أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعيد الوجاني - من الخائن ؟















المزيد.....



من الخائن ؟


سعيد الوجاني
كاتب ، محلل سياسي ، شاعر

(Oujjani Said)


الحوار المتمدن-العدد: 4643 - 2014 / 11 / 25 - 19:22
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


كثر في الآونة الاخيرة اجترار وترديد بعض الكلمات مثل " الخائن " دون معرفة السياق الزمني لترديد مثل هذه الكلمات مثل البيروكي ( الببغاء ) . فأصبح استعمال هذه التهمة وسيلة لتخويف الناس ، او للضغط عليهم لابتلاع ما يريد مردد هذه الكلمات الوصول اليه . ان الاتهام الذي روجت له الدوائر المرتبكة في امرها ، سبق ان تم الترويج له منذ منتصف سبعينات القرن الماضي ، وبالضبط منذ 1974 التي وصل فيها النزاع حول الصحراء ، درجة من الخطورة تهدد اصل النظام في المغرب ، اكثر مما تهدد مغربية الصحراء . وهذا دفع الى الاستفسار المشروع ، حول ما إذا كان لفظ التخوين ، المراد به ، هو من يردد ويطالب بالاستفتاء وتقرير المصير بالصحراء ، او ان المراد منه ، هو اعتبار كل من يهدد اصل الحكم ، هو انسان خائن ، خارج عن ( الاجماع الوطني ) الذي لا يوجد إلاّ في مخيلة اصحابه ، وخارج عن الامة التي يختزلونها في (امارة امير المؤمنين ) . وهذا يجعل من الشخص المسلط عليه اتهام الخائن ، متهم من جهة بتهمة الخيانة ، ومن جهة اخرى متهم بتهمة الكفر ، اي يسلطون عليه تهمة التخوين والتكفير للجمه .
وخارج اطار تفاعلات القضية الوطنية ، فان لفظ التخوين استعمل من قبل جميع الفرق السياسية في اطار الخلافات التي كانت تدب وسط التنظيم ، او الخلافات التي كانت تنشأ بين تنظيم وتنظيم . وهنا لنا ان نتساءل مثلا ، عن اطلاق وصف الخائن على منظمة الاتحاد العام لطلبة المغرب من قبل مناضلي الاتحاد الوطني لطلبة المغرب . ولنا ان نتساءل كذلك عن اطلاق تنظيم من التنظيمات ، اسم الخائن على من خرج من التنظيم ، او من تواطأ ضده ، او باعه الى الاجهزة البوليسية . وهنا ، هل يعتبر محمد الصبار عضو حزب الطليعة الذي خرج من حزب يلوح ( بمبادئ وشعارات ) ، ولم ينتمي الى حزب مضاد يلوح بمبادئ وشعارات مخالفة ، لكنه انتمى الى جهة تتصرف تكتيكيا ، وليس لها مبادئ تنظيمية ، خائنا ؟ في نظر الحزبيين فان الصبار الذي انتمى الى جهة مقابلة التي هي الدولة العميقة ، هو شخص خائن . لكن ماذا عن الحزب الذي ينتمي اليه الصبار لمّا كان لا يزال ضمن الاتحاد الاشتراكي ، حيث عقد مؤتمرا استثنائيا سمّوه بالمؤتمر الاستثنائي في 1975 للقطع مع ماضي الاتحاد الراديكالي ، وبالضبط القطع مع جناح المقاومة وجيش التحرير ، وتبنى النضال البرجوازي الانتخابي الذي يؤمن بإمكانية اصلاح النظام من داخله لا من خارجه . ان المعارضين للمؤتمر الاستثنائي ، اعتبروا ان اصحاب المؤتمر خونة ، لأنهم خانوا المبادئ التي استشهد من اجلها ثوار الحزب ، ومن ثم يكونون قد خانوا شهداء الحركة الاتحادية الاصيلة .
ثم ماذا نسمي تقلبات قيادة الطليعة لمّا كانت تقاطع جميع الاستحقاقات ، من انتخابات جماعية وتشريعية ، وتقاطع جميع الاستفتاءات بدعوى ان الدستور الذي تجري ضمنه هذه الاستحقاقات هو دستور ممنوح يكرس الرجعية والمخزنية في ابشع صورهما ، لكن وبدون مقدمات نجد الحزب يشارك في الانتخابات التشريعية لسنة 2007 بدون ان يتحقق له ادنى مطلب من المطالب التي دأب يتحجج بها لمقاطعة الاستحقاقات منذ ستينات القرن الماضي والى اليوم ، ومن خلال جميع العناوين التي مر بها ، من الاتحاد الوطني ، الى الاتحاد الاشتراكي ، الى الطليعة . بل ان وجه الغرابة ، هو حين قاطع الحزب مع الاشتراكي الموحد التعديل الذي ادخل على الدستور في 2011 ، واعتبراه دستورا ممنوحا يمثل مصالح الكمبرادور والاوليغارشية المخزنية ، كما قاطعا الانتخابات التشريعية التي جاءت على اساس هذا الدستور الذي رفضوه ، لكن وبغير مقدمات يعلن الطليعة والاشتراكي الموحد قرارهما بالمشاركة في الانتخابات الجماعية القادمة ، ومنها سيشاركان في الانتخابات التشريعية التي ستأتي بعدها ، رغم ان هذه الانتخابات ستجري في اطار الدستور الذي اعتبراه ممنوحا وقاطعاه . فماذا تغير بين الامس واليوم حتى ينقلب الطليعة على ارث الحركة الاتحادية منذ الستينات والى حدود المؤتمر الثالث . وهنا لا بد ان نتساءل : ان المشاركة في الانتخابات الجماعية والتشريعية ، تعني ان الحزبين يريدان الدخول الى المجالس والى البرلمان . وهنا فان القول بالدخول الى البرلمان ، يعني الرغبة في الدخول الى الحكومة إذا ساعدتهم الظروف على ذلك . ونظرا للطبيعة الثيوقراطية للنظام المخزني ، الذي يشدد على الممارسات المنتمية الى العهد الميت ، فهل اذا دخلوا البرلمان او تم تعيينهم كوزراء ، سيجيئون لحضور افتتاح الدورة التشريعية من كل جمعة ثاني من اكتوبر التي يرأسها الملك ليس كملك ، بل كأمير للمؤمنين ، يرتدون اللباس الاوربي ، ام انهم واحتراما وعملا بالتقاليد المخزنية الرجعية القروسطوية التي تنتسب الى العصر الميت ، سيلبسون لباس عبيد المخزن المسمى بهتانا باللباس الوطني ؟ ونفس السؤال نطرحه اذا تم تعيينهما وزراء وجاءا امام الملك لتأدية اليمين وتقبيل اليد ؟ واذا نحن تعمقنا في تحليل اصول النظام المخزني الاثوقراطي والرجعي ، فان التأكيد على ارتداء اللباس المخزني عند افتتاح البرلمان من قبل الملك كأمير للمؤمنين ، يعني ان نواب ( الامة ) يجددون بيعة الامة لأمير المؤمنين ، وهذه البيعة التي تقدم في البرلمان لها تأثير اقوى من البيعة التي تحصل في عيد العرش ، بسبب ان البيعة الثانية يؤديها كل من هب ودب ، في حين ان البيعة الاولى يؤديها ( نواب الامة ) نيابة عنها ، الى رأس الدولة ، كأمير للمؤمنين وليس كملك . وهنا لا بد ان نلفت النظر الى ان الخطاب الذي يلقيه رئيس الدولة كأمير للمؤمنين وليس كملك ، هو خطاب محجوب من المناقشة ، وهنا بالنسبة لحزب الطليعة والاشتراكي الموحد ، ألا يعني الحضور بلباس عبيد المخزن افتتاح البرلمان والاستماع الى امير المؤمنين ، هو نوع من التوبة والغفران عن ممارسات تسببت في تعطيل عجلة الانبطاح لأكثر من اربعة وخمسين سنة خلت ؟ اليس الجلوس باللباس المخزني المحنط وأمير المؤمنين يلقي الخطاب الذي حرره له المخزن ، هو اعتراف صريح من قبل الحزبيْن بأمارة امير المؤمنين ، وبالدولة المخزنية التي طالما حارباها بالشعارات ؟ اذن ألا ينتمي هؤلاء الى فئة المنافقين المدّاحين الذي يرددون وبلا خجل " سيدنا نصره الله " " انا كنعْرف غير الله او سيدنا " . اذن الم يتمخزن الطليعة والاشتراكي الموحد دون ان يقدم لهما المخزن شيئا مما كانوا يرفعونه كشعارات منذ الستينات ؟ الم يعتبر تحويل الطليعة الى حزب مخزني خيانة لشهداء الحزب ولمبادئه وتاريخه ؟ فماذا لو بقي المرحوم عبدالغني بوستة السرايري ومحمد بوكرين ودهكون وعمر بنجلون واحمد بنجلون شفاء الله والمهدي بن بركة ... احياء ليتفرجوا على هذا الانقلاب ضد التاريخ والشهداء والمبادئ ؟ .
وبالعودة الى العلاقة بين المخزن وبين القضية الوطنية واستعمال نعت الخيانة لكل من يرفع شعار الاستفتاء وتقرير المصير بالصحراء ، لا بد ان نذكر بان الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية منذ المؤتمر الاستثنائي والى المؤتمر الخامس ، وحزب التقدم والاشتراكية كانا يصفان اليساريين المطالبين بالاستفتاء وتقرير المصير ب "العدمية الوطنية " ، وهما هنا كانا يقدمان خدمة للمخزن من خلال التشهير باليساريين ، وفضحهم علنا بالجامعة حتى يسهل اعتقالهم . لكن ماذا نسمي موافقة حزب التقدم والاشتراكية على موافقة المخزن على الاستفتاء وتقرير المصير في سنة ،1982 ودون الرجوع في الامر الى الشعب المفروض انه مصدر السلط . ألا يمكن اعتبار هذه المساندة للمخزن كذلك بالعدمية الوطنية ، ما دام ان هذه في نظر الحزب مرتبطة بالاستفتاء وتقرير المصير . واذا كان الاتحاد الاشتراكي قد رفض موافقة النظام المخزني على تنظيم الاستفتاء دون الرجوع الى الشعب ، حيث دخل عبدالرحيم بوعبيد السجن ، فماذا نسمي قبول المخزن بالاستفتاء وتقرير المصير في 1982 ، وفي قبول اتفاق الاطار الذي ينصص على الحكم الذاتي ، وفي نفس الوقت ينصص على الاستفتاء ؟ . فاذا كان بالمفهوم المخزني اعتبار كل من تمسك بخيار الاستفتاء بالخائن ، فما هو الوصف الذي يجب ان نطلقه على المخزن والأحزاب التي ساندته في قراراه بالاستفتاء وتقرير المصير بالصحراء في محطات كثيرة من 1966 والى اليوم ؟ هل هم خونة حقيقيون ، ام ان اتخاذ موقف تقرير المصير حلال على المخزن وعشيرته الحزبية ، وحرام على الآخرين من يساريين متعددين ومتنوعين ، وجماهير مغربية بالصحراء تتمسك بالاستفتاء كخلاص للتخلص من بطش واستبداد المخزن القروسطوي المنتمي الى الزمن الميت ؟ .
وقبل ان نكشف وبالحجج والبرهان عن ، من الخائن الحقيقي الذي خان وحدة الشعب ، وخان وحدة التراب الوطني ، يجب ان نشير الى الضباب الذي يسود فهم بعض الحقائق التي تزيد في خلط الرؤية وتعتيم الفهم .
منذ ان ’طرحت قضية الوحدة الترابية للمغرب في 1974 ، انقسم الرأي العام الوطني بين مؤيد لطريقة ضم الصحراء ومعارض لها . هكذا سيوظف اليسار الماركسي اللينيني القضية الوطنية في محاربة النظام المخزني الذي لم يتوانى في اتهام كل معارض للضم المباشر ، ومطالب بالاستفتاء بالخائن . ولنا ألاّ ننسى طرد ابراهام السرفاتي الى البرازيل بدعوى ان جنسيته برازيلية ، كما لا ننسى الاحكام الثقيلة في محاكمة يناير فبراير 1977 بالدارالبيضاء بعد ان رفع اليساريون شعار الجمهورية الصحراوية .
لكن اذا عدنا الى الخطابات التي حررها المخزن لمحمد السادس ، سنجد ان هناك تضارب في المواقف بخصوص القضية الوطنية بين خطاب وخطاب . مثلا الفرق بين خطاب اكتوبر 2013 حين افتتح الملك البرلمان وبين خطاب ذكرى المسيرة بعد مرور 39 سنة على استرجاع الصحراء . ففي الخطاب الاخير مثل خطاب سابق لم يتردد محررو الخطاب من وصف المطالبين بالاستفتاء وتقرير المصير بالخونة . بطبيعة الحال الرسالة موجهة الى الجماهير المغربية بالصحراء التي تتمسك بالاستفتاء للتخلص من اعتداء وظلم المخزن ، وموجه الى التنظيمات اليسارية المغربية ( النهج الديمقراطي ، النهج الديمقراطي القاعدي ، رابطة العمل الشيوعي ، تيار المناضلة ، البديل الجذري ، الماركسيون اللينينيون ... لخ ) . لكن ما صحة هذه الاتهامات بالتخوين ، ما دام ان المخزن نفسه نادى بالاستفتاء منذ 1966 والى 1982 وحتى قبول اتفاق الاطار الذي اعده جميس بيكر . اليست نفس المواقف التي عبرت عنها هذه التنظيمات هي نفسها عبر عنها النظام المخزني المنتمي الى الزمن الميت ؟ .
هنا إذن يجب ان نقسم المطالبين بالاستفتاء الى قسمين :
-- قسم يمثله المخزن والتنظيمات اليسارية الماركسية اللينينة والماوية .
-- وقسم تمثله الجماهير المغربية بالصحراء التي تطالب بالاستفتاء وتقرير المصير ، وتستفيد من الريع المخزني الذي يقدم لها كرشوة لاستمالتها وجرها الى تأييد مواقف المخزن ، سواء بالتصويت لصالح مغربية الصحراء اذا نظم استفتاء بالمنطقة ، او تأييد موقف النظام المخزني حول الحكم الذاتي الذي مات قبل ان يجف الحبر الذي كتب به وتصدأ في رفوف المخزن العتيق .
فبالنسبة للمجموعة الاولى ، وأؤكد هنا على اليساريين ، فان تأييدهم وتمسكهم بخيار الاستفتاء وتقرير المصير ، هو تمسك بقناعات ايديولوجية ساندها ودافع عنها لينين ( حق الشعوب في تقرير مصيرها ، رغم ان هذا الحق في الحالة المغربية متجاوز ، لأنه حق اريد به باطل بعد استرجاع الشعب للصحراء ) . لذا فان اليساريين الذين يتمسكون بالقرارات الاممية من خلال تمسكهم بقرارات مجلس الامن والجمعية العامة للأمم المتحدة ، هم ليسوا ضد مغربية الصحراء ، كما انهم ليسوا معها . وهم كذلك ليسوا مع الجمهورية الصحراوية ، كما انهم ليسوا ضدها . بل هم مع الحل الديمقراطي العادل الذي يركز فقط على ارادة الجماهير الصحراوية في تقرير مصيرها بنفسها . ومن المفروض هنا اعتبار قرارات المخزن المختلفة بقبول الاستفتاء وتقرير المصير بالصحراء ، يصب كذلك في نفس الهدف والنتيجة . وهذا ليس له من تفسير غير اعتبار ان موقف المخزن والحركات اليسارية بخصوص الاستفتاء بالصحراء متطابق ومتناغم ومنسجم . إذن مادام المخزن يقول بالاستفتاء في الصحراء ، فالسؤال لماذا تخوين وتكفير الآخر الذي يساند نفس الحل الذي تبناه المخزن في محطات مختلفة ؟ .
اما بالنسبة للمجموعة الثانية التي تتكون من الجماهير الصحراوية التي اتهمها المخزن في خطابه الاخير بالخائنة ، بسبب تمسكها بخيار الاستفتاء رغم انها تستفيد من الريع ، ووصفها المخزن بان لها رجل مع المغرب ورجل ضده ، فان الامر بالنسبة لهذه الفئة واضح ومعبر عن نفسه .
اولا ، حين يقدم المخزن الامتيازات المختلفة للصحراويين بالأقاليم الصحراوية المسترجعة دون بقية المناطق التي يتكون منها المغرب ، فان هذه الامتيازات التي تدخل في اقتصاد الريع لشراء الضمائر والمواقف ، هي رشوة يقدمها المخزن مثل الرشوة التي تقدم لجنرالات الجيش ( ترقيات منتظمة ، اجور عالية ، امتيازات مختلفة ) للحفاظ على وجوده وبقاءه . لكن الجماهير الصحراوية التي تعرف ان ما تستفيد منه من امتيازات رغم انه رشوة ، فإنها تعتبره جزءا يسيرا من حقوق الصحراويين في الاستفادة من خيرات وثروات الصحراء التي يستغلها المخزن رغم ان الامم المتحدة لا تعترف له بذلك ، لان المناطق الصحراوية لا تعترف بمغربيتها الامم المتحدة ، وتعتبرها تدخل ضمن مناطق تصفية الاستعمار . فالصحراويون يعتبرون ان ما يتوصلون به من المخزن ليس امتيازات ، بل حقوقا مشروعة تدخل في ملكيتهم رغم هزالها . لذلك فالحل بالنسبة لهم لقضية الصحراء يجب ان يركز على الشرعية الدولية التي تنصص على الاستفتاء وتقرير المصير . وللإشارة فلو تم تنظيم الاستفتاء فان الاغلبية المطلقة للصحراويين ستصوت لصالح الاستقلال عن المغرب .
ثانيا ، فان كل الصحراويين على علم مسبق ، بان ما يتوصلون به من ريع ، هو مقابل شراء ضمائرهم لاستمالتهم الى جانب مواقف المخزن الفاشلة ، لذا فهم يعرفون ان هذه الامتيازات التي لا يستفيد منه المغرب ما قبل 1974 ، هي وقتية وظرفية ، ومثل انقلاب المخزن على المقاومة وجيش التحرير ، وانقلب على شهداء الصحراء ، وعلى الجنود الذين مكثوا بسجون البوليساريو لأكثر من ستة وعشرين سنة خلت ، سينقلب عليهم بمجرد ان يحسم نزاع الصحراء لصالحه ، كما يعلمون ان ما ينتظرهم بعد الامتيازات التي يعتبرونها من حقوقهم المشروعة ، هو القمع و ( الهرْمكة ) . لذا فمهما بلغت عطاءات المخزن من رشاوى مختلفة ، فأنها لن تقنع الصحراويين بالعيش في كنف نظام مخزني متسلط ومافيوزي لم يتردد في تسخير شاحنات الأزبال لجمع جثت غرقا الجنوب المغربي .
اذن الآن يمكن ان نعود للسؤال الذي طرحناه اعلاه : عن ، من هو الخائن الحقيقي الذي اضر بالوحدة الشعبية للشعب المغربي ، واضر بالوحدة الترابية للمغرب ، بحيث كان المخزن يتصرف ، و كأن المغرب ارض خلاء ليس بها رجال صناديد ، وان المغرب مغربه وليس مغرب المغاربة التي تعود جذورهم بالمغرب الى آلاف السنين .
1 ) ان اول خيانة مخزنية حصلت بالمغرب ، كانت توقيع السلطان عبدالحفيظ في سنة 1912 مع فرنسا اتفاقية الخيانة ( الحماية ) بعد ان طوقت القبائل البربرية الثائرة مدينة فاس ، رافضة المخزن الاوليغارشي ، ومطالبة بالحرية والاستقلال . لقد تسببت هذه الاتفاقية الخيانية التي باع فيها المخزن المغرب الى الاستعمار ، في كوارث كثيرة اضرت بالشعب المغربي ، وألحقت اضرارا بوحدته الترابية حين تم تسليم الصحراء الشرقية الى الجزائر الفرنسية . ولا ننسى هنا محاولة فرنسا تقسيم المغرب والمغاربة بواسطة الظهير الفرنسي ( البربري ) واستغلال الثورات والضيعات ، وممارسة القتل والتعذيب المختلف ، بحق الشعب وبحق المقاومة وجيش التحرير . فهل هناك من خيانة اكثر من هذه الاتفاقية التي باع فيها المخزن الفاسد المغرب الى الدخيل المسيحي اليهودي ؟ وقبل ان ننتقل الى نقطة اخرى . الم يتضامن المخزن مع الاستعمار الفرنسي والاسباني في القضاء على الثورة الريفية في سنة 1926 ؟ الم يتردد المخزن في التنكيل بأحفاد المجاهد عبدالكريم الخطابي في سنة 1958 ، وبلغت الوقاحة بالمخزن ان يصف الثوار في 1984 بالا وباش ؟
2 ) عندما احرز المغرب على استقلال ايكس ليبان الخياني الذي رهن مصير ومستقبل المغرب بيد الخونة والاستعمار الجديد ، واصل جيش التحرير المغربي نضاله التحرري المسلح لتحرير الصحراء من الاستعمار الاسباني ، لكن تحالف المخزن والاستعمار الفرنسي والاسباني في واقعة المكنسة ، او مؤامرة ايكوفيون ، اجهضت حلم جيش التحرير المغربي لفائدة ترتيبات استعمارية مخزنية لا يزال يعاني منها المغرب الى اليوم . وهنا نطرح السؤال . اذا كان المخزن يعتبر الصحراء مغربية ، لماذا تحالف مع الامبريالية الفرنسية والدكتاتورية الاسبانية الفرنكونية في ابادة جيش التحرير المغربي ؟ اما اذا لم تكن الصحراء مغربية عند المخزن ، فكيف نفهم انتظار المخزن مرور اكثر من اربعة عشر سنة ليثيرها في سنة 1974 ، كعامل لإخراجه من ورطته الداخلية ، والتي كان من ابرزها مطالبة المعارضة بالحكم وليس بالحكومة ، والانقلابان العسكريان في 1971 و 1972 ، والانتفاضة المسلحة في 3 مارس 1973 ، حيث استعملها المخزن ليس بدافع تاريخي او جغرافي او ديني او تحرري ، لكن استعملها بدافع تقوية نظامه الذي كان مهزوزا ، حيث تحول النظام المخزني من عدو رئيسي وأساسي الى عدو ثانوي ، واضحى العدو الاول هو البوليساريو والجزائر ، وكل الدول المساندة للاستفتاء وتقرير المصير . لقد استطاع المخزن تحقيق بعض النجاح في هذا الالتفاف الميكيافيلي بخلق العدو الوهمي المجسد في الخارج ، ومحو فكرة العدو الداخلي المجسد في النظام المخزني ، فأصبحت المعارضة ملتفة حول المخزن لا خارجه ، وتحول بقدرة قادر من متواطئ مع الاستعمار في عدة محطات ( اتفاقية الخيانة – الحماية – في سنة 1912 ، ضرب الثورة الريفية في 1926 ، وضرب جيش التحرير في الجنوب في 1956 ) الى وطني ومحرر . لكن هذه الالعوبة فشلت حين تم ادخال عبدالرحيم بوعبيد الى السجن ، و حين تم تنظيم محاكمات صورية للمعارضة في 1977 بالدارالبيضاء ، ومحاكمة قادة ( ك د ش ) و ( ا ش ق ش ) في 1982 ، ثم محاكمة 1984 و 1990 ... لخ .
