أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - التربية والتعليم والبحث العلمي - لحسن أمقران - إلى من يسيء إلى نساء ورجال التعليم...














المزيد.....

إلى من يسيء إلى نساء ورجال التعليم...


لحسن أمقران

الحوار المتمدن-العدد: 4650 - 2014 / 12 / 2 - 23:27
المحور: التربية والتعليم والبحث العلمي
    


أقدم أحد الأساتذة مؤخرا على سلوك أرعن تمثل في تصويره لتلميذة يبدو أنها متعثرة دراسيا وهي عاجزة عن رسم العدد خمسة، وبكل موضوعية وتجرد، يبقى هذا السلوك ساذجا ومرفوضا ولا يمكن للمرء إلا أن يندد به ويشجبه لعلتين، أولاهما أنه يعتبر تشهيرا بالفتاة وقبل ذلك إحراجا لها وتهكما عليها أمام زملاء الفصل، وثانيهما أن مسألة التصوير لاتزال تثير نقاشات عمومية قوية حول سلامتها إن على المستوى الأخلاقي قبل الخوض في المستوى القانوني والتشريعي.
وللأسف، وصل هذا السلوك بصاحبه إلى أن يكون موضوعا ومادة دسمة لحملة شبه منظمة أوقدت نارها مواقع التواصل الإجتماعي، وانتهى به الأمر إلى كشف أموره وأوراقه الشخصية على الهواء، بغية استعطاف الإدارة ومعها الشارع بنية التكفير عن الخطأ الجسيم الذي صدر منه والصفح عنه، وضع كان ليكون زميلنا في غنى عنه لو أنه قدّر سلوكه حق التقدير.
من زاوية أخرى، لا يخفى على أحد أن مثل هذه المواقف بل وأسوء منها يقع في مؤسساتنا العمومية على اختلاف اختصاصاتها، فمشاهد السخرية والتهكم والاحتقار والشطط والألفاظ النابية والرشوة والإستغلال والتحرش يكون المرفق العمومي مسرحا لها بشكل يومي، سواء في المؤسسة التعليمية، الأمنية، الصحية، القضائية، الإصلاحية والخدماتية، في القطاع العمومي كما في الخصوصي، حقيقة لا ينكرها إلا جاحد أو جاهل.
يفترض أن يعلم الجميع أن نساء ورجال التعليم كانوا في مرحلة من المراحل مصدر "إزعاج" للدولة، وهو أمر طبيعي بالنظر إلى كونهم آنذاك يشكلون القاعدة الكبرى للطبقة المثقفة التي تنشد التغيير وتسعى إليه، أكثر من ذلك، فهي الفئة التي توغلت في أعماق الوسط القروي كما في المراكز الحضرية والتي يظل صوتها مسموعا مما يهدد مصالح نخب معينة.
أمام هذا الوضع، ارتأت الدولة خلال فترة معلومة سن سياسة "حصار" تلجم به وعي وجرأة نساء ورجال التعليم، عبر مداخل ثلاثة:
• الحصار الأمني: سعت الدولة خلال هذه المرحلة إلى شن اعتقالات في صفوف نساء ورجال التعليم وتقديمهم لمحاكمات، وكان يتم الإعتقال أحيانا من أبواب المؤسسات ترهيبا للزملاء وتشكيكا للمتعلمين في من يعتبرونه مثلهم الأعلى.
• الحصار المادي: بعد أن كانت أجرة نساء ورجال التعليم من أعلى الأجور، تمت محاصرتهم ماديا بشكل جعلهم يعجزون عن مسايرة إيقاع الحياة المادية، وبالتالي لجوئهم إلى القيام بأنشطة اقتصادية موازية ضدا على القانون، أو اللجوء إلى القروض، وحصر اهتماماتهم في الدرهم والدينار .
