أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - غسان عبد الهادى ابراهيم - نفطكم ما يزال أرخص من الكوكا كولا















المزيد.....

نفطكم ما يزال أرخص من الكوكا كولا


غسان عبد الهادى ابراهيم

الحوار المتمدن-العدد: 1305 - 2005 / 9 / 2 - 12:02
المحور: الادارة و الاقتصاد
    


اذا كانت عوامل السوق، وتحديدا سباق "العرض والطلب"، هى التى تحدد سعر أية بضاعة، فان الطلب المتزايد على النفط، وتراجع القدرات على توفير المزيد من العرض، يعنى ان اسعار النفط ستواصل مسيرتها التصاعدية لتجتاجز حاجز الـ100 دولار للبرميل الواحد، فى غضون عام واحد، ولتصل الى 150 دولارا للبرميل فى غضون خمسة اعوام. فمن كان منكم يملك برميل نفط، فمن الأفضل ان يقتصد فى عرضه، ليس لانه ثروة ناضبة يحسن التريث فى افاقها، فحسب، بل سعرها الراهن ما يزال غير عادل، وذلك على الرغم من كل الضجيج الذى تثيره الدول الصناعية.
ففى هذه البلدان ما يزال ليتر الكوكا كولا أغلى من ليتر البنزين. اذ تبيع اسواق سانزبرى فى بريطانيا، على سبيل المثال، ليتر البترول "الخالى من الرصاص" بـ90 بنس، فى حين تبيع ليتر الكوكا كولا ب109 بنس. أى ان الكوكا كولا اغلى بنحو 02 فى المائة من سعر البنزين، مع الاخذ فى نظر الاعتبار ان سعر البنزين يتضمن: 1- ضرائب الخزينة، 2- كلفة التكرير وارباح شركاته، 3- كلفة النقل وارباح شركاته، 4- كلفة وارباح محطات البيع. وذلك ليتضح ان النفط الخام ما يزال يباع فى الواقع برخص التراب.
واذ تعمد البلدان الصناعية، وفى مقدمتها الولايات المتحدة الى رفع اسعار منتجاتها الصناعية وملاحقة الفقراء لدفع ما يسمى بضريبة "الحقوق الفكرية" لقاء استخدام منتجاتها التكنولوجية، فانها تعمد الى خفض قيمة عملاتها لتحد من الفوائد المتوقعة من ارتفاع اسعار النفط. وذلك فوق انها تلزم العديد من الدول المنتجة للنفط على شراء اسلحة وتكنولوجيات باهظة الثمن لتسترد باليد اليسرى ما تعطيه باليد اليمني.
لكى يكون عادلا، ولو قليلا، فان سعر النفط فى ظروف السوق الراهنة يجب ان يكون 150 دولارا، وذلك اذا اخذ بعين الاعتبار ليس حجم الطلب المتزايد، بل حقيقة ان السعر الراهن للنفط ما يزال اقل من الناحية العملية من اسعاره مطلع السبيعنات بسبب عامل رئيسى واحد على الاقل هو التضخم الذى افقد الدولار اكثر من 70 فى المائة من قيمته. فما كان يباع عام 1973 بـ 35 دولارا، يجب ان يباع اليوم بـ 100 دولار على الأقل. ما يعنى ان الدول المنتجة للنفط ما تزال تبيع نفطها باسعار تقل بـ 33 دولارا للبرميل عن السعر الذى يحدده فارق التضخم، هذا من دون حساب تأثير تزايد الطلب والنضوب المتواصل للاحتياطات، وعجر منشآت التكرير والتصفية، التى تعمل بـ95 فى المائة من طاقتها، على تلبية احتياجات السوق الآخذة بالتزايد بسرعات غير مسبوقة.
