أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم - الطيب طهوري - كيف يستعيد الوفاءَ إنسانُ حاضرنا العربي؟















المزيد.....


كيف يستعيد الوفاءَ إنسانُ حاضرنا العربي؟


الطيب طهوري

الحوار المتمدن-العدد: 4645 - 2014 / 11 / 27 - 20:13
المحور: اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم
    


قراءة في مسلسل (الجوارح)
للمخرج المصري سمير سيف

رغم التطويل المتعمد في مسار قصة مسلسل الجوارح والذي كان الهدف منه تكوين مسلسل يكلل بثلاث عشرة حلقة ، كما هو الحال في الكثير من المسلسلات المصرية، دون أي مبررات فكرية أو فنية ضرورية في معظم الحالات ، كانت القصة التي قدمها لمشاهديه – رغم بساطتها الظاهرية – قصة حية بمضمونها الإنساني ،أولا ، وبرمزيتها التي جعلتها تتعدى كونها أحداثا عادية لتحيل إلى أبعاد اجتماعية وربما حضارية شاملة ،ثانيا..
تبدأ القصة من الأول ، من القرية / المنبع لتتجه بنا نحو المدينة / العالم الآخر ، حاضرنا الزاخر بكل التناقضات المحيرة لإنسان القرية البسيط ،أحيانا ، والعادية نتيجة تكرارها المتراكم للإنسان المديني الذي يعيش فيها كجزء منها ، لا يتحدد وجوده كإنسان مديني إلا بها..
تبدأ بتحضير مجموعة من تلامذة وتلميذات مدرسة القرية أنفسهمن للقيام برحلة إلى القاهرة ، وأثناء ذلك التحضير تعطينا صورة ماعن تلك القرية ، حيث نراها وقد بدأت تدخل عالم التيه الذي سنشاهده ونحس به أكثر في عالم المدينة بعد ذلك ، وكأن كاتب قصة المسلسل ومخرجه يقولان بأن العالمين معا صارا قريبين جدا من بعضهما بحكم ما يعرفه عالمنا من وسائل مواصلات واتصالات قربت المسافة الزمانية والذهنية والنفسية بينهما كثيرا.. تشرف على الرحلة تلك مدرسة يقر كل أهل القرية كبارا وصغارا بطيبتها وسيرتها الحميدة وجديتها في العمل ..
ولأن المدينة ليست القرية رغم التقارب الكبير الذي صار يبرز تدريجيا بينهما ، فقد تم اختطاف إحدى تلميذات الرحلة ، وبحدث الاختطاف ذاك تتعقد الأمور أكثر وتتشابك، وتجد المدرسة نفسها في ورطة كبيرة ، وكلما مر الوقت تزداد حيرتها ويشتد خوفها أكثر على تلك التلميذة ، وعلى والديها أيضا ، خاصة و أنها كانت تعاملها كما تعامل كل التلميذات والتلاميذ وكأنهمن بناتها وأبناؤها، كونها محرومة أصلا من نعمة الإنجاب..
من هي تلك البنت؟ ماذا تمثل في بعدها الرمزي الذي يبرر اسمها وما تعرضت له من اختطاف؟ ولماذا كانت هي المختطفة بالذات دون غيرها من بقية التلميذات/ الأسماء؟..
اسم التلميذة كان وفاء بنت خليفة.. اسم أبيها كان الـ خليفة.. دخلت المدينة متشوقة إلى عالمها الساحر الذي كانت تسمع عنه..دخلت مع زميلاتها المتشوقات مثلها وزملائها المتشوقين..دخل الجميع يملأ عيونهم ما كانوا يرونه مما لم يروه من قبل ، ويعانق نفوسهم الاندهاش من هذا العالم الجديد عليهم..وفي غمرة ذلك الاندهاش غابت وفاء ..ولأن الجميع كانوا مندهشين لم ينتبهوا لغيابها إلا بعد وقت طويل.. هكذا ضاعت وفاء..هكذا صارت..لا تدري أين هي..ولا تعرف ماذا يجري لها..لقد خطفها جنون العقم..ولأنها كانت الأجمل بين زميلاتها خطفها.. كانت الخاطفة امرأة عاقر( هل هي المدينة التي لم يعد الناس فيها يعرفون سلوك الوفاء..الوفاء بمختلف أنواعه ..