ما يعجز الدين عن قوله في الخالق. (الفوضي والزمن)

فادي سويرس

الحوار المتمدن-العدد: 4652 - 2014 / 12 / 4 - 12:28
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    

من المشهور حاليا ان يكون الكون عباره عن ناتج من بعض الاحداث العشوائيه التي تراكمت عبر الزمن اودت الي ما نراه الان من "كون". هذا ما يتعارض مع مبداء ان يكون هناك تصميم ما للكون "Design " او شخص عاقل مفكر قام بتكوينه. فقط ناتج العشوائيه.

فلندرس هذه الفكره بما توفر لنا من وعي, علم وقوانين حسابيه وفيزيائيه.

الفوضي "Chaos" :

ايضا تعرف بالوشاش وهي نظريه حسابيه تتناول الانظمه الفوضويه "chaotic" وايضا لها تعريفات كثيره ولكن اقرب التعريفات واشهرها من المتوافق عليه هو ان "النظام الفوضوي هو النظام الذي تكون نتائجه متغيره بشده ومتباعده نتيجه تغييرات طفيفه في الظروف الاوليه للنظام."

مثال "تاثير الفراشه" وهو مبدا يقر ان النسمه الطفيفه الناجمه عن اهتزاز اجنحه الفراشه في مكان ما قد تتحول الي اعصار مهلك في مكان اخر اذ توفرت الظروف المناسبه.

الفوضي من الناحيه الحسابيه.
ان فرضنا ان المعادله بين س و ص يمكن التعبير عنها حسابيا فان كانت المعادله غير خطيه "non linear" و معقده بما يكفي لتكون فوضويه فان ابسط التغيرات في المتغير س يعطي اختلافات هائله التباين في الناتج ص.

الفوضي من الناحيه الحدثيه.
ان قمنا بصنع متاهه متحركه بها ابواب تغلق وتفتح بشكل دوري منتظم وسيوف تدور وما الي ذلك كما نشاهد في العاب الكومبيوتر وانت تتحكم في البوابه التي تحجز او تطلق كره وحين تفتح البوابه فان الكره تجري في المتاهه. في هذه الحاله الجزء من الثانيه يحدد حياه او موت تلك الكره. اصغر وادق التفاصيل الزمنيه تخلق نتائج شديده الاختلاف. هذه هي الفوضي بابسط صورها بما لا يخل بمعناها قدر المستطاع.

من اهم الاستنتاجات التي نستنتجها من الفوضي الحتميه لبعض النتائج. لانه ان كان المتغير الاساسي الذي يحدث الفروق الهائله تم التعويض عنه بقيمه لا نهايه ∞-;- اذا في هذه الحاله كل النتائج حتميه.
ص = ف x س
حيث ان ص يعبر عن الناتج , ف معامل الفوضي , س المتغير الذي يتم دراسته

ان كان س = ∞-;- اذا اي ناتج مهما كان هو بالفعل حتمي.


لذا, احدي استنتاجات عقلنا علي اساس ما شرحناه عن الفوضي ان اي حدث مهما كان خيالي هو حتمي اذا كان المتغير المدروس لا متناهي في نظام فوضوي. لنشرح تجربه بسيطه لتوضيح الموقف. ان احضرنا قردا واحدا واله كاتبه واحده لمده ساعه وتركنا هذا القرد يخبط علي مفاتيح الاله الكاتبه ما هي احتماليه ان نحصل علي روايه لتشارلز ديكنز؟ -- بالطبع صفر هذا مستحيل. مهما حاولنا. لكن ان احضرنا عدد لا متناهي من القرده واعطيناهم عدد لا متناهي من الالات الكاتبه وتركناهم لمده لا متناهيه من الزمن. ما احتماليه الحصول علي الروايه الان؟ انها نتيجه حتميه ولا بد ان تحدث وايضا حتميه كتابه نسخه ضقيقه من الكتاب المقدس او القران وحتي من كتابي هذا كل الاحتمالات حتميه لابد وان تحدث.

لنعد ونفكر في الكون الان. الكون بالنسبه لنا هو الفراغ والزمن. نحن نعرف ان بشكل ما الفراغ لا نهايه له ولكن ماذا عن الزمن؟ هناك احتمالين.


الاحتمال الاول:

ان يكون الزمن لا متناهي ويشارك الفراغ نفس الطبيعه حيث انه رابع الابعاد لوصف الفضاء او الكون ككل. فهو اما حلقه مفرغه "closed loop" كما يظن البعض عن الفراغ او انه لا بدايه ولا نهايه له بشكل يفوق تطور عقولنا اليوم كلا الاحتمالين لن يمثلا فرقا كبيرا. المهم ان الزمن يساوي لا نهايه ∞-;-. وان كان الكون لا متناهي الفراغ عبر زمن لا نهايه له, فما احتماليه حدوث كارثه شامله تدمر الكون كله* او الارض علي وجه التحديد؟ انه حدث حتمي. هذا قانون من قوانين الفوضي حقيقه لا يمكن نكرانها و لكن هذا لم يحدث و ها انا احيا في كون موجود يعبر عن وجوده بالطاقه و انا ادركه بعقلي الذي يتفهم اشارات تلك الطاقه بعد ترجمتها الي نبضات كهروعصبيه. اذا لابد من وجود قانون ما في هذا النظام الحسابي يمنع حدوث "حدث الفناء" ولنرمز له بالقيمه صفر. اذا لدينا عقل صمم معادله في التكوين الحسابي س ≠-;- صفر . و ان كان بعض الملحدين يقولون اذا وضعت سياره علي بدايه منحدر فانها تنطلق نحو السفح و هذا لا يعني وجود سائق بها. ولكن!! ان قامت تلك السياره بتفادي عقباتها او قامت بالدوران حول جميع الاماكن التي قد تودي الي هلاكها بالتاكيد هناك فكر وراء هذا. اما سائق بداخلها او مهندس صمم الطريق بما لا يدمرها. شيء كالمضمار يحكم حركتها. فيظن البعض انها تسير من طلقاء نفسها حيث ان ليس من شخص جلي داخلها و لكن لا يفكرون في ان التحكم قد يكون من الخارج حيث لا نري نحن ركاب تلك السياره. تماما مثل قطار المغامرات في الملاهي. انت تركبه ولا احد يدير له دفه لان الدفه صنعها مهندس بحسابات دقيقه جدا تضمن سلامتك وتخلي عن ظهوره في المشهد. ايعقل ان ننكر وجود مهندس لهذا القطار الطائر لانه يسير من تلقاء ذاته؟
نقدر ان نقول ان بعض البسطاء في الفكر عبروا عن هذا المبداء العلمي المعقد بفكره غايه في البساطه و تعبيرهم قد يكون مضحك حين تشرح لهم فكره حتميه دمار الكون و تسالهم عن السبب يقولون "ربنا ستر" هذه حقيقه لقد ستر الخالق الذي صمم هذا الكون احتمالات فناءه المحتومه سترها عن الحدوث.

الاحتمال الثاني:

ان انكرنا فكره ان يكون الزمن لا نهائي وانه له بدايه ونهايه. اذا من بداء البدايه؟ ماذا كان موجودا حينها ليبدء؟ من خلق الزمن وحدد ساعه الصفر وضغط زر العد التنازلي الي نهايه البدايه؟ ما هو الحدث الذي يمثل النقطه مرجعيه صفر التي علي اساسها نقيس الزمن بالايجاب او السلب وحتي ان كان الكون ناتج من احداث عشوائيه من رتب الوضعيه الاولي لتصل الي ما انتجته؟ لابد من وجود عنصر خارج اطار هذا الزمن. هذا العنصر موجود قبل الزمن وقام بحدث ما ادي الي بدايه الزمن ام ان الزمن بداء نفسه بنفسه؟ الا يتطلب هذا عقل؟ الاشياء الغير عاقله لا تختار من اختار نقطه البدايه التي وقتها كانت الماده لم تولد بعد لتكون مخ حيواني يتطور ونتيجه تطوره اصبح عاقلا, ان كان هذا صحيحا اصلا ان تكون للماده علاقه بالعقل. ايضا من اجل واوضح الحقائق العلميه ان الطاقه لا تفني ولا تستحدث من عدم. اذا كان للزمن بدايه اي قبل هذا البدايه لم يكن هناك كون ولم يكن هناك ماده ولا طاقه. كيف تم استحداث هذه الماده ومن اين اتت كل تلك الطاقه؟.

لقد تم تحويلها من صوره لاخري. لقد تحولت من قرار المصمم الي واقع حادث وموجود. ولحظه قرار هذا المصمم هي لحظه الصفر من حينها بداء العد. وبالطبع لم يكن العد علي مقياس ثابت فالزمن نسبي وسيتم مناقشه هذا الموضوع بالمقارنه مع التطور والانتقاء الجنسي للانسان.

وفي رايي كما ان اصغر خليه في اي كائن حي تحتوي علي الشفره الجينيه الكامله لفرد كامل حملت ايضا اصغر واول حاويات الطاقه المخلوقه شفره كل قوانين الكون واخذت في السير في الدرب المصمم حسب القوانين المخباه داخلها, لتكون الذره في الكون كالخليه في الكائن الحي. الذره بها ما يشرح الفيزياء التي تنطبق علي الاجرام السمائيه مع العلم ان هناك بعض الفروق وهذا ايضا ناتج عن ان الحسابات للاجسام الكبيره تكون اقل دقه نتيجه عدم قدرتنا علي عزلها في بيئه احاديه دائما هناك بعض العناصر "التي يتم تجاهلها" ولكنها تؤثر في الناتج (الفوضي) او لان دقتنا في الكشف عن الاجسام التحت ذريه "sub-atomic" مبنيه علي الاحتمالات فكثيرمن الحقائق لا تزال مجرد فجوات "حتي الان".

ولكن ان اتقنت اللغه مع الذره وسالتها عن اي شيئ في الكون ستجيبك. ستجيبك كيف تكون قنبله ذريه او هباء, تراب. كيف تتعامل مع زميلاتها لتكون ماده وكيف تتصرف لتشرح لك كل ما هو فيزياء او كيمياء. وكيف تتفاعل مع اخريات لتكون جسدا نشط لكائن حي تغذي عليها فصارت جزء منه ثم تركته لجسد اخر او الي الفضاء. كل ما يحلو لك ستجيبك عنه. تعلم لغتها وستجيبك.
هناك فجوات لابد وان يسدها العلم حالما يتواصل مع الوحده الكونيه باللغه الصحيحه.
وهناك فجوات في وعينا خارج نظام تلك الجزيئات.
من يسدها؟

#فادي_سويرس (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات