أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - ابراهيم القبطي - اسطورة القرآن-مشكلة الوحي في الاسلام















المزيد.....

اسطورة القرآن-مشكلة الوحي في الاسلام


ابراهيم القبطي

الحوار المتمدن-العدد: 1302 - 2005 / 8 / 30 - 10:26
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


منذ أربعة عشر قرنا عندما رغب محمد نبي الاسلام في تأسيس دين يوحد قبائل العربان سياسيا، كان يخضع للثقافات التي تنتشر في عصره ، و من هذه البيئة خرج النص القرآني . كانت من متطلبات الدين و الدعوة الاساسية كتاب رباني يحاكي و يضاهي ما يملكه أهل الكتاب، كتاب يحمل التوقيع الالهي.
وفي الموضوع السابق (عدد 1292) عندما تكلمت عن التناقض الداخلي للمنظومة الاسلامية، كنت قد ذكرت أن القرآن في المفهوم الاسلامي هو الكلام الحرفي المنطوق على لسان الله أملاه إلى جبريل، و الذي نقلة حرفيا إلى محمد حرفيا، فكان القرآن هو نسخة مطابقة 100% من اللوح المحفوظ تحت العرش الالهى (البروج 21، 22)، وكنت قد ذكرت أن هذا يتناقض منطقيا مع وجود الناسخ و المنسوخ، و كذلك مع وجود أقوال لا يمكن أن يقولها الله بنفسه كما ذكرت في سورة الفاتحة و غيرها من أقوال موسى و عيسى و يوسف و الانبياء و المؤمنيين بل و محمد نفسه، ومنها أقوال لم يستطع الكاتب الاسلامي –أيا كان- أن يستدركها بكتابة "وقل.." أو "وقال.." أو أى فعل آخر يوحي بأن المتكلم هو الله شخصا، و بالتالي يتجنب الايحاء بأن هناك متكلمون آخرون في القرآن. وهنا أستطرد في مزيد حول هذه النقطة:
فمن المفارقات العجيبة أن يسقط كاتب القرآن سهوات توضح أن النص كاتبه بشري يتكلم على لسان الله و لكنه يسهو أحيانا، مثل:
- كيف يسبح الله ؟ و من المعروف أن التسبيح هو فعل بشري موجه إلى الإله ، و لا يجوز منطقيا أن يسبح الله نفسه كما في (الصافات 166، الاسراء 1)
- كيف يشهد الله لنفسه أنه هو الله، ومن المتكلم في (آل عمران 18، الحشر 22-24)؟ فقد نسى الكاتب أن يلحق "قل.." في بداية الآيات ليحولها من صيغة الغائب "هو.." إلى صيغة المتكلم الآمر "قل هو.."
- عندما يتكلم الراوي و يذكر "قال الله" بصيغة الغائب ، كان من الافضل للتأكيد على ألوهية المؤلف أن يكتب "قلت.." ، و ذلك كما في (آل عمران 55، المائدة 12، 110، 115، 116، 119، يوسف 66، النحل 51، الفتح 15)
كل ما سبق يقودنا إلى النقطة المنطقية الاساسية و هو عدم امكانية الهروب من العامل البشري بين ثنايا القرآن، و هو ما يتناقض مع حرفية الوحي في المفهوم الاسلامي ، و هذا ما سميته في المقال الأول :"التناقض الداخلي للاسلام".
ومن أجل توضيح أثار المفهوم الحرفي للوحي على بقية المنظومة الاسلامية سوف نتحرى ذلك من خلال الازمات التي آثارها النص القرآني ومن أمثلتها:
* أزمة عدم قابلية القرآن للترجمة إلى مختلف اللغات:
من المنطقي أن نفترض أن خالق العالمين قادر على توصيل رسالته إلى العالمين و ليس إلى العرب فقط ، و لكن التفكك اللغوي في القرآن و كذلك الخوف من التحريف (=تغيير الحرف) كان عامل أساسي في منع ترجمة القرآن إلى أي لغة لمدة ما يقرب من 13 قرن ، و من المفارقات أن محاولات الترجمة القرآنية التي حدثت في القرن العشرين (القرن ال14) لا يستطيع مسلم غيور أن يدعي بأنها القرآن ، بل هي ترجمات تفسيرية و إيضاحية للنص و لا تحمل قدسية القرآن. وكانت النتيجة المنطقية لفقدان التواصل اللغوي بين المنظومة الاسلامية و الشعوب الاخرى أن يفرض الاسلام فرضا بقوة السيف ، وعلي حد السيف انتشر الاسلام كما يذكر التاريخ . و لست هنا بصدد ذكر الدوافع الاخرى الاقتصادية و الدينية للحروب الاسلامية، و لكنها تشير بقوة لفقدان التواصل المعرفي و اللغوي مع بقية العالم، و هو ما يناقض ما تدعيه المنظومة الاسلامية من عالمية، فالمنطق التاريخي يؤكد أن الاسلام عربي النشأة و الصبغة ولا يمكن أن ينتشر إلا بالحرب أو التناسل، وليس بالإقناع أو الدعوة كما يحاول المشايخ المعاصرون أن يمارسوه ، فالاسلام المعاصر يحاول أن يتلون بصبغة لا تلائم إله العرب.
* أزمة عثمان و حرق المصاحف و الذكر المحفوظ:
عندما بدأت المصاحف تعدد في أيام عثمان، على الرغم من وحدة اللغة و عدم وجود ترجمات، بدأت تظهر أزمة الوعد الالهي " إنا نزلنا الذكر و إنا له لحافظون"(الحجر 9)، فالوعد الالهي للقرآن يؤكد أنه لم و لن يفقد أو يتغير فيه حرفا واحدا من النص، و هنا يتطوع عثمان بالقيام العمل الالهي الذي لم يستطع الاله نفسه القيام به، فقام يجمع المصاحف من الاقطار، و جمع القرآن و أحكم نسخة بلغة قريش ، و أرسل ليحرق بقية النسخ ، و كان هذا أحد أهم الاسباب التي أثارت حفيظة المسلمين وساهم فيما بعد في وضع بذور الخطة لقتله (للتفاصيل راجع: كتاب المصاحف للسجستاني ، صحيح البخاري- كتاب فضائل القرآن رقم 4604، السيوطي-تاريخ الخلفاء). ما هو المصدر الاساسي لهذه الازمة إلا التناقض الاساسي بين ثنيات القرآن ، و المفهوم المحمدي الذي أكد أن الوحي الإلهي هو وحي حرفي "إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى" (النجم 4)، فكانت الفروق بين المصاحف في الحرف و التشكيل و الزيادة و النقصان بمثابة كارثة تمس صميم المنظومة الاسلامية.
