أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - محمد الحاج ابراهيم - إشكالية الذات في الوعي الثقافي العربي















المزيد.....

إشكالية الذات في الوعي الثقافي العربي


محمد الحاج ابراهيم

الحوار المتمدن-العدد: 1302 - 2005 / 8 / 30 - 10:26
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


ظاهرة التفكك والتشرذم تُعبّر بدقة عن عمق الأزمة في الخصوصية الذاتية الفردية والمجتمعية التي يعيشها العرب ، هذه الأزمة التي تعني البنية الإشكالية فارزة بلاوي أمة تتخبط بين الأفكار والمشاريع النظرية ولاتخطوا نحو العمل الميداني الذي تفتقر له خطوة تخفف من حدة أزماتها.
عديد من الأمم احتلت أراضيها واستُعمرت وناضلت شعوبها من أجل السيادة والاستقلال، ودفعت هذه الشعوب ضريبة الدم في سبيلهما، وبعد نيلهما استطاعت النهوض من تحت الركام لتقف قوية من جديد، فتؤسس لمجتمع العدالة والحرية والمساواة وتحقق الرفاهية لكل فرد فيها، فما السر الذي يكمن وراء أوضاعنا المزرية قياسا بكل دول العالم المتقدم والنامي والمتخلف؟ وماهي أسس وصولنا إلى حالة الضعف التي تزداد بازدياد التناحر الداخلي الوطني والعربي،وتتضاعف المعوقات بتحميل كل طرف للطرف الآخر مسؤولية هذه الأوضاع،فالعرب في المرحلة التالية للاستقلال تبلورت أزماتهم، لأن مرحلة الاستعمار كانت مرحلة نضال وطني، أي أن الاستعمار شكّل التقاطع الكبير الذي استدعى تضافر كل الجهود الوطنية لتحقيق طموح المجتمع بالحرية والاستقلال.
معظم الشعوب العربية ناضلت في سبيل الحرية، لكن ما أن حصلت على استقلالها حتى بدأ التناحر، وأهم مثال على ذلك هو الثورة الجزائرية التي كلفت مليون شهيد، فلم تستطيع متابعة الصمود بنضالها من أجل بناء الجزائر الحر المعافى بعد الاستقلال،بل بدأ التناحر والاقتتال الداخلي بين الرجال الذين قدّموا الكثير من أجل الحرية،ولا تقل بقية الدول العربية عنها بشيء من هذا القبيل،إذ كانت مرحلة الانقلابات التي عانت منها هذه البلدان مريرة، فخسائرها البشرية والاقتصادية كبيرة جدا، والأخطر نشوء ثقافة التخوين والتثوير النضالي السياسي في حاضنة ثقافة التكفير الديني والمذهبي والطائفي وذلك على ضوء نجاح الانقلاب أو فشله،هذا الاستعراض يدفعنا نحو التساؤل :
1- لماذا نتخبط حكام ومحكومين؟!.
2- هل نختلف عن الأمم الأخرى بأنها تملك موروثا يُشكل ناظما للتقدم ونحن نفتقر له؟.
3- هل نحن اتكاليون وهم عمليين؟.
4- هل كان نضالهم من الأرض ونضالنا من فوق بأكثر من معنى؟.
5- هل السر بالتغنى بالأجداد وتغنيهم بعملهم وإنجازاتهم؟
6- هل المشكلة في الحاكم، أم في المحكوم، أم هي أزمة مجتمع تفرز كلاهما ؟.
لابد من تحليل هذه الأزمة الإشكالية، التي لازالت تنتج نفسها وتُنذر بمستقبل غير مطمئن،إذ أن خلافات الماضي البعيد زالت أو كادت عندما تعرض المجتمع للاحتلال الغربي،واستيقظت بشكلها التناحري البشع بعد الاستقلال، وازدادت بشاعة هذه الأيام باقترانها بسؤال عن المنطقة الجغرافية التي ينتمي لها شخص ما، وذلك لتحديد هويته الدينية، أو الطائفية، أو القبائلية لدى الرغبة بالتعرف إليه، هذا الاستفسار عن المنطقة لا يعكس غير حالات التوجس التي عادت للمجتمع بعد أن كان قد تخلص منها إبان النضال من أجل الاستقلال ،فالعودة من الوطني إلى الديني والطائفي والعشائري والقبائلي والعائلي انتقال غير طبيعي لمجتمع عانى الويل وهذه حالة الوطن العربي بأكمله،بينما فيتنام التي استقلت بعد سنوات من الاستقلال العربي وعانت من احتلالين حديثين/ فرنسا ثم أمريكا/، استطاعت أن تتقدم على كل الصعد حين تحول الإنسان من مستهلك إلى منتج ومن عبد للنظام الحاكم إلى مواطن وحين تحولت القيادة السياسية من القيادة الأبدية المطلقة إلى الحضور والفعل المواطني وبهذه البنية استطاعت أن تتقدم سريعا وتنجز ثورتها القومية الديمقراطية، وقبل انهيار نظام صدام في العراق وقّعت شركة نفطية فيتنامية عقد للحفر عن النفط كأي شركة للدول الصناعية الغربية الكبرى ذات الملاءة الاقتصادية والفنية، رغم أن العراق من حيث الإمكانات والفترة الزمنية التي تلت الاستقلال كان يجب أن يكون هو صاحب هذه الشركات،والملاحظ أن الدول التي سارعت بعملية التقدم التقني والصناعي بعد الاستقلال معظمها من