بعد تنحي الرئيس السابق لولا دا سيلفا عن السلطة. لم تكتف روسيف بتاريخها او ما تمتلكه من صفات علمية واجتماعية بل شرعت بمشروع اصلاح اجتماعي واقتصادي واسع مما عزز التفاف الطبقة الوسطى وفقراء الجنوب والشمال حول سلطتها ومنحوها ثقتهم باعادت انتخابها عام 2014.
ساعد برنامجها الاجتماعي خلال 12 عام برفع مستوى 40 مليون برازيلي ( عدد نفوس البرازيل الكلي 200 مليون نسمة) وانقاذهم من الفقر،حيث انخفضت نسبة الفقر ب 55%، في بلاد يبلغ التفاوت الطبقي بين السكان اعلى نسبة في العالم. كما انها اطلقت مشروع " الواجب العائلي "، الذي يقوم على منح العوئل الفقيرة دعما ماليا من الدولة شريطة التزامها بضمان استمرار ابنائها في التعليم. ثم مشروع الاسكان الذي يوفر السكن للعوائل الفقيرة ومحدودي الدخل . إضافة الى مشروع ضمان 51% من مقاعد الدراسة في الجامعات لابناء الفقراء على مستوى القطر، و مشروع "زيادة الاطباء" الذي يسعى الى توفير الاطباء في المناطق التي كانت محرومة تماما، عبر تخريج واستيراد الاطباء الاجانب بما فيهم الاطباء الكوبيين المعروفين بمهاراتهم الطبية.
وكان لتلك البرامج والمشاريع الاجتماعية والاقتصادية الاثر الكبير في اجراء تحولات كبيرة في البنية الاثنية والطبقية في البرازيل، خاصة الفقراء والزنوج في شمال البرازيل، التي بقيت مهملة على مدى عقود من الزمن. ورغم ذلك فقد واجهت ديلما سيلفا معارضة من قبل بعض الفئات من الطبقة الوسطى بسبب الازمة الاقتصادية العالمية التي طالت البلاد اخيرا، لكن النتائج الايجابية الواسعة التي حققتها اصلاحاتها السياسية والاجتماعية ضمنت لها مساندة القسم الاعظم من هذه الطبقة، رغم الجهود والمناورات الكبيرة التي بذلها الاعلام المرتبط بالرأسمال العالمي والمحلي لتقويض هذا الدعم.
شهدت بوليفيا ايضا اعادة انتخاب إيفو موراليس رئيسا لبوليفيا عن الحركة الاشتراكية الذي حصل عام 2014 على 60% من الاصوات مقابل 25% لمنافسه من الجناح اليميني. وكان هذا الفوز هو تتويجا للكفاح الشجاع، الذي خاضه موراليس من اجل مصالح العمال والفلاحين والمزارعين البوليفيين، منذ انتخابه قائدا لنقابة الكوكا في ثمانينات القرن الماضي، ثم عضوا في البرلمان عام 2002، ثم انتخابه كرئيس للبلاد عام 2005. كما كان معارضا سياسيا صلبا ضد الكارتيلات الاجنبية. ونتيجة لذلك فقد تعرض للسجن والمطاردة ايضا .
اتبع موراليس سياسة اقتصادية مستقلة. من الخطوات التي اتخذها هي تأميم النفط والغاز والثروات المنجمية في البلاد وتوزيع ارباحها على الغالبية الفقيرة، عبر رفع الدخل وتحسين الوضع الصحي، وتوفير فرصة اكبر لدخول مؤسسات التعليم. وقد انخفض الفقر نتيجة لتلك السياسات في البلاد بنسبة 32%، كما تم القضاء على الأمية. ويعتبر اقتصاد بوليفيا، طبقا لتقرير الامم المتحدة، الاعلى نموا في القارة. لم تقتصر مساعي موراليس على الفئات الاجتماعية من فقراء وفلاحين، بل انه تمكن من الوصول حتى الى بعض القطاعات الغنية من الشعب، وخصوصا الفئة المرفهة من الطبقة الوسطى وبعض النخب المالية في البلاد. انعكست تلك السياسة في نجاحه في الانتخابات في مناطق سانتا كروز المعروفة برفضها لاصلاحاته. وكما اشار احد المراقبين الدوليين، الذي عمل لسنوات طويلة في البلاد، الى ان سياسات موراليس تحظى بدعم شعبي واسع .
كانت سياسة موراليس الاجتماعية والاقتصادية تلك هي مدخل للشروع بتنفيذ برنامج الاستقلال السياسي والاقتصادي للبلاد. فقد قوض نفوذ وهيمنة الولايات المتحدة الاميركية على شؤون بوليفيا السياسية والاقتصادية، التي دامت لعقود طويلة، حيث قامت امريكا الاطاحة بالعديد من حكوماتها بمساعدة المخابرات المركزية الاميركية ، واقامت بدلا عنها دكتاتوريات فاشية حكمها العكسر ومليشيات شبه عسكرية.
علاوة على ذلك قام موراليس بالغاء الحاجة الى دعم " صندوق النقد الدولي". كما انه طرد السفير الاميركي من البلاد عام 2009، ومؤسسة مكافحة المخدرات، و منظمة الانماء الاميركية عام 2012، التي قال انه اكتشف محاولتها للاطاحة به. ولم يخف موراليس ، معلنا امام مناصريه في ساحة الاباز عقب اعلان فوزه بالرئاسة " ان انتصاره في الانتخابات الاخيرة هو انتصار على الامبريالية وضد المستعمرين"، كما اهدى انتصاره الى فيديل كاسترو والرئيس الفنزويلي الراحل هوغو شافيز.
واضاف موراليس في مقابلة صحفية أخيرة عن طرده لتلك المؤسسات الاميركية:" لست آسفا ، في الحقيقة، انا سعيد لانني طردت السفير الاميركي، ومؤسسة الانماء الامريكية، واغلقت قاعدة عسكرية امريكية في بوليفيا، والآن فان البلاد بدون سفير امريكي، يعني هناك مؤامرات اقل واستقرار سياسي واجتماعي اكبر، كما اننا بدون صندوق البنك الدولي في وضع اقتصادي افضل."
يمكن القول مما تقدم ان اليسار في اميركا اللاتينية قد فهم الدور المناط به تاريخيا، فقام بخطوات عملية وفكرية لتجديد نفسه للسيطرة على السلطة، التي هي مفتاح اية تحولات سياسية في اية دولة، ووظف هذه السلطة لتنفيذ برامجه الاقتصادية والسياسية والاجتماعية لكسب الجماهير حوله من جميع الاطياف، ولم يكتف بشعارات وعقائد ميتة، الامر الذي حذر منه ماركس وانجلز في البيان الشيوعي منذ اكثر من مئتي عام عندما كتبا " ان نظريتنا هي مرشدة للعمل وليست عقيدة جامدة". والسؤال المطروح على ضوء هذه التجارب : متى يتعض اليسار في بلدان الشرق الاوسط بالتحولات العالمية ويفتح ابواب التجديد والتطور الفكري والعملي له ؟

