أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - عديد نصار - في التضامن مع سعدي يوسف














المزيد.....

في التضامن مع سعدي يوسف


عديد نصار

الحوار المتمدن-العدد: 4640 - 2014 / 11 / 21 - 19:03
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


لا شك أن المقطوعة التي أطلقها الشاعر سعدي يوسف مؤخرا تحت عنوان: "مصر العروبة .. عراق العجم"، تعبر عن صرخة، قد تتّسِم بالمبالغة، وقد لا يتمكن مِن فَهْم أبعادها الكثيرون مِمّن يدّعون الثقافة، لكنّها يُمكن أنْ تُسْتغلَّ إلى أبعد الحدود من الذين ينتظرون اللحظة المؤاتية للانقضاض، ليس فقط على تُراث الشاعر، بل على التراث العربي الجامع، ليس عِرقيا بلْ حضاريا، في العراق وفي غير العراق.
من هنا جاءتْ الدعواتُ المَوتورة التي تطلب إحراقَ كُتب سعدي يوسف في شارع المتنبي في بغداد، الشارع الذي يتنفسُ الثقافة والذي يتغذّى ممّا يُقدَّم في طيّات الكُتب. هذه الدعوات لا يمكن أن تكون ردةَ فعلٍ عَفْوية لِمَن أحسّ أن مقطوعة سعدي يوسف تمسَّه، عرقيا أو ثقافيا أو سياسيا، بل إنّ وراءَها تَقِفُ أيادٍ هي ذاتُ الأيادي التي تريد للعراق ولسواه من بلدان المشرق العربي، التفتّتَ والضّياع والاندثار ليكونَ مساحة خالية لجحافلها الظلامية التي تنشر القتل والدمار والتخلف والعنصرية، كمرتكزات أساسية لإدامة وتعزيز سيطرتها.
وهنا، لا يكفي إطلاقُ حملاتِ التضامن مع سعدي يوسف أو مع سواه من الشعراء والكتاب والمثقفين، الذين، وللمناسبة، منهم من لا يَحْسُب حسابا لنفسه في مثل هذه المواقف، فينتهزُ فرصة الإغارة ويُشارك بها ظنّا منه أنّه مُحصن حَيال أمثالِها في أية لحظة، خصوصا في ظل سيطرة القوى المافيوية المتآلفة تارة والمتصارعة، بِنا، أطوارا.
فَمَنْ يُحرّك الحُثالاتِ التي تهُمّ بإحراق كتب سعدي يوسف اليوم سيكون سعيدا جدا لإحراق أيّ تراث ثقافي لأيّ جهة أخرى غدا، لأن سيطرتَه ترتكز على تعميم الجهل والتخلف.
ومن يتابع ردود الأفعال الغاضبة على تلك المقطوعة، ومن يتابع التعليقات على الحملة التي أطلقها بعض المواقع الالكترونية للدفاع عن تراث سعدي يوسف، يدرك كم مِنَ "المثقفين" يرهنون أنفسهم وأقلامهم لهذه المافيا المحلية أو الاقليمية أو تلك، على اعتبار أنها لا تقهر، أو أنّها لن ترتدَّ عليه بسيف اتّجارها وصفقاتها غدا.
من هنا فإنّ حملات التضامن ليست كافية. بل المطلوب هو كَشفُ الحقائق المادية التي دفعت الشاعر أو الكاتب أو المثقف إلى قول ما استفز آخرين أو القوى التي تحرّضهم بشكل أو بآخر.
وسعدي يوسف، الشاعر المستَفز بطبْعِه، إذْ رأى ما رآه من سلوك الهيمنة الفارسية على بلاده وطغيان المليشيات التي يقودها مجرمون عنصريون يتحركون بناءً على ما تُمليه إرادة مافيا البازار-الملالي في طهران، وإذ رأى ما رآه من سلوك مافيا البرزاني في أربيل، لا يمكن أن يُلام في التعبير القاسي الذي أطلقه لتظهير المعاناة التي يعيشها العراق بتضخيمها بالشكل الذي رأيناه.
وإذا كنت لا أتفق غالبا مع طروحات هذا الشاعر الذي يعتبره العراقيون رُكنا من أركان التراث العراقي الحديث، سواء من حيث الشكل أو من حيث المضمون، فإن الدفاع عن حرية التعبير كركن اساسي من الحرية الفردية للمواطن لا يمكن أن تأتي ثمارَها ما لم نتحرك باتجاه فضح الأسُس المادية التي تدفع الى قمع الكتاب والشعراء وكم أفواههم بحجج قومية وثقافوية كاذبة.
ولا أشبه من هذه الحملة التي يتعرض لها الرجل ومحاولة إحراق إنتاجه الثقافي، الا ما تقوم به داعش من تدمير للتراث الحضاري حيثما حلّتْ.
إنّ إحراق مجموعات من الكتب لا يُلغي الفكرَ ولا يجتثّ الثقافة، ولكنّه تعبيرٌ همجي "داعشيّ" إلغائيّ يُراد مِنه تحقيقُ أهداف سياسية بعيدة المدى تقوم على التمييز والتحريض لرفع مزيد من الجدران بين أبناء الوطن الواحد ودفعهم الى مزيد من الكراهية والاقتتال.
وسنظل نتعرض للقهر والقمع والملاحقة طالما تمتّعت القوى المافيوية من كل لون بالسيطرة على السلطة والنفوذ وتقاسمَتهما وتنازعت فيهما في ظلّ ما تَتلقاه من دعم خارجي إقليمي ودولي من مراكز الهيمنة الراعية والمستفيدة والتي تُعيد إنتاج هيمنتِها من خلال إعادة إنتاج سيطرة المافيات المحلية التي تُغذي الجهل والتخلف والظلام أركانا أساسية لسيطرتها المحلية.
لن يكون سعدي يوسف آخر الشعراء والكتاب والمثقفين الذين يتعرضون لكم الأفواه، ولن نتحرّر من "داعشية" الفكر والثقافة إلا حين تتعرف هذه الشعوب الى طريق الحرية والخلاص والتي هي بالضبط الطريقُ التي تقودها الى انتزاع السلطة لنفسِها.



