أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جميل الشبيبي - البحث عن هوية في فضاء بديل (رواية عجائب بغداد نموذجا تطبيقيا















المزيد.....



البحث عن هوية في فضاء بديل (رواية عجائب بغداد نموذجا تطبيقيا


جميل الشبيبي

الحوار المتمدن-العدد: 4656 - 2014 / 12 / 8 - 15:48
المحور: الادب والفن
    


تمهيد
تتضح إشكالية الهوية في السرد العراقي المعاصر بشكل جلي في الروايات العراقية التي كتبت بعد التغيير العاصف الذي أصاب البنية الاجتماعية والسياسية في العراق وخرب مؤسسات الدولة ، حيث يتجلى افتقاد الأمن مقرونا بانفتاح غير موزون للحريات الشخصية وتسيد ما يسمى بالهويات الفرعية باعتبارها تمثيلا لمكبوتات مغيبة إبان العهد الدكتاتوري السابق ، وفي مثل هذا الفضاء المشاكس ظهرت على السطح صراعات سياسية مؤدلجة وليست أصيلة بين مكونات الشعب العراقي إضافة إلى بروز دعوات تستثمر الدين أساسا في الهوية العراقية وصولا إلى صعود أصوات إلى السلطة السياسية تعمد إلى إحلال المذهب أو الطائفة بديلا عن التجانس الاجتماعي الشكلي الذي كان سائدا قبل التغيير ممثلا بالاحترام المتبادل بين الطوائف الدينية والقومية في العراق .
ولذا فأن البحث عن الهوية وتحديد مكوناتها الأساسية في العراق بشكل خاص لم يعد ترفًا فكريًا أو نظريًا، فالتطورات المتسارعة أصبحت تمثل تحديًا حقيقيًا لمختلف الشعوب ، خصوصًا مجتمعات العالم الثالث.وكان للانفتاح الكبير بين الشعوب بعد انتشار وسائل الاتصالات وتطورها العاصف وانتقال المعلومات بشكل لم يسبق له مثيل ، والتوسع الاقتصادي الكبير للشركات الغربية، وصعود نجم العولمة كل ذلك دشّن مرحلة جديدة تزامن مع الاهتمام الكبير بموضوع الهوية .
كما أن انتشار الكثير من مظاهر العولمة في العالم،أدى إلى انتشار الثقافة الاستهلاكية التي تعتمد المذهب البراكماتي الأمريكي التي أثرت تأثيرا كبيرا في الأجيال الجديدة بشكل خاص ، فأصبح الفارق بينها وبين الأجيال التي سبقتها واضحًا للعيان، خصوصًا من حيث المفاهيم والسلوك والتطلعات والعلاقات التي تربط الأفراد بعضهم بعضًا ، فأصبح مبدأ المنفعة أساسا في توجهات الفرد ،(1) ومن أهم ردود الفعل على هذه الثقافة وغيرها من التوجهات الثقافية ،ظهور واستفحال ظاهرة النزعات السلفية بأشكالها المتنوعة في المجتمع العربي والعراقي بشكل خاص ونزوعها الدموي – في العراق بشكل خاص- الذي تجسد في ظاهرة التفخيخ والتفجيرات اليومية التي طالت المدن العراقية دون استثناء إضافة إلى استشراء ظاهرة المليشيات التي تتقنع بالهويات المذهبية ،وتمارس القتل والاختطاف وكل أعمال الإرهاب ، مما حرف الهوية الوطنية وجعلها ( هوية قاتلة) يستعيض فيها الإنسان (بعنصر ما من الهوية ، ويعتبر هذا العنصر ، سواء كان دينيا أو قوميا ، يختصر آو يختزل كل الهوية ، بينما الهوية مركبة من عدة عناصر ، والعصر الراهن يشهد هذا الاختزال ..(2) ومفهوم الهويات القاتلة هو احد المفاهيم السائدة في عراق ما بعد التغيير ،وقد أصبح من الثيم المألوفة المكررة في روايات ما بعد التغيير ..،وقد اتسمت هذه التساؤلات المحيرة عن الهوية في الرواية العراقية بأحداث تسجيلية خطيرة اتضحت فيها فيها عناصر الإقصاء والقتل على الهوية وتضخيم أحداثها ،وصولا إلى انقلاب جذري في مفهوم الهوية ، يسمح بتمزيقها والهجرة إلى المجهول(3) ،أو إضفاء تساؤلات ساخرة على مكونات الهوية تدينها بالتخلف والثبات على القديم ،وتقزيم الشخصية العراقية وانتفاخ ألانا المثقفة وتضخيم دورها ،كبديل عن الشخصية الواقعية ، ويمكن رصد هذا المعنى من خلال قراءة ثقافية جادة وواعية للسرود الروائية التي كتبت بعد التغيير وعنه.
ويهمنا أن نستعرض معنى الهوية ومكوناتها (وهل هي مفهوم ثابت ،ضيق ،مغلق على ذاته ؟أم هو مفهوم منفتح على الآخر بقدر انفتاحه على ذاته؟(...)وكيف تتكون الخصوصية ؟وهل يهددها الانفتاح على الآخر أم يغنيها؟ (4) هذه الأسئلة وغيرها ستجد إجابات لها في الكتابات الثقافية أولا في حين يجسد السرد الروائي إجابات يمتزج فيها الواقعي والخيالي وهو يحمل وعودا في الإجابة عن مفهوم الهوية ومتغيراته وآفاقه.
هناك العديد من الآراء حول مفهوم الهوية ،ومعظمها يتخذ من وقائع الحياة المعاصرة واشتباك الثقافات ، أساسا لها ، لكنها تبقى إجابات نظرية ،لا تستطيع الوصول إلى أهدافها بسبب هذه القطيعة الأزلية بين الثقافة والواقع ، ولكنها تبقى إجابات يمكن الاستفادة منها في قابل الأيام .
