أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - ارنست وليم شاكر - الهرطوقي الشهيد،















المزيد.....

الهرطوقي الشهيد،


ارنست وليم شاكر

الحوار المتمدن-العدد: 4655 - 2014 / 12 / 7 - 02:29
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    



عندما يردد ، ويعتمد، ويتشبث القبطي المثقف ، أسقف أو كاهن ، محامي أو مستشار ، بالقاعدة الفقهية : "لا اجتهاد مع النص" ... ويُسمعوها الشعب، والرعية بكل وسائل الإعلام والتواصل ، على الفضائيات وفي اللقاءات الصحفية المسجلة والمقروءة ، ويقرروا عليه هذا الباب الأضيق في الفقه... فلا يبقى لنا إلا أن نجيبهم بقول على أبن أبي طالب : " هَذَا اَلْقُرْآنُ إِنَّمَا هُوَ خَطٌّ مَسْطُورٌ بَيْنَ اَلدَّفَّتَيْنِ، لاَ يَنْطِقُ بِلِسَانٍ، وَلاَبُدَّ لَهُ مِنْ تَرْجُمَانٍ، وَ إِنَّمَا يَنْطِقُ عَنْهُ اَلرِّجَالُ" ...... هذا ردنا على كهنة يدرسون اللاهوت على مذهب الخوارج وملة محمد بن عبد الوهاب .....
ولكن رب قائلا يقول : ولكنهم أوتوا العلم ... والروح القدس هو الملهم ... وهو الحافظ من الزلل، و المُعفي من الخطأ، والمُنجي من الضلال ... نقول لهم : ولماذا يختلفون في التفسير والفهم وهم طوائف ومذاهب وشيع عده... وكلهم يملكون، أو على الأقل يدعون ملكية ، هذا الروح الواحد ؟!!... بل حتى داخل الطائفة الواحدة ، تختلف الآراء، وتتباين التفاسير؟؟!! بل على مر الزمن تُغير الطائفة الواحدة الفهم وتستبدل الشرح ؟!!
هل تعلم صديقي لماذا حاكمت الكنيسة الكاثوليكية جاليليو عام 1616 وهو بعمر 52 سنه [ شيخ هرم بالنسبة لمتوسط أعمار الناس في هذا العصر ] ؟؟ ... بالتأكيد تعرف !! ... نعم ، لأنه قال أن الأرض هي التي تدور حول نفسها وحول الشمس.. فالأرض هي المتحركة والشمس هي المركز الذي في فلكه تدور الأرض ... فهل سئلت صديقي ما علاقة الكنيسة بهذه القضية من الأساس ؟؟ .. أقل لك ببساطة : إن الكنيسة التي تبنت التفسير الحرفي للنص المقدس .. واعتبرته كتاب يحوي كل العلوم، والمعارف، وجميع ما يحتاجه الإنسان على الأرض، في كل كبيرة وصغيرة .. إلى أن يلقى ربه .. وأنها – أي الكنيسة – هي وحدها الأمينة على التعليم الجامع المستقيم .. وتفسيرها للنص هو التفسير.. وغيره كفر وضلال ، هرطقة وابتداع ... ومَن يشك في ذلك كمن يشك في المسيحية نفسها ، وفي المسيح المقام الذي يرسل الروح القدس ... الروح القدس الذي هو ، نكرر: الحافظ من الزلل، و المُعفي من الخطأ والمُنجي من الضلال ...
والكتاب المقدس يقول في المزمور 93 : "الرب قد ملك. لبس الجلال. لبس الرب القدرة، ائتزر بها. أيضا تثبتت المسكونة. لا تتزعزع " فالمسكونة هي بلا خلاف الأرض ... فماذا يقول النص المقدس عن الأرض ؟؟ .. أنها ثابتة لا تتحرك ... ويؤكد الفكرة على طريقة الشعر العبري العتيق، بالتكرار مع تغير الألفاظ بالقول : فهي لا تتزعزع .......
فكيف يأتي شخص أسمة "جاليليو" ليعيد على مسامعنا هرطقة " كوبرنيك " الذي فلت من العقاب الكنسي ، لأن هذا "الخبيث" المدعو "كوبرنيك" قرر نشر كتبه بعد موته - أي بعد عام 1543 م - ياله من داهية ... أفسد على هؤلاء القديسين لذة تعذيبه، وتمزيق جسده ، ثم حرقه في ميدان عام أمام أعيون المسيحيين الأبرار .... وها هو "جاليليو" يتنكر لنظريته ... وهو صاحب صداقات كثيرة مع بعض الأساقفة الذين يتوسطون لتخفيف الحكم لأنه مستعد للتوبة والرجوع ... وهذه فرصة لمشاهدة حفل تعذيب وحرق، ولكنها على وشك أن تضيع منهم !! وكان لسان حالهم يقول : ما أخبث الشيطان الذي يُضيع علينا فرصة التطهر من الذنوب بقتل أعداء الدين .. وتطهير الأرض من رجس أصحاب العقول ...
أثناء المحاكمة وقف أسقف ضليع في العلم .. خفيف الظل والعقل، ليقول ساخرا مستخفا : أنه [ جاليليو] ملبوس بشيطان يوحي إليه بقول مجنون .. أنظروا !! ها أنا واقف لم أتحرك، فلو كانت الأرض هي التي تدور فكيف لا أهتز ؟؟ ... لو وقف أحدكم على ساقية تدور ألا يهتز ، حتى السقوط ؟!! ... فضحك الحضور من أساقفة ورهبان، من قضاة وكرادلة وأصحاب القداسة ... وقهقهت الأفواه المباركة .. ونظر الجميع إلى الشيخ المسكين جاليليو باحتقار .. نظرتهم لشيخ خرف مخبول !! يظن أنه سيأتي بجديد لم يخبرنا به الكتاب المقدس مسبقا !!! .. أو أن هذا المغرور، المنفوخ وقاحة .. سيُعدل على الكنيسة، الكنيسة المسوقة بالروح القدس .... أن الشيخ الأصلع هو حقا صنيعة الخطية وأبن حرام .. ملبوس بشيطان العلم الباطل، الذي هو تعب للجسد بلا نفع، لأنه علم لا يؤدي لخلاص النفس من الجحيم .. وضلال المعرفة التي تناقض النص المقدس .. وحماقة العقل الكاذب الكذوب .
لقد خاف جاليليو ، وأرتعب .. واصطكت أسنانه وخانته قواه بعد شهور من المحاكمة ، وشعوره بأنه قد حكم بموته مهما حاول .. فأنه مقضي عليه لا محالة ... حتى صار في توتر وارتباك ورعب يجعله يرتعش وتنثني ركبتاه، لا إراديا، لأنها ما عادت قادرة على حمل الجسد الذي سينتهك بالتجريح، والسحل، والحرق عن قريب ... ولكن قضاة محكمة التفتيش الكاثوليكية ، في رغبتهم لإقامة محاكمة سليمة إجرائيا .. سمحوا لبعض الخدم أن يسندوه ليظل واقفا أثناء المحاكمة ... وأحيانا من فرط محبتهم ورحمتهم ، وعلو خُلقهم، كرجال دين يرعون رعية الله، التي اؤتمنوا علها، كما يقول الكتاب ... سمحوا له بالجلوس ... صحيح !! أن الدين المعاملة !!! ...
ومما زاد من رعب "جاليليو" أنه كان معاصرا للعالم الفلكي والفيلسوف "جيرانو برونو" الذي أضاف على نظرية كوبرنيك ... "هرطقة" أخرى، وافقه عليها جاليليو ... حيث قال أن الأرض لا تدور فقط حول الشمس ، لكن الشمس نفسها ليست إلا نجم صغير، بالنسبة لباقي النجوم التي نراها في السماء ، بل وأن النظام الفلكي ربما به أيضا كواكب شبيهه بالأرض التي نعيش عليها ... وقد تم القبض عليه من قبل لجنة بابوية، بعد وشاية، للتحقيق في الأمر ، وقطع دابر الأفكار الضالة، المؤذية، التي تخالف تفسير الكنيسة .. وتنتهك حرمة النص المقدس ، الواضح الظاهر الذي حسم القضية .. وقد تم بالفعل القبض عليه في عام 1594م ، وسجن لمدة 6 أعوام كاملة، حتى ينظر في أمره. وفي عام 1600م، تمت محاكمته وإدانته. ولأنه رفض الاعتراف بجريمته وخطئه، بشجاعة نادرة ، حكم عليه بوضع خازوق من الخشب في فمه حتى لا ينطق بكفر ، بعد تعريته تماما من ملابسه بميدان "فلورتا" في المدينة المقدسة روما ، ثم قُيدت يداه ورجليه في قضيب من حديد. ثم بدأ حرقه حيا ، وسط جمع غفير من المؤمنين الأبرار، الذين ظلوا يصرخون بهستيريا : الموت للهراطقة !! .. الموت للهراطقة !!.
لا يمكنني أن أذكر الشهيد العالم والفيلسوف "برونو" دون أن أشير في عجالة إلى ملاحظات تستحق التفكير والتأمل ومراجعة الثوابت القائمة على الجهل بالتاريخ ......