للأرض حيث العمل على حمايتها من التلوث وعلى المحافظة على ما فيها من جمال ،واستغلال خيراتها بشكل عقلاني مسؤول..للمجتمع ، حيث عمل الأفراد فيه على ما يحافظ على توازنه ويحميه من خطر التبعية للآخر المتقدم في إشباع مختلف حاجاته الضرورية وغير الضرورية..للإنسان / الفرد ، حيث احترامه كمواطن بغض النظر عن جنسه أولونه أومذهبه أومعتقده أوموقعه الاجتماعي..للماضي بعدم تحويله إلى وسيلة قتل لإرادة الفرد وحريته في الحاضر عن طريق توظيفه بشكل يجعل ذلك الفرد كائنا متعصبا أعمى لايستطيع التعامل مع حاضره المحلي الخاص او حاضره البشري العام إلا بالرفض الانعزالي، من جهة ، والعداء التام لكل مختلف معه، من جهة أخرى ..إلخ..إلخ..؟)..وكانت العاقر تلك محاصرة بوحدتها الشنيعة ..مريضة نفسيا..لكنها في المقابل غنية جدا ..ترى ،ماذا يعني كل ذلك؟..هل يعني أن وفاء /البنت البريئة المتفتحة على الحياة هي رمز الوفاء الذي افتقده سكان المدينة/ حضارة عرب اليوم..ضيعوه بانخراطهم المحموم في ما هو مصلحي ذاتي ضيق..في شتى التناقضات التي تملأ حياتهم..في وجودهم اللا فاعل ، حيث تبعيتهم شبه المطلقة للآخر في كل ما يشبع حاجياتهم الضرورية.. في عجزهم التام عن إبداع ما يجعلهم ينخرطون فاعلين مع الآخرين في تأثيث حضارة اليوم بما هو أنفع وأتقى وأبقى؟ ..هل يحيل (الإسم) إلى محاولة أولئك السكان الإيهام بوجوده في علاقاتهم ببعضهم أو ادعاء وجوده بينهم أو البحث عنه فعلا من أجل أن يكون من ميزاتهم ،في ظروف تتنافى تماما معه،وبعقليات لا تعمل إلا على قتله ودفنه في خرائب الاحتيال واللامبالاة والطفيلية؟..هل هو الوهم الذي لا يمكن أن يصير حقيقة أبدا مهما بالغوا في ادعاءاتهم التميز به ،وزيفوا حقيقتهم وأشهروا أنهم – زورا وبهتانا - متمسكون به ؟.. الأقرب إلى التأكيد أن ذلك هو رمزالبنت ..
لا تبدو الازمة هنا ، في المدينة فقط.. بل إنها تظهر أيضا وبشكل واضح في القرية..ذلك أن المسافات في عالمنا العربي ، كما في كل العالم بين المدينة والقرية لم تعد ذات بال ..لقد تقلصت إلى حد كبير..وفي عالمنا العربي يبدو الوضع أكثر غرابة ، حيث المدينة فيه لا تختلف كثيرا عن القرية رغم ما يبدو عليها وفيها من مظاهر إغرائية وتشنجات عصبية تعكس ضيق حياة الناس فيها بفعل تراكم الإسمنت ماديا ومعنويا على حياتهم ، وتعقد علاقاتهم الاجتماية وهيمنة الأنانية على سلوكاتهم .. وهاهي القرية التي انطلقت منها رحلة الأطفال ( رمز المستقبل) في اتجاه المدينة ( رمز الحضارة) تحمل في وجودها الاجتماعي الكثير من مظاهر الأنانية والتظاهر الخادع ، يظهر ذلك بوضوح في ما فعله أهل أبي البنت ، حيث تركوا الأب خليفة وحده يعاني مأساته ، ولم يقوموا بواجبهم تجاهه حين وصل الأمر إلى ضرورة المساعدة المالية لجمع مبلغ فدية ابنته وفاء، وهو ما دفع ذلك الأب إلى أخذ المبلغ المطلوب من المؤسسة التي يشتغل فيها ..و..
هكذا يضيع الـ وفاء في كل الواقع ليلجأ هذا الأب ، أبو وفاء الذي هو خليفة الله في الأرض حسب المدلول الديني للبحث عنه، وكأن الرواية/ المسلسل تقول بأن خليفة الله في أرضه حقا لا يمكن أن يكون كذلك إلا إذا كان وفيا حاميا للأرض ومَن وما عليها مِن كل ما يمكن أن يلحق الأذى بها ..
