أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - محمود محمد ياسين - حسني مبارك لم يحاكم على الجرائم الكبرى














المزيد.....

حسني مبارك لم يحاكم على الجرائم الكبرى


محمود محمد ياسين
(Mahmoud Yassin)


الحوار المتمدن-العدد: 4656 - 2014 / 12 / 8 - 22:03
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
    


جاء قرار تبرئة رئيس مصر الاسبق محمد حسني مبارك من بعض التهم الجنائية منسجما مع تصميم إنقلاب 3 يوليو 2013 العسكرى لتوطيد النظام السياسى المصرى الذى إنتفضت ضده ثورة ياناير 2011 وتعزيز قبضة الجيش على زمام الأمور. فالثابت أن ثورة ياناير أُسقطت يوم تسليم مبارك الحكم للمؤسسه العسكريه واصبحت آمالها وأهدافها أثراً بعد عين إثر انقلاب 3 يوليو. فالسيطرة الكاملة للجيش حققها دستور 2014 الذى أعطى القيادة العسكرية وضعاًً مميزاً فيما يتعلق بالاستقلالية المالية والتنظيمية والقضائية، ففى هذا الخصوص فإن رئيس الجمهورية هو القائد الأعلى للقوات المسلحة ولكن لا يُعيَّن وزير الدفاع الا بعد موافقة المجلس الأعلى للقوات المسلحة؛ كما أن القضاء العسكرى له سلطات واسعة تمكنه من إخضاع المدنيين لسلطته. وكذلك فإن إستقلالية القوات المسلحة وإحتكارها للقوة العسكرية تجعلها فى قلب السلطة السياسية التنفيذية وتشكل جوهرها.

وشملت التهم التى حوكم بموجبها مبارك ورجاله القتل والفساد المالى (تصدير الغاز لللدولة الصهيونية بأسعار زهيدة والتربح من الإتجار فى ديون مصر الخارجية والخصخصة) والاستيلاء على اراضى مملوكة بشتى الاساليب والحيل.

وقرار القضاء بتبرئة مبارك ونجليه ووزرائه ومساعديه تقف وراءه إحترافيه سياسية شديدة لقوى متمرسة في الإجرام وإرهاب الشعب. وهى قوى النظام القديم التى دبرت الإنقلاب العسكرى ووضعت على رأسه"التحفة" عبد الفتاح السيسى، وهى التى جعلت نفس القضاء يحكم، بطريقة انتقائية، على 529 شخص فى مارس 2013 بالإعدام فى جلسة "صورية" واحدة بتهمة قتيل واحد ) وعلى 188 بالاعدام فى ديسمبر الحالى بعد تبرئة مبارك بأيام بتهمة إغتيال 11 شرطياً.(

وهكذا فإن حكم البراءة تولد من إستمرارية النظام القديم ولم يكن قرار المنظمومة القضائية الفاسدة بتبرئة مبارك مفاجئا ولم يأت إعتباطاً وإنما جاء لأسباب محسوبة؛ فمن الناحية الإقتصادية فالبراءة تجعل إسترداد الاموال المهربة (تقدر بحوالى 220 مليار دولار)، التى نهبها مبارك وسدنة حكمه، مسألة صعبة التحقيق. أما من الناحية السياسية فإن قيادات النظام القديم الخارجة من السجون لها المقدرة فى تحريك الوضع السياسى لصالح النظام القديم. فبحكم هيمنتها الإقتصادية وإحتكارها للعمل السياسى خلال سنوات حكم مبارك وخاصة سيطرتها على عمليات انتخابات الجهاز التشريعى بتحديد توزيع المقاعد، فهذه القيادات تلم إلماماً دقيقاً بمعالم ودهاليز خريطة مكونات القوى الاجتماعية المختلفة وهذا يؤهلها لهندسة تنظيم سياسى يهيمن على الساحة ويحمى استمرارية النظام القديم، فحتى الآن ما زال الإنقلاب بلا حزب سلطوى يعمل على إستمالة الجماهير. كما انه ليس مستبعداً أن تلجاً قوى النظام القديم الى تغير حكم السيسى تغييرا جذرياً إن إقتضى الامر.