#عديد_نصار (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- القدس والمقدسيون: يتمٌ في مواجهة جرائم الاحتلال
- التمييز ضد الطلاب السوريين في لبنان
- أبعد من داعش
- باستيل دموي بمقاس غزة!
- حين يصبح النضال المطلبي بلا جدوى!
- ماء الوجه ولا الكرسي!
- الجهاديون فك الكماشة الثاني
- اغتصاب وإعادة اغتصاب السلطة في لبنان!
- فيكتوريوس بيان شمس والجديد في قراءة مهدي عامل للطائفية
- ردا على فيكتوريوس بيان شمس
- الاسلام -المقاوم-، حزب الله نموذجا
- في عيد العمال العالمي
- لبنان والانتخابات الرئاسية: -بوتفليقة- لبناني أم الفراغ؟
- هيئة التنسيق النقابية: الدخول في المأزق
- -الخطة الأمنية- تستمهل المتورطين!
- لبنان: الشيعة والمقاومة ومافيا حزب الله
- الأحزاب الشيوعية العربية والواقع الملموس
- ثورة لكل الشعوب
- حصاد عام: رؤية ائتلاف اليسار وأخطاؤه
- محاصرة الثورة السورية بالقوى -الجهادية-


المزيد.....




- مصادر توضح لـCNN تفاصيل مقترح -حماس- بشأن اتفاق وقف إطلاق ال ...
- داخلية الكويت تعتقل مقيما من الجنسية المصرية وتُمهد لإبعاده. ...
- معركة -خليج الخنازير-.. -شكرا على الغزو-!
- الحرب في غزة| قصف متواصل على القطاع واقتحامات في الضفة وترقّ ...
- فيديو فاضح لمغربية وسعودي يثير الغضب في المملكة.. والأمن يتد ...
- -إجا يكحلها عماها-.. بايدن يشيد بدولة غير موجودة لدعمها أوك ...
- قتلى وجرحى بقصف إسرائيلي استهدف عدة مناطق في غزة (فيديو+صور) ...
- بقيمة 12 مليون دولار.. كوريا الجنوبية تعتزم تقديم مساعدات إن ...
- اكتشفوا مسار الشعلة الأولمبية لألعاب باريس 2024 عبر ربوع الم ...
- ترامب يواجه محاكمة جنائية للمرة الأولى في التاريخ لرئيس أمير ...


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - عديد نصار - في التضامن مع سعدي يوسف