أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علي البهلول - ايقاع الموت وموسيقى الأمل في -ولو مشيا على الجمر-للشاعر والاعلامي التونسي علي المرزوقي















المزيد.....

ايقاع الموت وموسيقى الأمل في -ولو مشيا على الجمر-للشاعر والاعلامي التونسي علي المرزوقي


علي البهلول

الحوار المتمدن-العدد: 4651 - 2014 / 12 / 3 - 22:21
المحور: الادب والفن
    


"وها نحن..
قد حسمنا في الأمر..
...و أقسمنا أن نواصل المشوار..
و لو مشيا على الجمر".
ذاك هو قول الشاعر علي المرزوقي في مجموعته الشعرية "ولو مشيا على الجمر".كلمات تهزنا هزا تبعدنا عن العالم و تحملنا إلى قوة الكلمة و قوة كاتبها.
عزيمة حاول الشاعر تأسيسها في عالمه ،إرادة القوة و كأننا إزاء شاعر نيتشوي يكتب و يتكلم بلغة القوة و لغة الرفض:
"و أقسمنا أن نواصل المشوار".
قسم و تأكيد للمواصلة و للارتقاء إلى الإبداع؛قسم في المطلق بكل الأشياء،قسم يكون بمثابة الوصية بمثابة القيد لكاتبه و قائله ؛ قسم بمواصلة المشوار و لو كلف ذلك المشي على الجمر.
تمرد و ثورة على اليومي و على المعتاد من السائد السياسي.
كلمات قالها شاعرنا في صائفة 1993 و هو لا يزال في بداية الطريق لما كان عمره لا يناهز العشرين.
هنا في هذه المجموعة سنتكلم عن الوعي الذاتي داخل القصيدة،هنا سنتكلم عن اللغة و عن الفلسفة وعن الوعي بالأنا و الآخر و الماضي و المستقبل.
هنا في قصائد الشاعر علي المرزوقي سنتكلم عن اضطرابات الكلمات فيما بينها و عن جمالية الأسلوب و الصورة.
هنا سنتكلم عن شاعرنا الذي عايش موت الإبداع و موت الأمل و موت الدولة.هنا سنتكلم عن الموت و عن إيقاعه داخل القصيدة.
هنا سنتكلم عن الأمل و مواصلة المشوار.
هنا سنتكلم عن الجمر و عن دلالاته اللامتناهية المتعلقة بالشاعر زمن كتابة قصائده.
المبحث الأول:الوعي الذاتي داخل القصيدة للكشف عن المسكوت عنه:
ما من نص كتب إلا و جسد فيه كاتبه وعيه سواءا كان ذلك تحت لواء الوعي أو كان ذلك بمنأى عنه.
إن الاستشكال الذي دفعنا إلى المجازفة بهذا الحكم هو وجود الاهداءات التي صدر بها شاعرنا بعض قصائده فهذه الاهداءات كانت لنا بمثابة النبراس الذي أهدانا السبيل الذي يفضي إلى زحزحة الإحراجات التي ينطوي عليها هذا الديوان الذي بين أيدينا و الذي يبدو أنه قد نشأ تمردا على السكك الحديدية التي يسير عليها اليومي و لا يحيد عنها إلا أن شاعرنا قد عمل على تقويض هذه السكك من جهة أنه قد حاول إزاحة ما واجهه من إرهاصات فكرية و إيديولوجية تحول بينه و بين السائد المتلبد الذي يعشو واقعه و من جهة محاولته لإرساء حضارة عبر الكتابة.
ضمن هذا الصدد يمكن أن نسوق على سبيل الذكر لا الحصر مثال الإهداء " إلى الروح الظمأى" فهذا الإهداء إن دل على شيء فإنه يدل على دلالة العطش و الموت و التعب و الترحال،على روح تصبو إلى الإنعتاق من واقع لم تستطع التأقلم مع مختلف المؤثرات التي ينضوي تحت غطائها لذلك بدت هذه الروح على قدر كبير من التذمر و التوق إلى التسامي على هذا الواقع و كأننا بالروح نجدها هنا باحثة عن بديل لتنهل من نهره علها تطفأ العطش الذي يسوسها .
و عي ذاتي داخل القصيدة يحيلنا إلى ولادتها من دم كاتب سال دمه كي تصلب على عرش الموت،عرش واقع يحيلنا إلى الكآبة و الحزن و كأنه حكم علينا بالموت و نحن أحياء ، و في ذلك قوله:
"...و ينهض على عادته
متثاقلا وكئيبا هكذا...
كل صباح"
هنا يجسد المرزوقي الأزمات النفسية التي يعايشها الإنسان و ذلك بتلاعبه بالقارئ كما يتلاعب الطفل بلعبه.هنا يجمع شاعرنا بين الأزمنة صباحا مساءا ليعرض لنا حالة الإنسان و هو في صراع، إنه صراع لا يتوقف لحظة رغم تعاقب الليل و النهار، إنه صراع الإنسان مع ذاته سعيا منه إلى اقتناص ماهيته، إنه صراع الإنسان مع قدره و مأساته في الوجود :
"أرق...
و سهر طويل
و قلق...
هكذا الفتى كل مساء (...)
......و يحترق"
إن علي المرزوقي نصه مكتوب بلهيب الشمع، لهيب الثورة و الانتفاضة. " ولو مشيا على الجمر".ارتجافة من المهد إلى اللحد، حقيقة ليست بالحقيقة، ورم قاتل لكل شخص فهم معنى نصه زمن الموت الابداعي.
وعي داخلي و خارجي بكل المضامين بكل الاستشكالات التي اعترضها شاعرنا.إنه علي المرزوقي ذلك النحات الذي نحت اسمه على تمثال شعره ، إنه إن جاز التعبير خلدوني من خلال صوره الشعرية و التي في ظاهرها اخبار و في باطنها نظر و تحقيق.
إنه إن صح الرأي ابن الثورة الأولى، ابن الكلمة التي جعلته يتنكب عن التعبير عن ما يخالج كيانه لتكون الكلمة بمثابة حمم بركانية تتصاعد ثأرا و ثورة و تمردا و مناجاة.إن قراءتنا للنصوص الشعرية لعلي المرزوقي تذكرنا بما قاله الشاعر العراقي العظيم بدر شاكر السياب في زمن غير بعيد، فالتماهي بين شاعرنا و بين السياب لم يكن في مستوى الاسلوب و إنما الانصهار كان متمظهرا أساسا في مستوى ثورة الكلمة و تمرد المعنى إذ يقول السياب في هذا الصدد :
" و في العراق جوع...
و ينثر الغلال فيه موسم الحصاد
لتشبع الغربان و الجراد...
و في العراق ألف أفعى تشرب الرحيق
من زهرة يريبها الفرات بالندى"
نقاط يلتقي الشعر الثوري الابداعي بين السياب و المرزوقي :
"فدعنا نمد الخطى رغم عثرتنا
و ننشد للغد أغنية جميلة
تزهو بها القلوب..
و لاتمل" .
ارتجافة يسجلها الشاعر بين كلماته و بين معانيه التي تنبع من القلب و من الوعي.ارتجافة العثرة و الملل.
ارتجافة القهر...
هنا في هذا الأثر يفجر الشاعر دمه في قصائده رغبة في الإنعتاق و في كسر الواقع للتمرد على اليومي و الاستقلال بالنفس لبناء بديل فهو هنا يتكلم عن معنى الرفض في مختلف جوانبه الاجتماعية و الاقتصادية و خاصة السياسية التي تعتبر لب الجوانب الأخرى و جوهرها :
"و أول الزهرات لديك...الأخيرة
قطفت.......
ليس لك الآن إلا أن تداعب شوكها
و تمضي بالأحمر"
وفي نفس الصدد يقول:
"ودع الصمت...إذن
و أطلق الصوت
...يا لجريح"
إن علي المرزوقي لكل ما لا يعرفه في قصائده هو الشمس التي أشرقت في وقت لم يحن فيه موعد الإشراق.وعي رغم حداثة سنه بالمسار السياسي و اللإجتماعي و هو لم يتجاوز العشرين زمن كتابة قصائده، مراهقة عاشها في الكشف عن المستور قصد ابداع شيء من الشعر.
لقد أخذ شاعرنا على عاتقه الانغراس في فضاء الراهن العربي بدءا من نكبة فلسطين في 1948 وصولا إلى حربي الخليج "فالشاعر العربي المعاصر تنقلب قوافيه بين جفون المأساة، مأساة القتل الحضاري...فطبيعي إذن التمرد على الواقع في الماضي و الحاضر..." .
هذا إذن المسكوت عنه اللامتكلم فيه.هذا هو شعار شاعرنا " ولو مشيا على الجمر.هو وجه علي المرزوقي من خلال الكشف عن الأقنعة و محاولة خلعها لمعرفة واقعنا هل هو حقيقة أم وهم هل هو واقع أم ظن.
لقد حاول شاعرنا من خلال تجسيد وعيه داخل القصيدة للكشف عن المضامين التي أزعجته محاولا رسم آمال لكي تكون لنا رغبة في الانعتاق مرة أخرى.
بعد بين ما تقدم حول الاحراجات التي أثارها شاعرنا حول الموت بمضامينه أكانت سياسية أم اجتماعية أو اقتصادية أو أخلاقية.يمكننا أن نتساءل عن الأمل الذي حاول الشاعر تأسيسه بأساليب شعرية تطفئ الجمر لحظة اشتعاله.
المبحث الثاني:موسيقى الأمل:
يسألولنا عن علي المرزوقي فنجيب إذاعي في الظاهر و شاعرفي الخفاء يمشي على الجمر من أجل قول كلمته من أجل موسيقى حروفه و جعلها في قصائده من الألف إلى الياء كأمواج البحر.
لغته لغة تراودنا و تغرينا و توقع بنا في حب الكلمة و حب القراءة؛ توقعنا في احترام الشاعر وهو يرسم كلماته بقوس قزح من الاستعارات و المجازات.
إنه علي المرزوقي برائحة قصائده يستدرج الأنثى و يوقع بها بين مدارت أفلاكه العاطفية فأصبحنا نتكلم عن معابد الحب و عن الطقوس المسيحية بامتزاجها بلون الشعر من خلال الرومنسية و هي تصوغ لنفسها معنى.
