أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نرمين خفاجي - أفيش ترسو ..أفيش درجة أولى ..وبينهما عالم















المزيد.....

أفيش ترسو ..أفيش درجة أولى ..وبينهما عالم


نرمين خفاجي

الحوار المتمدن-العدد: 4640 - 2014 / 11 / 21 - 16:35
المحور: الادب والفن
    


قدم الاخوان لوميير في ديسمبر 1895 أول عرض سينمائي في باريس، انطلق بعدها هذا الفن ليغزو العالم، فكان أول عرض سينمائي في مصر في قهوة زواني بالإسكندرية في يناير 1896. ثم انتقل إلى القاهرة في نفس الشهر ليعرض في سينما سانتي. ومثلت الفترة ما بين الثلاثينيات والستينات ذروة ازدهار صناعة السينما في مصر من حيث ضخامة الإنتاج وعدد العاملين. فنمت فنون وحرف ارتبطت بتلك الصناعة ومنها حرفة رسم الأفيش السينمائي. وأخرج هذا الفن مصممين ورسامين اشتهر بعضهم كاﭪ-;-اسيليو وراغب وجسور ومنهم من حصد الجوائز كمرتضى أنيس ومنهم من ظل مغمورا ولم يحقق أي شهرة لإرتباطه بسينما وجمهور الترسو. مع التطور التكنولوجي للتصميم والطباعة اختلفت المهنة التي امتلكت أدوات جديدة فظل مصمم الأفيش على عرشه بينما اختفى الرسام من المشهد بعد زمن حافل ترك أفيشاته في ذاكرة الشوارع وواجهات السينمات القديمة والجمهور.
أفيش ترسو
بعد تاريخ حافل لسنيمات الترسو (الدرجة الثالثة) في تلك المدينة العجيبة، لم يتبق في مدينة القاهرة سوى سينما واحدة فقط من سينمات الترسو والتي تصنف الآن على انها سينما درجة ثانية وهي سينما الكورسال ببولاق أبو العلا الشهيرة بسينما علي بابا، وهي السينما الوحيدة التي تلصق على واجهتها أفيشات مرسومة يدويا حتى الآن.
كانت سينمات الترسو بأفيشاتها ذات الألوان الفاقعة والرسم المبتذل الذي يغازل أذواق المهمشين والشعبيين تنتشر في الأحياء الشعبية بالقاهرة حتى نهاية التسعينيات. وتعكس خطوطها وألوانها ذلك الذوق الذي يبرز الملامح الانثوية المبالغ فيها لبطلات الأفلام كليلى علوي أو نادية الجندي، والعضلات وملامح القوة للبطل كسلفستر ستالوني وأرنولد شوارزينجر، وحتى الكتابات على الأفيش لم تكن تخلو في بعض الأحيان من الأخطاء الإملائية. أمام هذه السينمات كان يتزاحم جمهور المهمشين من طلبة ومراهقين وصنايعية للإستمتاع بعرض متصل يضم ثلاثة أو أربعة أفلام في الحفلة بسعر زهيد في متناول أياديهم. وينقل الأفيش على واجهة السينما لقطة مشحونة بالمتعة والإثارة لجذب جمهور سينما الترسو التي احتفت طويلا بفيلم حمام الملاطيلي وأفلام بروس لي وأميتابتشان.
في منطقة وسط البلد بالقاهرة كانت ورشة علي جابر الخطاط بجانب قهوة "بعرة" معقل الكومبارس والمتطلعين لسلم المجد في عالم السينما هي أحد أهم ورش أفيشات سينما الترسو بها تربى صلاح السيد رسام أفيش سينيما الكورسال الذي يعمل بهذه الحرفة منذ ثلاثون عاما، رسم خلالها أفيشات لسينيما أولومبيا وسينيما مصر بالعتبة وأحيانا ما كان يسافر ليرسم أفيشات بالزقازيق والإسكندرية والسويس. بدأ صلاح السيد حياته في دنيا الأفيش منذ كان صبيا يغسل فرش الرسم بورشة علي جابر الخطاط، وهو يتابع طرق رسم الأفيش خطوة خطوة، تعلم تكبير الصورة عن طريق شف التصميم على لوح زجاج بخطوط سوداء ثم وضع مصباح خلف اللوح لتسقط الصورة كبيرة على الورق فيقوم بتحديدها بقلم الفحم. بعدها أتقن رسم الأفيشات وتلوينها، أدواته كانت بضع فرش باحجام مختلفة وغراء وألوان مائية رخيصة وبعضا من ألوان الزيت مع مواد تضاف للتفتيح كالسلاقون والزنك. في ورشة علي جابر كثيرا ما رسم