أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - الطيب طهوري - الموت















المزيد.....

الموت


الطيب طهوري

الحوار المتمدن-العدد: 4640 - 2014 / 11 / 21 - 12:59
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


إلى ملوك ورؤساء أنظمة الاستبداد العربية

حين راجع ملك الموت قائمة موتى ذلك اليوم مقارنا بين دفتر من أرسل إليهم الميتات والموتات لقبض أرواحهمن ذلك اليوم ودفتر من التحقوا والتحقن بعالم الآخرة فعلا ،وجد أن هناك اسما لم يكن مسجلا في الدفتر الثاني. أعاد المراجعة اكثر من مرة ليتأكد.
أول مرة يحدث هذا ،قال في سره.
وفي سره تساءل أيضا: كيف حدث هذا؟لم حدث؟
ولما لم يجد إجابة لسؤاليه نهض واقفا.تأمل جدران مكتبه الفخم..ذرعه طولا وعرضا.. ثم صاح:
يا حاجب، ادع كل المساعدين إلى هنا.
وفتح الحاجب الباب ليصطف المساعدون واقفين.
أمرك سيدي قال كبيرهم.
نطق الملك الإسم. من منكم كان مكلفا بإرسال الموت إليه؟.
فتح الجميع وبسرعة عجيبة دفاترهم.
وقال الذي وجد الإسم في دفتره مرتجفا متلعثما: انا سيدي.
لماذا لم يلتحق صاحب هذا الإسم بالآخرة؟ سأل الملكُ غاضبا.
أضاف: اجبني أيها المساعد المهمل.
ولأن المساعد المهمل لم يجد ما يجيب به فقد التزم الصمت.
أنت مقال، قال الملك.
وأشار إلى كبير مساعديه:اقبض روحه وتول امر معرفة الموت المرسل أو المرسلة إلى صاحب هذا الإسم..
أمرك سيدي، قال كبير المساعدين.
***
جئني بها بسرعة أيها الموت.
بحث الموت عن زميلته الموت ولم يجدها.
لم اجد لها أثرا ، قال الموت لكبير مساعدي ملك الموت.
هذا عنوان صاحب الإسم، خذه وجئني بها بسرعة.ووقفت الموت خائفة مرتجفة أمام المساعد.
لماذا لم تقبضي روحه أيتها الموت؟.
اجابت الموت متلعثمة: لم أستطع يا سيدي.
لم تستطيعي؟ قال كبير المساعدين متعجبا :كيف؟ أضاف سائلا.
ألا تعرفين بأن كل من يبلغ من العمر مابين السبعين والتسعين سنة من البشر تقبض روحه؟ ألا تعرفين أن كل مريض ميؤوس من شفائه تقبض روحه أيضا؟ كيف تخالفين الأوامر ياموت؟
صمتت الموت، لم تجد ما تجيب به. أجيبيني ، قال الكبير حانقا.
طأطأت الموت رأسها وقالت بخجل شديد بدا واضحا على وجهها:
لايبدو أن من أُرسلت لقبض روحه قد بلغ سن السبعين. لقد كان جميلا فوق كل ما أتصور، لم أر طوال قبضي أرواح الناس جمالا مثل جماله. لقد كان يجلس بجوار زوجته المريضة ويحضن أطفاله الصغار باكيا .لم أتحمل رميه في القبر وتقديمه إلى الدود ليأكل جسده.لم أتحمل إبعاده عن أطفاله. قالت ذلك وبكت بحرقة شديدة. هكذا إذن، علق كبير المساعدين .
يا موت خذ روح هذه الموت. واذهب لتقبض روح صاحب الإسم، قال آمرا ، متجهم الوجه. ***
يا نائب كبير المساعدين اقبض روح كبير المساعدين وتول أنت أمر المرسل او المرسلة إلى صاحب هذا الإسم، قال آمرا. وأكمل : انت الآن كبير مساعدي. ***
أرسل كبير المساعدين الجديد موتا. وأرسل الذي بعده موتا أخرى . وارسل الذي بعد بعده موتا ثالثا دون جدوى.
وضع ملك الموت رأسه بين كفيه وراح يفكر..و..
في لحظة تفكيره تلك التي طالت بزغت الفكرة في رأس كبير مساعدي ملك الموت الذي كان في انتظار موته : اقبضوا أرواح ملك الموت السبعةَ.
اصطدمت الفكرة بحيطان المكتب وارتدت إليهم جميعا.
رآها ملك الموت تلمع في عيونهم فحاول الفرار،لكنهم كانوا قد طوقوه من كل الجهات واستلوها من جسده بصعوبة بالغة ،واحدة تلو الأخرى، ثم أطلقوها في الفضاء فراشات ناصعة السواد.
حين انتهوا من غسل أيديهم ، ابتسم كبيرالمساعدين . نظر إليهم واحدا واحدا .
قال ويده تربت على كتف أحدهم:
أنا ملك الموت الآن.
وأشار إلى أحدهم: أنت كبير مساعديَّ..
صاحوا جميعا شبه غاضبين: ومن نصبك ملكا للموت علينا يا أنت؟
قال: ملك الموت الميت هو من جعلني كبير مساعديه ، لهذا أراني الأحق بينكم بخلافته.
-هههههههه ملك الموت؟ ملك الموت ذاك مات يا أنت.
ولأنه أصر على ان يكون ملكا للموت عليهم فقد انقضوا عليه هو أيضا واستلوا أرواحه الثلاثة وأطلقوها في الفضاء فراشات ناصعة الرماد. و..
حدث نفس الشيء مع من عينه كبير مساعديه حين أصر هو أيضا على أن يكون ملكا للموت عليهم.
ولم يجدوا بدا في الأخير من الاقتناع بالبقاء على ما هم عليه ، لا ملكا للموت عليهم.
واستراح الجميع ، مساعدون وموتات وميتات.
ولم يمت أحد أو أحدة من البشر طوال أيام.
تساءل الناس: هل توقف الموت عن فعله؟.
تساءل آخرون وتساءلت أخريات: هل توقفت الموت عن فعلها؟
***
اجتمع المساعدون. تناقشوا الأمر.
اجتمع الميتات والموتات وتناقشوا وتناقشن الأمر أيضا.
قال الميتات وقالت الموتات معا وبصوت واحد: لا يمكننا البقاء هكذا دون عمل نملأ به فراغنا، ودون فرح نزرعه في قلوبنا ونحن نقبض أرواح الناس ونطلقها فراشات ملونة في الفضاء. علينا أن نميت ونميت.نطر المساعدون إلى بعضهم البعض .
قال أحدهم: إذا لم يميتوا البشر سيميتوننا نحن.
أكد آخر ذلك بقوله: صدقت. و..
عادوا إلى مشاوراتهم.
لندعهم يميتون من شاؤوا، ماذا سنخسر؟ قال أحدهم سائلا.
لا شيء سنخسره ، رد آخر.
***
وخرج المِيتات يقبضون أرواح البشر.
وخرجت الموتات يقبضن أرواح الناس.
ومن يومها لم يعد هناك عمر محدد للموت.



#الطيب_طهوري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- احجار الغيم..صهيل النار
- رأي في أضحية العيد
- ثلج الحياة..نار الحب
- واقعنا العربي الإسلامي والداعشية
- كيف يكون الدين في الواقع ؟
- عن الثقافي السائد..عن الثقافي البديل ..
- رغم المتاهة..هناك أمل في الحياة
- عميقا في البئر يغوص الحلاج
- يرمى النار على جثته
- في المهب هنا صخرة للصدى
- نار فينيقية
- من المسؤول عما حدث ويحدث في غزة؟
- ما فعلته الغريزة الجنسية وحوريات الجنة في قطعان الذكور العرب ...
- قصائد عربية
- ما وقع لي في مطعم العصر
- أعانق نارالسؤال ..أخيط المدى
- لعمي موسى ..لكرَمه
- هكذا حكم الجن اليهود البلاد
- لماذا يصر العرب على البقاء في الماضي؟.. لماذا يلازمون باب ال ...
- هكذا نحن..هكذا هم


المزيد.....




- “عيد مجيد سعيد” .. موعد عيد القيامة 2024 ومظاهر احتفال المسي ...
- شاهد..المستوطنين يقتحمون الأقصى في ثالث أيام عيد -الفصح اليه ...
- الأردن يدين سماح شرطة الاحتلال الإسرائيلي للمستوطنين باقتحام ...
- طلاب يهود بجامعة كولومبيا: مظاهرات دعم فلسطين ليست معادية لل ...
- مصادر فلسطينية: أكثر من 900 مستعمر اقتحموا المسجد الأقصى في ...
- مئات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى تحت حراسة إسرائيلية مش ...
- سيبدأ تطبيقه اليوم.. الإفتاء المصرية تحسم الجدل حول التوقيت ...
- مئات المستوطنين يقتحمون باحات الأقصى في ثالث أيام عيد الفصح ...
- أوكرانيا: السلطات تتهم رجل دين رفيع المستوى بالتجسس لصالح مو ...
- “خليهم يتعلموا ويغنوا ” نزل تردد قناة طيور الجنة للأطفال وأم ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - الطيب طهوري - الموت