أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - ياسين الحاج صالح - خصوصية قضية مخطوفي دوما الأربعة














المزيد.....

خصوصية قضية مخطوفي دوما الأربعة


ياسين الحاج صالح

الحوار المتمدن-العدد: 4660 - 2014 / 12 / 12 - 12:57
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
    


يتحفظ ناشطون ومهتمون بالشأن السوري العام عن إيلاء اهتمام خاص بقضية مخطوفي دوما الأربعة، سميرة الخليل ورزان زيتونة ووائل حمادة ونظام حمادي، وقد يتساءلون: لماذا لا يجري الاهتمام بمعتقلين آخرين، عند النظام وعند داعش وغيرهما؟ زهران علوش، المشتبه به الأول بارتكاب الجريمة، أدلى بدلوه في الموضوع، وتساءل عن سبب ما بدا له اهتماما مبالغا فيه بقضية برزان زيتونة، متجاهلا سميرة ووائل وناظم الذين خطفوا معها، وموجّها إلى وجوب الاعتناء بقضية "نساء المسلمين" المعتقلات عند النظام.
لكن خلافا لهذا التقدير، أرى أن القضية لم تنل ما تستحق من اهتماما عام، وخاصة على المستوى السياسي. ولولا أحباب المخطوفين الأربعة وأصدقاؤهم، لسقطت في مهاوي النسيان.
وليس من المصادفة العارضة أن أصدقاء سميرة ورزان ووائل وناظم مشتغلون بالشأن العام وقادرون على إبقاء قضيتهم موضع اهتمام نسبي أوسع. كانت المرأتان وكان الرجلان في صلب العمل العام الديمقراطي منذ مطلع هذا القرن، وبخصوص سميرة منذ ثمانينات القرن العشرين. ومعلوم أنها اعتقلت بين1987 و1991 لنشاطها في تنظيم يساري معارض. ومن هنا العنصر الأول في خصوصية هذه القضية: كان الأربعة معارضين معروفين للنظام الأسدي قبل الثورة بسنوات طويلة، وليسوا أشخاصا بدأ تاريخ نضالهم مع الثورة. وللمرأتي والرجلين سجل من العمل العام المثمر، المنضبط برؤية أخلاقية وسياسية متسقة، كبير جدا ولا تشوبه شائبة.
ثانيا، جاء الأربعة إلى "منطقة محررة" لأنهم مطلوبون من النظام، وبأمل أن يستأنفوا عملهم العام في شروط أنسب وأكثر حرية. وكانت عينهم دوماً على الانخراط في البيئة المحلية والبحث عن شركاء من سكانها. وهو ما قاموا به فعلا، ومنذ لحظة وصول أولاهم، رزان، إلى الغوطة في الأسبوع الأخير من نيسان 2013. مفهومهم للعمل العام هو العمل مع الناس، مع عامة الناس، وليس الانشغال الحصري بالسياسات العليا للدول وأشباهها والسائرين في أفلاكها.
ورغم أن الأربعة لم يشعروا أنهم قادمون إلى مكان غريب، يحتاجون فيه إلى حماية خاصة، فإن ألفباء الضيافة، كيلا نقول مبادئ الثورة، توجب حماية امرأتين ورجلين، جاءوا إلى المنطقة لأنهم مطلوبون للنظام.
ثالثا، مختطفو الأربعة ليس النظام الأسدي ولا داعش، إنهم قوة محلية في دوما، اسمها "جيش الإسلام"، ولها وزن خارجها في العديد من المناطق السورية، ولها تمثيل من نوع ما في هياكل الائتلاف، وتحسب عادة من قوى الثورة السورية. والجريمة ارتكبها تشكيل يفترض أنه معني أولا وأساسا بمواجهة النظام وبحماية السكان منه، ويستمد شرعيته من هذا الواجب حصرا، لا من أي شيء آخر. وهو يتوقع أشكالا من العون المادي والسياسي والتسهيلات الأخرى باسم الثورة وعلى حسابها.
النظام يعمل على تحطيم الثورة، وتحطيم قضيتنا، ومجتمعنا كله، وهو لم يكف عن قصف دوما والغوطة الشرقية، لذلك لا نستغرب جرائمه. وداعش تشكيل إجرامي لا يخفي عداءه للثورة والناشطين المدنيين وما يمثلون. لكن الفاعل هنا تشكيل عسكري ديني يتوقع منا، ويتوقع آخرون، أن لا ننتقده لأنه يواجه النظام الأسدي المعتدي. كيف يستقيم ذلك؟ كيف يُسكت على جريمة بهذه البشاعة بذريعة مواجهة النظام؟ وهل من يرتكب جريمة كهذه معني جديا بالصراع مع النظام من أجل حياة وحرية السوريين؟ فإن كان هناك من يعتقد أن هذه جيش زهران معني فعلا بقضية الثورة، أو على الأقل أنها مخلص في كفاحه من أجل "تحرير المدن من الطغاة" (على ما زايد ناطق باسم "جيش الإسلام" على اتهام مباشر من كاتب هذه السطور بعد جريمة الخطف بقليل)، فليضغط عليه كي يفرج عن المخطوفين، ولا يستنزف سمعته بممارسات أسدية- داعشية بحق الناشطين العزل، وليقل للخاطفين إن مواجهة المعتدي الأسدي توجب عدم التلهي بخطف الناس وسجنهم وتغييب أية معلومات عنهم. من جهتنا لا نعتقد أنه يمكن لمن يكون جلادا وسجانا أن يكون محررا، ومن يعوزه البرهان فلينظر إلى تاريخ النظام الأسدي: جلاد الشعب السوري معني بسلطته حصرا، وهو ما قاده إلى حراسة حدود المنطقة التي تحتلها إسرائيل من الأرض السورية من أجل أن تصون إسرائيل أمنه وتحمي بقاءه.
فهل يمكن أن نكون شركاء في قضية واحدة مع من اختطفوا الأربعة؟ جريمتهم لا تنفي الشراكة فقط، بل هي تقول أنهم يعتبروننا، بالأحرى، أعداء.
وهنا المصدر الرابع لخصوصية قضية الأربعة ووجوب الاهتمام بها أكثر لا أقل. الأربعة يمثلوننا، يمثلون الثورة السورية في قيمها التحررية، لا كصراع ضيق على السلطة، يمثلون السياسة من تحت مع الناس لا من فوق، يمثلون اتساع الأفق الفكري والسياسي والأخلاقي، لا ضيق الأفق وضيق النفوس، يمثلون العام الوطني في صراعنا والترفع على الرابطة الطائفية، لا الانحباس فيها والنضال من أجلها. وهم لم يُختطفوا ويُغيبوا لأنهم قاموا بما ينتهك قانونا معلوما، بل لأنهم يمثلون نموذجا آخر للتفكير والسياسة والقيم. ومن هذا الباب فإن المثابرة على الاهتمام بقضيتهم وممارسة الضغوط الرمزية والسياسية والقانونية على الخاطفين هو بمثابة دفاع عن النفس، شرعي جدا بقدر ما كان شرعيا دفاع السوريين عن أنفسهم بالسلاح في مواجهة آلة القتل الأسدية.
ليس هناك أي منطق أو مبدأ للعدالة يسوغ لأي كان أن يطالب باهتمام أدنى بمصير المخطوفتين والمخطوفين. المطلوب بالعكس اهتمام عام أكبر بجميع قضايا المخطوفين والمعتقلين والمغيبين، وعدم تركها لأهاليهم وحدهم. والمثال الذي يتعين التطلع إليه هو أن ينال كل المخطوفين والمعتقلين درجة الاهتمام العام التي ينالها أكثرهم حظوة بالاهتمام.
ما نطلبه من أنفسنا ونأمله من غيرنا، كمنظمين لحملة تضامن مع المخطوفين الأربعة وضغط على الجناة، هو الربط المستمر بين قضية مخطوفي دوما الأربعة وبين المخطوفين والمعتقلين عند المجرم الأسدي، وبين المخطوفين والمغيبين عند دعش. وإظهار وحدة المعاناة من المعتدين الثلاثة، ووحدة معنى العمل من أجل حريتهم كلهم، وحرية جميع السوريين وكرامتهم.
أليست هذه قضيتنا؟ أليس من أجل الحرية والكرامة تفجرت الثورة؟