* أزمة الوسيط البشري "محمد" و أميته:
مرة أخرى كان الوحي الحرفي للقرآن عاملا مهما في ترسيخ أسطورة أخرى، هي أسطورة جهل محمد بالقراءة و الكتابة، و بهذا يضمن المسلم أنه لا وجوج للعنصر البشري في الوحي ، و أن المصدر الوحيد للوحي هو إله الاسلام. وتعمد المفسرون و شراح القرآن أن يفسروا لقب "النبي الأمي" (الأعراف 157، 158) بمعنى "النبي الجاهل القراءة و الكتابة" ، و هذا في مغهومهم ينزه القرآن عن أى شبهة بشرية أو تدخل بشري. و لكننا نفاجأ بأن اللقب في القرآن لا يحمل هذا المعنى، ففي سورة الجمعة آية 2 "هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُوا مِن قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ" ، يؤكد الكاتب القرآني أن الأميين هم العرب ، و أن الرسول هو رسول بعث للعرب الأميين. وللمزيد من الفهم نوضح أن الشد على الميم في كلمة "أميين" يؤكد أن الحرف مضعف و أن أصله " أمميين" بمعنى أهل الأمم ، و هو نفس اللقب الذي كان يستعمله اليهود لوصف غير اليهود ، فعند اليهودي البشر صنفان: اليهودي و الأممي، و العرب كانوا من الصنف الثاني ، أى الأمم التي ليس لها كتاب. فكانت محاولات الرسول المستميتة أن يثبت لهم أنه هو رسول الأمم من العرب ، فهو النبي الأممي إلى العرب الأمميين ، و في اللغة العربية تم ضغم الحرف المتكرر و إضافة علامة شد ، ليصبح "الْأُمِّيِّ، و الْأُمِّيِّينَ". وهذا مما يؤكدة صحيح السيرة و السنة التي تؤكد على معرفة الرسول بالقراءة و الكتابة هو موقفه في ساعات النزع الأخير حينما أمر "أعطوني قرطاسا و قلما أكتب لكم كتابا لا تضل بعده أمتي" (صحيح البخاري 4079، مسند أحمد 3165)، وأيضا حينما وقع بنفسه في صلح الحديبية "محمد بن عبد الله" بدلا من "محمد رسول الله" عندما رفض أهل قريش التوقيع برسول الله (صحيح البخاري 2501، 3920، سنن الدارمي 2395، مسند أحمد 17892). ومن هنا يتضح أن أسطورة جهالة الرسول كانت محاولة مستميتة للحفاظ على قدسية النص القرآني كي لا تشوبه شائبة من بشرية الرسول. و هذا نابع من أسطورة حرفية الوحي القرآني الذي يؤكد على أن الوحي هو أملاء حرفي.
من خلال هذه المواقف الثلاث التي سقتها كمثال على أزمات سببتها حرفية الوحي القرآني ، لا يسعني إلى أن أكمل الصورة سريعا حتى تكتمل الفكرة. فالوحي اليهودي و المسيحي لا يحمل صفة الحرفي و أنما هو وحي فكري و في بعض الأحيان تصويري. الوحي الفكري يؤكد على أن الله يلهم الكاتب بفكرة و يعصم الفكرة بروحه القدوس ،وهذا يجعل النص قابل للترجمة وللدعوة إلى جميع العالم مع الاحتفاظ بالفكرة . هذا لا يمنع أن النص يملك بعض من القدسية ، و لكنه نص مرن قابل للفهم و النقل ، و لا يمكن لأي مسيحي أو يهودي أن ينكر الترجمات و يقلل من قدسيتها ، فالفكرة نفسها هي المقدسة و ليس النص الذي يمثل وعاء لنقل الفكرة " الَّذِي جَعَلَنَا كُفَاةً لأَنْ نَكُونَ خُدَّامَ عَهْدٍ جَدِيدٍ. لاَ الْحَرْفِ بَلِ الرُّوحِ. لأَنَّ الْحَرْفَ يَقْتُلُ وَلَكِنَّ الرُّوحَ يُحْيِي" (2كور 3: 6) ، و النوع الآخر من الوحي هو التصويري ، وهو إرسال رؤيا أو حلم تصويري إلى النبي ، و يتولى النبي بعد ذلك صياغة المضمون باسلوبه البشري تحت مظلة من عصمة الروح القدس. و بالتالي فالوحي في اليهودية و المسيحية هو تفاعل جدلي واضح و معترف به بين الإلهي و البشري، وهو رصد لواقع هذا التفاعل، و هذا أيضا يجعل من الوحي اليهودي المسيحي وحيا حواري بين طرفين "ديالوج" وليس إملائي"مونولوج" . و لعل هذا كان من أحد أهم الاسباب التي أدت إلى أزمة في الحوار المسيحي الأسلامي، فالطرفان لا يتفقان علي معاني المصطلحات قبل الحوار.
مما لا شك فيه أن الوحي الحرفي في المنظومة الاسلامية هو نتاج مفهوم خاطئ أنتقل من عرب الجاهلية إلى الرسول الأمي ، الذي كان يحلم بعرب متحدين في أمة واحدة و كتاب إلهي واحد كما في اليهود و النصارى، و لكن خانه المنطق، و التاريخ، و اللغة، فلم يأت إبداعه إلا إبداع بشري يدعي الألوهة. فالقارئ المحايد للقرآن يرى فيه من التفكك الفكري و الزمني ما يجعله بلا مضمون مميز. فما فائدة السجع بلا معنى ، و ما جدوى النص بلا مضمون.