ومؤخرا اعلن بنك "جولدمان ساكس" توقعاته التى تنبأت بوصول الاسعار حافة المئة دولار، فى غضون عام. ولئن جاءت هذه التوقعات بمثابة "صدمة" كما تزعم وسائل الاعلام الغربية، ان الكثير من جوانب هذه "الصدمة" المزيفة لم يكن سوى مسرحية هزلية لان الكل هناك يعرف كم يأكل التضخم وارتفاع اسعار المنتجات الصناعية من قيمة النفط.
ومن المتوقع، حسب عدة دراسات مقارنة متداولة لدى الشركات المتخصصة فى ابحاث السوق، ان ينمو الطلب على النفط حتى عام 2010 بنسبة 8% ليصل قرابة 127.66 مليون برميل يومياً بينما ينمو العرض بنسبة لا تتجاوز 4% ليصل 105.44 مليون برميل يومياً "انظر الشكل رقم "1"" مما سيؤدى الى رفع سعر البرميل الى 149.72 دولار "انظر الشكل رقم "2"".
وفى حين يبدو البحث عن طاقة بديلة كتهديد للدول المنتجة للنفط، فالحقيقة هى ان الطاقة البديلة عالية الكلفة من ناحية. وهى مستخدمة بالفعل من دون ان تتمكن من سد النقص المتزايد، من ناحية ثانية، كما ان الوقائع تشير الى ان تطور التكنولوجيا سوف يزيد الاعتماد على النفط وليس العكس من ناحية ثالثة. ولكن الأهم من هذا كله هو ان القيمة الاقتصادية للنفط لا تقتصر على كونه مصدر لانتاج المحروقات. وهناك من يقول ان استهلاكه على هذا النحو يمثل تبديدا لمادة حيوية لا سبيل لتعويضها.
ويستطيع المرء ان ينظر حوله ليجد ان 90% من الحاجيات والسلع والمعدات تحتوى على مادة مستخرجة من النفط، وليس أقلها البلاستك الذى يشكل بحد ذاته العنصر الرئيسى للكثير جدا من المنتجات الصناعية، حتى أكثرها تطورا.
فلماذا يبيع المنتجون نفطهم باسعار زهيدة؟ أليس من حق شعوب الدول المنتجة للنفط ان توظف العائدات النفطية، التى ستزول فى غضون 30 عاما، فى ارساء بنية اقتصادية بديلة تحفظ حقوق ابناءنا الحاليين "دع عنك ابناءهم" فى العثور على حياة كريمة؟
أليس من الأفضل لمستقبل هذا الجيل ان يتم طمر حقول النفط والتوقف عن الانتاج، بدلا من تبديد هذه الثروة، وبدلا من أكل حق أطفالنا فيها؟
الشاب الذى يبلغ من العمر 51 عاما اليوم، لن يجد عندما يبلغ الـ54 نفطا يمول وظيفته او الخدمات الأساسية التى تقدمها الدولة؟ فماذا سنفعل فى ذلك الحين؟
الاجابة على هذا السؤال واحد من اهم مسؤوليات حكوماتنا اليوم. ومن حق شعوبنا ان تتلقى اجابة واضحة وصريحة.
وسيثبت التاريخ، ان خفض الانتاج، وليس زيادته، هو خير ما يمكن عمله اليوم.
صحيح ان احتياجات التنمية تتطلب المزيد من الانفاق، الا ان ارتفاع عائدات النفط سوف يسمح بخفض الانتاج من دون ان تشعر الميزانيات النفطية بأى نقص فى المداخيل.
فما سيحصل هو العكس تماما: الميزانيات سوف تزداد، من جهة، وحقوق الجيل الراهن من الأبناء ستظل محفوظة من جهة أخري.

... لكى لا ندفع وحدنا الثمن
أسعار النفط لن تتوقف عن الارتفاع والاقتصاد الصناعى قادر على امتصاصها


الحقيقة أن هناك العديد من المتغيرات والمستجدات لعبت دوراً بارزاً فى زيادة الطلب العالمى على النفط الخام وستؤدى بالتالى إلى ارتفاع أسعاره، وهذه العوامل تشكل صلب وجوهر الفكرة التى استخلصت منها تلك الدراسات توقعاتها.