3 ) في سنة 1966 ، اعلن مندوب المغرب بالجمعية العامة للأمم المتحدة بتنظيم الاستفتاء وتقرير المصير لنزاع الصحراء التي وصفها ب " الغربية " وليس المغربية . ومندوب المخزن بهذا الموقف الخياني ، يكون قد اعتبر مشكلة الصحراء تدخل في اطار المناطق المعنية بتصفية الاستعمار التي لا تزال اللجنة الرابعة التابعة للأمم المتحدة تناقشها منذ ذاك التاريخ والى اليوم . هنا نطرح السؤال مرة اخرى : إذا كان المخزن يعتبر الصحراء مغربية ، لماذا لم يطالب باستردادها الى المغرب ـ وركز فقط على الاستفتاء ؟ ألا يعني هذا الموقف الخياني ، ان المخزن لا يعترف بمغربية الصحراء ، وان الذي سيحدد جنسيتها هو الاستفتاء الذي طالب به ظلما ؟ ثم ألا يعني هذا ، ان المخزن سيعترف بالجمهورية الصحراوية ، إذا كانت نتيجة الاستفتاء هي الاستقلال ؟ ولنا امثلة عن الحالة الموريتانية التي طالب بها المخزن ، وليعود ويعترف مجددا بالجمهورية الاسلامية الموريتانية . فمن الخائن هنا ؟ هل المخزن الذي يتلاعب بالتراب الوطني ، ام الشعب المغربي بقيادة جيش التحرير والمقاومة الذي ابادوهما في واقعة مؤامرة ايكوفيون ؟
4 ) في سنة 1967 ، ومن نفس المنبر الاممي ( الجمعية العامة ) ، بعد ان وصف المندوب المخزني الصحراء ب " الصحراء الاسبانية " وليس المغربية ، عاد من جديد وطالب لحل قضيتها بالاستفتاء وتقرير المصير . إذن هنا كيف يجرأ لهذا الخائن الحقيقي ان يصف الصحراء ب " الاسبانية " ويطالب بتقرير مصيرها ؟ لماذا لم يسميها بالصحراء المغربية ، ويطالب باسترجاعها الى حظيرة الوطن ، إذا كانت فعلا مغربية ، ولم يكن يشكك قيد انملة في ذلك ؟ إذن من الخائن الحقيقي ؟ هل المخزن ام الشعب الذي كان ولا يزال يتمسك بوحدة الشعب وبوحدة الارض ؟
5 ) في سنة 1968 ، ومن داخل اللجنة الرابعة لتصفية الاستعمار يصف ممثل المخزن مرة اخرى الصحراء ب " الاسبانية " ، وليس المغربية ، ويطالب بالاستفتاء وتقرير المصير في حقها ، ولم يطالب باسترجاعها . فماذا ترك المخزن للجنة الرابعة التابعة للأمم المتحدة ، وماذا ترك لمناصري استقلال الشعوب وتكوين الكيانات الصغيرة الهلامية ؟ إذن هنا . من الخائن الحقيقي . هل المخزن ام الشعب ؟
6 ) عندما احرز المغرب على استقلال ايكس ليبان الخياني ، ظلت اجزاء من الاراضي المغربية تحتلها الجزائر التي سلمتها فرنسا الصحراء المغربية الشرقية . وفي اطار التفاعل المحيطي لتصحيح الوضع ، دخل المغرب مع الجزائر في حرب سميت بحرب الرمال في سنة 1963 . لكن رغم الشهداء الذين سقطوا في تلك الحرب ، ورغم المعطوبين والمشوهين والأرامل والأيتام ، لم يتم تحرير الصحراء الشرقية ، بل ان الجزائر ضربت عرض الحائط حتى بالاتفاقيات المشتركة المبرمة لاستغلال ثروات المنطقة . لكن الغريب ان المخزن الذي خاض تلك الحرب ، عاد وابرم اتفاقية الحدود مع بومدين ، حيث اصبح المخزن وليس الشعب يعترف بجزائرية الصحراء الشرقية مقابل لا شيء . وفي الوقت التي كانت الجزائر تنتظر ان يصادق البرلمان المغربي على اتفاقية الحدود حتى تكون لها حجية قانونية على الموقعين عليها ، انتظر المخزن حتى بداية النصف الاول من التسعينات ليدفع برلمان مزور كان يتحكم فيه ادريس البصري ، الى التصويت على تلك الاتفاقية الحدودية المشئومة ، بحث الآن الدولة ، وليس فقط المخزن تعترف بالحدود الجزائرية الدولية ـ ويعترف بجزائرية الصحراء الشرقية ، في الوقت الذي دخلت فيه الصحراء الغربية المغربية عنق الزجاجة ، بل ان انفصالها عن المغرب هي قضية وقت ، شق طريق العد العكسي الذي قد ينتهي بين ابريل 2015 وابريل 2016 .
إذن السؤال هنا . إذا كانت الصحراء الشرقية مغربية ، لماذا تنازل عنها المخزن للجزائر ؟ واذا لم تكن الصحراء الشرقية التي تحتلها الجزائر اليوم مغربية ، لماذا الدخول معها في حرب عبثية ؟ . إذن من الخائن هنا : هل المخزن الذي تنازل عن الارض مقابل الحفاظ على حكمه ، ام الشعب الذي كان كبش تلك الحرب التي كانت حرب المخزن الذي اشعلها ، وليست حرب الشعب الذي مات فيها ؟
7 ) الكل يعلم ان وجود المخزن كان مهزوزا طيلة الستينات والسبعينات ، وحتى بداية النصف الاول من الثمانينات . ولكي يخرج المخزن من ورطته الداخلية ، خلق مشكل الصحراء للحفاظ على الحكم ، وليس على وحدة الصحراء . هنا نتساءل . عندما حرك المخزن الساحة مستغلا الحس و الشعور الوطني للشعب المغربي ، قصد استرداد الصحراء . لماذا وقع اتفاقية مدريد الثلاثية بين اسبانيا وموريتانيا ، حيث تنصص الاتفاقية على تقسيم الصحراء كغنيمة بين نواكشوط والرباط ، مقابل استفادة اسبانيا من خيرات الصحراء . هكذا نصصت تلك الاتفاقية غير المسجلة بالامم المتحدة التي لا تعترف بها ، كما لا تعترف بها اسبانيا ، لأنها لم تنشرها في جريدتها الرسمية ، على سيطرة موريتانيا على وادي الذهب ، و سيطرة المغرب على الساقية الحمراء . السؤال هنا . كيف للمخزن ان يعتبر اقليم وادي الذهب موريتانيا ، وسكانه موريتانيون وليسوا مغاربة ، ثم يعود في سنة 1979 عندما تنازلت موريتانيا عن الاقليم بفعل ضربات البوليساريو واعترفت بالجمهورية الصحراوية ، ان يشفعه من جديد ويعتبر الاقليم مغربيا بعد ان تخلى عنه وكان موريتانيا ، ويعتبر سكانه مغاربة من جديد ، بعد ان اعتبرهم في السابق موريتانيين ؟ إذن من الخائن الذي تنازل عن وحدة الارض ( وادي الذهب ) وتنازل عن وحدة الشعب ( اعتبار سكان الاقليم موريتانيين ) هل المخزن ام الشعب ؟
8 ) الكل يعرف ان رأس المخزن كان مطلوبا ، وان النظام المخزني كان قاب قوسين من السقوط . وهنا يجب ان نتذكر الحرب العنيفة مع البوليساريو الذي استطاع اسقاط اكثر من 4000 اسير حرب من ابناء الشعب الذين قدمهم المخزن وقودا في تلك الحرب ، ويجب ان نتذكر انتفاضة الدارالبيضاء في سنة 1981 ، وفشل الجنرال احمد الدليمي الذي كان ينسق مع البوليساريو والجزائر لإسقاط النظام المخزني . امام هذه المخاطر واشتداد الضغط الخارجي على المخزن لتنظيم الاستفتاء بالصحراء ، لجأ المخزن من جديد الى التلويح بالاستفتاء وتقرير المصير في نيروبي 1982 ، وطالبا من الامم المتحدة، اتخاذ الإجراءات اللازمة لتنظيم استفتاء نزيه تحت اشراف الامم المتحدة . لكن ومع مرور الوقت الذي يمكن اعتباره وقتا ضائعا ، عاد المخزن من جديد ليتنصل من التزامه بتنظيم الاستفتاء طبقا لقواعد القانون الدولي ، ويطرح بديله " الاستفتاء التأكيدي " غير الموجود في القانون الدولي .
إذن السؤال هنا : ماذا يريد المخزن ؟ لماذا لم يلجأ لاستفسار الشعب قبل الاقدام على هذه الخطورة التي ادخلت عبدالرحيم بعبيد الى السجن ؟ من يملك المغرب حتى يتم التقرير في مصير شعبه ووحدته الترابية . هل المخزن ام الشعب ؟ . إذن من يتلاعب بمصير الشعب والوطن ، ومن الخائن ، المخزن ام الشعب ؟
9 ) رغم اعلان المخزن في نيروبي 1982 بتنظيم الاستفتاء ، فان الحرب واصلت اشواطها والخسائر زاد حجمها ، والأزمة الخانقة بدأت تلقي بظلالها على – من المفروض فيهم انهم اعوان المخزن -- ، هكذا سيضطرب الوضع وستخرج الجماهير في مظاهرات منددة بالوضع ، فكانت انتفاضة 1990 التي شاركت فيها نقابة الاتحاد العام للشغالين بالمغرب الى جانب ( ك د ش ) . امام هذا الوضع الذي اضحى يهدد الوجود المخزني ، بادر المخزن من جديد بمطالبة الامم المتحدة ومجلس الامن بالإشراف على وقف الحرب بين المغرب والبوليساريو ، وليس بين المغرب والجزائر ، وتعهد المخزن بالشروع في اتخاذ الترتيبات لتنظيم استفتاء شفاف بالصحراء امام اشراف وأنظار الامم المتحدة ، وهو الاتفاق المعروف باتفاق 1991 التي تمخض عنه انشاء " المينورسو " ، اي هيئة الامم المتحدة لتنظيم الاستفتاء بالصحراء الغربية وليس المغربية ، ومقرها يوجد بالعيون .
هنا من حقنا ان نتساءل من جديد : اذا كانت الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب تعتبر نفسها الممثل الشرعي والوحيد للشعب الصحراوي ، ومن هذه الحقيقة ، فان جميع دول العالم يعترفون بهذه التمثيلية الشعبية للجبهة ، حيث توجد لها مكاتب بجميع العواصم الاوربية وبواشنطن وبالأمم المتحدة ، وبأمريكا اللاتينية والجنوبية وبآسيا ، وعضو كامل العضوية بالاتحاد الافريقي . واذا كانت اكثر من تسعة وثلاثين دولة تعترف بالجمهورية الصحراوية ، وهناك دول اخرى في طريقها الى الاعتراف بها . فان ما يستغرب له ، ان النظام المخزني ، هو كذلك يعترف بالجبهة الشعبية كممثل شرعي ووحيد للشعب الصحراوي ، كما يعترف بالجمهورية الصحراوية التي تعترف بها العديد من الدول .
وللتدليل على هذه الحقيقة نسأل : اذا لم يكن المخزن يعترف بالجبهة الشعبية كممثل شرعي ووحيد للشعب الصحراوي . لماذا إذن يستعطفها مرة ، ومرات يجلس معها للمفاوضات في الولايات المتحدة الأمريكية ، ويجلس معها جنبا الى جنب وبالتساوي بجنيف في اللجنة الرابعة لتصفية الاستعمار التابعة للأمم المتحدة ؟ فإذا لم تكن الجبهة تمثل شيئا عند المخزن ، لماذا يجلس معها ؟ هل الجلوس محبة في مضيعة الوقت ؟ إذن من الخائن هنا هل . المخزن ام الشعب ؟
ومثل اعتراف المخزن بالجبهة كممثل شرعي ووحيد للشعب الصحراوي ، فهو يعترف بالجمهورية الصحراوية ، وإلاّ كيف يبرر لنا توقيعه لوقف اطلاق النار مع الجمهورية في سنة 1991 . ان وقف اطلاق النار ، اي وقف الحرب لا تكون الاّ بين دولتين متقاربتين في القوة واللوجستيك . فإذا لم تكن البوليساريو كجبهة وجمهورية قد فرضت نفسها كندّ مقابل ، هل كان المخزن ان يفاوضها وان يبرم معها اتفاق وقف اطلاق النار ؟
10 ) بعد كل هذه التطورات السلبية المضرة بالقضية الوطنية ، وأمام تعيين الامين العام للأمم المتحدة لممثل جديد خلفا لديكويلار ، وهو وزير الخارجية الامريكية السابق جميس بيكر ، توصل هذا الى حل ، قبل به المخزن ، وليس الشعب . ان مقتضى هذا الحل ، هو ما عرف في حينه باتفاق الاطار الذي ينصص على حكم ذاتي مدته خمس سنوات ، ثم يليه استفتاء لتقرير المصير .
هنا ما لا يمكن ان نفهمه ، هو كيف للمخزن ان يقبل بالشق الثاني من اتفاق الاطار الذي ينصص على الاستفتاء ؟ انه بمجرد القول بالاستفتاء ، يعني ان قضية الصحراء تدخل ضمن اقاليم تصفية الاستعمار ، وهو ما يعني ان المخزن الذي قبل باتفاق الاطار ، يعتبر ان تحديد جنسية الصحراء والصحراويين سيكون من خلال الاستفتاء . وهذا يعني ان الصحراوين اذا صوتوا لصالح الاستقلال ، فان المخزن سيعترف لهم بالجمهورية ، مثل اعترافه بالجمهورية الموريتانية ، واعترافه بجزائرية الصحراء الشرقية المغربية وتنازله عن سبتة ومليلية .
إذن السؤال هنا . من اراد ان يتنازل عن الصحراء وعن الصحراويين ؟ من شكك في مغربية الصحراء وفي مغربية الصحراويين ، حين قبل بإجراء الاستفتاء ، هل الصحراويون المغاربة ام المخزن ؟
إذن من يتلاعب بوحدة الشعب وبوحدة الارض ؟ هل المخزن ام الشعب ؟
11 ) ان اكبر المهازل من سلسلة المهازل المخزنية ، هي حين حرر المخزن في سنة 2007 خطابا وأعطاه للملك لقراءته ، يقضي بمنح الاقاليم الجنوبية من المغرب حكما ذاتيا ضمن الدولة المغربية ، ودون الرجوع في ذلك الى الشعب المفروض فيه مصدر السلط . ورغم ان مشروع الحكم الذاتي مات قبل ان يجف الحبر الذي كتب به ، فهو يبقى مشروع خيانة للقضية الوطنية ، ومشروع خيانة للجيش المغربي الذي استشهدت كوادره دفاعا عن الصحراء ، وسجن جنوده لما يفوق ستة وعشرين سنة في سجون البوليساريو ، ومشروع خيانة للشعب المغربي الذي يمول الحرب في الصحراء من الضرائب المختلفة التي تثقل كاهله ، مشروع خيانة لجيش التحرير المغربي الذي تعرض للغدر المخزني الامبريالي الفرنكوني في واقعة المكنسة ، مشروع خيانة لقسم المسيرة الخضراء ، مشروع خيانة لمحمد الخامس الذي طالب في 1958 ومن قرية " امحاميد الغزلان " باسترجاع الصحراء الى المغرب ، ولم يطالب بالاستفتاء ولا بالحكم الذاتي ، ومشروع خيانة للحسن الثاني حين سأله صحافي فرنسي قائلا : لماذا لا تمنحوا الصحراء حكما ذاتيا ؟ فكان جوابه : كيف هل يريدون مني ان اكون ملكا على جمهورية صحراوية ؟ ابدا . وفي خطاب آخر قال " ان اسبانيا تسير الى اقرار الاستقلال الداخلي . فانا كمسئول عن وحدة البلاد من جهة ، وصيانتها من اخطار المستقبل من جهة اخرى ، اصرح لشعبي ، واترك هذه وصية لكل مغربي ، انه لا يمكن تنصيب دولة مزيفة لا حقيقة لها في جنوب بلادنا ، لانه سيكون خطرا مستمرا على سلامة بلادنا وحرمتها ، وعلى ابناءنا ومستقبل ابناءنا " " المغرب مستعد ليبقى واقفا وصامدا الشهور والسنين ، ولكن لن يتنازل عن مطالبه ... وان احسن ارث سنتركه لأولادنا وأحفادنا ، هو ان نترك لهم مغربا يتوفر على متنفس ، وليس مغربا مضغوطا عليه ، وليس مغربا مخنوقا ، لا بل مغربا له متنفس ، ويمكن لرئتيه ان تتنافسا بكل حرية طولا وعرضا " . إذن أينك يا محمد السادس من خطابات والدك الحسن الثاني ؟
هذا ولا بد ان نذكر بما سبق للمرحوم عبدالرحيم بوعبيد ان صرح به للمجلة الفرنسية ( الملاحظ الجديد ) عدد 13 شتنبر 1974 " في سنة 1960 قال لي وزير الخارجية الاسباني : تنازلوا نهائيا عن مدينة سبتة ومليلية ، ولن يكون هناك مشكل حول الصحراء بيننا " وعند اعتقاله في 1982 سبب رفضه للاستفتاء الذي اقترحه المخزن قال عبدالرحيم بوعبيد " ربي السجن احب الي مما يدعونني اليه ، من صمت على وحدة البلاد ومصيرها " .