يقول الفيلسوف زكي نجيب محمود أن الهوية ((لا تصان إلا بان يتمسك الشعب بثقافته التي ورثها عن أسلافه أي في العقيدة وفي اللغة وفي الفن وفي الأدب وفي كثير من النظم الاجتماعي )(5) وبهذا المعنى يقصر الهوية على تراث الأمة والحفاظ عليه في حين يرى الروائي ادوار الخراط ( أن الهوية الوطنية باعتبارها مقوِّمًا له دلالته في مذهب إنساني جديد،، ليست جوهرًا ميتافيزيقيًا أبديًا قبليا، ليست (معطى)، محددا مسبقا، ليست تراثًا محتومًا لا حول عنه، مقذوفًا به من الماضي ومنيعًا لا يؤثر فيه البُعد الزمني، ولا المتغيرات التاريخية، بل هي واقع ديناميّ، تاريخيّ، زمني، لجسد تعاد صياغته وتشكيله وتنميته.)(6) وهو يرى أيضا أن (الهوية الوطنية لا تكتسب مقدرتها على البقاء - فضلاً عن مصداقيتها - إلا بمقدرتها على التطوّر والتفاعل مع المعطيات الاجتماعية السياسية والثقافية التاريخية, إلا بوعيها بهذه الخصيصة من المرونة والانفتاح والاستجابة النقدية.)(7)
لقد اعتمدنا على آراء مفكرين عرب من بلدين معروفين بوجود الأقليات القومية والعرقية هما لبنان ومصر ، إضافة إلى آراء الروائي أمين معلوف الذي لخص لنا الهويات القاتلة باعتبارها حقائق على ارض الواقع اللبناني ، أما آراء الكتاب والأدباء العراقيين في هذا المجال فهي كثيرة ومتنوعة نقتبس منها ما يفيد اتجاهنا في البحث عن إشكالية الهوية العراقية في السرد العراقي فالكاتب شمخي جبر يلاحظ (إن إهمال أو تهميش الهويات الفرعية جعل منها عامل إلغاء للمواطنة وبالتالي أصبحت هذه الهويات تشكل ثقوباً بنيوية في النسيج الوطني تتسلل منها عوامل التشرذم وأمراض الفرقة وتجزئة الوطن، فتحولت هذه الثقوب إلى مزامير ينفخ فيها العاملون على بناء مصالحهم وتطبيق برنامجهم التقسيمي للوطن من خلال استغلالهم لهذه الإعطاب التي تصيب الهوية الوطنية،..)(8) ويتحدث نزار اغري عن الناطقين بالسريانية وهويتهم المهددة تتضح فيها مفاهيم الخصوصية القومية الفرعية باعتبارها هوية مهددة بالانقراض (9)
وإشكالية هذا التعدد والتنوع في مكونات المجتمع العراقي، – كما يقول الأستاذ إبراهيم الحيدري (هو ظاهرة صحية من الممكن أن تكون عنصر غنى وإبداع ثقافي وروحي واجتماعي إذا ما توحدت في إطار وحدة وهوية وطنية واحدة.)(10)غيران ما جرى في العراق بعد التغيير بايلاء التعدد الثقافي أساسا للهوية القومية والدينية قد افرز إشكالات كثيرة ومعقدة أهمها اندفاع مكونات كثيرة كالصابئة المندائيين والكلدان والأشوريين والايزيدين إضافة إلى الكرد الفيليين والزنوج العراقيين إلى المطالبة بحقوق خاصة تعوضهم عن الاضطهاد والتهميش الذي عانوا منه في العهود السابقة ، وتبدو هذه المطالب مشروعة نسبة لما تحقق للقوميات الثانية كالكرد والتركمان لكنها من الناحية العملية ستبدد ثروات البلاد وتشجع الانقسامات والاعتزاز بالهوية الخاصة مقابل الهوية الوطنية التي تبقى معلقة ، ولذا فأن الحل الأمثل لصراع الهويات في العراق ومن اجل أن تصبح هذه الهويات ظاهرة صحية فيه ينبغي إقرار قانون المساواة للجميع دون استثناء في كافة الفرص والوظائف دون تمييز أو محاصصة بغيضة جرت علينا الويلات ، فاعتبار العراقيين متساوين في الحقوق والواجبات والنزوع إلى تطبيق ذلك بشكل سليم على أساس الشخص المناسب في المكان المناسب سيكرس الهوية الوطنية ويبعد عن هذا الوطن الصراعات الدامية (11)
رواية عجائب بغداد وإشكالية البحث عن هوية
لعل رواية ( عجائب بغداد)للروائي وارد بدر السالم تشكل نموذجا متميزا في طرح الأسئلة الإشكالية عن معنى الهوية ،وكيف تتضح معالمها ، إضافة إلى الحوار مع الآخر الأجنبي والعربي الذي يعتبر الفضاء الروائي المشاكس في حروبه واغتيالاته فضاء غنيا للأخبار والصور الجديدة للفضائيات التي تبحث وراء الغريب والشاذ والعجيب من الأخبار والصور فتجدها في هذا الجو المشحون بالكراهية ،وهناك الموقف من الإنسان العراقي المتعاون مع الاحتلال والشخصية الوطنية التي ترفض الاحتلال والاهم من ذلك ظهور عجائب بغداد في هذا الجو الغرائبي المحمول في الزمن الواقعي المشخص في عام 2006 كالقرى العشوائية التي تمثل رد فعل على الحرب بين المليشيات لتجسيد الهوية الوطنية مجسدة في القرية البوذية وشخوصها المنتمين الى الشرائح العراقية بكل بمعظم اطيافها التي تكون عناصر الهوية الثقافية .
تتخذ رواية ( عجائب بغداد) من بغداد فضاء نموذجيا للكشف عن الصراعات الدموية وعن عالمها العجيب والغريب ، المتحقق في الزمن الواقعي الذي يبدأ ( بعد أطوار بهجت)ويبقى مفتوحا إلى أزمان لاحقة لا تشير اليها الرواية ولكنها تصنع حدودا خيالية لها في تجمعات عشوائية مجسدة في القرية البوذية .نموذجا للهوية العراقية .
تبدأ رحلة السارد إلى هذا الفضاء المشاكس (يوم الأربعاء الموافق 22 فبراير 2006)وهو اليوم الذي (اختطفت واغتيلت (الإعلامية العراقية أطوار بهجت )مع طاقم العمل أثناء تغطيتها أحداث تفجير مقام الأمام علي الهادي في سامراء....)(12)
يسرد الراوي تفاصيل مقربة للاغتيال ، وكأنه شاهد عيان على تلك الجريمة ، ويقرر العودة إلى (وطن) لم يلد فيه ولا يعرف شيئا عنه،
(تلك الصورة الفجائعية جعلتني أقف بين عالمين احدهما تحميه السماء وتمطر عليه عطرا وشذى وسلاما وتغذيه بالسواحل والأشرعة والسفر ،والآخر تعزله البنادق عن أنفاسه وتضعه في حاضنات البارود والرصاص ، كي يبقى في محبس العمائم وأعشاش البارود...الرواية ص9)
إشكالية السارد
بهذه العبارات البليغة يمهد الروائي لظهور السارد الإشكالي الذي عاش في عالم (تحميه السماء وتمطر عليه عطرا ) ليشخص (خطأ الوطن الذي لم يره ) وليسرد تفاصيل أحداث عجيبة ويتخذ منها موقفا ويرسم شخصيات الرواية ليكون صوتا للمؤلف الذي يتخفى وراء سارده ،الذي كان غريبا عن وطنه وهويته بفعل خارج عن إرادته فكأنه (غريب يعود الى غربته ص124 من الرواية ).
بهذا المعنى فأن سارد الرواية يمثل نسقا متواريا خلف مجموعة هائلة من الاهتمامات والأمكنة والأمزجة التي تشرب بها في مكان غريب (دبي)عن هويته الأصلية فهو لا يعرف شيئا عن ( بغداد إلا من خلال أب هجرها منذ طفولته وأم غابت في ذاكرة طليقة ليست لي صلة بما حدث ...ص30 من الرواية).واختيار سارد من هذا النوع سيسهم في إضاءة أحداث وشخصيات وصراعات دموية بعين رقيب يبدو محايدا فهو مراسل لمجلة خليجية (لا تحتاج إلى قصص حرب مقرفة وبشعة عن همج يتقاتلون من اجل لا شيء ص22) ، لكنه بالضد من ذلك يستثمر وجوده في بغداد ليسرد قصص الحرب المقرفة ،ويلقي ضوءا ساطعا على متغيرات الفضاء الروائي –المحايث للواقع المعيش- بتفصيلات المعارك والقتل على الهوية وصور بشعة عن الجثث الطافية في نهر دجلة إضافة إلى ردود الأفعال ووجهات النظر المتنوعة للآخر الأجنبي الذي حضر لتغطية الأحداث الدامية ، ويتضح من وجهة نظر السارد كل ذلك مضافا اليها وجهة نظره عن فئة السياسيين الذين يتصدرون المشهد السياسي في تلك الفترة ، اما وجهة نظره الخاصة بالانتماء فتبدو واضحة جلية في الفصول الأخيرة من الرواية .
وجهات نظر السارد في الآخر الأجنبي والعربي
تحيط بالسارد مجموعة من مراسلي الفضائيات الأجنبية والعربية ويجد نفسه وسط حرب أهلية وقتال شوارع وصراع الناس مع المليشيات المتكاثرة كالحشرات في أجواف الأحياء الصغيرة ص10 ) محاطا بحماية مكثفة من قبل القوات الأمريكية المحتلة ، وخلال ذلك يتعرف على مجموعة من المراسلين بينهم:
(لورا) مراسلة ألبيبي سي كانت كريمة معه ويلفت نظره أناقتها (بالجينز الصحراوي والشعر المعقود خلف قبعة عسكرية معقودة على رأسها كمحاربة تشي طلعتها بالنشاط والحيوية والحركة الدؤوب ص12 )وهي من وجهة نظره ( أفتى وأكثر شبابا من هذا العمر (عمرها 40 عاما) في حين ترى هي في السارد عاشقا وسائحا ولا خبرة له بالحروب ص12
لورا تمثل للسارد مصدرا للمعلومات الغنية التي تمتلكها عن وطنه وهي بنفس الوقت تمثل وقتا للمتعة في هذا الجو المشحون بالقتل ، ولذا فهي من وجهة نظره صديقة على الرغم من جنسيتها الانكليزية ويشارك بلدها في احتلال وطنه .وهي تعتبر بغداد (مكانا يحتوي نزقي وحركيتي والكثير من حرية أنت لا تراها لكنني أعيشها بحب كبير .كنت فيها مثل الطفلة التي تبحث عن ألعابها الملغمة في الحدائق والشوارع والأرض ص83 الهامش)
في حين يرى نفسه مختنقا بالعبرات التي تخنقه وتخنق غيره (من الناس الهائمين وسط موج النيران المتأججة فيهم وحولهم وبين خطاهم القلقة ص84
في هذا الجو المشاكس يتعرف على مراسلين غربيين وعرب (ووجوه عراقية متلبسة بالغموض والبلادة والحزن وأطياف من الأسئلة (...و.)نساء متشحات بعباءات سود شاردات الأنظار محجبات وجوه قلقة ورجال محاصرون يفترسهم الهم والغد المقبل بالوعود يحملون فايلات ملونة ويلوحون بها كانهم سيدخلون الجنة من بوابة الشيراتون بحماية جنود المارينز ص13)
وتكشف له المراسلة لورا أسباب تواجد هؤلاء العراقيين أمام باب الفندق : بعضهم يحمل وثائق مهمة ومسكوكات تاريخية سرقت من الدوائر الحكومية يريدون بيعها للصحفيين ، ثم تقول له :(الجميع الآن كشفوا لعبة الوهم الديمقراطي التي نادى بها الرئيس بوش ..ص14) وتؤكد له في مكان آخر (هؤلاء غزاة ومرتزقة هنود حمر ميتو القلوب (...)أنت روائي والسياسة جزء من صلب العمل الأدبي وهذا وطنك الغائب والمغيب عنك وهؤلاء مرتزقة جاءوا ليسرقوا نفطكم ومستقبلكم ص71)
وإذا كان يرى في (لورا) صديقة بسبب مواقفها من الاحتلال فهو يستنكر على عراقيين لبسوا عباءة الأجنبي وامتثلوا له منهم خميس الأسود العراقي المقيم في الكويت المراسل لجريدة كويتية فهو من الأشخاص الذين ينظر لهم السارد نظرة عداء لأنه ( يستعين بالهمرات الأمريكية بباج خاص لديه حين يتجول بين قصص الخراب ....ص20)وهو (أزعجني انه يكثر من اتصالاته في هاتفه الثريا ويبتعد عني بأنانية لم تعد خافية علي ..جريدته الكويتية تريد منه صور الخراب وقصص الموت العراقي في كل مكان ص20)ومثله العراقي (اشرف )الذي يمثل نموذجا للمتعاون مع قوات الاحتلال (يشعرني بشكل أو بأخر انه قواد من قوادي الاحتلال أو بمنزلة مقاربة من ذلك ...ص81 واشرف يسرد حكايته مع مايكل الأمريكي (أنقذت صديقي مايكل من موت محقق في (الفضل)(...)جماعة المجاهدين نصبت كمينا لدوريته في الفضل حاصروا مدرعته بالقنابل اليدوية وكان =الهدف أخذه أسيرا مع مجموعته غير أني أنقذته باللحظة المناسبة ...ص82 وتبقى هذه اللحظة المناسبة دون جواب ولكنها تدخل في فضاء المسكوت عنه بين (جماعة المجاهدين ) وغيرهم من المليشيات وبين الجيوش المحتلة للعراق !!!
وفي كل صفحات الرواية تسرد أحداث دموية بين فصائل عراقية متناحرة
يرد فيها ما يشير إلى فصائل تنتمي إلى الأطياف العراقية المتنوعة ، لكن السارد لا يسجل مواقف متضامنة مع أي طرف فيها ،بل أن هذا التناحر الطائفي المؤدلج يدفع به دائما نحو فضاء الوطن وهو يتساءل مع نفسه (حتى القوقعة لها وطن تمشي به ويمشي بها ص42)، لكنه يتخذ موقفا مضادا للتيارات السلفية القادمة من خارج الحدود ممثلة بالقاعدة ،ويسرد تفاصيل كثيرة عن أعمالها الإرهابية ضد مواطني بلده .والاهم من ذلك انعطاف نظرته الخاصة ضد الاحتلال الأمريكي بالذات ويصبح أقصى كرها وحقدا عندما يشرع بنفسه في مشاركة صبية عراقيين في إحدى أزقة بغداد الفقيرة وهم يتخذون من رأس جندي أمريكي مقتول كرة قدم يتناوبون على ضربها بأرجلهم ، في حين يقوم هو بتصوير ذلك بشكل مفصل دون خوف من مخاطر القوات الغازية ، وبنفس الوقت يصبح معلقا على هذه اللعبة وهو ينقلها إلى العالم بواسطة صحيفته حين يخاطب رئيس تحرير المجلة قائلا (تمعن في اللقطة جيدا وانظر إلى وجوه الصغار المنتصرين على الرأس الأمريكي ..كرة عظام جرحت أصابعهم وقلعت أظافرهم .هذا الصغير الأملح الذي يتقدم جماعته ويسبقهم ..انظر إلى عينيه الغاضبتين وهو يركل رأس الجندي بشراسة ونزيف الدم يجر ورائه خيطا لزجا .. عيناه تفسران الفجوة العميقة بينه وبين العالم ص109)
ويؤكد تعليق السارد على موقفه المناهض قوله (كان بيننا أنا والصبيان تواطؤ عاجل لتوثيق لحظات متسارعة من لعبة اكبر مني ومن الصبيان والعمارات ...ص111)وهي لعبة مضمرة في ثنايا السرد المحايد الذي حاول الكاتب أن يخفي فيه موقفه من الاحتلال ليبعد روايته عن المواقف المكشوفة المناهضة لكن هذه الأقوال والمواقف تكشف انتماء السارد الغريب عن وطنه إليه خصوصا في دقة اختياره عبارة (وانظر إلى وجوه الصغار المنتصرين على الرأس الأمريكي ) التي تشي بوجهة نظر ضد الاحتلال ويتأكد ذلك في اللقطات الخاصة بعجائب بغداد.
عجائب بغداد
في الأجواء المغلفة بالخوف وانعدام الأمن والوحشة ،يتجلى العجيب وكأنه جزء من العالم الواقعي ، وقد استثمر الروائي من خلال صوت سارده المحايث للحدث سرد وقائع غريبة في جو مشحون بالغرابة تمثل بتلك المشاهد المخيفة في مشرحة بغداد واليد المقطوعة للإرهابي الذي فجر نفسه واستقرت كفه على (تنكتي التي اجلس عليها فبدت مثل حيوان غريب استسلم لقدره ص62) واليد بمثل هذا الوضع تستبدل وظيفتها في صناعة الحياة بوظيفة وحشية ولا إنسانية تتمثل بصناعة الموت وهي بهذا الشكل تفجر في نفس السارد مشاهد عجيبة لجمال أصابع اليد كان قد شاهدها في عواصم العالم وهي (تكتب وتعزف وتنحت وترسم وتحنط وتصنع وتلوح للجمال وتمسح الدموع ...ص28).بينما تبدو الكف في هذا المكان الملبد بالخوف (كسلحفاة صغيرة محاصرة بالعيون المبهوتة التي تراقبها باشمئزاز ..كانت أصابعها تنكمش وتلتوي وتهمد كسحالي ميتة ص63)
وفي جو بغداد الملبد بالفزع والخوف والرهبة ،والقتل اليومي في هذه الرواية ،يستثمر الروائي المخيلة الشعبية في مثل هذا الجو النموذجي ،ليسرد ( عجائب بغداد ) التي تقدم لنا (كائنات وظواهر فوق طبيعية تتدخل في السير العادي للحياة اليومية ...)(13)، وتستثمر هذه الكائنات والظواهر كتقنية روائية ، تهدف إلى إنشاء انساق مضمرة تنبئ بعالم متوازن مغاير لعالم التشظي والقتل ، تجد فيه النفوس المعذبة فضاءها الصحيح وتستعيد فيها هويتها المفقودة ، ولذا فأن العجيب في هذه الرواية لا يهدف الى بناء رواية ( عجائبية ) بالمعنى المعروف ، ولكنها تستثمر العجيب (تقنية سردية تساهم في حبك الأحداث وفي تازيمها (وهي...)من ناحية أخرى مادة بعناصرها وشخوصها تنضاف إلى الواقع دون أن تسئ إليه أو تحطم نسقه ص62)(14)ومن أهم الأحداث العجيبة في الرواية :
1- أعمى قاتل (15)
2- سيف ألزرقاوي (16)
3- أخي الأصبع (17)
4- قرية الأستاذ
تمثل هذه العجائب انساقا مضمرة تتجه اتجاها معاكسا ومناقضا للأحداث اليومية التي سجلت الرواية العديد من حكاياتها المأساوية ويهمنا هنا أن نفصل في اتجاه انساق هذه العجائب بالشكل الذي يلاءم إشارات السارد إلى حركتها المعاكسة للأحداث وصولا إلى بناء عالم تتحقق فيه الهوية الوطنية بالشكل الصحيح في إحدى القرى العشوائية حول بغداد .(15)
يمثل الأعمى أمام جمهرة المراسلين الأجانب شخصية متسول تقوده صبية شعثاء وهو يروي فجائع لا حصر لها وقعت في مدينتهم –(هامش ص37)،ثم يصبح من عجائب المدينة حين يقتل خميس الأسود أمام جمهرة المراسلين ،فيدخل ضمن نظام الشخصيات الإشكالية التي تأتي كرد فعل مناهض للتخريب والقتل والإبادة ، ويتعزز ذلك بظهور شخصية مقطوع الرأس وهو يتحرك ويؤشر باحثا عن رأسه المفقود ،أما (أخي الأصبع) فهو تنويع غريب على عجائب بغداد خلال فترة احتلالها وتخريب بنيتها ،ويستثمر السارد الشاهد على الأحداث هذه العجائب ،لإنشاء عوالم خارج نظام الطبيعة ،قوى خارقة تستطيع موازنة التخريب الذي تنجزه قوى متجبرة لا يمكن الوقوف بوجهها ممثلة بقوى الاحتلال .باللجوء إلى استثمار الخيال الشعبي بمرويات وحكايات تخرق نظام الوقائع المألوفة باتجاه تأسيس نظام جديد أساسه قوى فوق طبيعية ،تحرسها قوى الغيب ،تجعل من الأعمى بصيرا يستطيع إصابة هدفه بدقة ،وتجعل الجثة تبحث عن رأسها المغيب في سراديب الجماعات الإسلامية المتشددة .ويحيلنا هذا البحث الى رمزية هذا الكيان الذي يقف ويتحرك بطوله المديد دون رأس ، كدالة على ضياع نظام القيادة والتحكم المودوع عند المجموعات السلفية التي لا تؤمن بالعقل ،(16) وهي إشارة إلى افتقاد السلطة المدبرة للتوازن والعدالة الغائبة المتمثلة في (قرود المنطقة الخضراء ...ههههههههههه ص114 من الرواية )(17) وكل ذلك يبسط توقيته على رأي عام معروف أساسه العلاقة بين القوى السلفية والاحتلال الأمريكي وبينها وبين السلطة الممثلة للاحتلال !!!ويمكن اعتبار (أخي الأصبع) علامة من علامات السخرية السوداء من كل ما يحدث ، حين يقف الأصبع بالشكل الذي يذكر( بوضعية مربكة لناظرها ) وهو يمثل (معجزة ، وان بيت القتيل بيت من بيوت الله ص76)عند عامة الناس..
قرية الأستاذ
بظهور قرية الأستاذ ،يدخلنا مؤلف الرواية وارد بدر السالم إلى الفضاء البديل الذي يمثل وجهة نظر مضادة للحرب الأهلية المؤدلجة ، وهي وجهة نظر لم يلتفت إليها معظم كتاب رواية ما بعد التغيير الذين اكتفى معظمهم بتسجيل كل الدناءات اللانسانية التي وقعت ،في زمن الاحتلال وبعده .
