أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - عادل شكيب محسن - مجموعة البريكس والنظام العالمي الجديد















المزيد.....

مجموعة البريكس والنظام العالمي الجديد


عادل شكيب محسن

الحوار المتمدن-العدد: 4650 - 2014 / 12 / 2 - 11:06
المحور: الادارة و الاقتصاد
    


مجموعة البريكس (BRICS) هي منظمة سياسية بدأت المفاوضات لتشكيلها عام 2006, حين اجتمع وزراء خارجية البرازيل وروسيا والهند والصين على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك, وعقد اول مؤتمر قمة لها عام 2009 بمدينة يكاتيرينبورغ الروسية, وكان اعضاؤها هم البرازيل وروسيا والهند والصين تحت اسم بريك (BRIC), ثم انضمت جنوب افريقيا الى المنظمة عام 2010 ليصبح اسمها بريكس. فكلمة بريكس هي مختصر للحروف الأولى (باللغة الانكليزية) من اسماء الدول التالية: البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا. اما تسمية بريك, فظهرت لأول مرة في عام 2001 حين عبّر جيم اونيل, كبير اقتصاديي مجموعة غولدمان ساكس البنكية العالمية, عن راية بان اقتصاديات كلاً من البرازيل وروسيا والهند والصين ستتجاوز الاقتصاد الامريكي في نهاية الربع الاول من القرن الحادي والعشرين, وستفوق اقتصاديات الدول السبع الكبرى في منتصف هذا القرن.
ومن المعروف بان دول هذه المجموعة, هي دول كبيرة ومهمة في العالم على الصعيد السياسي والاقتصادي والعسكري. اذ انها تمتلك طاقة انتاجية ضخمة وثروات طبيعية هائلة وتشكل مساحة تقدر بحوالي ربع مساحة اليابسة (40 مليون كم2), وعدد سكانها يشكل نسبة تزيد عن 40% من سكان الارض (3 ملياران نسمة تقريبا). كما ان هذه البلدان صاحبة اسرع نمو اقتصادي في العالم وتمتلك أكثر من خمس الناتج القومي العالمي, وتستحوذ على 15% من إجمالي التجارة العالمية وأكثر من ثلث السوق العالمي. فهذه الدول تمتلك حالياً حوالي 8% من الموارد الاقتصادية العالمية، وتوجد فيها نسبة 45% من الأيدي العاملة على مستوى العالم، وبلغت نسبة تشغيل السكان القادرين على العمل فيها حوالي 70%. أما الناتج المحلي الإجمالي لهذه الدول فيقدر بحوالي 15 تريليون دولار أمريكي, ما يعادل 25% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي. وأظهر تقرير غولدمان ساكس في 2009 انه منذ بداية الازمة المالية العالمية عام 2007، أصبح 45% من النمو العالمي يأتي من مجموعة البريكس, ومن المتوقع ان تتجاوز مساهمتها الإجمالية 50% من إجمالي النمو الاقتصادي العالمي في عام 2020. كما نمت التجارة بين هذه دول من 12 مليار دولار أمريكي في عام 2002 إلى 282 مليار دولار في عام 2012، بزيادة قدرها 20 ضعفاً، وهذه الأرقام في تزايد مستمر. في ضوء ذلك ستتجاوز البريكس الدول الغربية الأكثر تقدما، وفي الوقت ذاته، ستصبح البريكس أكثر جذباً لرأس المال الدولي غير المستخدم، وهو ما سيبرهن على قدرتها التنافسية المتصاعدة. وحسب يوري موسيكين، نائب عميد معهد الاقتصاد والأعمال العالمية في موسكو، فإن البريكس تجذب رؤوس الأموال الساخنة من المناطق الأخرى، حيث لا تستطيع تلك الموارد المالية إيجاد موطئ للاستثمار، وتعتبر أسواق البريكس أكثر جذباً للشركات بسبب تمتعها بقوة عمالة أرخص.
اما اهم القرارات الاقتصادية التي اتخذتها المجموعة كانت تأسيس وكالة تصنيف ائتماني تكون بمثابة الية تأمين ومجلس لرجال الاعمال, انشاء كابل للالياف البصرية تحت البحر يسمح بنقل معطيات من البرازيل الى روسيا عبر جنوب افريقيا والهند والصين, وضع قسماً من احتياطاتها الهائلة من العملات لمساعدة بعضها البعض اذا دعت الحاجة, والاتفاق على التعامل بالعملة النقدية لدول المجموعة وليس بالدولار او اليورو. وفي ختام القمة السادسة لدول مجموعة البريكس التي عقدت في فورتاليزا في البرازيل من هذا العام، أعلنت دول المجموعة انشاء بنك للتنمية الذي سيكون مقره في شنغهاي، وسيبلغ رأسماله 50 مليار دولار، إضافة إلى إنشاء الصندوق الاحتياطي بقيمة 100 مليار دولار. وجاء قرار دول البريكس بانشاء المؤسستين الماليتين حتى تتمكن من تشكيل ركيزة استقلاليتها عن المؤسسات المالية التي يهيمن عليها الغرب مثل صندوق النقد والبنك الدوليين. وسيقوم البنك الجديد بتقديم التمويل لمشروعات البنية التحتية والتنمية في دول البريكس، وكذلك سيقدم التمويل المناسب لغيرها من الدول الناشئة والنامية في العالم. وستحاول دول المجموعة التوافق بشان هندسة مالية جديدة تعود بالفائدة على اقتصادياتها بشكل اكبر. ويمكن لقرار دول البريكس هذا ان يعكس جدّية هذه الدول في تغيير النظام الاقتصادي العالمي القائم, من خلال تخصيص المزيد من الموارد المالية لمؤسسات المجموعة. واذا ما كانت الخطوة التالية لمجموعة البريكس هي وقف تمويل صندوق النقد الدولي والبنك الدولي مقابل دعم وانجاح البنك الجديد, سيكون هناك ثلاثة اطراف للنظام المالي العالمي الجديد, بدلا من اثنان فقط متمثلان حالياً في صندوق النقد والبنك الدوليين.
