أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - محمد عبد المجيد - القبض على الرئيس مبارك في جحر بشرم الشيخ















المزيد.....

القبض على الرئيس مبارك في جحر بشرم الشيخ


محمد عبد المجيد
صحفي/كاتب

(Mohammad Abdelmaguid)


الحوار المتمدن-العدد: 1302 - 2005 / 8 / 30 - 10:26
المحور: كتابات ساخرة
    


في أحد أيام ربيع 2006 وبعدما انتهى المصريون من الاحتفال بعيد الأم في جو مشحون بالاضطرابات والمظاهرات العارمة التي تجتاح وادي النيل، ولا تتوقف ساعة واحدة، فالغضب قد اشتعل في صدور كل المصريين، ولم يعد هناك مكانٌ لمزيد من الذل والقمع والقهر، فاستوى لدى الجميع المنطق والاستحمار، والعقل والاستهبال، والقصر وكل عشش الصفيح، تضخمت الشائعات عن اختفاء الرئيس حسني مبارك منذ أكثر من شهرين، مع تأكيد كل الصحف القومية صباح كل يوم بائس ستغرب شمسه تاركة حيرة المصريين تتورم وتتضخم فلا تدري إن كانت مرضا أو فتيلا ينتظر انفجارا هائلا بأن السيد الرئيس بخير، وأنه اجتمع ظهر أمس بوفد كبير لبحث العلاقات الثنائية بين البلدين.
لم يتمكن الرئيس من الهرب بطائرته الخاصة من شرم الشيخ فكل دول العالم رفضت قبوله وأسرته بعدما اتضح المشهد المصري في مظاهرات عارمة، وأخرجت الصحافة المعارضة أرشيف الرئيس، ونشرت جرائمه، وأسقط في يد خبراء البيت الأبيض فلم يستطيعوا تبرير دعم الادارة الأمريكية لأحد أكبر طواغيت العصر.
طوال شهرين كاملين ورئيس لجنة السياسات الخارجية مع رجاله من ورثة البلد يديرون الشؤون الداخلية والخارجية كأنهم في حضرة الرئيس، أو يتلقون أوامر منه، ويسربون بين الحبن والآخر شائعات عن توجيهاته واستقبالاته الوهمية ونشر صور قديمة مذيلة بتاريخ يسبق النشر بيوم أو اثنين.
قادة كبار يطرحون على وزير الدفاع تساؤلاتهم عن القائد الأعلى للقوات المسلحة، وهل اختفى حقا أم تم اغتياله أو أنه رهن الاعتقال؟ ويؤكد لهم وزير الدفاع بأن السيد الرئيس بخير وسيقوم بزيارة قريبة للقيادة العامة.
أحد لواءات المخابرات العامة والقريب جدا من القصر والذي يحمل له جمال مبارك كراهية شديدة يتلقى من زوج أخته المقيم بشرم الشيخ معلومات غاية في الأهمية عن زيارات سرية تقوم بها السيدة سوزان مبارك لمكان مهجور في الطرف الشمالي لشرم الشيخ، ثم تعود بعد ساعتين، وتختفي في أحشاء طائرة هليكوبتر متجهة إلى القاهرة.
الحياة تكاد تتوقف في القاهرة والمدن الكبرى، والمظاهرات تعم الجامعات والمدارس، وينجح المتظاهرون بعد أسابيع من الاصرار على القبض على الرئيس مبارك وتقديمه للمحاكمة في استمالة قلوب الأجهزة الأمنية، ويتلقى عسكر الأمن المركزي أوامر صارمة من القيادات الوطنية بعدم التعرض للمتظاهرين ولو جاءت الأوامر مباشرة من الرئيس أو ابنه إلا في حالات السرقة والنهب.
وكالات الأنباء ترصد ارهاصات الثورة المصرية الجديدة، ويكتب معلقون كثيرون عن دهشتهم من التزام المصريين بالحفاظ على ممتلكاتهم، وقيام الكثيرين بحماية مؤسسات الدولة، ومنع أي جهات مشبوهة من التعرض لها.
جنرال كبير في الجيش الوطني المصري معروف بمواقفه الشريفة ومعارضته للاتفاقات المشبوهة يتحرك دون علم وزير الدفاع مع مجموعة صغيرة من الموالين له إلى شرم الشيخ.
أحد رجال الأمن الموالين لجمال مبارك يتصل فورا من المنتجع السياحي ويطلب مكالمة عاجلة مع الرئيس الشاب، ويبلغه بوصول القوة العسكرية، وتوجهها إلى المكان الذي تقوم سيدة مصر الأولى بزيارته بانتظام منذ شهرين.
