أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عماد حياوي المبارك - تيتي ... تيتي















المزيد.....

تيتي ... تيتي


عماد حياوي المبارك
(Emad Hayawi)


الحوار المتمدن-العدد: 4651 - 2014 / 12 / 3 - 15:35
المحور: الادب والفن
    




تيتي تيتي ... !

بعد يوم عمل طويل، بين عملي بشارع النهر وفلسطين، أكون قد عدت للبيت مرهق، وبعد الدوش يحلى بطل بيرة مثلج، وبينما بدءتُ (أمزمز) حتى جائني تلفون من قريب عزيز، وهو صائغ ناجح ومهندس مميز، يبشرني بأنه قد وجد سيارته التي كانت قد سُرقت قبل اسبوع، وقبل ان يدعني اُسمعه كلمة تهنئة، طلب ان اصطحبه لها في الحال.
ولمّا قلت له بأنني سوف أمر عليه في الصباح ، رد بعجلة ...
ـ ميفيد، لازم هسة نروح نحن الأثنين، حتى ارجع أنا بسيارتي.
قدرتُ سبب لهفته، ولبيتُ طلبه مضحيآ ببطل البيرة (المجرّش) !

وبينما كانت الساعة تقترب من منتصف الليل، كنا نحن بطريقنا للمسيب، حينها فاجأني بأنه صباح هذا اليوم وبعد ان يأسَ من الشرطة، ذهب الى (عرّاف) معروف، بعد ان أرشده (ابن حلال) وأكد له براعته بكشف المستور !
ووصف لي كيف أجلسه خلف ستارة، ولم يُسأل عن السيارة او متى واين سُرقت، وانما فقط عن اسم أمه وأمهات جيرانه و(حساده)، ثم صاح بطفل مدرب كان قد أجلس لجواره أن يرى السيارة لهم، فقال بعد أن دس صاحبي (المقسوم) بجيبه، أنه يراها متوقفة في (الدربونة) الفلانية ... بالمسيب.

صُدمتُ لما قاله، لكنني وأمام قناعته وتصميمه وقطع نص الطريق، لم يعد بإمكاني التراجع، برغم من أنني وضعتُ احتمال نجاح لمسعاه تكاد تصل نسبته الى (تحت الصفر) بالمئة !

وكان لي معه نقاش مطول عن سبب اندفاعه لهذا الدجال، ووفرتْ مسافة الطريق مناسبة لتجاذبات حديث تمحور حول ... السِّحر.

وبدأنا نعرّفه، فوجدناه متعدد المعاني، فهو أحياناً (فن) يحتاج إلى قدر كبير من ذكاء وخفة وخداع نظر، ومؤدوه اُناس بارعون، منذ القدم وهم يستغلون معلومة فيزيائية او كيميائية او (فبركة وفهلوة) للفت نظر الناس وجذبهم، تجدهم يجوبون الساحات العامة والمسارح وفي السيرك، وهو يجري بالعلن وعلى مستويات تكاد تصل للنجومية.

ويوجد متميزون بعلوم الفراسة والتنجيم، وهناك سوق للعرافين رائجاً في مجتمعات مثقفة، كما في فرنسا ولبنان، ويمارسه مواطنيهم اليوم في البرازيل وساحل العاج واستراليا وغيرها، ولهم أساليب حديثة وسوق وزبائن، ملوك ورؤساء وسلاطين ... وكل هذا لا علاقة له بعلم الاتصال الروحي أي (الباراسايكولوجي).

سألني بينما اقتربنا وصرنا نبحث عن (الدربونة) الهدف ...
ـ هل مارست (السحر) بحياتك ؟
هي مرة ، قلت، قبل العيد الكبير بأيام، أعطتني (أم الجهال) قائمة لشراء بهارات من عطاري الشورجة، وكلما أعود تسألني : ها جبتها ؟
اتحسس ورقتها بجيبي وأقول لها : باجر !
... لمحلي بشارع فلسطين جارة، امرأة كردية تعمل وسيطة لقريبتها المعميلة (الثقيلة) التي لا تتكلم العربية، جاءتني باكراً خائفة من فقد زوجها الذي (شطح) عنها لأخرى، ولأنني ما كنت أريد التفريط بخدماتها للمحل، وبإلهام لم يحدث سابقاً لي، وبحركة استعراضية أمام العمال، وضعت يدي على جيبي وانا اضحك وقلت ان (الأسياد) يريدون هذه (اللستة) وعليك احضارها اليوم حتماً، وكان لي مساءً ما أردتُ، فصحت ...
ـ دخيلكم يا أسياد !
بعد عطلة العيد (أنكسر قلبي عليها) خصوصاً لما عرفت بأن المسكينة استدانت مبلغ مسواك الشورجة، فعوضتها محبس عيار 18 وقلت ...
لازم تلبسيه حتى يرجع زوجك ... لأحضانك !
وبعد فترة انقطاع، رأيتها تخرج من صائغ مجاور وبدون الخاتم...
فقلت اها : لازم تلبسي المحبس وتنطيه فرصة حتى يشتغل ؟
قالت : لا والله ابو هاني أني فكر وشاف نفسي مرتاح بلا رجلي، خليها يشبع بصاحبته، بعت المحبس وما ردتك تعرفين خفت لا تزعلين !
ولما (غربلت) كلامها، فهمت لِم من يومها والأخت صارت رسول بين قريبتها ومعميلها الجديد أن زوجها وبرغم (المحبس) لكنه (طفش) لأخرة !
يبدو أنه وكما يقول المثل بأنه ربما أنقلبَ السحر ... على (الساحر) !

وبينما عدنا كما متوقع بخُفي حنين من مشوار الليل، تطرقنا الى أمور تتعلق بالسحر بالعراق وبالسحَرة ...
كانت تسمي أمهاتنا مثلهم مثل عامة الناس البسيطة بعض ما يتوقعوه سحر بالـ (عمل) ومنه للمحبة والرزق أو للعداوة والكره، وهو في الواقع ليس سحراً ولا روحانيات، حتى ان (اللغة) خلت من كلمة تصفه، وله اساليب وفبركة وطبعاً زبائن، ولكنه لايتعدى كونه خداع، لا تقره لوائح أو أديان، ويجري إعداده بأساليب متخلفة.

ووصف لي صديقي أحد الممارسات المقززة (السحر الاسود)، بأستعمال ما يسمونه (نجاسة)، وهو يسيء حتى للعلاقة الجنسية، فبدل ان يُنظر للجنس كونه من أسمى العلاقات بين الرجل والمرأة، يعتبروه (قذارة)، ذلك لانهم يؤدوه في دهاليز الخفاء، وخارج حاضنته الطبيعية (العلاقة الزوجية).
أن هذه الممارسه إنما تشجع وترسخ نظرة عنصرية (دونية) بين شخص وأخر وبين دين وأخر!

لهذا السحر (الأسود) مؤيدون غالبيتهم من الجهلة، تجدهم يؤمنون بشكل متفاوت بالدجل والحسد والعين وتسخير البخور والحرمل والأحجار، وبعضهم يؤمن (بالطلاسم) وذلك بدس أوراق بداخلها كتابات دينية تذكر الله والانس والجن، وهي لاتعدو كونها (شخابيط) لاتحل ... ولا تربط !
وهناك القلة المتحصنين الذين لا يعتقدون بوجوده (قطعياً) وهم بالتالي لا يتعاطوه.

وذكرتُ هنا لصاحبي حكاية صائغ جار، وكيف كان يمارسه بشكل علني ومع شريحة واسعة من أهالي المنطقة، وكان يدر عليه المال وصار له من خلاله زبائن، وكان بذلك يبرر أمامنا أفعاله هذه.
وصادف أن وقع يوماً ضحية نصب لامرأة ساقطة ادعت أنها متزوجة وأن زوجها اكتشف (حرز) بخط يد الصائغ كان قد كتبه لها مقابل (ثمن)، وبقيت وصاحبها يلاحقوه بحجة انه (لمسها)، وبدل ما يبتزهم، ابتزوه وبهذلوه وصار (شهيرة) في المنطقة وغلق محله لاسبوعين، وبالتالي فقدَ سُمعته وثقة الناس واحترامهم له !
وكنت قد حذرته، وحذرت ناس وأصدقاء وزبائن، لكن أعترف أني وأمام (تخلفهم) قد فشلتُ وحتى أحياناً خسرتهم !
وبينما وصلنا بغداد، نبهته بأن لا يقع مرة أخرى ضحية للدجل وهو الرجل المتعلم الخريج، وان كلامي وأمثلتي (المملة) معه إنما كي لا تجعله لحظة ضعف يخرج عن الواقع والمنطق ...
لكن بدا أنه لا يزال مقتنع بأن صاحبه قادر على كل شيء، وأن بإمكانه أن يشفي المرضى ويتوقع الغيب والمستقبل وأن يصيب بالشلل كل من يشهّر به، وهنا ذكـّرته بشخص تمرد على أحد الدجالين وتحدى كذبه بأن عرض عليه صفقة، أنه وأمام الجميع يضع كفه أمام الدجال وتحتها مبلغ محترم، وقال بأنه سيردد كل ما يطلبه الدجال منه وأن يستعمل كل أساليبه وكل ما متاح وما يشاء ضده، وله ساعة وقت، لو يستطيع كما تقولون ان يصيبها (بالشلل) فأنه سيضحي بيده وبالمبلغ، وإذا فشل فسيضربه بها وأمام الحاضرين (راشدي) واحد فقط يعمي به عينه !

أخيراً وبعد سفرة (تيتي تيتي ... مثل ما رحتي جيتي) تشكر مني وأراد أن يُسدي نصيحة أخيرة وكان جاداً : الواحد لازم يتجنب المراهنة معهم ...
وهنا بدت عليه سمات قلق وسكتَ لوهلة ثم قال بثقة : مو الواحد يضحّي بأيده !

عماد حياوي المبارك ـ هولندا

__._,_.___



#عماد_حياوي_المبارك (هاشتاغ)       Emad_Hayawi#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بركاتك شيخ سلام
- أنتوشات
- شيخصملي
- أرنبون


المزيد.....




- ثبتها أطفالك هطير من الفرحه… تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- -صافح شبحا-.. فيديو تصرف غريب من بايدن على المسرح يشعل تفاعل ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...
- خلال أول مهرجان جنسي.. نجوم الأفلام الإباحية اليابانية يثيرو ...
- في عيون النهر
- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عماد حياوي المبارك - تيتي ... تيتي