إذن يتضح من خلال تناقضات المخزن في التعامل مع القضية الوطنية ، ان الصحراء في كفة والمخزن في اخرى . واذا لم يكن هناك بد للتفريط في احد الكفتين ، فأولى التفريط في الصحراء ، وبقاء المخزن كجهاز فاسد ، حتى يستمر في تخريب ما تبقى من وحدة الشعب المغربي ، ووحدة اراضيه . اما اختيار الشعب بين الكفتين ، فهو ان اختار المخزن على حساب الصحراء ، يكون قد اختار العبودية والمذلة والدونية ، ويكون قد اختار تقسيم التراب وتقسيم الشعب . اما إذا اختار الصحراء ، فسيكون قد انتصر الى المغرب والى الشعب ، ويكون بذلك قد وجه ضربته القاضية للنظام المخزني الفيودالي والقروسطوي المعتدي والظالم و المنتمي الى العصور الميتة ، كما يكون قد ابدا ما يمكن من واجبات وطنية في سبيل بناء الدولة الديمقراطية المدنية التي تتسع لجميع ابناءها .
إذن امّا الصحراء ، ووحدة الشعب والأرض . وامّا المخزن ، والعيش في المذلة والعبودية .
إذن لا بد من تضافر جهود الجماهير المغربية بالصحراء المغربية ، وبالجماهير المغربية في اراضي ما قبل 1974 ، اي الشعب ، لبناء الدولة القوية المدنية الديمقراطية ، ومن ثم القضاء على المخزن سبب جميع الانتكاسات واللازمات التي حلت بالمغرب منذ 1912 مرورا ب 1926 و 1958 و 1965 و 1981 و 1984 و 1990 . ان جميع المشاكل التي اعترضت القضية الوطنية سببها تصرفات المخزن المزاجية ( لو طارت معزة ) حتى وصلنا اليوم الى ما وصلنا اليه من اخطار تندر بحتمية انفصال الصحراء عن المغرب .
إذن على الشعب ان يختار : امّا الصحراء ووحدة الشعب والمغرب . وإمّا المخزن ، ومن ثم الارتماء الى الهاوية والعبودية والمذلة التي وصلت ان يضعوا بشاحنات الازبال ضحايا الفيضانات الاخيرة .




#سعيد_الوجاني (هاشتاغ)       Oujjani_Said#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بين خطاب الرفض ورفض خطاب الرفض تنزلق القضية الوطنية نحو المج ...
- الى المدعو عبداللطيف الشنتوفي ( المدير العام ) للمديرية العا ...
- وهم وهراء انفتاح المخزن : حصيلة الانفتاح من 1974 الى 2014 قم ...
- الواقع السياسي الراهن : محدداته المرحلية واحتمالاته المقبلة ...
- لا يا جلالة الملك ما كان ان تميز بين الناس هذا مغربي وطني وه ...
- بين خطاب الملك في 10 اكتوبر 2013 وخطاب 10 اكتوبر 2014 المنتظ ...
- فاشية -- مخزن
- تأثير استفتاء اسكتلندة واستفتاء كاطالونيا المرتقب على الاستف ...
- حكومة صاحب الجلالة ، معارضة صاحب الجلالة
- ولّى زمن الخوف ، فإذا جنّ الليل ، سدّد طلقاتك بلا تردد
- حين تخلى المخزن عن مسؤولياته
- القمع بالمغرب
- الشعب الصحراوي - الصحراء الغربية -- الاستفتاء لتقرير المصير ...
- بدأ العد العكسي لنزاع الصحراء ( الغربية )
- مخزن = اقطاع -- فاشية -- اعدام -- ارض محروقة
- ظهور المذاهب السياسية والصراع الطبقي في الاسلام
- الى ... ك الخليفة ... ميتا
- تقرير قانوني -- فبركة الملفات الكبرى -- محنة قادة الكنفدرالي ...
- هل لا زال لمثيْقِف ( المثقف ) اليوم وعي طبقي
- سبعة واربعون سنة مرت على النكسة - هزيمة 5 جوان 1967 -


المزيد.....




- قائد الجيش الأمريكي في أوروبا: مناورات -الناتو- موجهة عمليا ...
- أوكرانيا منطقة منزوعة السلاح.. مستشار سابق في البنتاغون يتوق ...
- الولايات المتحدة تنفي إصابة أي سفن جراء هجوم الحوثيين في خلي ...
- موقع عبري: سجن عسكري إسرائيلي أرسل صورا للقبة الحديدية ومواق ...
- الرئاسة الفلسطينية تحمل الإدارة الأمريكية مسؤولية أي اقتحام ...
- السفير الروسي لدى واشنطن: وعود كييف بعدم استخدام صواريخ ATAC ...
- بعد جولة على الكورنيش.. ملك مصر السابق فؤاد الثاني يزور مقهى ...
- كوريا الشمالية: العقوبات الأمريكية تحولت إلى حبل المشنقة حول ...
- واشنطن تطالب إسرائيل بـ-إجابات- بشأن -المقابر الجماعية- في غ ...
- البيت الأبيض: يجب على الصين السماح ببيع تطبيق تيك توك


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعيد الوجاني - من الخائن ؟