القائد العسكري يبلغ الأجهزة الأمنية في شرم الشيخ بأنه سيطلق النار على أي شخص يقف في طريقه، فتتراجع قوات الأمن، ثم يندفع نحوه رئيس جهاز الأمن في سيناء، ويحتضنه، ويعلن أنه وقواته متحالفون مع جيش مصر الوطني.
عيارات نارية خفيفة تم اطلاقها في الهواء، واندفعت ثلث القوة العسكرية من الناحية الأخرى للمكان المطلوب الوصول إليه بأقل خسائر ممكنة.
وزير الدفاع المصري يتلقى مكالمتين هاتفيتين من السفيرين الأمريكي والبريطاني لم يعرف أحد ما دار خلالهما، ثم يتوجه لتوه إلى قيادة الجيش.
تقترب القوة العسكرية بحذر شديد بعدما فر كل حراس الموقع.
كان المكان مهجورا، وبدا كأنه أثر مصري قديم يشبه أحد سراديب الفراعنة حيث ترقد مومياءات منذ عدة آلاف من السنين شاهدة على تاريخ العلاقة الطويلة والغريبة والمعقدة بين المصريين وحكامهم الفراعنة.
المكان مظلم وضيق وتنتهي سلالمه بسرداب أكثر اتساعا.
يأمر القائد العسكري أربعة من أكفأ جنوده بتكملة الدخول لنهاية السرداب مع أوامر باطلاق النار في حالة أي مقاومة.
الجنود الأربعة لا يعرفون أنهم سيدخلون التاريخ من أضيق أبوابه، ومن تحت الأرض، وأن المطلوب هو القبض على الرجل المختبيء في هذا المكان السيء التهوية، والذي يشبه جحر الجرذان.
تجرأ أحدهم وسأل الجنرال: سيدي القائد، هل هو أحد المهربين الخطرين؟
لم يرد القائد العسكري، فجذب أولُهم رابعَم من كتفه، واستمروا في الهبوط إلى أن وقعت المفاجأة.
كان المكان فسيحا بعض الشيء، ويجلس في أحد أركانه رجل مسن ذو شعر أبيض وقد بدا أن لا فرق بينه وبين الموتى المجاورين له.
كان المشهد مخيفا، وكاد الجندي الثاني يتراجع خوفا بعدما التقت عيناه بعيني الرجل الأشعث الأغبر.
كانت هناك بقايا طعام، ومنضدة صغيرة، وكرسي متهالك، وعدة صناديق متراصة في الركن الآخر، ومسدس جديد تماما كأن سيدة مصر الأولى تقول للرجل المختبيء: إذا لم تدافع عن نفسك فعليك بالانتحار فهو أكثر شرفا من قفص الاتهام في محكمة الشعب.
الجندي الثالث وهو من أصل ريفي رق قلبه للرجل، وتقدم منه قائلا: لا تخف فنحن لن نؤذيك، ومن المصادفات العجيبة أن شقيق هذا الجندي قضى سبع عشرة سنة في أحد المعتقلات دون توجيه تهمة واحدة وهو واحد من ثلاثين ألف مصري يقبعون في زنزانات بأوامر من الرئيس حسني مبارك.
قام العجوز دون أن يبدي مقاومة، وصاح أحدهم: سيدي، لقد عثرنا عليه!
اختلط الصوت بالصدى لكنه وصل إلى القائد العسكري كأنه أجمل وأسعد وأعظم خبر تسمعه أذناه منذ عشرات السنين.
تسلم القائد الرجل برفق، ونظر حوله ثم قال لجنوده: باسم كل مصري شريف لكم مني جزيل الشكر، لقد ألقيتم القبض على الرئيس الهارب محمد حسني مبارك، وسنقدمه قريبا لمحكمة عادلة.
لم يعرف أحد من الذي أبلغ وكالات الأنباء العالمية فقد كانت كلها في انتظار القوة لدى خروجها من هذا المكان النائي، وبعد دقائق معدودة كان العالم كله يقرأ خبر القاء القبض على الرئيس حسني مبارك في جحر تحت الأرض بمدينة شرم الشيخ.
مؤتمر صحفي يتم عقده بعد يومين في القاهرة يعلن خلاله رسميا القائد العسكري عن تفاصيل عملية القبض على أحد مرتكبي أكبر جرائم العصر، ثم يعلن في ختام المؤتمر وهو يوجه بصره ناحية السكرتير الأول في السفارة الأمريكية الذي كان جالسا في الصف الثاني: إن الثورة كلها وعملية القبض وتولي الحكم المؤقت وتسيير أمور البلاد كانت مصرية بحتة، وأننا لم نطلب مساعدة أمريكية أو بريطانية أو اسرائيلية، وكل من اشترك وشارك في اسقاط حكم الطاغية ينتمي لهذه الأرض الطيبة.