1- البابا الذي حاول طوال 6 سنوات، من المحاكمة، والتهديد، والترهيب، والضرب، والسجن في أقبية مظلمة، قذرة، عفنة .. بخبز الضيق، وماء الشقاء ، وهواء السموم ... هذا البابا الذي فشل في نهاية المطاف على إذلاله وإخضاعه لإرادته السنية ، ومشيئته الطاهرة ... مما جعله يصدر حكمه على "برونو" بالموت حرقا ، بعد تعذيبه وإهانته جهارا نهارا .... هذا البابا أسمه " كليمنت" الثامن ..... وهنا تكمن سخرية مريرة ، ولكنها ذات دلالة .... "فكليمنت" باللاتينية تعني الرحيم الشفيق ..... لذلك في هذا العبث اللغوي ... أرجو المعذرة في استخدام بعض الألفاظ في غير موضعها في هذا المقال !!
2- أخر كلمة نطق بها "برونو" "الهرطوقي" قبل أن يضعوا "الخازوق" الخشبي ويغرسوه في فمه حتى يمزق الحنجرة والبلعوم ، كانت : أنتم تمثلون الله على الأرض ، وتحكمون على رجل بريء بالقتل ؟!! فهل تعرفون المسيح حقا ؟!!... ثم أضاف : أنتم تصدرون الحكم بالإعدام ويداكم ترتعش ، وأنا يحكم علي بالموت وأقف في صلابة لن تعرفوها مهما حييتم ... " ... لقد كان "برونو" بحق الهرطوقي الشهيد ... والقديس الكافر بسلطة الكنيسة ، ورجال الدين ....
خاف جاليليو أن تفعل الكنيسة به ما فعلته في "برونو" ... فأنكر كل ما صدر عنه .. وكتب في صحيفة موقعة بريشته المزلزلة .. ثم وضع يده على الكتاب المقدس وأعترف بجرمه وخطيئته .. وطلب الصفح والغفران .. وبكى في حضرة الأساقفة المبجلين كما يبكي الطفل المذنب الذي يخشى عقاب الجحيم .... فترأفت المحكمة.. ولاسيما ، وكما أشرنا سابقا، كان هناك بعض الأساقفة الذين تربطهم به صداقات قديمة ، وتشفعوا له ... فحكم عليه تكفيراً عن أساءته لعقيدة الكنيسة . ومحاولة التفكير في أمور حسمها النص المقدس، بالسجن مدى الحياة وخفف الحكم بالإقامة الجبرية ، ولم يحرق كعادة الكنيسة بعقاب المخالفين لها ، لأنه تنازل عن أرائه وأقر في محضر رسمي أنه أخطأ وأنه علم تعاليم تخالف الكتاب المقدس الذي فسرته الكنيسة تفسيرا حرفيا .. ؟؟!! ...
ولكني مازلت أسمع وفي القلب غُضة : لا اجتهاد مع النص ...!!! ... الآن تأكدت أننا متخلفين بأربعة قرون عن العصر الذي "قرف" منا.. لأننا لا نتعلم أبدا من دروس التاريخ .... فحتى "الحمار" تعلم أين يكون معلف صاحبه ... (سفر أشعياء 1 : 3) ... ونحن ما زلنا ننهق " لا اجتهاد مع النص" !!!
.



#ارنست_وليم_شاكر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295


المزيد.....




- تونس: إلغاء الاحتفالات اليهودية بجزيرة جربة بسبب الحرب على غ ...
- المسلمون.. الغائب الأكبر في الانتخابات الهندية
- نزل قناة mbc3 الجديدة 2024 على النايل سات وعرب سات واستمتع ب ...
- “محتوى إسلامي هادف لأطفالك” إليكم تردد قنوات الأطفال الإسلام ...
- سلي طفلك مع قناة طيور الجنة إليك تردد القناة الجديد على الأق ...
- “ماما جابت بيبي” تردد قناة طيور الجنة الجديد 2024 على النايل ...
- مسجد وكنيسة ومعبد يهودي بمنطقة واحدة..رحلة روحية محملة بعبق ...
- الاحتلال يقتحم المغير شرق رام الله ويعتقل شابا شمال سلفيت
- قوى عسكرية وأمنية واجتماعية بمدينة الزنتان تدعم ترشح سيف الإ ...
- أول رد من سيف الإسلام القذافي على بيان الزنتان حول ترشحه لرئ ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - ارنست وليم شاكر - الهرطوقي الشهيد،