|
محاكمة الوزير
علي فهد ياسين
الحوار المتمدن-العدد: 4661 - 2014 / 12 / 13 - 21:07
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
محاكمة الوزير توفر الانظمة الدكتاتورية لوائح ادانتها في صلب القرارات والقوانين الجائرة التي اعتمدتها ضد الشعوب خلال فترة حكمها ، ولاتحتاج طواقم السلطات الجديدة التي تخلفها ، كبير عناء لتصفية الآثار التي ترتبت على ذلك ، اذا توفرت النوايا الصادقة لاعادة البناء ، وفق قوانين دستورية جديدة ، يقف أمامها المواطن والمسؤول الحكومي بالتساوي في الواجبات والحقوق . لكن الذي حدث في البلدان التي أُسقطت فيها الدكتاتوريات ، أن الشعوب أنجزت واجباتها ( لتخويل ) النخب الحاكمة الجديدة من خلال الانتخابات ، العمل لأعادة بناء الأوطان ، فيما تعثرت تلك النخب ومازالت في انجاز واجباتها المحددة في الدساتير التي صاغتها ودعت شعوبها للتصويت عليها ، تمهيدا لتصفية آثار الدكتاتوريات والبدء ببناء الاوطان المدمرة ، حتى تحولت الى دكتاتوريات جديدة في ظل الديمقراطية التي اوصلتها لمواقع القرار !. الذي يحدث الآن في العراق بعد ( 11 ) أحد عشر عاماً من سقوط الدكتاتورية ، لايمكن لأي مُراقب للأحداث تصوره قبل سقوط الدكتاتورية ، وهو في كل التفاسير والتصورات يفوق القدرة على توقع حدوثه ، فقد تجاوزت فيه الضحايا البشرية ( وهي الأهم في قياس النتائج ) كل التصورات والرؤى والاحصاءات ، وأذا أضفنا له الخسائر المادية ، تكون ارقامه خارجة عن المعقول بالقياس لكل النظريات التي وضعها المفكرون على مدى تأريخ البشرية . ان نوعية وحجم الكوارث التي حصلت بعد التغيير في العام ( 2003 ) هي مسؤولية الحكام الذين تصدروا المشهد السياسي وحكموا البلاد منذ ذلك التأريخ ، وكل الخراب المتواصل مع الخراب العام الذي ورثوه من الدكتاتورية السابقة هم مسؤولون عن أسبابه ونتائجه وتداعياته . لقد أطاحت النُخب الحاكمة بـ ( أحلام العراقيين ) في بناء وطنهم الجديد ، الذي كانوا يتمنون أن يردوا باعادة بنائه ، على جرائم الدكتاتورية التي أستهدفتهم بالقمع والسجون والحروب والتجويع والقتل المجاني ، من خلال سياساتها الفاشية ، وأكتفت تلك النخب بتفصيل القوانين لمصالحها الفئوية والحزبية والعائلية ، بعيداً عن مصالح عموم العراقيين وفقرائهم على وجه الخصوص ، ليكون ( الناتج الأجمالي ) تقسيماً علنياً للمجتمع بين مستفيد من الخراب ومتضرر منه ، وتستمر النتائج على حالها بين الدكتاتورية التي سقطت بتضحيات الفقراء والديمقراطية الجديدة التي لازالوا يدفعون في ظلها نفس الضرائب المفروضة عليهم وحدهم ، فيما يجني الحكام وبطاناتهم المناصب والثروات التي توفرها . اذا كان ( الفساد ) هو العنوان الأبرز للانظمة التي جاءت بعد سقوط الدكتاتوريات في البلدان العربية ، فمن حقنا أن نُقارن بين أي منها وبين العراق ، والمقارنه هنا ليست تزكية للآخر ، بقدر ماهي قياس نطمح أن تكون نتائجه لصالح العراق، لكنه لم يثحقق ذلك ، فقد ( قضت ) محكمة جنايات شمال القاهرة يوم أول أمس ( الخميس ) ، بالسجن ( 10 ) سنوات على وزير الاعلام الاخواني ( الهارب ) المدعو ( صلاح عبد المقصود ) لأدانته بتهمة ( الاضرار بالمال العام ) بماقيمته ( 48 ) مليون جنيه وغرامة بالمبلغ ذاته ، جراء ( سماحه بتواجد سيارات البث الفضائي المباشر التابع للتلفزيون المصري في محيط الاعتصام المسلح التابع لتنظيم الأخوان بمنطقة ( رابعة العدوية ) ، على نحو تسبب في الاستيلاء عليها وأتلافها من قبل المعتصمين ) ، علماً أن المبلغ المذكورلايتجاوز في كل الأحوال ( 10 ) مليار دينار عراقي ، وأذا وضعنا ( فعل ) المحاكمة وقرار الحكم في معادلة المقارنة مع الافعال المشابهة له في العراق ، تكون النتائج أحكاماً بالسجن على قوائم طويلة من المسؤولين العراقيين ، ربما تشكل في مجموع سنواتها رقماً يتم تسجيله في الموسوعة العالمية للارقام القياسية !. لقد تجاوزت أرقام الثروات العراقية المهدورة نتيجة السياسات الخاطئة للحكومات العراقية المتعاقبة مئات المليارات من الدولارات ، ولم يُقدم أي من المسؤولين العراقيين المتسببين باهدارها الى المحاكم ، رغم وجود هيئة ( مستقلة ) للنزاهة ، يُفترضُ أن وظيفتها الرسمية الحد من هذه الانشطة المدمرة للاقتصاد العراقي ، وهي في هيكليتها وقانون تشكيلها وانشطتها تمثل الجهة الاولى المسؤولة عن التصدي للفساد في العراق ، لكنها الى الآن لم تُقدم ( رأساً ) فاسداً الى المحاكم العراقية ، علماً أن جميع مافيات الفساد في العراق تقودها وتشرف عليها أسماء وعناوين بعضها أكبرمن وزير !. الى الآن ، وفي ظروف الأخطار الجسيمة التي يواجهها الشعب العراقي في حاضره ومستقبل أجياله ، لازالت نخبه الحاكمة موغله في أخطائها القاتلة في أدارة البلاد ، ومُفضلة على برامج وحدتها لتحقيق البناء ، برامجها النفعية في تشتيت الجهود لغايات لاتخدم الوطن والمواطن ، وهي بذلك تصطف باصرار غريب في ( كراديس ) لاتختلف في أدائها وترتيبها وأهدافها عن اسلوب الدكتاتورية التي جاءت على أنقاضها . والى أن تشهد قاعات المحاكم العراقية وقائع محاكمات لمسؤولين حكوميين تسببوا في خرق القوانيين العراقية النافذة وفق الدستور العراقي المصوت عليه من الشعب ، بغض النظر عن انتماءاتهم الحزبية وعناوينهم الوظيفية ، فأن كل مايقال عن سيادة القانون وتنفيذه في خطب القادة وبرامج أحزابهم ، سيتحول الى حكايات ونكت للتندرعليهم وعلى أحزابهم التي فقدت مصداقيتها وأساءت لتأريخها بعد تربعها على كراسي السلطة .
علي فهد ياسين
#علي_فهد_ياسين (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مقارنة بين مدرستين في الناصرية وبغداد
-
المنطقة الخضراء عاصمة الفضائيين
-
خطاب القصر .. الرئيس يفضح نفسه ..!
-
جيوش العراق .. !
-
مقارنة بين حارس الوطن وحارس الرئيس ..!
-
بطالة خمس نجوم ..!
-
ظاهرة تغيير الاسماء .. مصفى بيجي مثالاً
-
خطة ( غزوان حامد ) لتحرير الموصل ..!!
-
علاج الرؤساء العرب في الخارج يفضح أنظمتهم ..!!
-
أوراق على رصيفِ عراقي ( 10 )
-
النازحون الى المنطقة الخضراء ..!
-
متضامنون ضدنا ..!!
-
قراءة في مرسوم جمهوري
-
الفشل أمام داعش سيطيح بالجميع ..!!
-
خطأُ فادح نزعم أنه غير مقصود ..!!
-
من منصة الاعدام السوداء الى منصة التتويج الباهرة ..!!
-
العراقيون يُقتلون في الشوارع والبرلمان مهتم بقانون تبليط الش
...
-
الاغتصاب .. من أمير الشعراء الى أُمراء داعش ..!!
-
كوباني .. طاولة قمار القرن ..!!
-
سقطة الرئيس الذي كان شاطراً ..!!
المزيد.....
-
نقار خشب يقرع جرس منزل أحد الأشخاص بسرعة ودون توقف.. شاهد ال
...
-
طلبت الشرطة إيقاف التصوير.. شاهد ما حدث لفيل ضلّ طريقه خلال
...
-
اجتياج مرتقب لرفح.. أكسيوس تكشف عن لقاء في القاهرة مع رئيس أ
...
-
مسؤول: الجيش الإسرائيلي ينتظر الضوء الأخضر لاجتياح رفح
-
-سي إن إن- تكشف تفاصيل مكالمة الـ5 دقائق بين ترامب وبن سلمان
...
-
بعد تعاونها مع كلينتون.. ملالا يوسف زاي تؤكد دعمها لفلسطين
-
السيسي يوجه رسالة للمصريين حول سيناء وتحركات إسرائيل
-
مستشار سابق في -الناتو-: زيلينسكي يدفع أوكرانيا نحو -الدمار
...
-
محامو الكونغو لشركة -آبل-: منتجاتكم ملوثة بدماء الشعب الكونغ
...
-
-إيكونوميست-: المساعدات الأمريكية الجديدة لن تساعد أوكرانيا
...
المزيد.....
-
في يوم العمَّال العالمي!
/ ادم عربي
-
الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة
...
/ ماري سيغارا
-
الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي
/ رسلان جادالله عامر
-
7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة
/ زهير الصباغ
-
العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني
/ حميد الكفائي
-
جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023
/ حزب الكادحين
المزيد.....
|