و قرية الأستاذ من القرى العشوائية التي نبتت في ارض الوطن بعد الاحتلال يسمونها (حواسم) إلا أنها تتميز عن بقية القرى العشوائية بنظام جديد وضعه الأستاذ لها يسكنها غرباء جمعتهم مصائب فوضى الاحتلال والقتل على الهوية .وفي هذه القرية يتواجد الشيعي والسني والمسيحي دون أن يكون هناك صراع بينهم على أساس هذه الهويات الفرعية كلهم ينتمون إلى القرية وكلهم يؤمنون بأفكار الأستاذ الذي أسسها ، هناك الأستاذ الجامعي الذي أسس القرية ، على ضوء فكرة يخاطب بها الجميع ( كل واحد منكم هو الحقيقة والسلام والطمأنينة ولا تدعو أنفسكم رهائن نصوصكم فالدين للكنيسة والمعبد والجامع ص130)
وهناك طالب الفنون الجميلة يحمل أخاه الإصبع معه في كل مكان وهو الذي اقترح ان يجعل القرية مسرحا مفتوحا للصحفيين والمراسلين الأجانب .
وفي القرية إعلام من ألوان شتى تعبر عن هذا الحشد غير المتجانس من البشر وهم يعيشون بسلام وعلى بعد قريب من العاصمة يسمعون الانفجارات ويعرفون المصائب التي تحل على أهل العاصمة .
في هذه القرية تتجلى معجزة بيت قارورة الرماد (18)، وتظهر شخصية جرجيس الأشهب الذي غادر أولاده إلى المنفى وبقي وحيدا بعدما قتلوا زوجته (19)
صياد الجثث
لصياد الجثث حكايات غريبة مع جثث الموتى الطافية في نهر دجلة ، وهي تغالب موتها لتستقر على الجرف أو في أعماق النهر بسبب الثقالات التي توضع في أرجلها وبعضها يكون طعاما للكلاب التي استعمرت احدى ضفاف دجلة مكانا للولائم الدسمة .
يسرد حكايات النهر نيابة عن السارد رجل الزورق او الصياد الذي أصبح الزورق موطنا له ولأهله عندما يشتد القتل والقتال .ومن النهر تتكشف للصياد حياة آفلة لوجوه جثث لرجال وشباب ونساء ،جنود وشرطة طافية في النهر ، في البداية كانت الجثث مصدر رزق له حين يجد في جيوبها نقودا او مصوغات لكنه أصبح مولعا بجمع هوياتها والاحتفاظ بها ، فأصبح يملك أعدادا كبيرة منها (20).
ومن اجل أن تصبح حياة سكان هذه القرية بديلا للحياة الجديدة في بغداد ،يمسرح السارد الشاهد ومن ورائه المؤلف فضاء القرية بكل ما يدشن الحصول على الهوية الضائعة للسارد : النجارون يصنعون موقدا لصاحب المقهى في القرية ، أعلام ملونة خطت عليها تواريخ عبثية ورسومات عشوائية ،طائرات ورقية وموسيقى شعبية استعملت فيها الأبواق العسكرية وطبول الكشافة وأواني الطبخ المختلفة (حولت المكان إلى مهرجان صاخب خرج عن جاذبيته الأولى في فلك الفرح السعيد ،كقرية في غابة بدائية ص166)
حائط الهويات / حائط الموتى
لقد حشد الروائي وارد بدر السالم أحداثا وعجائب وأهوال في ليل بغداد ونهاراتها ،مستثمرا الذاكرة الشعبية ، والأجواء المخيفة التي يمكنها أن تستقبل أو تنتج مثل هذه الوقائع الغريبة والعجيبة ،إضافة إلى الواقع التسجيلي الذي ضمته سجلات بغداد والمدن العراقية الأخرى ،في أعوام الاحتلال الأولى وما تلاها إلى وقتنا الحاضر كل ذلك أنتج الكثير من الأحداث التي وجدت لها أفقا من الحقيقة في الواقع المعيش ،ويمثل حائط الهويات حكايات عجيبة عن بشر قتلوا ومثل بهم دون سبب ، ثم أصبحت جثثهم هائمة في نهر دجلة ، الذي يمثل الخصب والحضارة والحياة النابضة عند العراقيين منذ عصور وعصور ،وتمثل هذه الانعطافة في سرد حكايات هويات القتلى وقد علقت على حائط المقهى البوذية ،إعادة الموتى إلى الحياة حين يتسلمها أهلوهم بعد ان فقدوا الأمل في معرفة أخبارهم ، أنهم الآن أحياء عند أهليهم (21)
لقد استثمر الروائي وارد بدر السالم الواقع التسجيلي في مدينة بغداد والمدن العراقية الأخرى التي رزحت تحت أعمال العنف والقتل على الهوية وتصفية الناس دون سبب ، مضافا إليها ما افرزه المخيال الشعبي ، في ظروف الخوف والرهبة والموت المجاني من عجائب ظهرت في سماء بغداد وتحت أنظار المحتلين وأنظار العالم ،كرد فعل على تلك الأهوال التي افرزها الاحتلال ،استثمرها كعلامة من علامات التحولات الايجابية في النفس البشرية حين تعيش الأهوال وتكتشف مصدرها ،وقد اتضح ذلك في المشاهد الكرنفالية التي شاهدها مراسلو الفضائيات والصحف العربية والأجنبية في القرية البوذية التي نبذت العنف وتبنت الحياة الآمنة (22)
وفي مثل هذا الجو النموذجي الذي ظهرت تلك العجائب ،يتحول السارد من شاهد محايد على الأحداث إلى مشارك فيها حين يرفض الذهاب إلى المنطقة الخضراء أو يعود إلى دبي ،يحمل هوية احد الغرقى يتحسسها بين حين وآخر (وفي جيبي هوية وطن غرقت فانشلها صياد ماهر يرتزق على صيد الجثث وهي في جيبي الآن شعور جديد بالمواطنة يعز على مفارقته بعد الآن ص162.)(23)، وهو بذلك ينتمي إلى العالم الذي شارك في بنائه (عالم القرية العشوائية )حيث الإخاء والمحبة بديلا عن العنف والقتل وحيث الهوية الواحدة بعيدا عن التعدد في الهويات .
إن رحلة السارد في رواية عجائب بغداد ،من عالم تحميه السماء وتمطر عليه عطرا إلى عالم الأهوال والقتل والجريمة البشعة ،وصولا إلى اكتساب الهوية يمثل رحلة معاناة ومكابدة يحرسها ويسرد أحداثها روائي تمرس في ولوج الأمكنة الصعبة ، لتشييد عوالم يتعايش في فضائها شخصيات إشكالية متناحرة أعطاها إمكانية التعبير عن نفسها ، بخبرته الطويلة في الكتابة الإبداعية ،وتأتي تحولات السارد ، برهانا على أن الهوية الحقيقية تكتسب في المواقف الصعبة حين يكون الإنسان مشاركا في بلورتها وليس شاهدا على تحولاتها ، وبهذا كانت الرواية برهانا على هذه التحولات ودليلا حيا عليها .
----------------
(1) انظر رهان الهوية واليات التعايش في العراق الجديد ملف تم تحريره من قبل مدونة عالم الأفكار الفلسفية وهو من سلسلة من الملفات من اجل تعميق آليات الحوار المحاور والمفكرون والكتاب –موقع الحوار المتمدن الالكتروني
(2)أمين معلوف العابر التخوم- عبده وازن –كتاب مجلة دبي الثقافية الإصدار 60 ابريل 2012
(3)يتضح ذلك في رواية (يا مريم) للروائي سنان أنطوان ،حيث تسبب الأحداث المأساوية فيها إلى نزوع أبطالها إلى الهجرة –لاحظ مقالنا (عراقيون يمزقون الهوية ويهاجرون إلى المجهول جريدة العرب اللندنية 5 تموز 2013)
(4)إشكالية ألانا والآخر (نماذج روائية عربية )-د.ماجدة حمود –كتاب عالم المعرفة 398 مارس 2013-الصادر عن المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب – الكويت ص13-14)
(5) إشكالية ألانا والآخر – مصدر سابق ص15
(6) موقع مجلة العربي الكويتية الالكتروني
(7) نفس المصدر
(8) الهوية العراقية و(تذويت) الهويات الفرعية- شمخي جبر- موقع الحوار المتمدن
(9) (هؤلاء أحفاد ذلك القوم المتعدد الذي أقام حضارة عريقة نهضت على أيديهم في العراق منذ آلاف السنين. هم الذين شيدوا بابل ونينوى وأنشأوا المكتبات وسنّوا القوانين وبنوا ممالك وإمبراطوريات عريقة.هم ليسوا الآن على ذلك القدر من القوة والمهابة. هذا أحد وجوه حركة التاريخ. إلاّ أنهم ما زالوا هناك حاملين تاريخهم وتراثهم ولغتهم وثقافتهم وإرادتهم في أن يصمدوا ويعيشوا ويظفروا بالحرية.)ثم ينهي مقاله متسائلا (كيف يستوي الحديث عن عراق تعددي، فيدرالي، ديمقراطي في وقت يجري وبتعمد مؤلم، تجاهل السريان والكلدان والآشوريين الذين كانوا أول من وضع الدساتير وأنشأ الدول وألّف الحكومات وأقام الحضارة في أرض النهرين؟)-موقع الحوار المتمدن .
(10) الحوار المتمدن نفس المصدر
(11)-انظر كتاب (الثقافة والمساواة- نقد مساواتي للتعددية الثقافية – تأليف بريان باري ترجمة كمال المصري جزءان-عالم المعرفة العدد 383 ديسمبر 2011 وفيه آراء مفصلة عن التعددية الثقافية ومخاطرها ثم الدعوة إلى المساواة حلا جذريا للتعدية الثقافية في العالم .
(12) عجائب بغداد –رواية – وارد بدر السالم –ثقافة ط1 2012 ص9
(13)- ألعجائبي في الأدب من منظور شعرية السرد – حسين علام –الدار العربية للعلوم ناشرون –ط1 2010 ص32
(14)- ألعجائبي في الأدب – مصدر سابق وقد استفدنا من هذا الكتاب بالتفريق بين العجيب والغريب وبين العجيب والعجائبي وكل ما يخص السرد ألعجائبي .وهذا لا يعني أن الروائي وارد بدر السالم عاجز عن استثمار العجيب في الرواية باتجاه ألعجائبي فله انجازات روائية متميزة في الرواية العجائبية العراقية مثالها المتميز رواية (شبيه الخنزير ) لكني أرى انه هنا يوظف العجيب في الكشف عن انساق المضمر والمسكوت عنه في السياسة في عهد ما بعد التغيير
(15)-(ضحكت بألم لهذه المفارقة ..أعمى قاتل؟
أقول لنفسي هذه واحدة من عجائب بغداد أعمى ...قاتل ؟لم اسمع بهذا من قبل ص44 من الرواية )
(16)-(أمسكتني رنده من يدي وهي تقول بانفعال : هذا لا يحصل إلا في أفلام الخيال العلمي !!أدخلت راسي بين الأكتاف ، ثمة قامة مديدة لرجل يرتدي بنطلونا وقميصا وحذاء ، اللحظة كانت مفعمة بالتوتر (...)لم انتبه إلى أن الرجل الصامت ليس له رأس الآن أتماسك قليلا واجد لنفسي فسحة انتباه لا عيد ترتيب رؤيتي رجل يقف بطوله المديد يحرك يديه ويتملل بوقوفه لكنه بلا رأس .
-(- هذا أخي ..هو اكبر مني ..اختطفته القاعدة لمدة أسبوع ..هو لا يستطيع أن يتكلم كما تشاهدون ..رأسه مقطوع ..ذبحه ألزرقاوي بنفسه ، وألقاه في النهر ..غير أن إرادة الله اكبر من ألزرقاوي ..فعاد أخي بعد أن سبح النهر وترك رأسه عند جماعة ألزرقاوي !!ص53)
(17)-(- سأحدثك بشيء ولكن لا تفزع !
