أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الكردية - دانا جلال - إسراء السَيف ومِعراج الجَبلْ















المزيد.....

إسراء السَيف ومِعراج الجَبلْ


دانا جلال

الحوار المتمدن-العدد: 4652 - 2014 / 12 / 4 - 17:32
المحور: القضية الكردية
    


انطلق الغزو العربي لاحتلال كوردستان تحت راية "لا اله الا الله" بحديث "محمد رسول الله" مُمهداً لِطريق السيف في ليلةِ اسراءه، فعن النَّبِيَّ، صلَّى الله عليه وسلَّم، قال: "رُفِعَتْ لَيْلَةَ أَسْرِيَ بي مدينةٌ، فأَعْجَبَتْنِي، فقلتُ لجِبْرِيلَ: ما هذهِ المَدِينَةُ؟ فقال: نَصِيبِين. فقلتُ: اللّهم، عَجِّلْ فَتْحَها، واجْعَلْ فيها بَركةً للمسلمينَ". (1) مفارقة تكشف الكثير من الحقائق، أولها إن "محمد بن عبد الله بن عبد المطلب" وهو ينطلق للقاء ربه يفكر بكيفية احتلال أراضي الغير من جهة، ويُمهد الطريق بحدٍ السيف لجرائم تنتظر الكورد في وطنهم من جهة ثانية، وهذا ما تحقق في زمن الخليفة "عمر بن خطاب" بعد أن عُجِّلَ بفَتْحَ كوردستان من خلال إضفاء "المُقدس" الديني في حوارٍ لحامل الرسالة مع وسيطه الافتراضي.
تم غزو كوردستان واحتلال جنوبه وشرقه سنة (16هـ = 637م) من مدخلي مَنْدَلي وخانِقين، وغربه وشماله سنة (18هـ = 639م) من مدخلي الجزيرة- الرُّها. غياب المرجعية السياسية الكوردية بعد سقوط مملكة ميديا سنة (550 ق.م) على يد الفرس، والمرجعية الدينية بعد أن اتخذ الفرسُ الزردشتيةَ أيديولوجيا للقضاء على مملكة ميديا، وانهيار الحالة الاقتصادية في كوردستان وتبعيتها للإمبراطورية الفارسية بعد سيطرة الثانية على طريق الحرير أدى الى تفكك اجتماعي بتراجع الذات الكوردية نحو خيمة القبيلة وتشوه هويته بعد سيادة الثقافة الفارسية.
بعد أن سقطت مدن الشام والعراق واحدة تلو الأخرى بيد المسلمين، فان المقاومة الكوردية ورغم شجاعتها وتضحياتها انهارت امام المد الصحراوي وذلك لاختلال الظروف الاقليمية لغير صالحهم كما ذكر "الحموي" في معجم بلدانه (كتب سعد إلى عياض بغَزو الجزيرة فغزاها في سنة 17 وافتتحها فكانت الجزيرة أسهل البلاد افتتاحاً لأن أهلها رأها أنهم بين العراق والشام وكلاهما بيد المسلمين فأذعنها بالطاعة فصالحهم على الجزية والخراج فكانت تلك السهول ممتحنة عليهم وعلى من أقام بها من المسلمين. (2)
نصيبين التي وردت في الإسراء لم تكن سهلة على الغزاة، حيث قال فيها ابْنُ عتْبَانَ:
لَقدْ لَقِيَتْ نَصيبِين الـدَّوَاهِـي بِدُهْمِ الخَيْلِ والجُرْد والوِرَاد
ظاهر "نصيبين" كبقية مدن كوردستان جميلة لمن يُسري ويُعَّرِج، أو لمن يمر من خلالها، ولكنها تتحول الى جحيم لمن فكر باحتلالها حيث قال بعضهُم في ذكُرها:
ظَاهِرها مليحُ المنظرِ، وباطِنُها قبيحُ المَخْبر.
و
نَصِيبُ نَـصـيبِـينَ مِـنْ رَبِّـهـا - وِلاَيِةُ كُـلِّ ظـلُـــومٍ غَـــشُـــومِ
فباطِـنُـهـا مِـنْـهُـمُ فـي لَـظـىً - وظَاهِرُهَا من جِنَانِ النَّعِيمِ (3)
العلاقة بين المُتَّحَلْ والمكان هي علاقة عدائية، لأنها تعبر عن العلاقة بين المحتَّل والمقاومة.
أنشدني الحاكم أبو الفتح عبد الله بن محمد بن محمد بن محمد البيضاوي ببغداد، أنشدنا أبو محمد جعفر بن أحمد بن الحسين السراج لنفسه:
وعـدت بـأن تـزوري بـعــد شـــهـــر فزوري، قد تقضي الشهرزوري
وشـقة بـينـــنـــا نـــهـــر الـــمـــعـــلـــي إلى البلـد الـمـسـمـى شـهـرزوري
فشهر صدودك المـحـتـوم صـدق ولكن شهر وصلـك شـهـرزوري (4)
و
أنشدني ابن وهبان لنفسه ملغزا ((شهرزور)):
ما بلدٌ نصف اسمهِ جُزءٌ مـــن الـــزَّمـــانِ
ونـــصـــفـــه الآخــــرُ لا يخـلـو مـن الـبُـهـتــانِ
بينـــهُ لــــــلـــــــسَّـــــــائلِ يا ذا الـفـــهـــم والـــبـــيانِ (5)
وقول ابن الأَعرابي، وقد ذكر شهرَزُورَ: قبّحها الله، إنّ رجالها لنُزْق وإنَّ عقاربها لبُرْق أَي أَنها تشول بأَذنابها كما تشول الناقة البَروق (6)
خوف المُحتل من طوبوغرافية بلاد فارس وكوردستان يفسر مع المقاومة حالة العداء بين أعراب الصحراء والمدن المحتلة (وأقبلت الأعاجم بمجموعها حتى نزلوا نهاوند، وسار النعمان بن مقرن بالناس حتى إذا كان ببعض الطريق بعث بكير بن شداخ الليثي وطليحة بن خويلد الأسدي، فأما بكير فرجع، فقيل له: ما وراءك? قال: أرض الأعاجم وأنا بها جاهل، فخشيت أن يؤخذ عليّ بمضايق الجبال) (7)
