أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - فاطمة ناعوت - -مؤشر السعادة- المصري














المزيد.....

-مؤشر السعادة- المصري


فاطمة ناعوت

الحوار المتمدن-العدد: 4648 - 2014 / 11 / 30 - 12:43
المحور: المجتمع المدني
    


“عزيزي السائق، لكونك ضيفًا على دولة الإمارات العربية المتحدة، وحيث قدمتَ لزيارة مدينة دبي، فإن الشرطة يسرها أن ترحّب بك أجملَ ترحيب، متمنيةً لك، ومَن معك، طيبَ الإقامة. يؤسفنا بأن الرادار قد ضبطك مسرعًا، ومخالفًا لنظام السير، ورغم ذلك، فإننا لن نحرر لك مخالفة، فنحن لا نهدف إلى غرامتك، ولكن هدفنا سلامتك.
مع تحيات شرطة دبي
***

"هدفُنا سعادةُ الناسِ وراحتُهم". مَن قائل هذه العبارة؟ مسؤول مصريّ؟ بالتأكيد لا! فالسعادة والراحة حلمان يدخلان في باب الرفاهية غير الضرورية ولا المطلوبة في منظومة المواطن المصري. حتى وإن قال تلك العبارةَ مسؤولٌ مصريّ، وبالفعل يقولونها أمام الشاشات من باب "الفنجرة اللفظية"، التي لا يؤاخذ عليها قائلٌ، إلا أنها لا تعني أنه يعني ما يقول، أو أن مواطنًا من حقّه أن يأتي يومًا ليسأل حاكمًا أو حكومة: “أين سعادتي التي هي حقٌّ لي ولأولادي؟! أين راحتي التي وعدتمونا بها؟!” فالمواطن المصريّ تضاءلت أحلامُه جدًّا، حتى بات يشعر بالسعادة لمجرد أنه نجح في الصعود إلى الباص أو المترو ووجد مكان للوقوف وسط كتلة بشرية لاحمة؛ فيصل إلى عمله بتأخير نصف ساعة فقط، أو لأنه عاد إلى بيته صحيح البدن غير ممزقة ملابسه أو مدهوس في حادث سير، أو حين تعود زوجته أو ابنته غير مُتحرّشٍ بها جسديًّا أو لفظيًّا، أو حين ينجح في الحصول على أنبوبة غاز أو بضعة أرغفة خبز، أو حين ينجح في تسديد قسط المروحة أو التسجيل أو دفع إيجار الشقة.
ليس مسؤولا مصريًّا من قال هذه العبارة الطوباوية، والحمد لله. لأن مسؤولينا "شرفاء" لا يقولون إلا ما يفعلون، أو ما يقدرون أن يفعلوا. قائلُ هذه العبارة هو حاكم دبيّ، الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة. وبطبيعة الحال لم يكن يعني بـ"الناس" في قوله، المواطنَ الإماراتيّ وحسب، إنما يعني "كلَّ" من يعيش على أرض دولة الإمارات، من مواطنين ووافدين ومقيمين وسياح وعابرين. ولا غرابة في هذا، لأن الإمارات نجحت في "احترام" الإنسان كإنسان، دون النظر إلى عِرقه: من حيث كونه مواطنًا أو أجنبيًّا، وطبقته: من حيث الثراء أو الفقر، أو عقيدته: إن كان مسلمًا أو غير مسلم، أو نوعه: من حيث كونه رجلا أو امرأة، أو وظيفته: سواءً كان ذا سلطان، أو عاملا بسيطًا في مطعم. الإنسان محترمٌ كونه إنسانًا، وفقط. ويستحقُّ السعادة والراحة، لمجرد أن وطأت قدمُه أرض تلك الدولة التي فهمت معنى "التحضّر" الحقيقي، بينما نسينا نحن، أبناء أولى حضارات الأرض، معنى أن يُحترم الإنسان.
وما سبب قول تلك العبارة؟ تشدين "مؤشر السعادة" في مدينة دبيّ، ذاك الذي يسعى لتطوير الخدمات المقدمة لسكّانها وزوّارها. فكانت دبي، تلك الصغيرة الآسرة، أول مدينة في العالم تبتكر هذا المؤشر، ليقيس درجة سعادة المقيمين والسياح بشكل يومي، وتفاعليّ. الفكرة ببساطة: شبكة إلكترونية ذكية، ذات شاشات تفاعلية، مقسمة إلى خانات بعدد الخدمات المقدمة للمواطنين والزوار، فيقوم الناسُ بلمسة زر بتغذية هذا النظام بآرائهم في تلك الخدمات وملاحظاتهم ومدى رضائهم عنها. ثم يقوم المسؤولون بتجميع تلك التقارير ودراستها، وإجراء التطويرات والإجادة، من أجل الوصول إلى الهدف الأسمى: راحة الناس وسعادتهم.
من أطرف ما تصادف في الإمارات، هو الورقة التي تصل إلى السائح أو الزائر غير المقيم من الشرطة، حين يرتكب مخالفة مرورية أثناء وجوده في تلك الأرض البهية. اقرأوا معي:
"عزيزي السائق، لكونك ضيفًا على دولة الإمارات العربية المتحدة وحيث قدمت لزيارة مدينة دبي، فإن الشرطة يسرُّها أن ترحّب بك أجملَ ترحيب، متمنيةً لك، ومن معك، طيب الإقامة. يؤسفنا بأن الرادار قد ضبطك مسرعا، ومخالفا لنظام السير، ورغم ذلك، فإننا لن نحرر لك مخالفة، فنحن لا نهدف إلى غرامتك، ولكن هدفنا سلامتك. مع تحيات شرطة دبي.”
هل يدخل كلامي في خانة التطاول وعدم التهذّب إن تمنيتُ أن أشهد في بلادي خلال عشرين عامًا قادمة، شيئًا مثل هذا، فأقول: “لقد أصبح في بلادي مؤشر سعادة مصري، شكرًا يا مصرُ!” أم فقط سأدخل زمرة المجانين، العائشين في الحلم؟!



#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كلمة الشاعر اللبناني شربل بعيني لتقديم الشاعرة فاطمة ناعوت ق ...
- يومٌ لجبران وفيروز
- كأننا نتعلّم! (3) الحاج -عبدة-
- لا تخاطر باسم الله
- احذروا حزب النور
- حربنا مع صهيون
- البُوق وال(بُقّ)
- قناة (مكملين) ايه بالظبط؟!
- نعلن الحبَّ عليكم
- العنصريّ في سلة القمامة
- رانيا وصاحبتها
- فتاوى تكسيح الأطفال
- كأننا نتعلّم (1)
- فاطمة ناعوت -كاتبةٌ صحفية وشاعرة ومترجمة مصرية - في حوار مفت ...
- أنا ابن مصر العظيم
- استلهموا هجرة الرسول
- أنا أعلق إذن أنا موجود
- ماذا نفعل بالإخوان؟
- أنا عاوزة ورد يا إبراهيم!
- عيد ميلاد دولة الفرح


المزيد.....




- اعتقال رجل في القنصلية الإيرانية في باريس بعد بلاغ عن وجود ق ...
- ميقاتي يدعو ماكرون لتبني إعلان مناطق آمنة في سوريا لتسهيل إع ...
- شركات الشحن العالمية تحث الأمم المتحدة على حماية السفن
- اعتقال رجل هدد بتفجير نفسه في القنصلية الإيرانية بباريس
- طهران تدين الفيتو الأمريکي ضد عضوية فلسطين بالأمم المتحدة
- عشية اتفاق جديد مع إيطاليا.. السلطات التونسية تفكك مخيما للم ...
- الأمم المتحدة تدعو إلى ضبط النفس في الشرق الأوسط
- سويسرا تمتنع في تصويت لمنح فلسطين العضوية الكاملة في الأمم ا ...
- اعتقال أكثر من 100 متظاهر مؤيد للفلسطينيين من حرم جامعة كولو ...
- بمنتهى الوحشية.. فيديو يوثق استخدام كلب بوليسي لاعتقال شاب ب ...


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - فاطمة ناعوت - -مؤشر السعادة- المصري