وليد يوسف عطو
الحوار المتمدن-العدد: 4658 - 2014 / 12 / 10 - 12:33
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
صعود احزاب الاسلام السياسي في زمن الغفلة
هنالك مقولة شائعة تقول ( القانون لايحمي المغفلين). وفي زمن الغفلة صعدالاخوان المسلمون الى الحكم في مصر , وفي غفلة من الزمن صعد البعث العراقي الى الحكم عام 1968 وتم نسيان الماضي الدموي للبعث في غفلة من الزمن كان بطليها في دراما دموية حزبي البعث في العراق والشيوعي العراقي .
وفي غفلة اخرى من الزمن ايضا صعدت احزاب الاسلام السياسي في عدد من الدول العربية تحت دعوى ديمقراطية صندوق الاقتراع الاجوف ,الخالي من اي مضمون للديمقراطية .
يقول الباحث خالص جلبي في مقالة له بعنوان :
( قانون التاريخ :انه يعاقب المغفلين وينتقم من المجرمين ) ,نشرته مجلة ( الكشكول ) بالعدد 141 و 142 لعام 2013 :
(ان من يمسك الامور بيد من حديد يحول الممسوك الى حديد ايضا ) . ونهاية صدام تذكرنا بهذه المقولة .ويتحدث الباحث والكاتب عبد الخالق حسين في مقال له بعنوان :
(غفلة الغرب عن مخاطر الاسلام السياسي ) , في نفس عدد مجلة الكشكول ,عن غفلة الغربيين عن مخططات الاسلام السياسي في بلدانهم , ذلك ان (الطريق الى جهنم معبد بالنوايا الحسنة ).ويقول القديس بولس في رسائله : (المعاشرة السيئة تفسد الاخلاق الحسنة ).يقول عبد الخالق حسين :
( هناك امثلة كثيرة تؤكدعلى بيروقراطية وغفلة الغربيين بما يحيق بهم من مخاطر الاسلاميين ,فقد منحوا اللجؤ الى قادة الاسلام السياسي وبعضهم ارهابيون .. على سبيل المثال لا الحصر , ابو حمزة المصري .. وابو قتادة الاردني ) . ويضيف بعد ذلك عن قدرة الاسلاميين بالحديث بلسانين او بعدة السن , وبوجوه متعددة :
(انهم يجلبون فتيات مسلمات سافرات (مودرن ) يشاركن في مناظرات تلفزيونية , يدافعن عن الاسلام السياسي بشكل غير مباشر , يدعين ان القيم الغربية هي اسلامية , والمقصود هنا تجميل الاسلام السياسي طبعا . ولكن حينما يتحدثون مع شعوبهم الاسلامية في بلدانهم الاصلية ,عندئذ تتغير اللغة واللهجة فينكشفون على حقيقتهم).
وقد كشفت رئيسة وزراء استراليا ( جوليا غيلارد )عن الوجه البشع للاسلام السياسي في مقالة عبد الخالق حسين :
(هنا ارى من المفيد التذكير بما قالته رئيسة وزراء استراليا , جوليا غيلارد ,للاسلاميين المطالبين بفرض الشريعة هناك , انهم لم ياتوا الى استراليا بدعوة من احد, وانما جاؤوا برغبتهم , لذا عليهم ان يحترموا ثقافات وقوانين واعراف البلد الذي آواهم , لا ان يحاولوا فرض قوانينهم ودياناتهم على شعبنا . وكل من يريد حكم الشريعة عليه ان يرحل الى البلد الذي يقبل بهذا الحكم ) .
يتناسى الغربيون ان العالم في زمن العولمة لاانفصال فيه بين الداخل والخارج ,وان التاثير متبادل بين الشعوب والدول , وان المتطرفين الاسلاميين في اوربا هم فاعلون اجتماعيون بصورة سلبية ومدمرة ,لا على الشعوب الاسلامية التي قدموا منها فحسب بل على الشعوب الاوربية نفسها , وعلى التعدد والتنوع الثقافي في اوربا .
ان العدوى ستصيب الجميع بالضرر عندما يساوي الغرب بين الوافدين الى بلدانهم بصورة شرعية والوافدين بصورة غير شرعية , ولا يدقق في تدفق الاموال الخليجية لاسلمة مجتمعاتهم . ويساوي بين المسلم من اهل البلاد الاوربية المولود في اوربا وبين المسلم الوافد اليها .
يقول ماركس في (نقد فلسفة الحق عند هيجل ):
( الدين زفرة الانسان المسحوق ).