ويقول خبراء اقتصاديون ان ارتفاع اسعار النفط لم يؤثر على النمو الاقتصادى لدى الدول الصناعية. فقد تمكنت اقتصاديات هذه الدول من امتصاص الزيادة فى الاسعار، بينما ما تزال الشركات الكبرى تحقق ارباحا قياسية بسبب ارتفاع مبيعاتها وارتفاع أسعارها، الذى يدفع المستهلكون الخارجيون، بمن فيهم الدول المنتجة للنفط، قسطا كبيرا منه، مما يجعل الزيادة فى اسعار كل المواد الخام، وليس النفط وحده، مقايضة عادلة. وليست اسعار الكوكا كولا سوى مثال بسيط لملايين المنتجات الصناعية التى تبيعها الشركات الكبرى بأسعار باهظة. فما من شيء ينتجه الصناعيون الكبار الا وكان سعره خياليا قياسا باسعار المواد الخام، ابتداء من المياه المعدنية وصولا الى كل المعدات والخدمات الانتاجية والاستهلاكية التى يضطر الفقراء الى دفع ثمنها وهم بلا حول ولا قوة.
ولكى لا ندفع وحدنا الثمن، فلعله من المنصف أكثر ان يرفع الفقراء أسعار كل موادهم الخام، بما فيها المواد الزراعية، وليس النفط وحده، لتعويض الفارق المتزايد بين اسعار هذه المواد وبين اسعار الخدمات والسلع التى يضطرون الى استيرادها من الدول الغنية.
والحال، فان من أهم تلك العوامل التى تواصل دفع اسعار النفط فى اتجاه صاعد ما يلي:
- النمو الاقتصادى الصيني: فقد ادى النمو السريع فى الاقتصاد الصينى الى زيادة الطلب على النفط بنسبة 20%خلال العام الماضي. ويتوقع الاقتصاديون أن يستمر الاقتصاد الصينى فى النمو بمعدلات سريعة خلال الأعوام القادمة. الامر الذى سيعزز الاتجاه الصاعد لاسعار النفط.
فقد بلغ نمو الاقتصاد الصينى حوالى 10%سنوياً فى الأعوام الأخيرة مع توقع عدد من الاقتصاديين أن تستمر على هذا المنوال. ونتج عن هذا النمو زيادة الطلب على النفط لدرجة أن الصين تجاوزت اليابان وأصبحت ثانى مستهلك للنفط فى العالم بعد الولايات المتحدة حيث بلغ استهلاكها 6.3 مليون برميل يومياً. وتتوقع إدارة المعلومات فى وزارة الطاقة الأمريكية تضاعف هذا الاستهلاك ليصل استهلاك الصين إلى 12.8 مليون برميل يومياً بحلول عام 2010، سيتم استيراد أغلبها "9.4 مليون برميل يومياً". وكانت واردات النفط قد ازدادت بمقدار 35 فى المئة فى عام 2004.
كما ان ربط الصين عملتها بالدولار مع زيادة انفتاحها الاقتصادى وانخفاض قيمة الدولار فى السنوات الثلاث الأخيرة جعل البضائع الصينية منافسة، لدرجة أن أغلب دول العالم تعانى عجزا تجاريا مع الصين. وبالتالى زيادة طلب الصين على النفط لزيادة منتجاتها التى تلقى رواجاً كبيراً.
ونتيجة الضغوط الامريكية على الصين بدأت الصين مسيرة تحرير وتعويم عملتها، مما سيسهم ايضا بزيادة اسعار النفط اكثر، وذلك لان ارتفاع اليوان بمقدار 30 فى المئة مثلاً سيؤدى إلى تخفيض تكلفة النفط من وجهة نظر الشركات الصينية بمقدار 30 فى المئة، الأمر الذى سيؤدى إلى زيادة استهلاك النفط.
- الوضع الاقتصادى فى الهند: أدت الإصلاحات الاقتصادية إلى ارتفاع معدلات النمو الاقتصادى فى الهند لتتجاوز 8 % فى عام 2003، وتشير بيانات وكالة الطاقة الدولية إلى أن نمو الطلب على النفط سيزيد بمقدار 4%سنوياً حتى يصل استهلاك الهند إلى ضعف ما هو عليه الآن بحلول عام 2030 . وبلغ استهلاك الهند 2.2 مليون برميل يومياً فى عام 2003، ويتوقع أن يرتفع بمقدار 600 ألف برميل يومياً خلال السنوات الخمسة القادمة ليصل إلى 2.8 مليون برميل يومياً. وتستورد حاليا 700 ألف برميل يوميا ويتوقع أن يرتفع الحجم إلى 2.3 مليون برميل يوميا فى عام 2010.
- الطاقة القصوى لـ "اوبك": تسهم الدول الأعضاء فى منظمة الدول المصدرة للنفط "اوبك" بنصف صادرات العالم تقريبا من النفط الخام، وتحاول المنظمة الحفاظ على سعر النفط عن طريق رفع أو خفض سقف الانتاج الذى تحدده لكل دولة.
يرى محللون أن كافة الدول المنتجة والمصدرة للنفط الخام، من خارج منظمة "أوبك"، تنتج بطاقتها القصوي. أما الدول الأعضاء فى المنظمة فإن بعضها مازالت لديها المرونة لزيادة الإنتاج، ولكن مهما زادت اوبك انتاجها فانها لن تستطيع تلبية متطلبات السوق.
ويمكن للسعودية فقط، من بين الدول المصدرة للنفط، أن تسد النقص فى المعروض من النفط حتى عام 2006 تقريباً بعد ذلك فلن يتمكن احد من سد النقص لتبدأ المشكلة بالظهور.
- قصور الصناعة التكريرية: ظهرت فى الاونة الاخيرة مشكلة جديدة فى عالم النفط، وتمثلت فى قصور الصناعة التكريرية لدى الدول المستهلكة وقدرتها على تلبية الطلب الحالي، فقد أرجع المحللون جزءا كبيرا من ارتفاع الأسعار إلى المشاكل الفنية التى واجهتها مصاف نفطية أمريكية تسهم فى إنتاج إجمالى المنتجات النفطية فى الولايات المتحدة وهو ما أدى إلى توقف بعض عملياتها. ومثلما تضخ الدول المنتجة بكامل طاقتها من أجل تلبية الطلب العالمى وهو ما قاد بإنتاج منظمة "أوبك" إلى أعلى مستوى له، فإن المصافى النفطية فى الدول المستهلكة تنتج بمستوى يقترب من إجمالى طاقتها ما يعنى أن أى اضطراب فى عملياتها سينعكس مباشرة ليس فقط على أسواق المنتجات بل وأسواق الخام أيضا فعلى سبيل المثال يصل إنتاج المصافى الأمريكية الآن إلى 95.8 بالمائة من طاقتها الإنتاجية وهو أعلى مستوى له على الإطلاق.
ويعنى هذا إن هناك فجوة بين ما تنتجه مصافى التكرير فى الولايات المتحدة وبين الطلب.
أن هذه الحالة تعود إلى حقيقة ان الكثيرين من الخبراء قد نبهوا أن طاقة الصناعة التكريرية لدى الدول المستهلكة لم تعد تكفى لتلبية الطلب الفعلى وأنها أصبحت بحاجة ماسة إلى التوسع وذلك بعد سنوات عديدة من عزوف الدول المستهلكة خصوصا الولايات المتحدة عن بناء مصاف جديدة.
وفى دراسات تنبؤية لقدرات تصفية وتكرير النفط حتى عام 2025 صدرت عن مركز معلومات الطاقة "Energy information administration"، اظهرت قصورا حتى فى امكانيات التصفية المستقبلية حيث توقعت ان تنمو قدرات محطات التصفية فى كل انحاء العالم بنسبة 60% من عام 2003 حتى 2025 ليصل الانتاج المصفى الى 131 مليون برميل يومياً وهو يقارب الطلب على النفط فى عام 2010 المقدر بـ 127.66 مليون برميل يومياً.
كما اشارت الدراسة ان زيادة قدرات التصفية فى امريكا الشمالية ستزيد بمقدار 1.843 مليون برميل يومياً من عام 2003 حتى 2025 فقط. "انظر الشكل رقم "3"".
- العنف فى الشرق الأوسط: تعتمد الدول الكبرى على دول الشرق الأوسط فى الحصول على حصة هامة من وارداتها النفطية. وقد تسببت أحداث العنف الأخيرة فى العراق والسعودية فى زيادة المخاوف من انخفاض امدادات النفط الواردة منها.
وكانت صادرات النفط العراقية قد تراجعت بسبب الهجمات على المنشآت النفطية. ورغم ان النقص فى الصادرات العراقية لم يكن كبيرا، الا انه ألقى بظلال من الشك حول مستقبل العراق كأحد أكبر المصدرين للنفط فى العالم.
كما أن الهجوم المحتمل على منشآت النفط السعودية زاد من المخاوف، حيث إن السعودية هى أكبر الدول المنتجة للنفط كما تأتى على رأس الدول المصدرة له. ويقول المحللون إن التوتر السياسى فى الدول الأخرى خارج الشرق الأوسط مثل فنزويلا ونيجيريا تمثل سببا أخر لزيادة أسعار النفط العالمية.
- السياسات النقدية فى الدول المستهلكة: يعد عام 2004 هو الفترة الوحيدة فى التاريخ التى ارتفعت فيها أسعار النفط إلى مستويات قياسية فى وقت استمرت فيه أسعار الفائدة بالانخفاض حتى وصلت إلى أقل مستوى لها خلال 42 سنة الماضية، واستمرت فيه قيمة الدولار بالانخفاض. ونتج عن هذه السياسات المالية استمرار اقتصاديات الدول المستهلكة بالنمو رغم الارتفاع الكبير فى أسعار النفط. فانخفاض أسعار الفائدة شجع المستهلكين، خاصة فى الولايات المتحدة التى تعتبر أكبر سوق للنفط فى العالم، على شراء بيوت وسيارات جديدة، وهذا بدوره أسهم فى زيادة الطلب على السلع الصينية، وأسهم فى زيادة النمو الاقتصادى فى الصين.
- السياسات المالية فى الدول المستهلكة: قامت الدول المستهلكة بزيادة الانفاق الحكومى بعد حادثة 11 سبتمبر بشكل لم يسبق له مثيل. فهذه هى المرة الأولى فى التاريخ التى يزيد فيها الانفاق الحكومى بهذه الشكل من حيث الكمية وطول الفترة. ففى الولايات المتحدة بلغت الزيادة فى الانفاق الحكومى أكثر من 180 ضعف الزيادة فى أسعار النفط، رغم وصول أسعار النفط إلى مستويات قياسية. وفى نفس الوقت قامت إدارة الرئيس جورج دبليو بوش يتخفيض الضرائب، الأمر الذى شجع على زيادة الاستهلاك، وزيادة الواردات، خاصة من الصين.
- صناعة تكنولوجيا المعلومات: تشير دراسة نشرتها جامعة الأمم المتحدة فى اليابان إلى أن تكنولوجيا المعلومات وصناعة الحواسيب تستهلك من المواد الأحفورية "مثل النفط والغاز والفحم" أكثر من أى صناعة أو تكنولوجيا أخري. وبمعنى آخر، فإن الدراسة استنتجت أن صناعة تكنولوجيا المعلومات التى انتشرت بشكل كبير حول العالم خلال السنوات الأخيرة ليست صناعة كثيفة رأس المال فقط، وإنما كثيفة الطاقة أيضاً.
