أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد هالي - -كاترينا- المتنية أو سوريا كما تصورها الشعر(2)















المزيد.....

-كاترينا- المتنية أو سوريا كما تصورها الشعر(2)


محمد هالي

الحوار المتمدن-العدد: 4653 - 2014 / 12 / 5 - 23:42
المحور: الادب والفن
    


3 - كاتيرنا: ملحمة المتناقضات:
أود أن أشير في البداية أن التحليل سيشمل فقط هذا المقطع من القصيدة ، مع انفتاح هذا التحليل مع ما شمل القصيدة من قراءة في الجزء الأول من هذا الموضوع ("كاترينا" المتنية أو سوريا كما تصورها الشعر" و الموجود في "الحوار المتمدن"):
" كاترينا امرأة عابثة
تعيد عقارب الغنج للنساء
تجيد قراءة الرجولة في عين اللصوص
تمضغ القات مع المجرمين وتمشط شعرهم
تضع مناديلا على رؤوس الشجر
تصبغ بالحناء وجوها لا لون لها
تسبخ عارية في عيون المارة المتعبين
.. كاترينا طفلة من بلاد يرعاها الموت برحمته
عبث بها الرجال والنساء على حد سواء
قال لها رجل دين : اتبعيني
دخل بها كثور اسباني ..
طبيب يعالج أطفال الملجأ لعب بصدرها كدمية بلاستيكية
سكب في فمها لقاحاً أسيدي
طعنها بإبرة ضد الوباء الجنسي
كاترينا لا تصرخ
تكبر على مهل كأحياء الفقراء
تنتابها مثلهم , لوثة جنون جميلة
تكبر كالجريمة
تنكسر كشموعهم لتضيء أكثر
كاترينا تقيس طولها بحاوية القمامة
قريبا سترّى كنوز الحاوية
حُلمها الطفولي
هربا من قصور نتنة
كان جسدها مسرحاّ لأبطال مخنثين "
إن كاترينا اللجوء، ما هي إلا صورة مصغرة لكاترينا الواقع، هذا ما ستحاول كاترينا التشرد أن تبرزه بدقة، و ذلك بعرض خصائص كاترينا الحقيقية باعتبارها مصدر البلاء، و الشر، و في نفس الوقت مصدر الخير، و التعاطف، و الحنين، و الحنان.
كاترينا مجرد سوريا التي استعصى على النثر، أن يعطيها ما تستحق، فتطوع الشعر ليعري الغموض الذي اكتنفها منذ تنطع الربيع العربي، و وعد أبناءها بالحرية، و الديمقراطية، و العدالة الاجتماعية... هذا الوعد مافتئ أن حول كاترينا إلى "امرأة عابثة" تساير الواقع الجديد بطرق شتى يعرضها المتني على الشكل التالي:
كاترينا المقامة
- تعيد عقارب الغنج للنساء
- تضع مناديلا على رؤوس الشجر
- تسبخ عارية في عيون المارة المتعبين

كاترينا المسالمة
- تجيد قراءة الرجولة في عين اللصوص
- تصبغ بالحناء وجوها لا لون لها
- تمضغ القات مع المجرمين وتمشط شعرهم