ان للدين استخدامات مزدوجة , استخداما ايجابيا ثوريا , واستخداما تخريبيا سلبيا ,عنفيا ودمويا .انه يعمل عمل المحرض للثورة , مثالنا على ذلك, لاهوت التحرير في دول اميركا اللاتينية , ويعمل كمخدر وافيون عند غالبية شعوب العالم الثالث.
في مقالة له بعنوان ( في مفهوم الدولة المدنية : خواطر حول الديمقراطية والدولة المدنية ) والمنشور في نفس مجلة الكشكول , يقول المفكر والباحث والمترجم والكاتب السوري هاشم صالح عن معنى الثورة الدينية ) ان الامور تسير بالمقلوب في العالم الاسلامي او العربي .. ان الثورات السياسية تحصل قبل الثورات الفكرية . هذا في حين انه في فرنسا حصل العكس تماما ) .
ويؤكد ان الطائفية الدينية تظل دائما ضد الديمقراطية فهي , اي تيارات الاسلام السياسي لاترى في الديمقراطية سوى صندوق الاقتراع الذي يوصلها للسلطة لتحتكر السلطة بعد ذلك . ويؤكد هاشم صالح على ( الفصل بين المواطن والمتدين باعتبار ان كل متدين مواطن بالضرورة ولكن ليس كل مواطن متدين بالضرورة ) .
يرى كاتب المقال (وليد يوسف عطو )ان العلمانية في الغرب انتجت المساواة في المواطنة والفصل بين السياسة والدين , والفصل بين الاخلاق والسياسة , وهو الذي برر الحروب الخارجية الدموية . وقامت العلمانية بالفصل بين الدين والاخلاق وهو الذي برر الحروب الدينية والدفاع عن حركات المثليين في العالم .
الاحزاب الدينية لايمكن لها ان تكون ديمقراطية لان افكارها وبرامجها تتعارض مع الديمقراطية .
كتب (ناهض حتر ) في مقالة له بعنوان :
( بهدوء :الدولة الدينية والجبهة العلمانية )في نفس العدد من مجلة الكشكول , انه اخرج كتب راشد الغنوشي من مكتبته والقى بها في سلة القمامة .حيث تبين له اوهام تحول الاسلاميين الى ديمقراطيين , لذا يؤكد ( في مواجهة هذه ( الصحوة ) الهمجية , لامجال الا لقطيعة مفهومية صارمة مع هذه الحركات الدينية تهدم اصولها جذريا , حيث لامكان للدين في السياسة).
التكرار في ممارسة العقائد والافكار والممارسات الاجتماعية يرسخها
يؤكد الباحث العراقي جمال علي الحلاق في كتابه :
( فن الاصغاء للذات : قراءة في قلق المنفتح ) – ط 1 – 2014 – منشورات الجمل – بغداد – بيروت,ان المزدكية اباحت زواج الاب من ابنته , وتبنى بعض العرب هذه الافكار والممارسات .لقد مات ( لقيط بن زرارة التميمي ) وكانت ابنته ( دختنوس ) زوجته , وقد رثته بقصائد مؤثرة , بحسب تعبير الحلاق .وهذا يعني ان هذه الممارسات والاشكال من الجنس والزواج كانت موجودة بشكل علني ولم تكن فعلا لااخلاقيا . ووصول هذا الخير الينا رغم رقابة المؤسسة الدينية , فانه يتضمن اعترافا صريحا بعرف اجتماعي معمول به وكان موجودا في اكبر عشائر العرب .
ونعرف من كتب التراث الاسلامي التشويهات التي تعرضت لها الفرق الاسماعيلية ومنهم القرامطة والحشاشون والعلويون والفاطميون , وحركة بابك الخرمي من ادعاءات بممارسة الزنا بالمحارم وغيرها من الممارسات . يؤكدالباحث بندلي جوزي في كتابه ( من تاريخ الحركات الفكرية في الاسلام ) :
(ان بابك واتباعه يدينون بدين زرادشت مع تغيير طفيف طرا عليه تحت تاثير النصرانية والاسلام , وان هذا الدين لم يكن ليمنع الزواج بين الاخ واخته ) .
نستنتج مما سبق ان العقائد والافكار والممارسات الاجتماعية والدينية تترسخ في المجتمع بفضل تكرارها عبر التاريخ .والممارسات التي تكون طبيعية ومقبولة اجتماعيا وفكريا ودينيا قد تتحول لاحقا الى ممارسات ممنوعة ومحظورة بسبب تغير العقائد والافكار والاديان والممارسات الاجتماعية .
ان نافذة نفتحها في كتاب التاريخ تتيح لنا مراجعة افكارنا حول الكثير من الافكار التي نعتبرها صحيحة ويقينية , في حين انها تبقى نسبية وقابلة للتبدل وللتغيير .
#وليد_يوسف_عطو (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