امّا ما يميز دول مجموعة البريكس, فهو بالرغم من التباين الواضح في درجة نموها الاقتصادي ومستوياتها الانتاجية ومواقفها السياسية وتوزعها الجغرافي على اربع قارات مختلفة, اضافة الى انه لا يجمعها ايديولوجية واحدة او هوية واحدة او تاريخ مشترك, تبقى هذه الدول مشتركة في انها لا تنتمي الى دائرة الحضارة الغربية, بل تشكل مزيجاً رائعاً يضم حضارات عريقة ومتنوعة. فلك ان ترى الحضارة الهندوسية من الهند والبوذية من الصين والسلافية الأرثوذكسية المتميزة عن الشرق والغرب معاً من روسيا والحضارة الغربية اللاتينية من البرازيل والافريقية من جنوب افريقيا مجتمعة معاً ضمن هذا المزيج الساحر. لكن من المؤكد أن الرابط السياسي الذي يربط هذه الدول الخمس، والذي على أساسه نشأت هذه المجموعة، هو رفض الهيمنة الغربية على الاقتصاد والسياسة العالمية، هذه الهيمنة التي تسببت في إغراق الاقتصاد العالمي في أزمات يعاني الكثير من أجل الخروج منها. اضافة الى ذلك, هناك شيء هام وجوهري يجمع هذه الدول, وهو ارادتها الوصول الى مركزها الطبيعي في العالم, هذا المركز الذي تستحقة بما تمتلكه من قدرات ومؤهلات في مختلف المجالات. الا انها تدرك بانه ليس من السهل تحصيل هذا المركز بسبب وجود دول مسيطرة حالياً لن تسمح لاي دولة جديدة ان تحل محلها او ان تنافسها في قيادة العالم, لذلك وجدت هذه الدول مصلحتها في الالتقاء مع بعضها البعض والعمل معاً لصيانة حقوقها, ولادراكها ان بقاءها منفردة ومن دون اطار كبير من الدول المتعددة يدافع عنها سيبقيها على ما هي عليه ولن تتمكن من خلق نظام عالمي جديد يكون لها فيه المكانة الطبيعية التي تستحقها. ومن اجل الوصول الى هذا الهدف السامي والذي يقلق الغرب ومن لف لفهم, كان للتنوع والتباين في قدرات وخصائص كل دولة من ضمن هذه المجموعة ان حمل هذه الدول الخمس لتعمل على مبدأ التكامل بدلا من المنافسة فيما بينها. فإن لدى كل منها ما يعوضه في النقص عن الآخر. فروسيا على سبيل المثال تعتبر الاقل نمواً اقتصادياً ضمن هذه المجموعة, لكنها هي الاقوى سياسياً وعسكرياً. حتى ذهب البعض بالقول بان روسيا هي راس المجموعة والصين جسدها وباقي الاعضاء يشكلون أطرافها.
كما عملت هذه الدول الخمس على اتخاذ مواقف موحدة بشأن العديد من القضايا الدولية الرئيسية, فعلى سبيل المثال, اكدت على ضرورة اصلاح منظمة الامم المتحدة ومجلس الامن بما يخدم مصالح الاقتصادات الصاعدة, واتخذت موقفاً موحداً ضد السياسات الغربية بشأن سوريا وايران, كما حذرت من التدخل العسكري من قبل الغرب في سوريا, وايدت حق ايران في امتلاك الاستخدامات الامنة للطاقة النووية بالاتساق مع الالتزامات الدولية, ووجهت الانتقادات لسياسة اسرائيل الاستيطانية, ووافقت على المفاوضات المباشرة بين الفلسطينيين والاسرائليين لكن مع رفض النهج المنحاز لاسرائيل والذي تتبناه الدول الغربية. اضافة الى ذلك, اتخذت مواقف موحدة بدت فيها حريصة على احترام القانون الدولي وحماية حقوق الافراد والجماعات واحترام سيادة الدول الاعضاء في الامم المتحدة وصيانة استقلالها ووحدة اراضيها.
فاذا ما استمرت دول المجموعة ملتزمة باتخاذ مواقف دولية موحدة, قد تستطيع خلق نظام عالمي جديد متعدد الاقطاب, بعيداً عن سيطرة الغرب والقطب الواحد الذي حارب الفقراء بلقمة عيشهم وكان سبباً في كثيراً من الحروب والكوارث الانسانية تحت مسميات مختلفه, مثل الديمقراطية والحرية ومحاربة الارهاب وغيرها من المصطلحات التي دمرت بلداناً بحالها. ويتعين على الدول المتقدمة حالياً ان تواجه الحقيقة وهي ان المشهد الاقتصادي والسياسي العالمي يتغير يوماً بعد يوم, ساحباً البساط من تحت اقدامها تدريجياً. فهناك نظام عالمي جديد متعدد الاقطاب واكثر عدلاً وتوازناً اصبحنا نراه يظهر وينمو يوماً بعد يوم, وكانت مجموعة البريكس, بما تشكله من ثقلٍ اقتصادي وسياسي وعسكري على مستوى العالم, هي المؤسس الحقيقي لهذا النظام العالمي الجديد, الذي يتوقع منه الكثير بالنسبة للكثير من الدول النامية التي عانت من هيمنة الغرب وحاولت ان تعارض الارادة الامريكية في يوم من الايام.

