أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - حمدى عبد العزيز - وداعا ياصديقى الذى قرر أن يموت منذ سنوات فمات أمس















المزيد.....

وداعا ياصديقى الذى قرر أن يموت منذ سنوات فمات أمس


حمدى عبد العزيز

الحوار المتمدن-العدد: 4643 - 2014 / 11 / 25 - 19:23
المحور: سيرة ذاتية
    


كان أول لقاء بينى وبين صديق العمر (خليل عرفه ) الذى مات أمس كان وأنا فى الصف الثانى الثانوى ،
كنت وقتها قد بدأت كتابة الشعر ودلنى أصدقائى فى الدراسة إلى حيث نادى الأدب وهناك قابلت خليل عرفه الذى كان يكتب القصة القصيرة حيث قام بتعريفى به عقب اجتماع نادى أدب مدينة المحمودية الصديق رابح بدير الذى كان هو الآخر يكتب القصة القصيرة ..
كنا ثلاثة من طلاب الثانوى يجمعنا الفشل الدراسى والنبوغ الأدبى ( هكذا كان رأى أساتذتنا بالمدرسة وبنادى الأدب وقتها )
ومن وقتها بدأت مسيرة ثلاثتنا فى الإنكباب على القراءة والكتابة دونما أى إلتفات إلى مستقبلنا العلمى والعملى .. وكان طبيعيا أن يجمعنا أيضا سوء المجموع فى الثانوية العامة ..
لم يشغلنا هذا فقد بدأنا نتعرف على أعمال صلاح عبد الصبور وأمل دنقل وعبد الوهاب البياتى وبدر شاكر السياب واحمد عبد المعطى حجازى وتلقفنا أعمال يوسف إدريس ويحى حقى وولجنا إلى عالم إدوارد خراط ، بهاء طاهر ، وجميل عطيه ابراهيم ، صنع الله ابراهيم ، محمد عفيفى مطر ، والأبنودى ، وسيد حجاب ، ومحمد المنسى قنديل ،وجار النبى الحلو ، وصنع الله ابراهيم الذى بهرتنا رائعته الأولى ( تلك الرائحة ) وأثرت فى تكويننا وانحيازتنا السياسية وكذلك كنا نخوض مع يوسف ادريس معاركه ونحلق مع يحيى الطاهر عبدالله فى حكايات الأمير .... وغير ذلك من قراءات له ولآخرين .
حلقنا فى آفاق تولستوى ، وانطون تشيكوف ، وديستوفيسكى وماكسيم جوركى ، وقرأنا بلزاك ، واميل زولا ، وسارتر ، وكامى ، وايلوار ، والبرتو مورافيا ، وكافكا .. وغيرهم
قادتنا قراءاتنا الجماعية ومحاوراتنا حول مانقرأ أو نشاهد إلى التحمس للواقعية الأشتراكية التى كانت راياتها الصاخبة مازالت تهز الأفق وقتها ( عندما لم نكن بلغنا النصف الأول من منتصف السبعينيات بعد ) ..
ولأننا كنا نشترى بقروشنا البسيطة الكتب القديمة فقد وقعت تحت أيادينا أعداد مجلة الطليعة القديمة كلها ..
ولما كنا أبناء الطبقة الوسطى - النصف مأزومة وقتها فقد اتجهنا يسارا - وبدأنا نقرأ الكتابات الماركسية كأى برجوازيين صغار .. ..
انضممنا نتيجة تلك الإنحيازات الفكرية والسياسية إلى حزب التجمع أنا وخليل عرفه ورابح بدير .. بل خضنا تجربة النضال السرى ضمن صفوف الحزب الشيوعى المصرى أيضا .. الى ان تركناه سويا فى آواخر الثمانينيات فتركنا رابح بدير إلى القاهرة بعد ان استقال من عمله فى بنك التنمية الزراعى حيث تفرغ نهائيا للأدب وترك النضال السياسى لنا أنا وخليل عرفه ..
جمعتنا أنا وخليل عرفه الأخوة أكثر ماجمعتنا الصداقة لدرجة ان أمى ( رحمها الله ) لم تكن تفرق بيننا فى المعاملة ماجمعتنا الصداقة وجمعتنا الرفاقية والزمالة الحزبية بل والزمالة فى سجون السادات ومبارك ..
أذكر اننى وخليل عرفه ألقى القبض علينا فى منتصف الثمانينيات بتهمة علاقتنا بأحداث انتفاضة الخبز فى مدينة كفر الدوار وتم إلقائنا فى إحدى غرف الحجز فى مركز شرطة دمنهور نحن الأثنين فقط كنوع من العقاب ... وكانت المياه تغرق تلك الغرفة المظلمة نتيجة طفح مواسير المياه .. لم يكن بالغرفة غير مقعدة موتسيكل ملقاه على الأرض أخذناها وتبادلنا الجلوس عليها إتقاءا للبلل الذى يلتهم أرضية غرفة الحجز وكان من يجلس منا يربع قدميه ويأخذ الآخر على فخذه كالأم .. كنا نتبادل النوم هكذا لمدة ليلتين إلى ان تم الأفراج عنا لعدم وجود أدلة ، لأننا ببساطة كنا قد مضغنا وابتلعنا - أنا وخليل - مافى جيوبنا من أوراق تخص نشاطنا السياسى فلم يجد المحقق بدا من أن يتركنا ..وبعد ان تم إلقاء القبض بعد ذلك على مجدى شرابية، وعبد المجيد أحمد وآخرين من كفر الدوار ليظلا حبيسى سجن دمنهور إلى ان تم الأفراج عنهما بعد شهور ..
بعد الخروج من الحزب الشيوعى المصرى ثم انهيار الأتحاد السوفيتى ومايسمى بالمنظومة الإشتراكية دارت الدنيا برؤوسنا كما دارت برؤوس الكثيرين من الرفاق ..
ولم يحتمل خليل عرفة تلك الصدمة فأعتزل النشاط السياسى وكل نشاط له علاقة بالعمل العام .. باءت كل محاولاتى - لإستنهاض عزيمته - بالفشل -
و لأنه كان قد قرر الموات النهائى ككائن سياسى .. فقد كان يردد على كلما فاتحته فى أمر العودة إلى ممارسة النضال السياسى : (( أن دورة حياتى اكتملت ولم يعد هناك مايمكن ان افعله غير الحفاظ على بقائى البيلوجى ))..
دخل شرنقته التى كانت عبارة عن شادر لتجارة الأخشاب .. وتفرغ تماما لدرجة انه لم يكن تاجر أخشاب بقدر ماكان راهبا للاخشاب .. كان كلما زرته فى شادر الخشب يشير إلى بعض الواح الخشب وماتفرزه من أصماغ واصفا ذلك بأنه بكاء الخشب ..
إلى هذا الحد توغل بعلاقته بالخشب داخل الشادر الذى هو أشبه بمخزن كبير رث وأصبحت هوايته أن ينقر على أى خشب يراه ويصف نوعه وعمره بعد الإقتطاع من شجرته .. كف عن الخروج خارج عالم الأخشاب .. بل وعن التمتع بالحياة .. وبدا ذلك على شكل ثيابه وهندامه ، كان يتحدث بفخر عن أرباحه فى تجارة الخشب لكنه كان بخيلا جدا وقاسيا على نفسه ، لدرجة انه لم يكن يعيش فى المستوى للعمال الذين يستخدمهم ، لم يكن يمتلك جهازكومبيوتر ، ولا رسيفر للتليفزيون ، فلم يكن يستمع إلا للقنوات الأرضية ، ربما لم يتعلق أكثر بالحياة لأنه لم ينجب أولادا ..
توقعت فى 25 يناير أن ينتفض مع المنتفضين ضد النظام لكنه ظل قابعا فى مخزن الأخشاب ولم يخرج حتى للرصيف ليشاهد المظاهرات التى اندلعت فى الشوارع ،
بلغت قمة تأثرى عندما كنت أخطب على إحدى منصات الخروج ضد حكم الأخوان وكانت تلك المنصة أمام مرأى مخزن الخشب ولم يخرج ليشارك ...
كان ينظر لكل شئ بابتسامة اللاجدوى ..
ابتسامة ذكرتنى بالأبتسامة الساخرة لبطل فيلم (طبل ) محمود حميده .. ولكن طبل كان ميتا يرفض الموت .. أما صديقى خليل عرفه فكان حيا يرفض الحياة ..
كان قد قرر الموت منذ أوائل التسعينيات .. ،
فقد كان من وقتها وحتى أمس لايفعل شيئا سوى أن ينسج - طوال هذا الوقت - شرنقة موته ،
وهاهى قد أكتملت فرحل خليل عرفه بجسده عن عالمنا بعد ان سبقته إلى ذلك روحه منذ سنوات ..
لم يعطنى الفرصة لأعبر - حتى - عن الفقد المفاجئ له ..
سلام ياصاحبى ولتغفر لى ضجرى وغيظى من موتك من قبل ومن بعد ..
------------------------------
صديقك الى الأبد
حمدى عبد العزيز
25 نوفمبر 2014