الغزو الاسلامي لكردستان حاله حال بقية الغزوات وحروب النهب والسبي كان مدججاً بسلاح الكراهية، فعن عمر بن خطاب "اللهم إني أعوذ بك من أولاد سبايا الجلوليات. فأدرك أبناؤهن من قتال صفين" (8)
تمثل رأس العين ( سري كانيه) رمزاً للمقاومة الكوردية ضد الغزاة واحفادهم من الدواعش الذين هزموا عند بواباتها على يد قوات الحماية الشعبية الكوردية وقوات حماية المرأة ، فعن عمرو بن محمد عن الحجاج بن أبي منيع عن أبيه، عن جده قال: امتنعت رأس العين على عياض بن غنم ففتحها عمير بن سعد وهو والي عمر على الجزيرة بعد أن قاتل أهلها المسلمين قتالاً شديداً. فدخلها المسلمون عنوة ثم صالحوهم بعد ذلك على أن دفعت الأرض إليهم ووضعت الجزية على رؤوسهم على كل رأس أربعة دنانير، ولم تسب نساؤهم ولا أولادهم. (9)
على خلاف ما يشيعه الاسلاميين ومنهم الكورد بدخول الكورد وبشكل سلمي الدين الاسلامي فان المصادر الاسلامية تؤكد خلاف ذلك (لما استعمل عمر عزرة بن قيس على حلوان حاول فتح شهرزور، فلم يقدر عليها، فغزاها عتبة بن فرقد ففتحها بعد قتال على مثل صلح حلوان، فكانت العقارب تصيب الرجل من المسلمين فيموت. وصالح أهل الصامغان وداراباذ على الجزية والخراج على أن لا يقتلوا ولا يسبوا ولا يمنعوا طريقاً يسلكونه، وقتل خلقاً كثيراً من الأكراد. وكتب إلى عمر: إن فتحوحي قد بلغت أذربيجان. فولاه إياها وولى هرثمة بن عرفجة الموصل. ولم تزل شهرزور وأعمالها مضمومة إلى الموصل حتى أفردت عنها آخر خلافة الرشيد. (10)
عمليات النهب والسبي والقتل التي مورست في كوردستان رافقتها جرائم الاستيطان وحملات التعريب تحت راية ( لا اله الا الله )، فقد ذكر الحجاج بن أبي منيع: جلا خلق من أهل رأس العين واعتمل المسلمون أرضهم وازدرعوها بإقطاع. (11) تتكرر تفاصيل الجريمة في سنجار وعلى يد عياض بن غنم ( فلما انصرف عياض من خلاط إلى الجزيرة بعث إلى سنجار ففتحها صلحاً وأسكنها قوماً من العرب) (12)
إن رسالة عياض بن غنم، وهي إجابة لِمنْ أعجبه نصيبين وما حولها من مدن كوردستان، وطمع باحتلالها وهو في طريقه الى الرب، تمثل بحد ذاتها ترجمة دموية بحد السيف للوثيقة العمرية واعتراف للجناة بنصف الجرائم التي ارتكبت في كوردستان حيث كتب عياض لعمر ( بسم الله الرحمن الرحيم من عياض بن غنم الأشعري إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه. أما بعد: سلام الله عليك ورحمته وبركاته فإني أحمد الله الذي لا إله إلا هو وأصلي على نبته محمد صلى الله عليه وسلم فالحمد لله الذي أيد الإسلام بنصره وأدحض الشرك بقهره، ولله الحمد على ما أولى ومنح وأزال وكشف ورفع وصرف من عظائم، وأخذ من غنائم حمداً يزيد الآمال انفساحاً، والصدور انشراحاً، وقد لانت الشدة صلابتها ورقت الأيام بعد قساوتها ويسر الله تعالى أمرها، وقد أوردت الأعداء موارد المهالك، وضيقت عليهم المسالك فارتكبوا في زقاقهم، واشتركوا في وثاقهم، ولم يجدوا في الأرض نفقاً ولا في السماء مرتقى واشتد بهم الفرق وأزعجهم القلق وأنهم احتالوا وخايلوا وداهنوا وأرسلوا وأظهروا البعد عن الآثام والدخول إلى الإسلام والتنزه من الظلما، والجنوح إلى السلم فأقررناهم على ذلك بعد أن أشرفوا على المهالك، فمنهم من أسلم وبايع، ومنهم من أقام تحت الذمة وتابع، وقد نشر الله أعلامنا، وأعز ديننا، وقهر عدونا، وشد سيوفنا، وأعلى كلمتنا، وأظهر شريعتنا، وقد صرف الله سورتهم، وأخمد نارهم، وأزال نصرتهم، وكفى البلاد والعباد مؤنتهم، والحمد لله وحده، وصفى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم والسلام عليك وعلى جميع المسلمين ورحمة الله وبركاته. وبعث خمس مت تحصل من ديار بكر من شرحبيل بن حسنة كاتب وحي رسول الله صلى الله عليه وسلم). (13)
كيف كانت ستكون العلاقة بين شعوب منطقتنا لو لم يطلب "محمد بن عبد الله بن عبد المطلب" من ربه وهو في طريقه اليه أن يُعَّجِل باحتلال ونهب وسبي أهالي نصيبين وما جاورها من مدن شعوب الشرق؟
وللحديث صلة....



#دانا_جلال (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- صورة الغازي (المجاهد)
- الفواحش مِنْ خِلال الدواعش
- البرجوازية الأسمية ( ناليا نموذجاً)
- نداء كوردستاني
- ليسَ للجنوبي الا الحلم
- بوكو حرام في كوردستان
- أوقفوا فوراً حفر خندق الفصل بين كرد غرب كردستان وجنوبها
- اسكتي يا أدب سز
- الإدارة الذاتية الديمقراطية في غرب كردستان
- تَناقُضستانْ
- بيان تأييد للإدارة الديمقراطية في غربي كردستان
- الاباحية والجهادي
- فياغرا الثورة المضادة
- توضيح من الكاتب دانا جلال:حول المصدر الإعلامي في رئاسة الإقل ...
- اميرة سومرية ترسم حضاراتنا في عاصمة الثلوج
- مؤتمر دولي حول -الأكراد والعدالة الجنائية الدولية-
- التجمع الأمازيغي الكوردستاني للصداقة والسلام:- ندين قمع الحر ...
- سري كانيه
- عن شهيدات كومونة باريس الكوردستانيات
- أميرات كوردستان وربيع الإخوان – هيفار حسن ودانا جلال


المزيد.....




- إسرائيل: 276 شاحنة محملة بإمدادات الإغاثة وصلت إلى قطاع غزة ...
- مفوضية اللاجئين تطالب قبرص بالالتزام بالقانون في تعاملها مع ...
- لإغاثة السكان.. الإمارات أول دولة تنجح في الوصول لخان يونس
- سفارة روسيا لدى برلين تكشف سبب عدم دعوتها لحضور ذكرى تحرير م ...
- حادثة اصفهان بين خيبة الأمل الاسرائيلية وتضخيم الاعلام الغرب ...
- ردود فعل غاضبة للفلسطينيين تجاه الفيتو الأمريكي ضد العضوية ...
- اليونيسف تعلن استشهاد أكثر من 14 ألف طفل فلسطيني في العدوان ...
- اعتقالات في حرم جامعة كولومبيا خلال احتجاج طلابي مؤيد للفلسط ...
- الأمم المتحدة تستنكر -تعمد- تحطيم الأجهزة الطبية المعقدة بمس ...
- يديعوت أحرونوت: حكومة إسرائيل رفضت صفقة لتبادل الأسرى مرتين ...


المزيد.....

- سعید بارودو. حیاتي الحزبیة / ابو داستان
- العنصرية في النظرية والممارسة أو حملات مذابح الأنفال في كردس ... / كاظم حبيب
- *الحياة الحزبية السرية في كوردستان – سوريا * *1898- 2008 * / حواس محمود
- افيستا _ الكتاب المقدس للزرداشتيين_ / د. خليل عبدالرحمن
- عفرين نجمة في سماء كردستان - الجزء الأول / بير رستم
- كردستان مستعمرة أم مستعبدة دولية؟ / بير رستم
- الكرد وخارطة الصراعات الإقليمية / بير رستم
- الأحزاب الكردية والصراعات القبلية / بير رستم
- المسألة الكردية ومشروع الأمة الديمقراطية / بير رستم
- الكرد في المعادلات السياسية / بير رستم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الكردية - دانا جلال - إسراء السَيف ومِعراج الجَبلْ