إن المتمعن في ديوان علي المرزوقي ينم عن فهمه لتصورات بعض الأدباء لمفهوم الشعر من خلال اعتماده على التصوير و النسيج على غرار الجاحظ الذي يعتبر الشعر "ضرب من النسيج و جنس من التصوير".
بأمله الموجود بداخله نسميه شاعر الحب، بألمه نسميه شاعر المأساة و لكنه الواقع حين ينقلنا الشاعر من الألم إلى الأمل من الموت إلى الحياة بخطى ثابتة فالحب هو من الأمل و الموت هو من الألم.فموسيقى الأمل هي مواصلة المشوار و التغزل بالأنثى و يتجسد ذلك في قصيدته موسيقى الحياة إذ نراه يقول :
"وجهك...
سحر الوجود
أشرق في الكلمات"
يجعلك علي المرزوقي تشعر بالذهول من خلال حركاته الانتقالية من المعنى الشعري إلى المعنى الذي يحاول الشاعر تأسيسه فيوهمك أحيانا أنه العاشق الولهان و لكنه ينقلب عليك إذ يأتيك شاعرا متمردا على كل المفاهيم و المضامين ذلك هو ايقاع الموت و موسيقى الأمل:
"ما زال في القلب
متسع لكي تحب
...و تحب
مازال في العمر متسع
لكي تحترق أكثر
...و تشتاق...و تسهر
و لكي تخيط لأحلامك
كساءا من نسيج التعب"
إن علي المرزوقي يجعل من الألم أملا و من الخراب بداية ومن التعب راحة و سكينة و من الموت حياة.
فعلى الرغم من ما يختلج شاعرنا من تأزم و انعزال عن العالم إلا أنه يبقى له الحنين إلى وطنه فهاهو يجسد لنا مشهدا رومانسيا لحبيبة هذه المرة هي الوطن الأنثى التي أنجبت من يتغنى بها:
"...و إن غفلوا
و ما سألوا...
لك الله يا فتى
لك تونس تحضنك و تحضنها
بعدما رحلوا..."
إن الأمل هو ذلك الوطن المتبقي بين شتات الفوضى.هو الأمل الذي نسكنه و نأوي إليه بعد الضياع.
لقد تميز شاعرنا بإبداعه من خلال توقيع قصائده و التي تكشف تمردا على المكان و بالتالي التوقيع في القصيدة يتحول إلى ومضة شعرية يصبح فيها اليوم أجراسا أو رذاذا أو صلوات...أو قناديلا .
لقد تكلم الشاعر حتى أسهب في الكلمة لإضاءة مسار الشعر فقد أخذ على عاتقه إعادة مسار الوعي إلى القصيدة.لقد اهتزت الكلمة و تنازعت فيما بينها لتحل محل الصوت و الصدى لتواسي الوطن العربي.
و لا نغالي إذا قلنا أن القارئ لعلي المرزوقي سيتشكل له ما يسمى "الوعي بقيمة الجمر" و هذا ما يجعلنا نبحث عن حكمة تسجل في الأذهان و نحن نفارق قراءة أثرنا الشعري :
"قسما سنواصل المشوار
قسما و لو مشيا على الجمر"
بقى التأمل في الجمر متواصلا و يبقى المشي عليه من سمات الأحرار.
أخيرا شئنا أم أبينا فإن الشاعر علي المرزوقي يحل بداخلنا بدون استئذان ليكشف لنا عن عصر ألجم فيه اللسان و قيدت فيه الأيادي...و فرشت الطرق بالجمر من يريد معانقة الكتابة و قول الحق وجب عليه عبور صراط الجمر ليكون شاهدا على نفسه كشاعر.



#علي_البهلول (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل سينجح نداء تونس في حل مشاكل تونس
- ايقاع الموت
- تأملات ارتكاسية
- أقاصيص تجري في غير مجراها للدكتور محمد الخبو ابداع في اللامت ...
- الاعاقة الذهنية الواقع والتحديات التريزومي 21 نموذجا:مقتطف م ...
- قراءة في شذرات من كتاب جدل التنوير لماكس هوركهايمر وثيودورف ...
- حلم على وتر التردد لوغوس ووعي بالذات للشاعر التونسي شاهين ال ...
- أبو الهول وحادثة العين
- هل سينجح الفريخة والسلامي في حل مشاكل صفاقس


المزيد.....




- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...
- إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل ...
- “قبل أي حد الحق اعرفها” .. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وفيلم ...
- روسيا تطلق مبادرة تعاون مع المغرب في مجال المسرح والموسيقا
- منح أرفع وسام جيبوتي للجزيرة الوثائقية عن فيلمها -الملا العا ...
- قيامة عثمان حلقة 157 مترجمة: تردد قناة الفجر الجزائرية الجدي ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علي البهلول - ايقاع الموت وموسيقى الأمل في -ولو مشيا على الجمر-للشاعر والاعلامي التونسي علي المرزوقي