#حمدى_عبد_العزيز (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مفارقة التنوير
- جرس إنذار
- مطلوب إنقاذ القطن والفلاح المصرى
- قبضة إيد ... (( 7 - قصائد غير معروفة لشاعر سابق مغمور ))
- مربوط بدوباره ، وهايطير .. (( قصائد غير معروفة لشاعر سابق مغ ...
- واحد وحيد ... واحده وحيده .. (( 6 - قصائد غير معروفة لشاعر س ...
- طارت فى اتجاه البحر .. (( 5 - قصائد غير معروفة لشاعر سابق مغ ...
- المطلوب والملح
- ورقة نقاش
- تجربتى الذاتية فى الحياة الحزبية
- هل سيلقننا القرن الواحد والعشرون درسه الأول ؟
- الهيمنة الأمريكية المأزومة
- ملاحظات جديدة حول وحدة قوى اليسار المصرى
- درس تاريخى له حضوره الراهن
- على هامش ذكرى أكتوبر
- استدعاء سيفى على ومعاوية
- رسالة المحامية والمناضلة ماجده رشوان للتضامن مع فلاحى سراندو
- سيدى الرئيس .. إحترس
- فى ذكرى خميس والبقرى
- فى حضرة خميس والبقر


المزيد.....




- دبي بأحدث صور للفيضانات مع استمرار الجهود لليوم الرابع بعد ا ...
- الكويت.. فيديو مداهمة مزرعة ماريغوانا بعملية أمنية لمكافحة ا ...
- عفو عام في عيد استقلال زيمبابوي بإطلاق سراح آلاف السجناء بين ...
- -هآرتس-: الجيش الإسرائيلي يبني موقعين استيطانيين عند ممر نتس ...
- الدفاع الصينية تؤكد أهمية الدعم المعلوماتي للجيش لتحقيق الان ...
- آخر تطورات العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا /20.04.2024/ ...
- ??مباشر: إيران تتوعد بالرد على -أقصى مستوى- إذا تصرفت إسرائي ...
- صحيفة: سياسيو حماس يفكرون في الخروج من قطر
- السعودية.. أحدث صور -الأمير النائم- بعد غيبوبة 20 عاما
- الإمارات.. فيديو أسلوب استماع محمد بن زايد لفتاة تونسية خلال ...


المزيد.....

- سيرة القيد والقلم / نبهان خريشة
- سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن / خطاب عمران الضامن
- على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم / سعيد العليمى
- الجاسوسية بنكهة مغربية / جدو جبريل
- رواية سيدي قنصل بابل / نبيل نوري لگزار موحان
- الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة / أيمن زهري
- يوميات الحرب والحب والخوف / حسين علي الحمداني
- ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية / جورج كتن
- بصراحة.. لا غير.. / وديع العبيدي
- تروبادورالثورة الدائمة بشير السباعى - تشماويون وتروتسكيون / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - حمدى عبد العزيز - وداعا ياصديقى الذى قرر أن يموت منذ سنوات فمات أمس