منظومة النظافة الجديدة فى الأسكندرية بتكنولوجيا متطورة

إيهاب رشدى

الحوار المتمدن-العدد: 4650 - 2014 / 12 / 2 - 15:00
المحور: كتابات ساخرة
    

على طريقة شركات مساحيق الغسيل التى تطل علينا بين حين وآخر باعلان عن تكنولوجيا جديدة للنظافة وإزالة البقع ، هكذا تقوم محافظة الأسكندرية كل عدة شهور بعمل منظومة جديدة للنظافة بهدف الشو الاعلامى ولكى تذكرنا بعجزها عن تنظيف المدينة الرومانية اليونانية العريقة التى عاشت فيها الجاليات الأوربية فى منتصف القرن الماضى وكانت أشبه بقطعة من أوربا .
ففى بداية صيف هذا العام أطلقت المحافظة عدد من صناديق القمامة الجديدة فى بعض الأحياء وحددت مواعيد لالقاء القمامة بها على خلاف المعتاد ، حيث أن المعتاد أن تلقى بكيس القمامة فى الصندوق وقتما تشاء أنت ثم تعبر سيارة النظافة لتفرغ الصندوق فى أوقات ليس لك بها شان ، ولكن المحافظة أصرت على أن يلقى المواطنون بالقمامة من 9 -12 مساء بل أنها فرضت غرامة بلغت عدة آلاف لمن يلقى فى مواعيد مخالفة لذلك ، وقام بعض رجال الأعمال السكندريين لارضاء المحافظ بعمل لافتات نيون فى بعض الشوارع الرئيسية لتعريف المواطنين بمواعيد القاء القمامة .
ولست أدرى من هو المواطن الذى يستهدفه محافظ الأسكندرية من هذه المنظومة لأن أغلب أحياء الأسكندرية لا يتوافر بها أصلاً صناديق للقمامة ، والكثيرون يعانون يوميا فى رحلة للبحث عن صندوق حتى أن مياه ترعة المحمودية فى راغب والحضرة قد صارت مستودعا كبيرا لأكياس القمامة بسبب انعدام الصناديق هناك .
وبعد أن فشلت المنظومة الجديدة فشلا ذريعا ألقت المحافظة باللوم على نباشين القمامة الذين يقومون بجمع المواد التى يعاد تصنيعها مثل الورق والبلاستيك والزجاج ، وبدأت المحافظة فى التفكير فى طرق مبتكرة لصناديق قمامة لا يستطيع النباشون اقتحامها ، فظهر علينا المحافظ وقيادات المحافظة وهم يقومون بإفتتاح صندوق خرسانى للقمامة لا يستطيع النباشون أن يسطوا على محتوياته وأعلنت المحافظة انها بصدد تعميم فكرة هذا الصندوق فى كل الآحياء . إلا أن ناشطى الفيس بوك قد قاموا بنشر صور لهذا الصندوق فى اليوم التالى بعد أن إمتلا بالأكياس عن آخره ثم تكونت حولة تلال القمامة مثله مثل باقى الصناديق ، وهكذا فشلت المنظومة الجديدة .
ومع فشل هذا الصندوق العجيب أعلنت المحافظة عن آخر ابتكاراتها فى مجال تصنيع صناديق القمامة وهو صندوق تحت الأرض " أه والله .. أعلنت المحافظة ذلك " وقالوا أن هذا الصندوق هو الحل الأمثل لكى لا يستطيع النباشون الوصول إليه ، وفى حضور الكاميرات شهدت الأسكندرية افتتاح أول صندوق للقمامة أسفل مستوى الأرض على يد المحافظ الذى أشاد بالتجربة، مؤكدا أنه سيتم تعميمها فى جميع أنحاء المحافظة " وذلك للقضاء على مشكلة القمامة وإعادة المظهر الجمالى والحضارى للشارع السكندرى " هكذا قالت الصفحة الرسمبة للمحافظة ، إلا ان هذا الصندوق قد أثبت فشله هو الآخر ، ويبدو ان الأسكندرية لا يعيش لها صناديق قمامة .
وبعد ذلك انتفضت محافظة الأسكندرية معنلة الحرب على نباشين القمامة الذين أصبحوا فى نظرها السبب فى فشل المنظومة الجديدة ورأينا فيديوهات على صفحة المحافظة ظهر فيها المحافظ وهو يستوقف نباشين القمامة بعرباتهم الكارو ويأمر بإلقاء القبض عليهم ومصادرة قمامتهم ثم ايداع الحمار الذى يقوم بجر العربة فى حديقة الحيوان ، وبذلك أصبح الحمار هو المنتفع الوحيد الذى استفاد من منظومة القمامة الجديدة بالأسكندرية حيث رحمه الله من بهدلة اللف فى الشوارع طوال اليوم .
أما عن إنجازات السادة رؤساء الأحياء بالأسكندرية فهى واضحة فى قيادتهم لحملات إزالة تلال القمامة فى العديد من الأماكن بين الحين والآخر ، وأصبح من المألوف ان تشاهد مع سيارات جمع القمامة بلدوزر صغير يقوم بحمل تلال القمامة لوضعها فى السيارة .
ولا ننسى " الصفارة " إحدى المنظومات الجديدة للنظافة بالأسكندرية ، حيث تعبر سيارة النظافة فى بعض الشوارع وتطلق الصفارة فيقوم الاهالى بانزال أكياس القمامة استجابة للنداء
وما أكثر المنظومات التى تتفتق عنها الاجتماعات التى تعقدها قيادات المحافظة بين فترة وأخرى ، ولا عزاء لأهالى الأسكندرية فى مصيبتهم القمامة .
رحم الله عامل القمامة رائد منظومة النظافة فى سبعينات القرن الماضى الذى كان يدق جرس باب شقتنا فى السادسة صباحا لكى نخرج له صفيحة القمامة " قبل اختراع الاكياس البلاستيكية " فيقوم بافراغها فى قفته التى يحملها على كتفه ، وبعد مروره على باقى الشقق يقوم بتفريغ قفته فى عربة اليد التى يستوقفها فى الشارع ، إن هذا العامل يستحق عن جدارة جائزة النظافة لأنه تفوق على جميع مساحيق النظافة كما تفوق على جميع منظومات القمامة الجديدة التى جاءت بها محافظة الأسكندرية فى القرن الحادى والعشرين .

#إيهاب_رشدى (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات