أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - نزار المنشداوي - رؤية جديدة للمختار الثقفي والكيسانية















المزيد.....


رؤية جديدة للمختار الثقفي والكيسانية


نزار المنشداوي

الحوار المتمدن-العدد: 4649 - 2014 / 12 / 1 - 09:58
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    



دوافع كتابة هذا المقال كثيرة منها فصل عن دراسة مقتضبه للشخصية محمد بن الحنفية المثيرة والموثرة في زمانه على الصعيدين السياسي والاجتماعي خصوصا الأحداث التي حدثت في عصرة ، والتي تعتبر من اكثر فترات التاريخ الاسلامي ذات أهمية وخطورة من الناحية السياسية والعقائدية، اما الدافع الثاني..ما طرحة الاستاذ جورج طرابيشي في كتابة ( الهرطقات ) المجلد الثاني صفحة 49 اذ قال: ( مع العلم ان ليس جميع شيعة المملكة أمامية اثني عشرية ، فهناك أيضا شيعة كيسانية ممن لا يزالون ينتظرون رجعة محمد بن الحنفية من غيبته في منطقة جبل رضوى) طبعا هذا كلام غير دقيق تماماً...اما الدافع الاخر لكتابه هذا المقال هو شخصية المختار التي اختلف فيها المؤرخون بكل ما تحمل مِن تناقضات.. لذا سنبحث عن اصل الكيسانية واهم الشخصيات البارزة فيها واصل عقائدهم..اما القسم الاخير من هذا البحث ، تسليط الضوء على وجه نظر الاستاذ الطرابيشي حول الكيسانية .
تعتبر فرقة الكيسانية من اول فرق الشيعة واقدمها من حيث الوجود والنشاه اي لم يكن هناك وجود للفرق المتعارف عليها ، مثل الزيدية والأمامية والإسماعيلية..الواقع ان البحث في اصل الكيسانية وتطورها..متعب وغامض لما فيه من الخلط الكثير ، وان اتفقوا جميع اهل المقالات والملل على ارتباطها بحركة المختار الثقفي .
الذي ولد في السنة الاولى للهجرة النبوية وقتل في السنه 67هـ حينذ يكون عمره السابعة والستين ، قتل أبوه في احد المعارك ..ورباه عمة سعد بن مسعود الثقفي بعد مقتل ابيه وهو في عمر الثالثة عشر، وكان عمه من اصحاب الخليفة علي بن ابي طالب وكان أميراً على المدائن في عصر علي والحسن .
ان الالتباس..الحاصل عند بعض المؤرخين هو التفريق بين المختارية والكيسانية ، والحقيقه انهم فرقة واحدة والكيسانية نشأت بين اصحاب المختار وهم اتباعه وتفرعت منهم وأصحابه شرطته وتفاعلت اكثر عند وفاته ، لكن الخلاف الأكثر غموضاً من هو كيسان ؟! الذي اشتهرت باسمة هذة الفرقة بعد فرض المختار سيطرته على الكوفة سنه 66 هـ .

يرى البغدادي في كتابه الفرق بين الفرق عن اصل الكيسانية انه منسوبة الى لقب المختار الثقفي ، وهو "كيسان" ولكنه ينقل عن البعض ، ان المختار اخذ مقالته عن مولى لعلي كان اسمه كيسان .
ويذكر الأشعري في المقالات (والمختار الذي خرج وطلب بدم الحسين بن علي ودعا الى محمد بن الحنفية ، كان يقال له كيسان ، ويقال انه مولى لعلي بن ابي طالب )
وقال الشهرستاني ( الكيسانية : اصحاب كيسان مولى أمير المؤمنين علي عليه السلام وقيل تلميذ للسيد محمد بن الحنفية ، يعتقدون فيه اعتقادا بالغا ... )
وقال الاسفرايينى ( وما الكيسانية فهم اتباع المختار بن عبيد الثقفي الذي قام يطلب ثار الحسين بن علي بن ابي طالب ....)
اما الرواية الشيعية حيث يرد اسم علي بن حزور الراوية الكيساني في اسناد حديث الأصبغ ابن نباتة قال : رايت المختار على فخذ أمير المؤمنين وهو يمسح راسه ويقول " يا كيس يا كيس " .
والراجح الان عند هولاء المؤرخين وغيرهم ان كيسان هو المختار الثقفي كما عند الشيعة وبعض المؤرخين السنة ، او هو مولى اسمة كيسان كان عند علي بن ابي طالب وقد يكون المختار نفسة .
لكن يبدو ان الرواية الاخيرة الموجوده في كتب الشيعة وضعت لأغراض سياسية وإيجاد حلقة وصل بين المختار وعلي بن ابي طالب ،لان هذة الرواية لا تعطي المعنى الحقيقي لقول عليا للمختار ( يا كيس يا كيس ) اي تعطي تفسيراً آخر غير الكيسانية وهو (الكيسية ) لذلك اغلب المؤرخين لم يعطوا اي اهمية تذكر لهذة الرواية..بل قالوا بضعفها .
اما الرواية السنية ان كيسان كان مولى لعلي فهي ضعيفة أيضا لان كيسان هذا قتل في صفين على رواية الطبري ، اي انه توفى قبل مقتل الحسين .. وظهور مقاله المختار بأكثر من عشرين سنه .

لكن يبقى السؤال من هو كيسان الذي اشتهرت هذة الفرقة باسمة ؟
نقول : انه كيسان هو ابو عمرة مولى بجيلة صاحب وحرس شرطة المختار الذي تتبع قتلة الحسين وخرب دورهم فترك أثراً عميقاً في نفوس واشراف عرب الكوفة وان كنيته اصبحت مثلاً شعبي لكل شؤم وشر فيما بعد ، طبعا يعتبر هذا الرجل من الشخصيات الموثقة تاريخيا..وان الرواية الوحيدة الصحيحة من حيث تسمية بالكيسانية جاءت منه ، وقد ذكره خيرت المؤرخين القدامى، مثل البلاذري والنوبختي والقمي والحميري وابن المرتضى كما ذكره بعض المستشرقين ..في الموسوعة الاستشراقية، وفان فلوتن ،ومنتجمري وآت ،وهودسن ، وفريدلندر وغيرهم .
رغم ان المختار الثقفي يبقى هو الاب والمؤسس الروحي لهم، ولم تكن الكيسانية مشهورة كما اشتهرت فيما بعد وفاته مع قائد شرطتة كيسان أبا عمره ، الذي كان يعتبر اليد اليمنى للمختار وله ولاء شديد في كل ما يمر به ومحل ثقته ، مع الأخذ بنظر الاعتبار ان المختار وكيسان ابى عمرة كانأ على نهج وخط واحد للأخذ بالثأر أبان فرض المختار سيطرته على الكوفة وقتل الكثير من قتلت الحسين في معركة كربلاء وكانوا شعارهم لذلك ( يا لثارات الحسين ) و( يا منصور أمت ) فالشعار الاول كان شعار التوابين ويستهوي القبائل الشيعية في الكوفة ، والثاني شعار مهدوي يستهوي القبائل اليمنية والمنصور هو المنقذ الذي تنتظرة القبائل اليمنية ليخلصها من الظلم وإنقاذ المعدومين والمستضعفين فبايعه الضعفاء من عرب همدان وبجيله وخثم وأسد وكندة والازد والنخع وحمير ومزينة ، كما بايعه عدد من الموالي الذين قال عنهم المستشرق المعروف فلهاوزن انهم يمثلون اكثر نصف سكان الكوفة آنذاك، الذين كان بدورهم كانوا يجيدون بعض الحرف والمهن والتجارة.. بعدما شغلت العرب بهم الحروب .

ومنهم انطلق المختار وباشر ذلك المغامر والفارس الذكي ذو الطموح الواسع ،والذي يجب ان يصنف ويكون من دهاة العرب ، الذي وصل الى السلطة بدهاء وذكاء باسم اهل البيت والذي لعب لعبته الناجحة وباسم محمد ابن الحنفية ، ثم بعد ذلك ضم اليه البطل ابراهيم بن مالك الاشتر بكتاب مزور!! وقال انه من عند المهدي بن المهدي اي يقصد محمد بن الحنفية واتئ بشهود شهدوا كذباً وزورا..عند ابراهيم يامره بالانظمام والعمل الى دعوة المختار ، فاتم للمختار ما اراد فنشط بذلك نشاط لا نظير له من تتبع قتلة الحسين ونشر نفوذه وفرض سيطرة على الكوفة وبعض الأقاليم المجاورة حتى وصل حدود أرمينية .. طبعا وهذا النجاح حقق له بعض الاتباع من العرب والموالي .
ومما لا شك فيه انه استغل فكرة المهدوية كوسيلة للوصول الى الحكم!! باسم اهل البيت ودعاية لإمامة !! ابن الحنفية كما استخدمها سلاح من قبل لمحاربة!! قتلة الحسين . عند ذاك تحولت جميع معارك المختار التي خاضها ضد الظلم والطغيان الى حركة مصبوغة بصبغه دينية تهتف باسم الحسين..وبعقيده جديده..الا هي مهدوية ابن الحنفية التي كتب النجاح لهذة الفكرة حتى يومنا هذا كما سيمر علينا من خلال تلك السطور.
والآن دعونا نرى من هو المختار وكيف انه كان متقلبا عقائديا..وفكريا طوال حياته حتى ان هذا شي قد حير المؤرخين القدامى حول شخصه وما هو معتقده الحقيقي حيث نرى انه مر بثلاث مراحل مهمه وخطيره .
اولا:
((عثمانياً)) ظهرت العثمانية على اثر مقتل الخليفة عثمان وتتميز تلك الفرقة بإظهار فضله ودفاعاً من المطاعن التي وجهت له إبان خلافتة وتمجيده وتعظيمه دون أسرته ، ووجدت أنصار وقبائل كثيرة في الكوفة منهم بني الأرقم من كندة والناعطيون من همدان اليمانية وجلهم عثمانية انتقدو علياً عند عودته من صفين واشهر الشخصيات البارزة فيهم الشاعر " أعشى همدان" الذي هرب من المختار والتحق بجيش مصعب بن الزبير وقتله الحجاج مع ثورة ابن الأشعث ، وقد هجا المختار الثقفي وأنصاره من الكوفة ، وذكر الفرق والفصل بين " حب ال محمد " والغلو الذي احدثة المختار فقال :

شهدت عليكم أنكم ( سبئية ) . واني بكم يا شرطة الكفر عارف
وأقسم ما كرسيكم بسكينة . وان كان قد لفت عليه اللفائف
وان لبس التابوت فتناً وان سعت . حمام حواليه وفيكم زخارف
واني امرؤ أحببت ال محمد . وأثرت وحياً ضمنته المصاحف

والجعفيين اكثرهم عثمانية واشتهر فيهم عبيد الله بن الحر الجعفي ، الذي خرج لصد الحسين من القدوم الى الكوفة ، اشتهرت العثمانية في بعض الامصار كالبصرة ومصر واليمن منذ اول خلافة علي بن ابي طالب وهم ضد سياسته وجزء منهم قائم على كره علي وولده ، "والعثماني انذاك ليس شرطاً ان يكون مولاة الأمويين ،كما ذكر "شارل بلات" بل كانت تعني الغضب لمقتل عثمان واعتباره شهيداً " لذلك كان المختار عثمانياً لفترة من الزمن وليس من أنصار الأمويين لذلك دعاه ابن الزبير واخذ البيعة منه وهو يعلم ان المختار عثماني العقيدة وليس بأموي ، ورغم انه من اليسير جدا انذاك ان يندمج العثمانيون مع الامويين لذلك بالغ معاوية حسب المصلحة التي رآها بإبراز فضائل عثمان على الصحابة اذا يقول بن ابي الحديد ، كتب معاوية الى عماله في جميع الافاق : انظروا من قبلكم من شيعة عثمان ومحبيه وأهل ولايته والذين يرون فضائله ومناقبه فأدنوا مجالسهم وقربوهم وأكرموهم ....... ففعلوا ذلك حتى أكثروا من فضائل عثمان ومناقبه لما كان يبعث اليهم معاوية من الصلات والكساء والمهمام والقطائع ويفيضه في العرب منهم والموالي ، فكثر ذلك في كل مصر ، ثم كتب الى عماله ان الحديث في عثمان قد كثر وفشا في كل مصر وفي كل ناحية فاذا جاءكم كتابي هذا فادعوا الناس الى الرواية في فضائل الصحابة والخلفاء الأولين .
والبصرة كانت من اشهر المدن التي تواجد فيها العثمانيون وخروج اكثرهم في معركة الجمل، اشتهرت تلك المدينة بكثرة ادبأها وعلمأها ... فصنفت فيها أبرز الكتب عن الخليفة عثمان منها " سيرة عثمان " للعياشي المتشيع و " مقتل عثمان " لكل من ابي عبيدة وعمر بن شبه والمدائني وعيسى بن مهران وهناك فصول مطوله من كتب التاريخ كالطبري وابن الأثير وغيرهم ، ولجاحظ المعتزلي يعتبر خير مثال ونموذج اذ كان معتزلي الفكر .... وعثماني الهواء وليس باموي كم يشاع عنه .... له كتاب " العثمانية" ذكر فيها أقوال العثمانيون وحجج من عند نفسة ، جلها يدور حول خصائص ابي بكر وقليل جداً في عثمان ونقاش طويل كثير ضد الشيعة لعقد المقارنة بين ابي بكر وعلي بن ابي طالب.

ثانيا :
((خارجياً)) قاتل جنبا الى جنب مع الخوارج في حربهم ضد الأمويين خصوصا في الحجاز..الشي الاخر خروجه على الحسن ابن علي بعد تنازله لمعاوية ،بل أراد ان ينتهز الفرصة والفوز بالمكافآه التي رصدها معاويه لمن ياتيه .. بالحسن ، بعدما جرح الحسن اثر طعنة اصابته فدار هذا الحديث بين المختار وعمه وقال له " هل لك في الغنى والشرف ، فقال وما ذاك..قال توثق الحسن وتستامن به الى معاوية فقال له سعد عليك لعنه الله اثب على ابن بنت رسول الله فاوثقه بئس الرجل انت " ويذكر البلاذري ان الشيعة على اثر ذلك طلبوه ليقتلوه..لكن عمه حال دون ذلك ، ودفع المختار بعد خمس وعشرين سنه ثمن هذا التصرف.. وظلت الشيعة تشتم المختار وتعتب عليه لمى بدر منه هذا التصرف بحق الحسن بن علي .

ثالثا :
((زبيرياً)) كان في مكة ودافع عن الكعبة ضد الجيش الاموي الذي أرسله يزيد وشهد ضد الحصين بن نمير قتال الجيش الأموي وأبلى بلاً حسن..وكان رأيه صريح في ابن الزبير اذ قال فيه "" رجل العرب اليوم ، اما انه ان يخطط في اثري ويسمع قولي اكفه امر الناس ، ولا يفعل فوالله ما انا بدون احد من العرب "" وهذا القول دليل على ان المختار في تلك الفترة لم يكن شيعياً قط.بل انه رجل يبحث عن ملك وجاه ولهذا قرر الانسحاب من ابن الزبير لانه لم يعد يلبي ما كان يتمنى من امال وطموح رغم وعود ابن الزبير له بالبقاء الذي ضل يعده ويمنيه وكسب الوقت ..لكن المختار كان اذكى من ذلك..حيث اتجه الى اناس..كانوا فعلاً متحمسين لقضية الحسين ولهذا وجد ضاله المنشوده في اهل الكوفة وهو اعرف بهم للأخذ بثأر الحسين وتحقيق الحلم الذي كان يحلم به عند ذاك ترك الزبيرية واتجاه الى العلويين وكتب لهم الكتب ليكون أخيراً .