تتواصل الأحداث بعد ذلك فترينا العالم السفلي لتلك المدينة العربية التي تلبس وهميا ثوب المعاصرة الذي لم تساهم بأي شكل من الأشكال في نسجه وخياطته ، لكنها ، ودون أي خجل ،تصر على التظاهر المتبجح به أمام العالم ، فيما يعيش معظم ساكنيها في واقع النتانة ، وكأن الرواية تلمح إلى تلك الطبقة البرجوازية التي لم تتبرجز بجدها وكدها ، بل كان تبرجزها ذاك بفعل نهب خيرات شعبها وتفقيره ورهن مستقبله ومستقبل أبنائه..هل يمكن للوفاء أن يظهر هنا والحال هكذا؟..بكل تأكيد نقول: لا..من الصعب أن يظهر..لكنه - وبالتاكيد - لن يضيع بشكل مطلق ..ذلك أن أناس العالم السفلي الذين فرض عليهم الاستغلال الطبقي الانخراط في عالم الرذيلة سيحسون بمأساة أمثالهم من الذين تداس كرامتهم بهذه الكيفيات أو تلك ويشقون ليتنعم سكان العالم العلوي ..هكذا يظهر الشاعر – رمز ذلك الإحساس – ليساعد تلك المدرسة – رمز كل من يعمل جاهدا على نشر الوفاء في الواقع رغم صعوبة تلك المهمة الإنسانية النبيلة - في البحث عن الـ وفاء الضائع..لكن..ما هي وسائل البحث؟..ما طرقه ومخططاته؟.. ومن يقوم به؟..هل يوكل الأمر للقوة الأمنية العسكرية ..ظاهريا يمكن ذلك ..بالمعنى غير الرمزي يمكن ذلك..لكن المعنى المراد في القصة – كما رأينا – رمزي .. وهو ما يعني أننا ملزمون بمعرفة تلك القوة أساسا لنصل إلى الحكم عليها إيجابا أو سلبا..
قوات الأمن والعسكر عموما في عالمنا العربي ،وفي أغلب الأحيان ، موضوعة خصيصا لحماية أناس العالم العلوي الذين ما وصلوا إلى تلك المكانة إلا بفعل قتل الـ وفاء ،وموضوعة أيضا لمحاصرة واضطهاد وخنق أناس العالم السفلي ..وهو ما يعني استحالة إيجاد تلك القوات للـ وفاء الضائع/ الضائعة..
ولأن الأمر كذلك يلجأ الشاعر إلى العالم السفلي ، إلى أناسه المطحونين ماديا ومعنويا ..إنهم أهله وأحبته.. تدخلنا القصة من هذا الباب حياة سكان ذلك العالم..إنهم لصوص ظاهريا..فرضت عليهم الظروف الصعبة التي يعيشونها تلك اللصوصية والكثير الكثير من السلوكات التي يتأفف منها – ظاهريا- أولئك اللصوص الكبار / سكان العالم العلوي ..لكنهم في جوهر حقيقتهم اناس طيبون..يكدون ويتعبون من اجل لقمة عيشهم التي يأكلونها في الرعب والخوف من حيتان العالم العلوي وخدامهم من أفراد قوات الأمن / القمع..وبإرادة أولئك الناس البسطاء، بمساعدتهم ..تعثر المدرِّسة..يعثر خليفة على وفاء ..
هل يعني ذلك أننا لن نصل..لن نسترجع الوفاء الضائع منا وبكل أبعاده ( في علاقاتنا ببعضنا البعض – في علاقتنا بعملنا - ...بوقتنا ..بذواتنا...إلخ ،إلا بالانطلاق من أسفل؟..بالانطلاق من التحام المثقف / الفاعل الاجتماعي عموما بالكادح/ ملح الأرض ، أعني بزرع الأمل في نفوس أناسه بالحياة، وغرس فكر الوعي في عقولهم بواقعهم ومصالحهم فيه ، ومصالح مجتمعنا العربي في الحاضر والمستقبل عموما ، والعمل على أساس ذلك وانطلاقا منه على بناء مجتمع الوفاء،مجتمع الحرية والعدالة الاجتماعية ..(وأربط هنا الحرية بالعدالة لأنه لا حرية بدون عدالة ولا عدالة بدون حرية في تصوري)؟..يمكن القول ودون أي تردد أن ذاك هو مقصود الرواية /المسلسل..
هنا يطرح السؤال الجارح: ترى..ما إمكانيات هذا العالم السفلي للخروج من سفليته المقموعة/ القامعة لذاتها والمرعبة (حتى) إلى عالم الحرية واللاخوف؟..وقبل كل ذلك: ما إمكانيات المثقف لتحقيق ذلك؟..أي مثقف نعني، والمثقفون متعددون ،مختلفون جماعات جماعات..وقليلا قليلا فرادى في مجتمعنا العربي؟
تعطينا الرواية/ المسلسل الإجابة كما يراها مؤلفها/ مخرجه ..إنها التحام العالم السفلي بالبرجوازية الوطنية ( ما هي البرجوازية الوطنية؟..كيف نعْرفها أو نعَرفها؟..كيف نميز بينها وبين البرجوازية غير الوطنية؟..من يمتلك حق التمييز والقدرة عليه...إلخ...إلخ)..)..الالتحام هذا – في رأيهما - هو الوسيلة التي سنبني بها مستقبلنا نحن العربَ..هو الطريق التي ستوصلنا إلى حيث يكون الوفاء وحيث ينتشر أكثر..
هكذا يقتنع المهندس ( والمهندس هنا رمز له مدلوله أيضا ، إنه المخطط لذلك البناء ، واضع أسسه والمشرف عليه حتى اكتماله بناء جميلا وصلبا) المراكم للأموال..يساهم المهندس بما راكمه من أموال في خلق مجالات العمل وفُرصه لأولئك السفليين الذين فرضت عليهم قمعية الواقع ، لا عدالته ، لا حريته ممارسة فعل اللصوصية الذي يبدو من منطلق ظروفهم السيئة تلك فعلا نبيلا مادامت اللصوصية تلك موجهة ضد اللصوص الكبار الذين لم يصيروا كبارا إلا بسرقتهم المقننة وغير المقننة لخيرات السفليين/ اللصوص الصغار ، وكأن الرواية/ المسلسل تدعو إلى مادعا إليه أبو ذر الغفاري من خلال قوله: عجبت ممن لا يجد قوت يومه كيف لا يخرج شاهرا سيفه..هكذا تصير سرقة السفليين ما هو في أيدي كبار اللصوص / العلويين ممارسة شريفة مادامت هي الوسيلة الوحيدة التي بها يسترجعون بعض حقهم المسروق..
ندرك – بالتاكيد – أن اولئك اللصوص / العلويين هم البرجوازية الطفيلية التي تتباهى بعالمها العلوي المظهري المغطي للصوصيتها الكبيرة / القاتل لضمائر أهلها ومسؤوليتهم الاجتماعية والحضارية..
قلت : يقتنع المهندس بتوظيف أمواله لإخراج أولئك السفليين من وضع القمع الممارس عليهم .. لتحريرهم من استغلال البرجوازية الطفيلية لهم.. ولجعلهم يعيشون في وضع جديد كعمال شرفاء لا خوف يراودهم ولا قمع يخنق نفوسهم ويقتل الأمل فيهم..
يقتنع المهندس بذلك..فمن يقنعه يا ترى؟ ..
إنه الشاعر أيضا ..فماذا يعني الشاعر؟..ما مدلوله الرمزي؟..الشاعر عادة مبدع اللغة والمبدع بها..إنه أقصى حالات الذهاب في الممكن اللغوي ..ربما يكون هنا رمزا لما في نفوس أولئك البرجوازيين الوطنيين من رحمة بالناس البسطاء..ربما لما في تلك النفوس من حب للأوطان وخوف عليها وأمل في المساهمة في بنائها بما يجعلها أوطانا مزدهرة فعالة في بناء حضارة اليوم ، والذي لايمكن أن يكون إلا بتوظيف رؤوس أموالها في خدمة أوطانها تلك..ربما..ربما..
يمكن القول إجمالا بأنه رمز لأمل تلك الطبقة في خدمة أوطانها بما يعيد لأولئك السفليين إنسانيتهم بعد أن أهدرها البرجوازيون الطفيليون ، وبما يجعلهم مواطنين فعالين هم أيضا في بناء تلك الأوطان والخوف عليها والدفاع عنها ..
السؤال الذي يواجهنا؟..هل توجد في عالمنا العربي برجوازية وطنية فعلا؟..وإذا كانت موجودة، هل يمكنها فعلا عمل ذلك؟..هل تسمح لها ظروف مجتمعاتها السياسية والثقافية ، حيث أنظمة الاستبداد ، من جهة، وجهل الشعوب ولا وعيها و تعودها على اللامبالاة بما يجري في واقعها ، من جهة ثانية ،وحيث هيمنة البرجوازية الطفيلية التي لا هم لها سوى تحقيق الأرباح وتهريبها إلى عالم الغرب تحسبا لمجهول المستقبل ، من جهة ثالثة؟..