محمد عبد المجيد
رئيس تحرير طائر الشمال
عضو اتحاد الصحفيين النرويجيين
http://www.tearalshmal1984.com
[email protected]
[email protected]
Fax: 0047+ 22492563
أوسلو النرويج





#محمد_عبد_المجيد (هاشتاغ)       Mohammad_Abdelmaguid#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- جنازة الرئيس حسني مبارك
- حمار يقدم شكوى إلى الرئيس حسني مبارك
- وقائع محاكمة الرئيس مبارك .. كتاب يبحث عن ناشر
- حمار يقدم أوراق ترشحه للرئاسة
- إنقلاب عسكري في مصر .. البيان رقم واحد
- كلاب السيد الرئيس
- رسالة من مبارك للمصريين .. سأجعلكم تزحفون على بطونكم
- الجنسية الخليجية .. الشرف المستحيل
- هل القوى الوطنية المصرية ترقص مع النظام؟
- صعاليك الإنترنيت
- شبابنا وصناعة الجهل .. من المسؤول؟
- ماذا يحدث في دولة الإمارات؟ قراءة في أسباب الصمت
- ليبيا .. لا بديل عن العصيان المدني
- مقاومة رغم أنوفكم .. إرهاب رغم أنوفنا.... نصيحة إبليس للملائ ...
- دموع أم ربيعُ دمشق .. كلمة أخيرة قبل أن تضيع سوريا
- حوار بين حمار و .... زعيم عربي
- رسالة مفتوحة من حمار إلى حركة استمرار
- رسالة غاضبة من الرئيس مبارك للمصريين .. كرامتكم تحت حذائي
- خوفي على مصر من الإخوان المسلمين .. رسالة إلى المرشد العام
- قراءة في أسباب فشل العصيان المدني


المزيد.....




- فنانون يتدربون لحفل إيقاد شعلة أولمبياد باريس 2024
- الحبس 18 شهرا للمشرفة على الأسلحة في فيلم أليك بالدوين -راست ...
- من هي إيتيل عدنان التي يحتفل بها محرك البحث غوغل؟
- شاهد: فنانون أميركيون يرسمون لوحة في بوتشا الأوكرانية تخليدً ...
- حضور فلسطيني وسوداني في مهرجان أسوان لسينما المرأة
- مهرجان كان: اختيار الفيلم المصري -رفعت عيني للسماء- ضمن مساب ...
- -الوعد الصادق:-بين -المسرحية- والفيلم الأميركي الرديء
- لماذا يحب كثير من الألمان ثقافة الجسد الحر؟
- بينهم فنانة وابنة مليونير شهير.. تعرف على ضحايا هجوم سيدني ا ...
- تركيز أقل على أوروبا وانفتاح على أفريقيا.. رهان متحف -متروبو ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - محمد عبد المجيد - القبض على الرئيس مبارك في جحر بشرم الشيخ