أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - فاطمة ناعوت - كأننا نتعلّم! (3) الحاج -عبدة-














المزيد.....

كأننا نتعلّم! (3) الحاج -عبدة-


فاطمة ناعوت

الحوار المتمدن-العدد: 4642 - 2014 / 11 / 24 - 00:33
المحور: المجتمع المدني
    


فاطمة ناعوت
[email protected]

لمحتُ محلاًّ للزهور بأحد شوارع حدائق القبة مكتوبًا على يافطته: "عبدة الزهور الجميلة". أعجبني العنوان الغريب، وقررتُ التوقف لتحية صاحب المحل على اختيار اسم مجازي جسور لمحلّه، وتنبيهه إلى هِنة إملائية صغيرة.
استقبلني صاحبُ الورود بحفاوة وقدّم لي وردةً حمراءَ، وتحدّثنا قليلا فعلمتُ أنه جامعيٌّ افتتح هذا المحل منذ عشرين عامًا، لأنه عاشقٌ للزهور، ويأسًا من انتظار القوى العاملة. ابتسمتُ وقلبي يرقص فرحًا بأبناء بلدي المكافحين، ثم بادرتُه: “أنا فخورة بك حقًّا، فأنتَ تحمل قلب شاعر! لكن خبّرني كيف خطر هذا الاسمُ على بالك؟! هل قرأتَ مثلا رواية ’عَبَدَة الصفر‘ للفرنسي ’آلان نادو‘؟أم تراك استلهمت عنوانك رأسًا من اسم جماعة فيثاغورث الإغريقية الشهيرة بجماعة ’عبدة الصفر‘؟"
حدّق الرجلُ في عينيّ، وهو يومئ برأسه علامة الموافقة. جذبته من يده وأشرتُ إلى اليافطة وأخبرته بشيء من الحياء: “فقط لو تحذف اللام الزائدة من كلمة "للزهور"؛ لتصبح "الزهور"، وبهذا يستقيم المعنى: ’عَبَدة الزهور الجميلة.‘”
تحوّل الرجل الوديع الذي كان يحمل زهرةً، إلى أسد هصور يزأر: “جرى ايه يا ست؟! اليافطة كده صح: “عبده للزهور الجميلة": آدي الزهور الجميلة، وآدي "عبده". يعني أناااا، عشان أنا اسمي عبدووووووو"!!!
مادتِ الأرض بي، وهمستُ في وهنٍ: “اسكتْ! اسكتْ أرجوك! يا ريتك ما تكلمت! بوظت الصورة اللي كانت في خيالي! لكن يا عم عبدووووو، اسمك بالهاء مش بالتاء المربوطة زي ما كاتبها عاليافطة يا متعلم يا بتاع المدارس.” وركضت فورًا للسيارة قبل أن يفتك بي بائعُ الورود.
ليس العم "عبدة" إلا نموذجًا متكررًا بالآلاف لخريجي الجامعات المصرية، ومثلهم قادمون على الطريق سوف يتخرجون غدًا وبعد غد أُميين لا يكتبون أسماءهم.
في الصيف الماضي أخذت بعض اللعب والحلوى إلى بيت السيدة التي تنظم بيتي، لكي أبارك لطفليها نجاحهما الباهر في الصفين الرابع والخامس الابتدائي.
بعد توزيع الهدايا، طلبتُ منهما قراءة فقرة في جريدة. لأُفاجأ بأن الصبيين المتفوقين غير قادرين على قراءة الحروف! حتى من كتاب المدرسة الذي امتحنوا فيه وحصدا الدرجات النهائية! كيف نجحا؟ لأن الرسوب أصبح من الفولكلور القديم نظرًا لزيادة عدد التلاميذ عن عدد الفصول والمقاعد، فلابد أن ينجحوا لينتقلوا من صفٍّ إلى صفّ حتى يتركوا مقاعدهم لغيرهم. كأن الهدف "الجلوس على مقعد التعليم"، وليس "التعليم"!
كأننا نتعلم. الأهل يُبرئون ذمتهم فيدفعون بأولادهم للمدارس، والتلاميذ يدخلون الفصول كأنهم يتعلمون. والمعلمون كأنهم يُعلّمون. والحكومة توظّف الخريجين الأمييين الذين كأنهم تعلّموا. وللحديث بقية.



#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لا تخاطر باسم الله
- احذروا حزب النور
- حربنا مع صهيون
- البُوق وال(بُقّ)
- قناة (مكملين) ايه بالظبط؟!
- نعلن الحبَّ عليكم
- العنصريّ في سلة القمامة
- رانيا وصاحبتها
- فتاوى تكسيح الأطفال
- كأننا نتعلّم (1)
- فاطمة ناعوت -كاتبةٌ صحفية وشاعرة ومترجمة مصرية - في حوار مفت ...
- أنا ابن مصر العظيم
- استلهموا هجرة الرسول
- أنا أعلق إذن أنا موجود
- ماذا نفعل بالإخوان؟
- أنا عاوزة ورد يا إبراهيم!
- عيد ميلاد دولة الفرح
- قرد فاطمة ناعوت
- لا تقربوا الصلاة!
- اطفئوا مشاعلَهم، نورُها يُعمينا


المزيد.....




- حادثة اصفهان بين خيبة الأمل الاسرائيلية وتضخيم الاعلام الغرب ...
- ردود فعل غاضبة للفلسطينيين تجاه الفيتو الأمريكي ضد العضوية ...
- اليونيسف تعلن استشهاد أكثر من 14 ألف طفل فلسطيني في العدوان ...
- اعتقالات في حرم جامعة كولومبيا خلال احتجاج طلابي مؤيد للفلسط ...
- الأمم المتحدة تستنكر -تعمد- تحطيم الأجهزة الطبية المعقدة بمس ...
- يديعوت أحرونوت: حكومة إسرائيل رفضت صفقة لتبادل الأسرى مرتين ...
- اعتقال رجل في القنصلية الإيرانية في باريس بعد بلاغ عن وجود ق ...
- ميقاتي يدعو ماكرون لتبني إعلان مناطق آمنة في سوريا لتسهيل إع ...
- شركات الشحن العالمية تحث الأمم المتحدة على حماية السفن
- اعتقال رجل هدد بتفجير نفسه في القنصلية الإيرانية بباريس


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - فاطمة ناعوت - كأننا نتعلّم! (3) الحاج -عبدة-