ويمكننا إضافة الحالة التي صارت عليها مجتمعاتنا اليوم ، حيث تهيمن بشكل كبير على ذهنيات الناس ثقافة أصولية لا تعترف القوى التي تمثلها بالأوطان أصلا،وإن اعترفت فإن اعترافها ذاك ماهو إلا عمل تكتيكي لترسيخ وجودها أكثر، وفي المقابل تعمل وبشكل حثيث على تغييب العقول بمحاربة كل فكر تنويري ترى فيه إمكانية فضح ممارساتها العنفية الإقصائية وأهدافها ،وما يشكله فكرها المتعصب المتحجروالمشدود إلى الماضي من خطرعلى حاضر مجتمعنا العربي ومستقبله ؟..يمكن القول ايضا بأن في كلمة الشاعر / فعله في الرواية/ المسلسل دعوة إلى استثمار الأموال العربية في بناء الأوطان العربية بدل تكديسها في بنوك العالم الغربي (نستنتج ذلك من كون المهندس يشتغل في إحدى دول الخليج العربي ) الذي يستثمرها في المحافظة على تطوره الاقتصادي واستقراره الاجتماعي والمحافظة من ثمة على بنيته الرأسمالية المتفوقة التي تجعله متبوعا ، يصدر لنا ما نحتاجه مما يشبع حاجاتنا الضرورية والكمالية ، وفي المقابل تجعل منا تابعين له خاضعين لإرادته ومستكينين لخضوعنا ذاك، وهي الاستكانة التي أوصلت بعضنا إلى القول بأن الله خلقهم لخدمتنا وأن لهم جنة الدنيا الفانية ولنا جنة الآخرة الدائمة،وهو قول يعبر عن شدة ما صرنا إليه وعليه من حال لا مبالية إطلاقا بما يحدث في ذلك العالم من تطورات مذهلة في شتى ميادين الحياة ، وما يحدث في عالمنا العربي من ممارسات سلبية تعمق إحساسنا بالعجز أكثر..
السؤال الذي يواجهنا هنا أيضا وبإلحاح شديد هو: هل تمتلك دول الخليج العربي وغيرها من الدول العربية البترولية الأخرى إرادتها حتى تستطيع القيام بذلك فعلا؟ ولنفترض أنها تمتلك..هل يمكنها – وأنظمتها الحاكمة محمية أصلا بالغرب – توظيف تلك الأموال بما يجعل شعوبها تتحرر حقيقة من تبعيتها لحماة حكامها؟ ..هل تمتلك تلك الشعوب القدرة على أن تفرض ذلك الاستثمار بما يحقق تقدمها..؟ هل لها إرادة فعل ذلك؟.. واقع الحال يقول بأن شعوبنا العربية لا إرادة لها..لا وعي لها..دليل ذلك أنها شعوب تهدر فرص التغيير الإيجابي دائما..تعجزعن تنظيم نفسها بما يحميها من خطر الرجوع إلى الخلف معصوبة العيون..تنتظر دائما من ينوب عنها في التفكير..من يختار لها مسيري أمور حياتها..إذا أتيحت لها فرص التغيير لا تلجأ إلا إلى ما هو أسوأ مما تريد تغييره..من أنظمة الاستبداد إلى أنظمة الأصوليات الدينية الشمولية..ما حدث في الجزائر تسعينيات القرن الماضي ، حيث اختار الناس حزب الفيس الأصولي الذي كان مناضلوه يرفعون في مسيراتهم شعار(تسقط الديمقراطية) المثال الحي على ذلك..
تعود / تستعاد البنت وفاء إلى القرية / البساطة / السذاجة أيضا..لكننا في عصر المدينة/ تعقد الحياة / الذكاء الفاعل ..والذكاء الاحتيالي أيضا..الذكاء المجيد الجاد..والذكاء المخرب كذلك..
ومع ذلك يبقى الأمل..الإبداع الفني في اتساع انتشاره ومعانقة الناس له أملنا..الإبداع الفكري في انفتاح العقول له بتعدده واختلافه واحتضان الأفراد له أملنا.. فتح أبواب القراءة للجميع وبنَهَم أملنا..
المجتمع الذي يحب المعرفة ويعتبرها خبز عقله وخياله وروحه هو المجتمع الذي يكون وفيا لنفسه وللبشرية جمعاء..ذلك المجتمع هو الذي يبني حاضره ومستقبله..ويبني مع الآخرين حاضر البشرية ومستقبلها أيضا..
ترى ، أين نحن العربَ من ذلك؟..
إننا بعيدون..بعيدون..و..بعدنا ذاك يزداد كل يوم..كل يوم...



