أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - ضيا اسكندر - عمل ثانٍ














المزيد.....

عمل ثانٍ


ضيا اسكندر

الحوار المتمدن-العدد: 1302 - 2005 / 8 / 30 - 07:51
المحور: كتابات ساخرة
    


جلسا على الشرفة معاً يشربان الشاي عند العصر ككل يوم. تناول رشفة شاي من كأسه, فأحسّ أنها ينقصها بعض الحلاوة, فأضاف إليها قليلاً من السكر وقال لزوجته:
- أيه... هل سيأتي يوم لا نشرب فيه الشاي إلا مع العسل؟
اعتبرت زوجته سؤاله تحرشاً بها من أجل خلاف يجب أن يتم ككل يوم. فأجابت متحفزةً:
- طبعاً إذا بقيتَ مكتفياً بهذا الراتب الهزيل... لن تشرب الشاي مستقبلاً حتى مع السكر! هذا إذا كان بمقدورك شرب الشاي من أصله..
- طيب والحل؟
- مائة مرة قلت لك عوضاً عن قضاء وقتك بمتابعة التلفزيون والثرثرة بالسياسة مع أصحابك... اذهبْ وفتشْ عن عمل آخر يقينا غائلة الحاجة والعوز والشحار...
- وكم مرة قلت لك بأن نسبة البطالة في مجتمعنا تزيد عن الـ 20% فكيف لي أن أجد عملاً آخر(متبرّماً بصوت خفيض) وكأن العمل ينتظرني على الباب..!
ردّت عليه ساخطةً:
- يا أخي تلحلحْ .. تحرّك!... لربما يتحنّن الله عليك..
- وِلكْ أنتِ لا تفهمين؟ مئة مرة قلت لك بأن العمل يحتاج إلى رأسمال وأنا ما معي بارة...
- ليس شرطاً أن يحتاج أي عمل إلى رأسمال ..
- وهل تريدين مني أن أشتغل أجيراً عند العالم ؟
أجابت متشفيةً:
- وماذا ينقص منك ..؟
كرع كأس الشاي دفعةً واحدة, وبدأ يقلّب صحيفة ملقاة إلى جانبه متشاغلاً بها حرصاً على عدم إثارة مشكلة جديدة معها. مفكراً بالوقت نفسه بأنه لن يمضي هذا الليل إلا وقد حسم أمره بعملٍ ما, يكون عدد المنافسين له قليل ولا يحتاج إلى رأسمال.
صبيحة اليوم التالي أيقظ زوجته من النوم قبل أن يذهب إلى الوظيفة وقال لها وهو بحالة من الفرح الغامر:
- وجدتها.. وجدتها!
- ( فركت عينيها مبسملةً ) خير إنشاء الله؟
- سأعمل مطهراً!.... طوال الليل وأنا أفكر بعمل لا يحتاج إلى رأسمال وأخيراً وجدته! (واستطرد متدفقاً جزلاً) سنقبر الفقر والحرمان والقهر يا أم عبدو.. ياي كم أنت حليمٌ يا ربّ! تصوّري يا ستّي دقائق معدودات من التعامل مع (حمامة) الوليد الجديد وأتقاضى أجراً مجزياً.
(كزّ على أسنانه مغتبطاً وبدأ يمازح زوجته بحركات سريعة متلاحقة؛ بأن مدّ يده إلى بعض المناطق المفترض التعامل معها ليلاً وليس صباحاً! فأبعدته عنها مؤنبةً بأنه ليس شاطراً إلا بهذه الشغلة. وأنه من الأفضل له التوجه إلى العصفورية من تلقاء ذاته قبل أن تقوم هي بنفسها بالإبلاغ عنه)
تركها تدمدم لوحدها مبربرةً وشرع يدندن لحناً راقصاً.
علّق على باب بيته كرتونة خطط عليها عبارة أنيقة "المطهر القانوني أبو عبدو"!
أخبر جميع زملائه في الوظيفة بعمله الثاني الذي سيقوم به من الآن فصاعداً.
في اليوم التالي اشترى " العدّة " اللازمة لعمله الجديد. وعند الظهيرة وفي نفس اليوم, حضر على حين غرّة موظفو المالية والضرائب وطلبوا منه وثيقة الترخيص بهذه المهنة وضريبة الإعلان عنها..!
حلف بأغلظ الأيمان أنه لم يزاول المهنة بعد! وأنه لم يمسّ حمامة أيّ صبي مذْ كان ابنه صغيراً عندما كان يحفّضه أثناء غياب زوجته!
لم ينفعه كل هذا الشرح والتوضيح!
مدّ يده إلى الكرتونة ومزّقها ألف قطعة, وصرخ بهم مهدداً بأنه ما لم يرحلوا فسوف يضرب رأسه بالحائط حتى يفجّه ويتهمهم بالاعتداء عليه!
تطلّعوا بوجوه بعضهم مبتسمين... وانصرفوا.
سارع باتجاه زوجته وأقسم لها يميناً أنها إذا لمّحت له مستقبلاً مجرد تلميح, بضرورة البحث عن عمل ثانٍ فالويل والطلاق لها!
ضحكت زوجته وقالت له: فعلاً إنك مصطول! ثم لم تقل لي؟ من أين لك خبرة التطهير حتى تعمل في هذه المهنة؟
هدأ قليلاً وأجابها: بصراحة كنت سأسعى للحصول على إجازة بلا أجر لمدة ثلاثة أشهر وأذهب إلى الصومال وأتعلّم هناك و...
قاطعته زوجته متسائلة: ومن أين لك أجرة السفر إلى الصومال؟! (مدمدمةً بينها وبين نفسها) الله يثبّت علينا العقل والدين.. فعلاً إنك مهبول!
لم يحر جواباً, وخيّم صمتٌ قصير, عبثت به أحاسيس شتى؛ وجد نفسه محاصراً يائساً مشوش الذهن مشتت التفكير... فألقى بجسده الحيران على الكرسي واغرورقت عيناه, لكنه لم يسفح منهما دمعة واحدة. وقال لها: (ولكْ الله يلعن أبو الفقر وساعته...)
وقرر في نفسه أن يمعن التفكير مجدداً في البحث عن عمل ثانٍ, لا يحتاج إلى رأسمال ويكون عدد المنافسين له قليل...