انتبهت لا يوجد افزع من شرطي يحترق أمامك ، ولا تلك القامة التي ذبحها ألزرقاوي بسيفه الإسلامي وأطار رأسها (...)
- بقي من أخي الصغير المدلل إصبع واحد ! إصبعه الوسطى بقي على قيد الحياة
- سحقته نيران سيارة مفخخة في السوق الشعبي وانصهر مع المنصهرين ، إلا إصبعه الوسطى بقي منه فتعرفنا عليه بين الرماد وجدناه منتصبا بين الأشلاء يشير إلى السماء ..(وافرد إصبعه الوسطى منتصبا بالطريقة التي تستفز الآخرين ).
-حملنا الإصبع اليتيم في تابوت بمقاس قامة أخي ودفناه بمراسيم الدفن المعتادة في مقبرة النجف غير انه عاد في الصباح ألينا يبكي ..!ص78)
(18)-( السيد رئيس التحرير :...والحال يا سيدي ليست على ما يرام .فكل شيء مضي الى الخراب . ولا تعجب ان قلت ل كان هناك من يريد ان يخرب هذا الوطن قاصدا ويزرع فيه الحقد بين الناس ليست القضية سنة وشيعة فهذا اطار عام تجري فيه المؤامرة على قدم وساق ...هامش ص 36)
(19)(هؤلاء يعدون حبة الطماطم أنثى فلا يجوز وضعها الى جانب حبة الخيار لانهما قد يتزاوجان وقد ينجبان أطفالا ليسوا إسلاميين ..ههههههههههههه ص68)
(20)(كل شهر رئيس ..في شباط رئيس شتوي وفي تموز رئيس صيفي وفي أيلول رئيس خريفي وفي آذار رئيس ربيعي ...هههههههههههه اللعنة عليك ايها الثعلب بريمر ..لقد كشفتهم وهم في بيضة السلطة لكننا كنا أغبياء – ص148)
(21)(احرقوا ابنته الوحيدة واتصلوا به من هاتفها النقال واعلموه بمكان الحرق قرب ساحة عنتر ..ذهب الرجل مسلوب الإرادة ولم يجد ابنته المحترقة .وجد كومة رماد مغطاة بورق جريدة . قالوا له هذه ابنتك ص120
-تململ الرماد كموجة ضعيفة تحركت ذراته العلوية كما لو ان ريحا خفيفة مرت عليه رماد مطحون كالقهوة ترك بي قشعريرة باردة (...)جو سحري غرائبي ينبثق من القارورة كما انبثق من الإصبع ذات نهار ويتحرك الرماد كما لو يتمطى ص125)
(22)( هذا ما حصلت عليه من خدمة ثلاثين سنة في هذا البلد الميت بعدما فقدت زوجتي لا جثة ولا هم يحزنون اخبروني ان زوجتي قتلوها في الكرادة لأنها مسيحية كما يبدو ص123)
(23)(لا توجد عندي إحصائية مضبوطة ..لكني اعرف أننا نمتلك أكثر من 700ىهوية شخصية ومستند وعناوين مختلفة لرجال ونساء وضعت في جيوبهم شعارات ثورية ودينية متطرفة ..ص159
(24)-(قلبي يحدثني أنكم ستجدون ابني . ما اقدر أن أغادر المكان ..نشدد على كلمة (ستجدون)ص212)
(25)قلنا للناس يا ناس انتهى عصر المعجزات وهذه مصادفات وخيالات وأشواق وأمنيات .ردوا علينا بأصوات أعلى :للحروب معجزاتها أيها الشاب الطيب وقد وطننا العلي القدير هنا كي نكون على يقين ان هذه القرية البائسة ستكون بذرة الأمان ..وليكن الأستاذ جامعنا تحت راية الرب بألوانها الخفاقة ولمعانها الزاهي وليذهب الطائفيون والمذهبيون إلى جحيم الشيطان ولتعش بسلام قرية المظلومين ص127



#جميل_الشبيبي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الفيلة تطير فوق نفايات المدن
- في رواية جاهلية ليلى الجهني تتحرى سجلات إذلال الأنثى في الحا ...
- حافات الدانتيلا ذاكرة يقظة من تاريخ الأسى
- الجنون و الحجر الصحي الدائم بديلا للحياة
- عالم خارج هموم الذات
- أنثى مفخخة
- من أشكال التجريب في السرد الروائي العراقي
- قراءة في رواية مدينة الصور
- من بحوث المهرجان الثاني للشاعر كاميران موكري – السليمانية
- ذاكرة جيل الحرب تفتح نافذة على :
- الروائي إسماعيل فهد إسماعيل ونزعة التجديد في تقنيات السرد ال ...
- قراءة في ديوان اغاني موسم الجفاف
- مجازات وصور مبتكرة من عالم الطفولة
- موعد النار واسئلة الوجود المحيرة
- التطبيق على تقنية ( المشهد ) في القصة القصيرة /عربة تحرسها ا ...
- قراءة في قصيدة عاشقة الليل
- في جماليات النص الروائي


المزيد.....




- موعد امتحانات البكالوريا 2024 الجزائر القسمين العلمي والأدبي ...
- التمثيل الضوئي للنبات يلهم باحثين لتصنيع بطارية ورقية
- 1.8 مليار دولار، قيمة صادرات الخدمات الفنية والهندسية الايرا ...
- ثبتها أطفالك هطير من الفرحه… تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- -صافح شبحا-.. فيديو تصرف غريب من بايدن على المسرح يشعل تفاعل ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...
- خلال أول مهرجان جنسي.. نجوم الأفلام الإباحية اليابانية يثيرو ...
- في عيون النهر
- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جميل الشبيبي - البحث عن هوية في فضاء بديل (رواية عجائب بغداد نموذجا تطبيقيا