#ياسين_الحاج_صالح (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مغيّبون: تجارب السوريين في التغييب السياسي خلال جيلين
- أربعة وأربعون شهرا وأربعة وأربعون عاما/ 2- حروب ضد العامة
- امرأتان ورجلان من سورية
- سميرة ورزان: وقائع أسطورة معاصرة
- هل الضمير الإنساني واحد؟ والمسلمون شركاء فيه؟
- من تصورات الديمقراطية إلى «النظرية الديمقراطية» في المجتمع؟
- هل سلفيو داعش بشر مثل كل البشر؟ وعقولهم مثل عقول جميع الناس؟
- في أية بيئات سورية ظهرت السلفية العسكرية؟
- أربعة وأربعون شهرا وأربعة وأربعون عاما/ 1- طماشتان
- أنماط الاعتقال السورية من وجهة نظر الأهالي
- علمانيو سورية وإسلاميوها: شراكة غير مؤسسة أو مخاصمة غير تحرر ...
- أنماط الموت السورية، مصنفة حسب القاتلين
- جانب من سيرة الإشاعات السياسية في سورية
- ياسين الحافظ وعبالله العروي
- طفرة في التفكير لفهم طفرة -داعش-
- كرد، عرب وترك، وأميركيون...
- بعد ركود مديد، هذه الجِدّة السورية التي لا تطاق
- تقاطع تاريخي: تشيُّع السنة وتسنُّن الشيعة
- إرهاب أعمى، ومحاربة إرهاب حولاء!
- صراع المناهج: في الحاجة إلى منهج مركب لمقاربة الظاهرات الإسل ...


المزيد.....




- مبنى قديم تجمّد بالزمن خلال ترميمه يكشف عن تقنية البناء الرو ...
- خبير يشرح كيف حدثت كارثة جسر بالتيمور بجهاز محاكاة من داخل س ...
- بيان من الخارجية السعودية ردا على تدابير محكمة العدل الدولية ...
- شاهد: الاحتفال بخميس العهد بموكب -الفيلق الإسباني- في ملقة ...
- فيديو: مقتل شخص على الأقل في أول قصف روسي لخاركيف منذ 2022
- شريحة بلاكويل الإلكترونية -ثورة- في الذكاء الاصطناعي
- بايدن يرد على سخرية ترامب بفيديو
- بعد أكثر من 10 سنوات من الغياب.. -سباق المقاهي- يعود إلى بار ...
- بافل دوروف يعلن حظر -تلغرام- آلاف الحسابات الداعية للإرهاب و ...
- مصر.. أنباء عن تعيين نائب أو أكثر للسيسي بعد أداء اليمين الد ...


المزيد.....

- جدل ألوطنية والشيوعية في العراق / لبيب سلطان
- حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة / لبيب سلطان
- موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي / لبيب سلطان
- الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق ... / علي أسعد وطفة
- في نقد العقلية العربية / علي أسعد وطفة
- نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار / ياسين الحاج صالح
- في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد / ياسين الحاج صالح
- حزب العمل الشيوعي في سوريا: تاريخ سياسي حافل (1 من 2) / جوزيف ضاهر
- بوصلة الصراع في سورية السلطة- الشارع- المعارضة القسم الأول / محمد شيخ أحمد
- تشظي الهوية السورية بين ثالوث الاستبداد والفساد والعنف الهمج ... / محمد شيخ أحمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - ياسين الحاج صالح - خصوصية قضية مخطوفي دوما الأربعة