صلاح السيد جاكي شان وبروس لي وإلهام شاهين. انتقل صلاح بعد أن أتقن الأفيش للعمل في مطابع السنيما العربية مع حسن جسور التي كانت من أشهر ورش الأفيشات في مصر والتي أغلقت أبوابها بعد وفاته في التسعينيات ولا تزال هناك لافتتها ذات اللون الأزرق الزاهي تنتصب أمام مقهى ام كلثوم بشارع عرابي في وسط المدينة. يقول صلاح أن الأفيشات نوعين درجة أولى ودرجة ثانية وأنه مع جسور رسم أفيش الدرجة الأولى وأبعاده 3×6. وأفيش الدرجة الأولى هو الأفيش الأصلي المصمم خصيصا للفيلم من قبل الشركة المنتجة له وعليه توقيع الفنان صاحب التصميم أو اسم الورشة والمطبعة. أما أفيش الدرجة الثانية فغالبا ما يكون غير دقيق ويكون أكثر رداءة في التنفيذ في سينمات الترسو عنه في سنيمات الدرجة التانية، ومن النادر أن يوجد على أفيش الدرجة الثانية توقيع الفنان.
وكما كان هناك ملوك لسينما الترسو كفريد شوقي في زمن مجد هذه السينما كان هناك أيضا ملوك لأفيش سينما الترسو كخميس الثغر الذي ارتبط ذكره بمعاقرة الحشيش والبانجو في غرز منطقة معروف، ومفتاح الذي كان يرسم الأفيش مباشرة على واجهة السينما واشتهر برسم أفيشات الفنانين بكباريهات شارع الهرم.
باختفاء سنيمات الترسو والدرجة الثانية وأيضا مع التطور التكنولوجي في مجال التصميم والطباعة اختفى الأفيش المرسوم باليد ومعه اختفى تاريخ وعالم هؤلاء الرسامين الذين تركوا على أفيشاتهم نكهة شعبية لها طعم خاص. والذين أيضا طُردت أفيشاتهم خارج حلبة السوق التي تحتفي بأفيشات السينما القديمة والممهورة بأسماء أشهر فناني الأفيش ويمكن ان يتجاوز سعر هذا النوع من الأفيش ال15 ألف دولار. وقد اتجه من تبقى من رسامي الأفيش إلى حرف أخرى ومنهم سامي حِنٌس ومجدي ويليام اللذان اتجها إلى رسم الأيقونات بالكنائس وابتعدا تماما عن عالم السينما برمته. وهناك من اتجه إلى رسم المناظر الطبيعية وبيعها مثل صلاح السيد رسام سينما الكورسال ببولاق أبو العلا حيث ان الإعتماد على ما يتقاضاه مقابل رسم الأفيش غير كاف لمواجهة متطلبات الحياة.
أفيش درجة اولى
سامح فتحي "ناقد سنيمائي" من هواة شراء الأفيشات القديمة، لديه مجموعة مكونة من 1500 أفيش طبعة أولى موقعة سجلت لقطات من أفلام أنتجت على مدار تاريخ السنيما المصرية من الثلاثينات وحتى الألفينيات. ومجموعته تضم أفيشات أشهر فناني الأفيش من ﭪ-;-اسيليو وجسور حتى مرتضى أنيس. في نوفمبر 2013 قام بعمل معرض لأفيشات السنيما القديمة بالهناجر بدار الأوبرا من مجموعته الخاصة. يقول انه يتعامل مع أكبر موقع مزادات وهو موقع "إيباي" لشراء ما يريد من أفيشات، كما اشترى بعض الأفيشات من شركات الإنتاج القديمة كدولار فيلم. ويطمح سامح فتحي في تأسيس متحف لأفيشات السينما المصرية لحفظ هذا التراث الذي يروي لقطات من تاريخ السنيما المصرية. ويستكمل قصته مع الأفيشات فيقول أن اليونانيين هم من علموا المصريين فن الأفيش وكان راغب ومحمد عبدالعزيز وكمال عبد الرحمن من أوائل رسامي الافيش في مصر، أما ﭪ-;-اسيليو وهو يوناني فقد ظهر في الأربعينيات واستمر في رسم الأفيش حتى أوائل الستينيات وتخصص في رسم أفيشات أفلام فاتن حمامة. من اليونانيين أيضا مارسيل وبدأ مشواره في الأربعينات حتى نهاية الستينيات. هناك أيضا خليل الذي رسم أفيش فيلم المراهقات وفيلم الحقيقة العارية لماجدة. ويتحدد سعر الأفيش بناءاً على ندرته، ونادرا ما يكون الأفيش طبعة أولى وغير موقع مثل أفيش فيلم رصيف نمرة خمسة لفريد شوقي حيث لا يوجد عليه توقيع ومع ذلك وصل سعره على إيباي إلى 1250 دولار. وموقع إيباي يعد من أكبر مواقع المزادات على الشبكة العنكبوتية ويصل حجم أعماله إلى 40 مليار دولار.
رسامو الدرجة الاولى
مرتضى أنيس من أشهر مصممي ورسامي الأفيش دخل هذا العالم في السبعنيات أثناء عمله كرسام بورتريه بجريدة الأهرام، كان أول أفيش فيلم له رجب فوق صفيح ساخن، دخل بعدها إلى عالم فانتازيا المخرج رأفت الميهي وهذا ما ساعده على الخروج من قالب أفيش السينما التقليدي إلى التجديد. بدأ بفيلم الأفوكاتو ليصاحب رأفت الميهي في رحلته السينمائية ويحصد معه عدد من جوائز أفضل أفيش سينمائي كان أولها جائزة افضل أفيش لفيلم السادة الرجال.
لم يؤثر دخول الجرافيك على مرتضى كمصمم أفيش وفي تحدي للأجيال الشابة من مصممي الأفيشات الذين يجيدون استخدام التكنولوجيا الحديثة صمم مرتضى أنيس على خوض التجربة بأفيش التجربة الدنماركية لعادل إمام في 2003. اعتزل أنيس هذا الفن تماما في 2007 بعد أن صمم ما يقرب من 400 أفيش فيلم سينمائي. يقول مرتضى أنه كان يقرأ سيناريو الفيلم أولا واحيانا ما كان يحضر التصوير وبعد أن يأخذ وقته في التفكير يبدأ في تصميم الأفيش. هناك فنانين ارتبط بهم مرتضى أنيس وارتبطوا به في أفيش السينما مثل ليلى علوي، عادل إمام، محمود عبد العزيز. يقول مرتضى أنيس عن رسامي أفيشات السينما الترسو أنهم أنصاف فنانين يغلف عالمهم المخدرات وأن أول نصيحة قدمها له محمد عبد العزيز أستاذه في أفيش الدرجة الأولى هي الإبتعاد عنهم ويرى مرتضى أنهم يقدمون تجسيد حي لعالم الطبقات الدنيا الذين يتشكل منه جمهور سينما الترسو.
بعكس مرتضى أنيس يتحدث عمر الفيومي (فنان تشكيلي) بإعجاب عن مفتاح أحد أشهر الرسامين لسينما الترسو الذي كان يرسم الأفيش على واجهة السينما مباشرة بدون المرور بمرحلة التكبير عن طريق الزجاج والمصباح. ويرى أن هذا العالم لفناني سينما الترسو اختفى من خارطة التقييم والدراسة كفن شعبي له مساحته الخاصة في وجدان أبناء الأحياء الشعبية. وقد عمل عمر الفيومي مع حسن جسور بورشة مطابع السينما العربية بعد تخرجه مباشرة من كليه الفنون الجميلة وقام برسم أفيشات أفلام العذراء والشعر الابيض وثلاثة على الطريق كما صمم أفيش فيلم المجهول بطولة عادل أدهم وسناء جميل. كانت تلك الفترة محطة قصيرة في تاريخ عمر الفيومي الذي لم ينجذب لعالم الأفيش وفضل استكمال الدراسة والتفرغ للفن التشكيلي.
نهاية عالم
مع آواخر التسعينيات شقت سينما المولات طريقها في مصر بجانب سينمات الدرجة الأولى والثانية وصاحب ذلك اختفاء سينما الترسو التي تم استبدالها بمقاهي الاحياء الشعبية التي تعرض أفلام أكشن وإثارة ومباريات كرة قدم ومصارعة حرة من قنوات فضائية بوصلات مسروقة مقابل مبالغ زهيدة بالإضافة إلى المشاريب. لم تخلق تلك المقاهي عالما بديلا له زخم السينما الترسو برساميه وأفلامه وجمهوره الذين منحتهم تلك السينمات المتهالكة بأجهزة عرضها التي كانت كثيرا ما تتعطل أثناء العرض، وبدورات مياهها التي تفوح رائحتها في الصالة ذات الكراسي المتهالكة جوا خاصا مغلق على عالمهم يصفقون فيه للبطل الذي يحقق طموحاتهم ويتفاعلون فيه مع اللقطات الساخنة التي تخصب أحلامهم اليافعة، فمع تصاعد سخونة المشاهد يتعالى الصفير بالصالة وكثيرا ما كان يقفز عدد من المراهقين إلى الشاشة لتقبيل البطلة في مشهد يوحد بين الفيلم والجمهور في واقع يتحدى العبث. فسينما الترسو بأفيشاتها وأفلامها وجمهورها كانت مثل كل ماهو شعبي تضج بالحياة.