إن هذه المتناقضات التي أصبحت تطبع سلوكيات كاترينا المختلفة، ينم على أن كاترينا تساير أمورا فرضت عليها، من طرف الأصدقاء، و الأعداء على حد السواء، تتداخل فيها الطبيعة الطيعة، بتصرفات الإنسان الخشنة، و الظالمة في آن واحد، إنها تساير ببقائها الدائم ما يحدث، و ما عليها سوى أن تعيد .. تجيد.. تمضغ .. تضع .. تصبغ .. و تسبخ .. أفعال كلها متجسدة و متضمنة في كاترينا، و تتفاعل معها، تتقلب حسب الظروف، و تطور الأحداث، فهي أم حاضنة للكل: الأبناء و الدخلاء معا.
يمكن اعتبارها مجرد حلبة، و الصراع فوقها متواصل بلا انقطاع، فأصبحت ".. كاترينا طفلة من بلاد يرعاها الموت برحمته"، و هذا المشهد المروع هو ما يمكن أن توصف به حقيقة سوريا "الطفلة" التي تجهل حقيقة ما يجري، فقط عليها أن تفتح جسدها البريء للعبث، و عليها أن تكون طيعة، و وديعة في يد "الرجل الديني" و "طبيب الملجأ" فهي في الحقيقة "عبث بها الرجال والنساء على حد سواء"، و رغم ذلك :
"كاترينا لا تصرخ
تكبر على مهل كأحياء الفقراء
تنتابها مثلهم , لوثة جنون جميلة
تكبر كالجريمة"
تغريك كاترينا، تصفعك، و أنت تتمعن فيما هو حادث من موت، و دمار، و خراب، .. شملت كل جسدها، و أن ما تبقى اختصرته القصيدة بصور شعرية معبرة :
" كاترينا تقيس طولها بحاوية القمامة
قريبا سترّى كنوز الحاوية
حُلمها الطفولي
هربا من قصور نتنة
كان جسدها مسرحاّ لأبطال مخنثين"
إن إعادة قراءة المقاطع السابقة من القصيدة، يدفعك إلى ربط اللاحق بالسابق ، و يتجلى هذا في الشمعة المتكسرة، و صورة الأعمى، و ضبابية نور العقل، فأصبح ما هو موجود في خارج الجسد (رهط من السكارى، المنشدين ،.. منياّ يشبه ماء البحر)، و ما هو متضمن في الداخل، كما و صفتهم القصيدة على الشكل التالي :
الأصدقاء
- تعيد عقارب الغنج للنساء
- تصبغ بالحناء وجوها لا لون لها
- تسبخ عارية في عيون المارة المتعبين
- كان جسدها مسرحاّ لأبطال مخنثين
الاعداء
- تمضغ القات مع المجرمين وتمشط شعرهم
- عبث بها الرجال والنساء على حد سواء
- تجيد قراءة الرجولة في عين اللصوص
- قال لها رجل دين : اتبعيني
دخل بها كثور اسباني
- .. طبيب يعالج أطفال الملجأ لعب بصدرها كدمية بلاستيكية
سكب في فمها لقاحاً أسيدي
طعنها بإبرة ضد الوباء الجنسي
- كان جسدها مسرحاّ لأبطال مخنثين

مما نجد أوجه التشابه حادث في هذه الصور الشعرية المختلفة، فالقصيدة تئن بجرحها النابض بالحياة، متشائمة في منحاها العام لأن كاترينا تكبر رغم ذلك، لكن هذا الكبر سينط فقط على "الجريمة" و التي سوف لن تسفر سوى عن رؤية "كنوز الحاوية"، و هنا لا ندري، هل كاترينا تكبر أم تصغر من خلال قياس طولها بعرضها، لتفصح بلغة النثر، لا بلغة الشعر، على كون ما تبقى على ظهرها مجرد نفايات؟ هل رؤية كاترينا لما هو متصارع على جسدها الرحب مجرد" كنوز الحاوية" هذا إذا أضفنا إلى ما فر منها و الذي وصفهم المتني: ب "السكارى" أو منياّ يشبه ماء البحر" ؟ أسئلة تبدو منطقية بلغة التأويل المقدم للقصيدة، مما يجعلنا نلاحظ أن هناك قلق متجسد في بنية القصيدة ككل، من هنا فمن حق كاترينا أن تكبر، أو تصغر، حسب ميكانيزمات الصراع المتفشي في المنطقة ككل، و ما ترتب عنه من صراعات داخلية نتيجة التدخل الخارجي في المنطقة: من قتل، و إبادات جماعية، بعضها بقوانين دولية ، و بعضها الآخر بقوانين محلية، سواء نابعة من تعاقدات دينية، أو عرفية، آو وضعية، إن هذا الواقع الجديد، التي أملته الظروف الجديدة، و التي أقبرت كل أمل في الحرية، و العدالة الاجتماعية، بعد صعود قوى رجعية متطرفة، صنعتها بعض الأنظمة في المنطقة، من أجل الحفاظ على عروشها من الانهيار، و بدعم و مباركة الدوائر الامبريالية و التي لها مصلحة في ذلك، و هي الحفاظ على ثروتها النفطية، جعلنا نشاطر المتني قي قوله:
"كاترينا لا تصرخ
تكبر على مهل كأحياء الفقراء
تنتابها مثلهم , لوثة جنون جميلة
تكبر كالجريمة"
و من هنا نتساءل هل هذه الجريمة ستتفشى في المنطقة ككل، أم أن التاريخ سيراجع نفسه باسم كاترينا و ينتصر لصالحها في آخر المطاف؟ إن تفاؤل هذا الإشكال رغم أن بوادره غير متوفرة الآن لهو سؤال الأمل الذي يطمح إليه كل من عانى آلام الموت، و الجراح، و التشرد، و النفي، ...و ذلك قصد التخلص من
"طبيب يعالج أطفال الملجأ لعب بصدرها كدمية بلاستيكية
سكب في فمها لقاحاً أسيدي
طعنها بإبرة ضد الوباء الجنسي"
و حتى لا يبقى" جسدها مسرحاّ لأبطال مخنثين"








#محمد_هالي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- -كاترينا- المتنية أو سوريا كما تصورها الشعر
- حوار فايسبوكي مع الشاعر عادل المتني
- -غربة الأوتاد- المتنية صرخة من أجل تعرية الفضيحة (الجزء الأخ ...
- -غربة الأوتاد- المتنية صرخة من أجل تعرية الفضيحة (الجزء الثا ...
- -غربة الأوتاد- المثنية صرخة من أجل تعرية الفضيحة
- كيف حولت الزعري امرأة الهزيمة إلى امرأة النصر؟
- المرايا، و حقيقة العالم العربي، كما ابتدعتها الزعري
- حميد المصباحي و سنفونية -عفا الله عما سلف-
- الواقع بلغة الشعر تحبكه -أمينة الزعري
- في زمن تحول الموت إلى فرجة ممتعة
- غدا ستحل ذكرى 25 يناير
- يجب ألا تستمر الحكمة:-أكلت كما أكل الثور الأبيض-
- في عهد تحطيم المسلمات (2)
- في عهد تحطيم المسلمات
- حبكة الصراخ بلغة الكف في شاعرية الزعري
- محنة السؤال بين الفهم و الجنون
- نصائح مغفل لمغفل حتى تنتهي الغفلة بتاتا
- عالمكم و عالمنا ؟ !
- حمان و المسألة التعليمية
- الدولة و الثورة من وجهة نظر عربية (2)


المزيد.....




- -بنات ألفة- و-رحلة 404? أبرز الفائزين في مهرجان أسوان لأفلام ...
- تابع HD. مسلسل الطائر الرفراف الحلقه 67 مترجمة للعربية وجمي ...
- -حالة توتر وجو مشحون- يخيم على مهرجان الفيلم العربي في برلين ...
- -خاتم سُليمى-: رواية حب واقعية تحكمها الأحلام والأمكنة
- موعد امتحانات البكالوريا 2024 الجزائر القسمين العلمي والأدبي ...
- التمثيل الضوئي للنبات يلهم باحثين لتصنيع بطارية ورقية
- 1.8 مليار دولار، قيمة صادرات الخدمات الفنية والهندسية الايرا ...
- ثبتها أطفالك هطير من الفرحه… تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- -صافح شبحا-.. فيديو تصرف غريب من بايدن على المسرح يشعل تفاعل ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد هالي - -كاترينا- المتنية أو سوريا كما تصورها الشعر(2)