((علوياً)) تحرك المختار عمليا بعد هذة الكتب..حيث اتصل وكتب الى زين العابدين لكي يجعل من ثورته بتفويض من ولي القتيل ، يعرض عليه بكل لطف ولين..ان يدعو لإمامته ، عند ذاك جاء الرد قاسيا من زين العابدين ، ليس بالرفض فقط بل انه سبه على رؤوس الملأ في مسجد النبي وذكر كذبه .. وفجوره ودخوله على الناس بإظهار الميل الى ال ابي طالب ، وأشار على عمه ابن الحنفية ان لا يهادنه ولا يفسح له المجال في الدعوة اليه ، ولما يأس المختار من زين العابدين كتب الى عمه محمد يعرض عليه نفس الشي لكن ابن الحنفية كان مترددا بين القبول، والرفض لانه واقعاً لا يثق بالمختار؟؟وهذا ما دفعه الى استشارة ابن عمه ابن عباس كي يسدي له النصح..قبل ان يتخذ قراره النهائي كما فعل ابن أخيه من قبل ... اخيراً عمل بالنصيحة التي أدلى له بها( لا تفعل فانك لا تدري ما انت عليه من ابن الزبير ).
وهكذا استغل المختار موقف ابن الحنفية الضعيف احسن استغلال ووضعة امام الامر الواقع لان المختار كان لابد ان يسند ثورته الى احد افراد اهل البيت والاعتماد على بني هاشم وذلك يعود ، ان المغيرة بن شعبة الثقفي ذلك الداهية ووالي الكوفة في عهد معاوية الذي رسم الطريق امام المختار ، وكان المختار يعتبره مثلاً الأعلى من رجالات ثقيف ، فقد أخبره المغيرة ان " الموالي " لا يستجيبون لداع من الدعاة الا اذا دعاهم الى إعادة الحق الى ال محمد من بني هاشم .... ولم تزل هذه النصيحة تتردد في نفس المختار حتى وضعها موضع التنفيذ بعد مصرع الحسين بن علي ولانهم المظلومين في تلك المرحلة ، وظل يدعو الناس بمهدوية ابن الحنفية ويصدر الاوامر باسمة وقال : ابن الحنفية للمختار حين قابلة في مكة بعد انفصالة من ابن الزبير ( لست امر بحرب ولا اراقه دم ) وقال ايضا لأصحابه : مهلا فاني أذكركم الله الا كففتم أيديكم وألسنتكم ، فاني .... لا أريد .... ان انازع ابن الزبير في سلطانه ولا بني امية في سلطانهم ... فاني قد اعتزلت هذه الفتنة التي فيها ابن الزبير وعبد الملك بن مروان الى ان تجتمع الأمة على رجل واحد فأكون كواحد من المسلمين .
حتى ان الناس شككوا في صحة ما يدعيه المختار ، لان راي بن الحنفية بالبيعة ان تجتمع الامة على شخص واحد ، وهذا ما لم تتوفر شروطة في عصرة ، ووفد على ابن الحنفية بعض الوفود وقالوا له عن دعوه المختار بأسمة..عند ذاك أجابهم إجابة دبلوماسية وتصريح غامض وما( ما ذكرتم من دعاء من دعاكم الى الطلب بدمائنا فوالله لوددت ان الله انتصر لنا من عدونا بمن شاء من خلقه، فاحذروا الكذابين وانظروا لأنفسكم ودينكم. أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم) ولما عاد الوفد الى العراق وفهم المختار ان ابن الحنفية لم يفعل به كما فعل زين العابدين من سّب وطعن ... بل فهم الوفد انه شبه يوازره في ثورته .عند ذاك صعد المنبر وقال :( يا معشر الشيعة ان نفر منكم احبوا ان يعلموا مصداق ما جئت به فرحلوا الى امام الهدى والنجيب المرتضى ابن خير من طئى ومشى حاشى النبي المجتبى فسألوه عما قدمت به عليكم ، فنبأهم اني وزيره وظهيره ورسوله وخليله وأمركم باتباعي وطاعتي فيما دعوتكم اليه من قتال المحلين والطلب بدماء اهل بيتكم المصطفين ) وهكذا سارت الدعوة الجديدة وجعل المختار نفسة وزيراً !! ومن الاخذين بثأر الحسين .

حتى مرت الايام وقامت بعض الاحداث خصوصا في مكه من تضيق ابن الزبير على ابن الحنفية واهله وحصرهم في شعاب ابي طالب وقد هَم في إحراقهم كي يبايعوه..عند ذاك استنجد بالمختار في محنته هذة ، فبعث له المختار فرقة من الجند لإنقاذه ..ليبين للناس صدق نواياه عند ذاك قرر ابن الحنفية الابتعاد عن مكة والنجاة من ابن الزبير والاتجاة الى الكوفة فاعد له المختار استقبلاً رائعاً حتى قال لاهل الكوفة.. " ان في المهدي علامة يقدم بلدكم هذا فيضربه رجل في السوق بالسيف لا تضره ولا تحيك فيه " وطبعا فهم ابن الحنفية مغزئ وتهديد المختار له بالابتعاد عن الكوفة ، فأثر البقاء تحت ضغط ابن الزبير على ضربه السيف وانه لا يتورع من الفتك بابن الحنفية بنفس سلاح المهدوية حتى أولاد ابن الحنفية ، أمثال عبد الله المعروف بأبو هاشم وأخيه الحسن لم يستطيعوا الذهاب الى الكوفة والمختار فيها فقد سبق والمح بعدم قدوم الأب فكيف بأبنائهم وذهب الحسن بن الحنفية بعد مقتل المختار الى الكوفة لكي يتحسس انصار ابيه واخيه وأحوال شيعة الكوفة آنذاك وجدهم على درجة عالية من إلغلو والإفراط..حتى غادرهم وهو غير راضٍ..عن مذهبهم الديني وكتب كتابة المعروف (بالارجاء) وصفهم (باتباع الكهان ) وانهم (سبائية ) !! ويعتبر هذا الكتاب اقدم نص وصلنا.. عن ذكر اسم السبائية، وسيأتي في القسم الثاني من هذا المقال عن أحوال الغلاة في مذهب الكيسانية والسبائية.
ذكر الدكتور الخربوطلي في كتابة القيم ( المختار الثقفي مرآة العصر الاموي ) ان سطوع نجم المختار بعد معركة الخازر وقضائه على الجيش الاموي ، ومقتل القائد عبيد الله بن زياد ، استفاد المختار من هذا النصر فائدة عظمى ، فعلا صيته في أرجاء العالم الاسلامي وتنفست الشيعة الصعداء فقد اخذ بثأره وشفى غليلها وبر المختار بوعده الذي قطعة للشيعة بالقضاء على قتلة الحسين ..... وكانت موقعة الخازر خير سلاح للدعاية للمختار فقد سلطات جميع الاضواء على المختار ولم يبقى امامة غير طرد الزبيريين من البصرة والمعركة الفاصلة بين المختار وابن الزبير حان موعدها.
وخير ترجمة المختار وباعتقادي تختصر جميع مراحل حياته وتعبر عن نواياه الحقيقيه في الحكم والسياسة ما ذكره في محنته الاخيرة وهو محاصر من قبل مصعب ابن الزبير إذ قال لأحدهم " إنما انا رجل من العرب رأيت ابن الزبير انتزى على الحجاز ، ورأيت نجدة انتزى على اليمامة ، ومروان على الشام ، فلم اكن دون احد من رجال العرب ، فأخذت هذه البلاد فكنت كأحدهم ، الا اني قد طلبت بثأر اهل البيت النبي اذ نامت عنه العرب فقتلت من شرك في دمائهم وبالغلت في ذلك الى يومي
هذا ".

اما وجه نظرة بعض الامامية للمختار... فذكر السيدالامين العاملي في( اعيان الشيعة ) أما المختار الثقفي فكان طالب ملك لا غاليا في التشيع وقيضه الله تعالى للأخذ بثار الحسين ع فاستعان بالشيعة على ذلك.

وقال الشيخ جواد مغنية في كتابة ( الشيعة في الميزان )وقبل أن أكتب هذه الكلمات راجعت سيرته فيما لدي من المصادر، وبقيت معه ثلاثة أيام بلياليها، وانتهى بي البحث إلى الميل إلى أن الرجل كان من طلاب الحكم، وعشاق الإمارات، وأنه بايع ابن الزبير طمعا أن يوليه الكوفة، ولما يئس منه انتقض عليه، وحين اجتمع حوله الناس أخذ البيعة لنفسه، أما طلبه لثأر الحسين (ع) فكان لمجرد الدعاية، لأن الجماهير كانت تريد ذلك، ولولاها لسكت وأحجم- وعلى الاقل لم يفعل ما فعل، بدليل أنه أعطى الامان لعمر بن سعد بطل المأساة في كربلاء، ولم يبطش به - فيما أعتقد - إلا بضغط الجماهير، ومضايقتهم له، فقد تجاوز الحماس للاخذ بالثأر كل حد، والتهبت المشاعر حقدا وغيظا على قتلة الحسين، حتى أن النسوة كانت توشي بأزواجهن الذين اشتركوا في مأساة كربلاء، ولم يستطيع المختار كبح الجماح، حتى ولو حاول ذلك، هذا، إلى أنه كان في أشد الحاجة إلى مؤازرتهم ومناصرتهم بعد أن أحاطت به قوى الزبيريين والامويين من كل جانب. إذن لم يستطع المختار إلا أن يفعل ما فعل. والذي طالب بدم الحسين حقا، وبدافع من دينه وإخلاصه هو سليمان بن صرد الخزاعي ومن كان معه، ولذا انضم إليه كثير من القراء وأهل المعرفة، أما الغوغاء فكانت مع المختار.
ورغم ذلك كله فإني أقول مع العلامة المجلسي صاحب البحار: " إنه - أي المختار - وإن لم يكن كاملا في الايمان واليقين، ولا مأذونا فيما فعله صريحا من أئمة الدين، لكن كما جرى على يده الخيرات الكثيرة، وشفى بها صدور قوم مؤمنين كانت عاقبة أمره إلى النجاة ".
وكفاه شفيعا قول الامام السجاد حين رأى رأس ابن سعد: " الحمد لله الذي أدرك لي ثأري من أعدائي، وجزى الله المختار خيرا ". وقول الامام الصادق:
" ما امتشطت فينا هاشمية، ولا اختضبت، حتى بعث إلينا المختار برؤوس الذين قتلوا الحسين ".

وقال : هاشم معروف الحسني بكتابة ( الشيعة بين الأشاعرة والمعتزلة )أن اول من قال بامامة محمد بن الحنفية المختار بن عبيدة الثقفي، وكان يلقب بكيسان، وجاء عن الاصبغ بن نباتة انه قال: رأيت المختار على فخذ أمير المؤمنين وهو طفل صغير يمسح على رأسه بيده ويقول له يا كيس: فغلب عليه هذا الاسم، وكان من امره انه دخل الكوفة مناصراً لمسلم بن عقيل حينما دخلها موفداً من قبل الحسين (ع) فقبض عليه ابن زياد وادخله السجن، وبعد قتل الحسين (ع) حاول قتله مراراً فتشفع به عبد الله بن عمر زوج اخته الى يزيد بن معاوية، فكتب الى ابن زياد وامره باخلاء سبيله، فالتحق بالحجاز وفيها عبد الله بن الزبير، قد تطلعت نفسه الى الخلافة بعد قتل الحسين، واستغل نقمة الشعوب الاسلامية على بني امية بعدما ارتكبوا تلك الجريمة المنكرة مع الحسين واهل بيته (ع) فبايع المختار لابن الزبير على أن تكون له ولاية الكوفة ان تم له الامر، وبعد موت يزيد بن معاوية رجع المختار الى الكوفة وادعى انه موفد اليها من قبل ابن الحنفية الوصي الشرعي الى الحسين (ع) وولي دمه وانه استوزره واوكل اليه امر الطلب بثأر الحسين (ع) فوجد في الكوفة، ولا سيما في الاوساط الشيعية، تقبلاً لدعوته وتحمساً في سبيلها، فبايعوه على الطلب بدم الحسين. والتفوا حوله، فمضى يتتبعهم واحداً بعد واحد حتى قتل اكثر من اخرجهم ابن زياد لحرب الحسين (ع) فازداد الشيعة تمسكاً به والتفافاً حوله وانقياداً لاوامره.

نقول ان طالب الملك وعشاق الإمارات يستخدمون جميع الحيل للوصول لاهدافهم وان السياسة التي استخدمها المختار كانت ترفع شعار حب اهل البيت ويالثارات الحسين كالسياسة التي استخدمها معاوية في حب عثمان وأنصاره والتي ترف شعار ايضاً يالثارات عثمان ، وبالنتيجة لم يكن بالشخص النزيه لشيعة ولم يكن منهم في بداية إمرة فكان عثمانياً وخارجياً ثم زبيرياً ولم يكن من الشيعة العلويين المخلصين الذين كتبوا للحسين بان اقدم كما كتب غيرة ، ولم يكن على نمط التوابين الذي فعلاً اخلصوا وندموا وبحثوا عن سبيل لتوبتهم على ما اقترفوه بضياع وخذلان الحسين من بين اليديهم فقدموا انفسهم قرباناً لذلك ، واني اعتقد هو التشيع الاول الصحيح المعتدل من جهه المذهب والقول بإمامة اهل البيت وذلك الاعتدال عند التوابين مات بموتهم والذي بقى في تلك الفترة هو التشيع الغال والغوغاء التي كانت مع المختار كما ذكر الشيخ جواد مغنية ، التي عاشت في الاوساط الكوفية بعد مقدم ومقتل المختار ،والذي سنعرض قول الغلاة في المقال التالي، وأيضا لم يخرج ليقاتل مع الحسين كما خرج غيرة ولم يتعاون مع سليمان بن الصرد الخزاعي زعيم التوابين بل على العكس حاول ان يكسب اتباع الخزاعي مدعيا انه عاجز لكبر سنه وقليل الخبره في الحروب وذلك لنزعته الاستقلالية وحبه لزعامه .......... يتبع



#نزار_المنشداوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- وحوش الدواعش , تحطم لآليء الحضاره ومنارات المجد جامع النبي ي ...
- أوهام المنقذ في الاسلام ....... البطل السفياني نموذجاً


المزيد.....




- مصدر عراقي لـCNN: -انفجار ضخم- في قاعدة لـ-الحشد الشعبي-
- الدفاعات الجوية الروسية تسقط 5 مسيّرات أوكرانية في مقاطعة كو ...
- مسؤول أمريكي منتقدا إسرائيل: واشنطن مستاءة وبايدن لا يزال مخ ...
- انفجار ضخم يهز قاعدة عسكرية تستخدمها قوات الحشد الشعبي جنوبي ...
- هنية في تركيا لبحث تطورات الأوضاع في قطاع غزة مع أردوغان
- وسائل إعلام: الولايات المتحدة تنشر سرا صواريخ قادرة على تدمي ...
- عقوبات أمريكية على شركات صينية ومصنع بيلاروسي لدعم برنامج با ...
- وزير خارجية الأردن لـCNN: نتنياهو -أكثر المستفيدين- من التصع ...
- تقدم روسي بمحور دونيتسك.. وإقرار أمريكي بانهيار قوات كييف
- السلطات الأوكرانية: إصابة مواقع في ميناء -الجنوبي- قرب أوديس ...


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - نزار المنشداوي - رؤية جديدة للمختار الثقفي والكيسانية