ملاحظة: استفدت من المقالات التي كتبها د.أسد إسمي عن شؤون اليسار في اميركا اللاتينية ، والمنشور بعضها في مركز البحث العالمي.



#قحطان_جاسم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- غيمة تتدحرج على نافذة
- هل سيعمق انخفاض اسعار النفط الصراع السياسي في العراق ؟
- هل يحتاج الانسان الى وساطة آيات الله و المشايخ والملالي وفتا ...
- شبح ماركس ودموع فقراء العالم...!
- فكرة الموت في ديوان - حين أستيقظت ميتا- لعلي رياض
- المفكر الدانماركي سورن كيرككورد ، الاسلام الجماهيري و طقوس ع ...
- آخر المرثيات
- المدينة- الثكنة
- كلّ يحمل آثامه
- مدوّنة الألم
- -القراصنةُ ما غادرونا !-
- المفكر الوجودي الدانماركي سورن كيرككَورد وصراعه ضد الدين الأ ...
- الماركسية ليست إيمانا، بل فكر قابل للمناقشة والتعديل .!
- -الحالمُ في نشوةِ أوهامه- قصيدة الى صديقٍ في عيد ميلاده الثا ...
- ثلاث قصائد
- مقتدى الصدر: لعبة الحيّة ودَرَج ..والاعلام المسكين .!!
- مشرحة بغداد - رواية عن تراجيديا الرعب والموت اليومي في العرا ...
- وهم الطائفة والقومية والدين وبناء الديمقراطية في العراق؟


المزيد.....




- الحوار الاجتماعي آلية برجوازية لتدبير المسألة العمالية
- الهجمة الإسرائيلية القادمة على إيران
- بلاغ صحفي حول اجتماع المكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية ...
- من اشتوكة آيت باها: التنظيم النقابي يقابله الطرد والشغل يقاب ...
- الرئيس الجزائري يستقبل زعيم جبهة البوليساريو (فيديو)
- طريق الشعب.. الفلاح العراقي وعيده الاغر
- تراجع 2000 جنيه.. سعر الارز اليوم الثلاثاء 16 أبريل 2024 في ...
- عيدنا بانتصار المقاومة.. ومازال الحراك الشعبي الأردني مستمرً ...
- قول في الثقافة والمثقف
- النسخة الإليكترونية من جريدة النهج الديمقراطي العدد 550


المزيد.....

- مساهمة في تقييم التجربة الاشتراكية السوفياتية (حوصلة كتاب صا ... / جيلاني الهمامي
- كراسات شيوعية:الفاشية منذ النشأة إلى تأسيس النظام (الذراع ال ... / عبدالرؤوف بطيخ
- lمواجهة الشيوعيّين الحقيقيّين عالميّا الإنقلاب التحريفي و إع ... / شادي الشماوي
- حول الجوهري والثانوي في دراسة الدين / مالك ابوعليا
- بيان الأممية الشيوعية الثورية / التيار الماركسي الأممي
- بمناسبة الذكرى المئوية لوفاة ف. آي. لينين (النص كاملا) / مرتضى العبيدي
- من خيمة النزوح ، حديث حول مفهوم الأخلاق وتطوره الفلسفي والتا ... / غازي الصوراني
- لينين، الشيوعية وتحرر النساء / ماري فريدريكسن
- تحديد اضطهادي: النيوليبرالية ومطالب الضحية / تشي-تشي شي
- مقالات بوب أفاكيان 2022 – الجزء الأوّل من كتاب : مقالات بوب ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - قحطان جاسم - تجربة اليسار في اميركا اللاتينية: هل تصلح دليلا لاصلاح اوضاعنا السياسية والفكرية؟