#الطيب_طهوري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الموت
- احجار الغيم..صهيل النار
- رأي في أضحية العيد
- ثلج الحياة..نار الحب
- واقعنا العربي الإسلامي والداعشية
- كيف يكون الدين في الواقع ؟
- عن الثقافي السائد..عن الثقافي البديل ..
- رغم المتاهة..هناك أمل في الحياة
- عميقا في البئر يغوص الحلاج
- يرمى النار على جثته
- في المهب هنا صخرة للصدى
- نار فينيقية
- من المسؤول عما حدث ويحدث في غزة؟
- ما فعلته الغريزة الجنسية وحوريات الجنة في قطعان الذكور العرب ...
- قصائد عربية
- ما وقع لي في مطعم العصر
- أعانق نارالسؤال ..أخيط المدى
- لعمي موسى ..لكرَمه
- هكذا حكم الجن اليهود البلاد
- لماذا يصر العرب على البقاء في الماضي؟.. لماذا يلازمون باب ال ...


المزيد.....




- سعودي يوثق مشهد التهام -عصابة- من الأسماك لقنديل بحر -غير مح ...
- الجيش الإسرائيلي يواصل ضرباته ضد أهداف تابعة لحماس في غزة
- نشطاء: -الكنوز- التي تملأ منازلنا في تزايد
- برلين تدعو إسرائيل للتخلي عن السيطرة على غزة بعد الحرب
- مصر تعلن عن هزة أرضية قوية في البلاد
- روسيا تحضر لإطلاق أحدث أقمارها لاستشعار الأرض عن بعد (صور)
- -حزب الله- يعلن استهداف ثكنة إسرائيلية في مزارع شبعا
- كييف: مستعدون لبحث مقترح ترامب تقديم المساعدات لأوكرانيا على ...
- وسائل إعلام: صواريخ -تسيركون- قد تظهر على منظومات -باستيون- ...
- رئيس الوزراء البولندي: أوروبا تمر بمرحلة ما قبل الحرب وجميع ...


المزيد.....

- يسار 2023 .. مواجهة اليمين المتطرف والتضامن مع نضال الشعب ال ... / رشيد غويلب
- من الأوروشيوعية إلى المشاركة في الحكومات البرجوازية / دلير زنكنة
- تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت ... / دلير زنكنة
- تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت ... / دلير زنكنة
- عَمَّا يسمى -المنصة العالمية المناهضة للإمبريالية- و تموضعها ... / الحزب الشيوعي اليوناني
- الازمة المتعددة والتحديات التي تواجه اليسار * / رشيد غويلب
- سلافوي جيجيك، مهرج بلاط الرأسمالية / دلير زنكنة
- أبناء -ناصر- يلقنون البروفيسور الصهيوني درسا في جامعة ادنبره / سمير الأمير
- فريدريك إنجلس والعلوم الحديثة / دلير زنكنة
- فريدريك إنجلس . باحثا وثوريا / دلير زنكنة


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم - الطيب طهوري - كيف يستعيد الوفاءَ إنسانُ حاضرنا العربي؟