إن تغلغل تكنولوجيا المعلومات والحواسيب فى حياتنا يعنى أن العالم يتحول تدريجياً إلى تكنولوجيا أكثر استخداماً للنفط من التكنولوجيا السابقة. وهنا لا بد من التنويه بأن هذه الفكرة لا علاقة لها بزيادة الكفاءة فى الاستخدام وتحسن كفاءة المواد الكهربائية، وإنما تتعلق بكمية الطاقة المستخدمة فى إنتاجها من جهة، وبكمية الطاقة المستهلكة عند تشغيل المستهلك لهذه الأدوات من جهة أخري. ولا يقتصر الأمر على انتشار هذه الصناعات فقط، ولكنه يمتد إلى حقيقة تغافل عنها المحللون وهى هجرة هذه الصناعة من الولايات المتحدة وأوروبا إلى الصين وغيرها من الدول الآسيوية، الأمر الذى أحدث تغيراً جغرافياً فى الطلب على النفط. إن هذه الهجرة تفسر الفارق الكبير فى نمو الطلب على النفط بين الصين والدول الغربية فى عام 2004 .
- أخطاء فى توقعات الطلب: سبق وان منيت توقعات المحللين فى وكالة الطاقة الدولية ووزارة الطاقة الأمريكية وأوبك وشركات النفط العالمية بفشل ذريع فى عام 2004. ففى نهاية عام 2003 توقعت كلاً من وكالة الدولية و أوبك أن يبلغ الطلب العالمى على النفط 79.6 مليون برميل يومياً فى عام 2004، كما توقعت وزارة الطاقة الأمريكية أن يبلغ هذا الطلب 80 مليون برميل يومياً. ولكن بيانات عام 2004 تشير إلى أن الطلب العالمى على النفط بلغ 82.5 مليون برميل يومياً، بزيادة تبلغ حوالى 3 ملايين برميل يومياً عما كان متوقعا، أو ما يعادل مليار برميل سنوياًً!
وتشير البيانات إلى أن الطلب على النفط فى الصين فى عام 2004 تجاوز كل التوقعات حيث بلغ 6.4 مليون يومياً. فقد توقعت وكالة الطاقة الدولية فى نهاية عام 2003 أن يبلغ طلب الصين على النفط 5.75 مليون برميل يومياً فى عام 2004، بينما توقعت كلاً من وزارة الطاقة الأمريكية وأوبك أن يصل الطلب إلى 5.50 مليون برميل يومياً، و 5.70 مليون برميل يومياً على التوالي.
ونتج عن خطأ توقعات الطلب خطأ كبيراً فى توقعات الأسعار. فقد توقعت وزارة الطاقة الأمريكية أن تبلغ أسعار خام غرب تكساس 24.25 دولار للبرميل فى نهاية عام 2004 و لكنها بلغت فى الحقيقة 43.48 دولار للبرميل فى تلك الفترة، بزيادة تجاوزت 18 دولار للبرميل! و فى بداية عام 2004 توقع قسم النفط والغاز فى الدتشة بانك أن يبلغ متوسط أسعار خام غرب تكساس 25.40 دولار للبرميل فى عام 2004، ولكن متوسط سعر خام غرب تكساس بلغ 41.44 دولار للبرميل فى ذلك العام!
كل هذه العناصر تشير الى شيء واحد هو ان النفط الذى نبيعه بسعر التراب اليوم يجب ان نتردد كثيرا فى انتاجه، ليس لاننا يمكن ان نبيعه بسعر أعلى غدا، بل لاننا يجب ان نحفظ حق ابناءنا فيه. والحقيقة، فمن الافضل ان نتوقف عن تصدير النفط طالما ان أسعاره ما تزال أرخص من الكوكاكولا.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
باحث اقتصادي سوري متخصص في شؤون الشرق الاوسط ومحرر في جريدة "العرب الاسبوعي" في لندن
[email protected]
المراجع والمصادر:
- دراسة "اسعار النفط المتوقعة فى 2010" صادرة عن مكتب الدراسات والابحاث - جريدة العرب الاسبوعى لندن
- دراسات وتقارير بنك "جولدمان ساكس" حول اسعار النفط
- البيانات والاحصائيات الصادرة عن قسم الدراسات فى "اوبك"
- بيانات احصائية صادرة عن مركز معلومات الطاقة "Energy information administration"
- دراسات تنبؤية لقدرات تصفية وتكرير النفط حتى عام 2025 صادر عن عن مركز معلومات الطاقة.



#غسان_عبد_الهادى_ابراهيم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ارتفاع حرارة الكون ..الطريق الى نهاية العالم
- الإصلاح الاقتصادى العربى .. بين كثرة الاقوال وقلة الافعال
- تحديات الزيادة السكانية تكسر ظهر العالم العربي
- الصين.. عملاق آسيوى سيبتلع أمريكا اقتصادياً فى عقدين
- التكامل الأوروبى .. مفتاح التوازن العالمي
- تكامل اقتصاديات المعرفة يخلق أملاً فى حل مشكلات التنمية العر ...
- عندما تغيّر الصين العالم
- الاقتصاد الفلسطيني: بصيص أمل فى ظلمة التحديات
- البطالة والهجرة كارثة تحدق بالوطن العربى
- مشوار المئة دولار يبدأ بستين للبرميل


المزيد.....




- اعملي ألذ صوص شوكولاته للحلويات والتورتات بسيط جدا واقتصادي ...
- تباين أداء بورصات الخليج مع اتجاه الأنظار للفائدة الأميركية ...
- صندوق النقد: حرب غزة تواصل كبح النمو بالشرق الأوسط في 2024
- لماذا تعزز البنوك المركزية حيازاتها من الذهب؟
- كيف حافظت روسيا على نمو اقتصادها رغم العقوبات الغربية؟
- شركات تأمين تستخدم الذكاء الاصطناعي لرصد عمليات الاحتيال
- صندوق النقد: السعودية تحتاج ارتفاع سعر النفط إلى 100 دولار ل ...
- مسؤول بالبنك المركزي المصري يُعلق على سعر صرف الدولار والسوق ...
- -يكفيه ما فيه-.. هكذا سيتأثر الاقتصاد العالمي بحرب غزة
- -النقد الدولي- ـ الحرب بدأت تؤثر على اقتصادات الشرق الأوسط


المزيد.....

- تنمية الوعى الاقتصادى لطلاب مدارس التعليم الثانوى الفنى بمصر ... / محمد امين حسن عثمان
- إشكالات الضريبة العقارية في مصر.. بين حاجات التمويل والتنمية ... / مجدى عبد الهادى
- التنمية العربية الممنوعة_علي القادري، ترجمة مجدي عبد الهادي / مجدى عبد الهادى
- نظرية القيمة في عصر الرأسمالية الاحتكارية_سمير أمين، ترجمة م ... / مجدى عبد الهادى
- دور ادارة الموارد البشرية في تعزيز اسس المواطنة التنظيمية في ... / سمية سعيد صديق جبارة
- الطبقات الهيكلية للتضخم في اقتصاد ريعي تابع.. إيران أنموذجًا / مجدى عبد الهادى
- جذور التبعية الاقتصادية وعلاقتها بشروط صندوق النقد والبنك ال ... / الهادي هبَّاني
- الاقتصاد السياسي للجيوش الإقليمية والصناعات العسكرية / دلير زنكنة
- تجربة مملكة النرويج في الاصلاح النقدي وتغيير سعر الصرف ومدى ... / سناء عبد القادر مصطفى
- اقتصادات الدول العربية والعمل الاقتصادي العربي المشترك / الأستاذ الدكتور مصطفى العبد الله الكفري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - غسان عبد الهادى ابراهيم - نفطكم ما يزال أرخص من الكوكا كولا