عادل شكيب محسن
2014



#عادل_شكيب_محسن (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تطور التجارة الخارجية في سوريا
- سياسة التجارة الخارجية في سوريا
- قطاع النفط في سوريا
- قراءة مختصرة حول القطاع الصناعي في سوريا
- قراءة مختصرة حول القطاع الزراعي في سوريا
- مراحل تطور القطاع الخاص في سوريا
- موجز لمسيرة القطاع العام في سوريا
- تاريخ تطور الاقتصاد السوري
- مقدمة في علم الاقتصاد
- مدخل الى علم الاقتصاد ...


المزيد.....




- روسيا تزود الإمارات بثلث حاجتها السنوية من الحبوب
- -بلدنا- القطرية تستثمر 3.5 مليارات دولار لإقامة مشروع للحليب ...
- خبراء يفسرون لـCNN أسباب خسارة البورصة المصرية 5 مليارات دول ...
- اقتصادي جدا.. طريقة عمل الجلاش المورق بدون لحمة وبيض
- تحد مصري لإسرائيل بغزة.. وحراك اقتصادي ببريكس
- بقيمة ضخمة.. مساعدات أميركية كبيرة لهذه الدول
- بركان ينفت الذهب في أقصى جنوب الأرض.. ما القصة؟
- أبوظبي تجمع 5 مليارات دولار من طرح أول سندات دولية منذ 2021 ...
- -القابضة- ADQ تستثمر 500 مليون دولار بقطاعات الاقتصاد الكيني ...
- الإمارات بالمركز 15 عالميا بالاستثمار الأجنبي المباشر الخارج ...


المزيد.....

- تنمية الوعى الاقتصادى لطلاب مدارس التعليم الثانوى الفنى بمصر ... / محمد امين حسن عثمان
- إشكالات الضريبة العقارية في مصر.. بين حاجات التمويل والتنمية ... / مجدى عبد الهادى
- التنمية العربية الممنوعة_علي القادري، ترجمة مجدي عبد الهادي / مجدى عبد الهادى
- نظرية القيمة في عصر الرأسمالية الاحتكارية_سمير أمين، ترجمة م ... / مجدى عبد الهادى
- دور ادارة الموارد البشرية في تعزيز اسس المواطنة التنظيمية في ... / سمية سعيد صديق جبارة
- الطبقات الهيكلية للتضخم في اقتصاد ريعي تابع.. إيران أنموذجًا / مجدى عبد الهادى
- جذور التبعية الاقتصادية وعلاقتها بشروط صندوق النقد والبنك ال ... / الهادي هبَّاني
- الاقتصاد السياسي للجيوش الإقليمية والصناعات العسكرية / دلير زنكنة
- تجربة مملكة النرويج في الاصلاح النقدي وتغيير سعر الصرف ومدى ... / سناء عبد القادر مصطفى
- اقتصادات الدول العربية والعمل الاقتصادي العربي المشترك / الأستاذ الدكتور مصطفى العبد الله الكفري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - عادل شكيب محسن - مجموعة البريكس والنظام العالمي الجديد