ولكن إذا نظرنا للصورة الكلية، فنجد أن سلطة قادة جيش مبارك- التى اعادت إنتاج النظام القديم تحت سمع وبصر قيادات الشعب المنتفض بعد تسلمها الحكم فى ياناير 2011 - حصرت قضايا مبارك ومعاونيه كحالات جنائية مع إغفال الجرائم السياسية الأكثر خطورة. فاذا تمعنا فى الامور فإن جرائم نظام مبارك السياسية هى الخطيئة الاكبر التى تتفرع منها الخطايا الاخرى مثل الجرائم الجنائية التى تحدثنا عنها أعلاه. فعلى الصعيد السياسى فإن نظام مبارك رسخ وضع الدولة المصرية كدولة لا تمتلك قرارها وتعتمد على الدول الكبرى فى إقتصادها وتأمين سلطتها. ولهذا سيطرت طبقة راسمالية كمبرادورية على الإقتصاد الوطنى؛ ويمثل كبار قادة الجيش، الذى يسيطر على ثلث الاقتصاد، أحد أضلعها. وهذه الطبقة مكنها إرتباط نشاطها بالاحتكارات الرأسمالية العالمية من إكتساب نفوذ سياسى واسع أعاق تقدم البلاد نتيجةً لرهن مقدراتها للدول الكبرى التى تتناقض طبيعة إستثماراتها الراسمالية مع مصالح عامة الشعب. وللإحتراز من الحراك الشعبى ضد هذا الوضع حُرم العمل النقابى من الاستقلالية وأُخضع العمال لقوانين عمالية جائرة؛ وصارت الدولة آلة للقمع الهائل تسلب الناس مصادر معاشهم وتمارس التنصت الذى يحصي عليهم أنفاسهم وعندما تفشل وعودها الكاذبة، التى تهدف لتحقيق التعايش بين مكونات المجتمع، ويحتج الناس تفتك بهم بدم بارد.

إخفاق دولة مبارك سياسى وجرمه الاعظم هو الإستهانة بالمصالح الوطنية ومقايضتها بإهدار الإستقلال الوطنى وتحويل البلاد لمرتع لنشاطات الاحتكارات العالمية وأذيالها المحلية التى لاهم لها سوى الربح وتجريف أموال المصريين للخارج. وكان ثمن هذه التبعية دولة ناقصة السيادة مثقلة بالديون الداخلية والخارجية وشعب يعيش نصفه تحت خط الفقر.



#محمود_محمد_ياسين (هاشتاغ)       Mahmoud_Yassin#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ماذا لو رفعت داعش راياتها فوق البيت الأبيض الأمريكى؟
- ميزورى: الوجه الآخر لمظالم السود فى أمريكا
- سد النهضة الإثيوبى: الغموض وانعدام الشفافية
- مصر: المعادلة السياسية..الملاءة المالية..سيادة السودان
- يسار تحت حذاء عبد الفتاح السيسى!
- فى ذكرى أول مايو: التناقض بين رأس المال و العمل فى أمريكا
- أوكرانيا: النفاق الامريكى ومطامع القياصرة الجدد
- دولة جنوب السودان: الملهاة والمأساة
- الطرابيلي والحسينى ومغزى عبارة هيكل
- خواطر حول معوقات الديمقراطية الليبرالية فى العام السابق
- السودان دولة يحكمها دستور عرفى دائم!
- مانديلا : مكانته فى السياق التاريخى للثورة فى جنوب أفريقيا
- سد النهضة: نذير الفوضى فى التعامل مع مياه النيل
- رواية مزرعة الحيوان وحقيقة أورويل كمُخبر معاد للاشتراكية (3)
- حول الديمقراطية(4-4) مفهوم الديمقراطية الجديدة وراهنيتها
- حول الديمقراطية(3-4)
- حول الديمقراطية ( 1-4)
- كلمة عن وفاة جياب
- رواية مزرعة الحيوان وحقيقة أورويل كمُخبر معاد للاشتراكية (2)
- رواية مزرعة الحيوان وحقيقة أورويل كمُخبر معاد للاشتراكية


المزيد.....




- هارفارد تنضم للجامعات الأميركية وطلابها ينصبون مخيما احتجاجي ...
- خليل الحية: بحر غزة وبرها فلسطيني خالص ونتنياهو سيلاقي في رف ...
- خبراء: سوريا قد تصبح ساحة مواجهة مباشرة بين إسرائيل وإيران
- الحرب في قطاع غزة عبأت الجهاديين في الغرب
- قصة انكسار -مخلب النسر- الأمريكي في إيران!
- بلينكن يخوض سباق حواجز في الصين
- خبيرة تغذية تحدد الطعام المثالي لإنقاص الوزن
- أكثر هروب منحوس على الإطلاق.. مفاجأة بانتظار سجناء فروا عبر ...
- وسائل إعلام: تركيا ستستخدم الذكاء الاصطناعي في مكافحة التجسس ...
- قتلى وجرحى بقصف إسرائيلي على مناطق متفرقة في غزة (فيديو)


المزيد.....

- كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل ... / حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
- ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان / سيد صديق
- تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ ... / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- المثقف العضوي و الثورة / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- الناصرية فى الثورة المضادة / عادل العمري
- العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967 / عادل العمري
- المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال ... / منى أباظة
- لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية / مزن النّيل
- عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر / مجموعة النداء بالتغيير
- قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال ... / إلهامي الميرغني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - محمود محمد ياسين - حسني مبارك لم يحاكم على الجرائم الكبرى