#ضيا_اسكندر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحلاّف
- سلحفاة المعلم
- !كان ... وما زال
- هايل أبو زيد
- السياسة والأسطورة
- الشغل... مو عيب
- هل أنا على صواب..؟
- حتى في الصحراء...؟
- ملح الحياة
- الرهان
- استراتيجيا... ديماغوجيا
- يوميات معتقل سياسي بعد الإفراج عنه
- الكوز والجرّة
- إلى معلمتي... سابقًا
- إلى من يهمه الأمر
- أنا أسعد منه
- جمهورية الفرح الشعبية
- عزاء مُعتبر
- - عيسى وخديجة -
- ..!تنفيس مسؤول


المزيد.....




- جعجع يتحدث عن اللاجئين السوريين و-مسرحية وحدة الساحات-
- “العيال هتطير من الفرحة” .. تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- مسابقة جديدة للسينما التجريبية بمهرجان كان في دورته الـ77
- المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي: إسرائيل تعامل الفنانين كإرهاب ...
- نيويورك: الممثل الأمريكي أليك بالدوين يضرب الهاتف من يد ناشط ...
- تواصل فعاليات مهرجان بريكس للأفلام
- السعودية تتصدر جوائز مهرجان هوليوود للفيلم العربي
- فنانون أيرلنديون يطالبون مواطنتهم بمقاطعة -يوروفيجن- والوقوف ...
- بلدية باريس تطلق اسم أيقونة الأغنية الأمازيغية الفنان الجزائ ...
- مظفر النَّواب.. الذَّوبان بجُهيمان وخمينيّ


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - ضيا اسكندر - عمل ثانٍ