• الحصار الثقافي: تم تشويه سمعة نساء ورجال التعليم بشكل تدريجي وماكر، وتم تسخير الإعلام لفبركة صورة سوداوية عن هؤلاء عبر التشهير المقصود بالحالات المرضية، نفس الخطاب نجده في الإنتاجات الثقافية خصوصا المسرح والدراما التلفزيونية وفن "الحلقة"، كما اعتُمد أسلوب التنكيت كتكتيك يعرف إقبالا جماهيريا منقطع النظير للنيل من سمعة وصورة نساء ورجال التعليم.
سياسة لا تحتاج إلى كثير ذكاء للوقوف على حقيقتها وأبعادها المتشعبة، سياسة أنتجت جيلا من المغاربة يكنون شعورا لاواعيا وعداء نفسيا مرضيا لنساء ورجال التعليم، فتجدهم يكدون ويجدون في السخرية منهم، ولا يفوتون أدنى فرصة للتشهير والإستهزاء بهم وفضح أخطائهم الكبيرة والصغيرة، وعد مساوئهم في الزلات والعلات.
وحتى نكون موضوعيين مرة أخرى، لابد من الإشارة الى أن سيدة أو رجل التعليم نفسه – وهو أمر طبيعي بالنظر إلى كونه جزء من المغاربة ضحايا سياسة معاداة هذه الفئة- يكرس هذه الصورة الإختزالية، إذ تجد السواد الأعظم يعيشون فصاما حقيقيا يتجلى في احتقارهم لذواتهم قبل مهنتهم، فيركنون إلى التكاسل والسلبية داخل محيطهم، فيقلصون آفاقهم العلمية والثقافية بل ويسدونها بشكل تام، ويجعلون المادة أكبر همهم، والمقرر الدراسي مبلغ علمهم، والتطاول في البنيان حلمهم.
لا أخفيكم سرا أنه حز في نفسي كثيرا أن تشن هذه الحملة الشعواء ضد نساء ورجال التعليم من تلامذة الأمس، حملة ممنهجة تزيد الطين بلة وتؤزم الوضع أكثر، فبدل فتح نقاش عمومي حول هذه السلوكات المرضية التي يواجهها المغاربة في مرافقهم ومقرات عملهم بشكل علمي وموضوعي يتغيى الإصغاء إلى رجال علم النفس وعلم الإجتماع بشكل يسمح بتصحيح الأوضاع، شحذت جهات أسلحتها وكشرت عن أنيابها وأطلقت العنان للسب والشتم وإفراغ المكبوتات وتصفية الحسابات، في مشهد يبين وبالملموس أننا بعيدون كل البعد عن التناول الموضوعي للقضايا والتفكير العلمي الرصين في تعاطينا مع النوازل.
لقد كان على اصحاب ردود الفعل المتسرعة أن يتملكوا الشجاعة ويفصحوا لنا عمّا لحقهم ويلحقهم يوميا من أشكال الإمتهان في مؤسسات أخرى غير المؤسسات التعليمية، فنساء ورجال التعليم يبقون الحلقة الأضعف في مخيال هؤلاء، لذا يصبون عليهم سخطهم وينتقمون لضعفهم منهم، وعليهم يتجرؤون خوفا من غضبة رجال القطاعات الأخرى. ايها السادة كفوا عن التجني والإساءة إلينا وأنتم تعممون، فبتعميمكم للأحكام تزرعون العبث وتحجبون حقيقة الحالات الخاصة.
رسالة أود في الأخير أن أبلّغها لزميلاتي نساء وزملائي رجال التعليم، فلتعلموا أن رسالتكم نبيلة، ومكانتكم مرموقة، وسعيكم مشكور، فتحلّوْا بغير قليل من الكبرياء والكرامة، افرضوا أنفسكم على أغياركم بالعلم والمعرفة، انتقدوا ذواتكم قبل أن ينتقدكم غيركم، انضبطوا في أعمالكم وأحسنوا إلى تلاميذكم، كفوا عن الإساءة إلينا كما يفعل المتربصون، تأكدوا أنكم لستم مثل غيركم، فأنتم تبنون أجيالا وآخرون يقيّمون أعمالكم فاحرصوا على إتقان ما أنتم عليه مستأمنون ولتحذروا من يتربصون بزلاتكم.



#لحسن_أمقران (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- شذرات من المشروع الأمازيغي
- بين الأغلبية والمعارضة...تتيه الأمازيغية
- اللًّهُمًّ إِنًّا نًسْألك الأمن كله في وطننا...
- الأمازيغية بعد 13 سنة من تأسيس المعهد الملكي: الواقع المر وا ...
- إلى -الأمازيغ-: إنها آخر السطور...
- منع الأستاذ من التحصيل العلمي، خرق للقانون باسم المصلحة
- تدريس اللغة الأمازيغية.. فشل أم إفشال؟
- لهذا انتفضنا ضد -شبيبة حزب المصباح-
- نعم -للتضامن-، ولكن...
- مع منع التضامن مع أمازيغ -غرداية-...هل أصبح التضامن انتقائيا ...
- أحمد عصيد...تهديدك تهديد لكل الوطن والمواطنين
- معتوب لونيس، جسد راحل وفكر حي.
- الأمازيغية في جائزة الابداع الأدبي للقناة الثانية (2M)
- في ذكرى رحيل مهندس الاستقلال (1)
- أربعة وثمانون سنة بعد الظهير العاري من البربرية...
- الى فؤاد البعثية
- تآمر المغاربة أم هلوسة بن كيران
- الى أصحاب الأطروحات العدوانية من الاسلاميين
- كلمة في مرصد -تجريم- الأمازيغية
- أمازيغ الجزائر...قلوبنا معكم


المزيد.....




- لم يسعفها صراخها وبكاؤها.. شاهد لحظة اختطاف رجل لفتاة من أما ...
- الملك عبدالله الثاني يمنح أمير الكويت قلادة الحسين بن علي أر ...
- مصر: خلاف تجاري يتسبب في نقص لبن الأطفال.. ومسؤولان يكشفان ل ...
- مأساة تهز إيطاليا.. رضيع عمره سنة يلقى حتفه على يد كلبين بين ...
- تعويضات بالملايين لرياضيات ضحايا اعتداء جنسي بأمريكا
- البيت الأبيض: تطورات الأوضاع الميدانية ليست لصالح أوكرانيا
- مدفيديف: مواجهة العدوان الخارجي أولوية لروسيا
- أولى من نوعها.. مدمن يشكو تاجر مخدرات أمام الشرطة الكويتية
- أوكرانيا: مساعدة واشنطن وتأهب موسكو
- مجلس الشيوخ الأمريكي يوافق على حزمة من مشاريع القوانين لتقدي ...


المزيد.....

- اللغة والطبقة والانتماء الاجتماعي: رؤية نقديَّة في طروحات با ... / علي أسعد وطفة
- خطوات البحث العلمى / د/ سامح سعيد عبد العزيز
- إصلاح وتطوير وزارة التربية خطوة للارتقاء بمستوى التعليم في ا ... / سوسن شاكر مجيد
- بصدد مسألة مراحل النمو الذهني للطفل / مالك ابوعليا
- التوثيق فى البحث العلمى / د/ سامح سعيد عبد العزيز
- الصعوبات النمطية التعليمية في استيعاب المواد التاريخية والمو ... / مالك ابوعليا
- وسائل دراسة وتشكيل العلاقات الشخصية بين الطلاب / مالك ابوعليا
- مفهوم النشاط التعليمي لأطفال المدارس / مالك ابوعليا
- خصائص المنهجية التقليدية في تشكيل مفهوم الطفل حول العدد / مالك ابوعليا
- مدخل إلى الديدكتيك / محمد الفهري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - التربية والتعليم والبحث العلمي - لحسن أمقران - إلى من يسيء إلى نساء ورجال التعليم...