#ابراهيم_القبطي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عن القمص زكريا بطرس.. و التناقد الداخلي للإسلام - في الرد عل ...


المزيد.....




- المقاومة الإسلامية في لبنان تستهدف مواقع العدو وتحقق إصابات ...
- “العيال الفرحة مش سايعاهم” .. تردد قناة طيور الجنة الجديد بج ...
- الأوقاف الإسلامية في فلسطين: 219 مستوطنا اقتحموا المسجد الأق ...
- أول أيام -الفصح اليهودي-.. القدس ثكنة عسكرية ومستوطنون يقتحم ...
- رغم تملقها اللوبي اليهودي.. رئيسة جامعة كولومبيا مطالبة بالا ...
- مستوطنون يقتحمون باحات الأقصى بأول أيام عيد الفصح اليهودي
- مصادر فلسطينية: مستعمرون يقتحمون المسجد الأقصى في أول أيام ع ...
- ماذا نعرف عن كتيبة نيتسح يهودا العسكرية الإسرائيلية المُهددة ...
- تهريب بالأكياس.. محاولات محمومة لذبح -قربان الفصح- اليهودي ب ...
- ماما جابت بيبي أجمل أغاني قناة طيور الجنة اضبطها الآن على تر ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - ابراهيم القبطي - اسطورة القرآن-مشكلة الوحي في الاسلام