#نرمين_خفاجي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- للسيسي وجوه عتيدة
- الفخار والخزف ..من الطين ينطق التاريخ والفن والجمال
- دنيا السبح.. فن ووجاهة ..سحر وأذكار
- الثقافة ..مابين الحقد المسيس وجمع الغنائم
- حائر ما بين العاشر من أمشير والسابع من يوليو
- مدينة الرمل الأحمر المتجمد
- المجد للفاسدين في الأعالي وعلى الثقافة والشعب السلام
- مصر والثقافة فى عصور مختلفة
- اساطير مستحدثة
- انها الحرب
- ظهور العدرا ومواسم الهجرة الى الشمال
- المرأة ما بين حقوق الحيوان وحقوق الانسان
- التراث الشعبي بصمة شعب
- المسرح الفرعونى
- الأقباط والاضطهاد والمواطنة والدستور
- ثورة القاهرة الاولى
- تعاليم السيد جمال الدين فى وجوب اصلاح الدنيا والدين
- منظمة ثورة مصر واجواء الثمانينات
- شعوذات حكام بأمرهم
- الثورة الفرنسية وملحمة الحرافيش


المزيد.....




- وفاة الفنان المصري المعروف صلاح السعدني عن عمر ناهز 81 عاما ...
- تعدد الروايات حول ما حدث في أصفهان
- انطلاق الدورة الـ38 لمعرض تونس الدولي للكتاب
- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب
- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نرمين خفاجي - أفيش ترسو ..أفيش درجة أولى ..وبينهما عالم