الدول الآسيوية، وكأن الفلاسفة الأوائل/بوذا،كونفوشيوس،زوتشي/ وضعوا الإرشاد الحقيقي لهذه الشعوب لتجاوز أزماتها، رغم الالقاح اليهودي المسيحي الإسلامي لهذه الثقافة الأم، وظهور الديانات الثلاث في الوسط الآسيوي/ البوذي، والكونفوشيوسي، والذوتشي/ وغيرها من ديانات أو فلسفات شرق آسيوية، التي لم تتمكن من صبغها باللون الجديد، فبقيت محافظة إلى حد ما على موروثها الفلسفي بفهمها لفلسفة الحياة والموت والاستمرار وتجاوز المحن، إذ أن معظم بلدان شرق آسيا قفزت نوعيا على أساس الوعي الحضاري بالتعامل مع المنتج الثقافي، ومثال يضربه المفكر الكبير ياسين الحافظ في كتابه التجربة الفيتنامية مقارنة نقدية: بين تجميع الكتب الفرنسية في ساحة دير الزور وحرقها مع التصفيق للانتصار بهذا الإجراء، وبين استفادة الفيتناميين من نفس الكتب بعملية تطوير مجتمعهم على الأسس العلمية المتطورة في حينها، وهذا ما يدعوا إلى التساؤل حول استعصاء الحالة العربية، بعودة ذلك إلى القدرية أو الموروث الذي لم يكن بمستوى الحالة الآسيوية بالتعامل مع الظروف والمستجدات، فكونت الإنسان غير المبدع وغير القادر على تجاوز محنه بحكم العقل المحدود الذي لازال تركبه الأفكار التقليدية من جهة، وتعوقه الأنظمة السياسية من جهة أخرى، وأجد أن هناك تكاملا بهذا الاتجاه بين الحاكم والمحكوم، فكل منهما يُشكل رعب الآخر، أحدهما بالاستيلاء غير الشرعي على السلطة، والثاني بالمعارضة غير العقلانية لهذا الحاكم، ما يدفع الأخير نحو الاحتكار فتكون السلطة للأكثر رعبا، وليس للمرغوب وطنيا وشعبيا أكثر، وذلك بتمثيله مصالح المجتمع وتطلعاته، ويخطرني دور الفرد في الحالة أو الحزب السياسي في كل الساحة العربية، فتجد الحزب تركيبة منغلقة من أساس التشكيل، وكأنه غير قادر على الاستقطاب إن لم يُعلن العداء على حزب آخر، رغم أن البلد أو الشعب الذي يعاني يجب أن يكون الأكثر دعوة للتوحد ضد القهرين الطبيعي والسلطوي، وأذكر مثالا حول تشكيل منظمه لحقوق الإنسان، فكان بيانها الأول تخوين لمنظمة أخرى، وبالطبع لايُنشىء منظمة إلا كوادر متميزة،/ حسب معيار الدونية العامة/ علما أن هذا المعيار لم يُثبت صحته إطلاقا، إذاً نحن أمام إشكالية تُشكّل أساس عملنا، فمن أين جاءنا هذا الضعف ونحن أصحاب الرسالات السماوية الثلاث، هل الخطأ في الرسالات،أم في حملتها من العرب،أم في العقل العربي بتنويعاته الدينية ؟،هذا العقل الذي لم يتمكن من تجاوز معضلاته، فضاع إنسانه بين الخنوع والذل، وبين العزة الكاذبة التي بُني عليها الخراب المجتمعي، وهو مادعا الشيخ محمد عبده بعد وصوله من زيارته لباريس ليقول:وجدت الإسلام هناك والمسلمون هنا.
لم تمر على العرب حرية العقل، بل مر عليهم حرية المصادرة له، التي تؤسس للأزمة ، والتي تعيد المجتمع إلى الاستبداد التوجسي، الذي يزرع شعورا من الصعب إزالته، وهو عدم الأحقية بالقيادة التي تفرخ التسلط بكل معانيه، بدءا من الأسرة وصولا إلى قمة الهرم في السلطة السياسية الحاكمة، هذا الشعور يُمثل المناخ الخصب لانتاج عقل المؤامره، وهذا بدوره يُنتج الاستبداد،إذاً نحن أمام حلقة متكاملة من الإنتاج المتبادل للاستبداد وعقل المؤامرة،والحل لهذه الإشكالية وجود المعارضة العقلانية التي توجد السلطة الشرعية، وإلا سنبقى تحت سقف الضحالة والخواء والتخبط، متهاوين نحو الانحدار حين لن نجد بعدنا أحدا، فنُصبح مضرب الأمثال للشعوب التي ترسم مستقبلها،ونبقى نحن أسرى الوهم بتوحد أمّه وتقدم أمّه .
من الملاحظ أنه لا يجتمع ثلاثة من العرب بغاية إنشاء منظمة أو حزب أو تكتل إلا ويحدث خلاف حول الزعيم الذي يفترض كل واحد من الثلاثة نفسه هو الأفضل، دون اللجوء لتقييم الآخرين له على ضوء إمكاناته وليس خلفياته وهذا يحيلنا إلى أسباب هذا الاتجاه ويتركنا أمام تساؤل صعب،هل هي دونية تستدعي التعويض اللامنطقي لها، أم هو نزوع ناتج عن التربية البيتية، أم هو نزوع المسحوقين نحو الفُتات؟ هذا في البدء،لكن التالي هو التحول من التأسيس نحو التهميش ومن ثم التخوين، ودورة التشكيل هذه تتكرر باستمرار، ودلالات ذلك حالة الانقسام والتهميش والتخوين في كل الصفوف الحاكمة منها أو المعارضة، والتي تؤسس لكل معوقات الإنتاج المجتمعي السياسي والاقتصادي، إذ أن دور الفرد بأسوأ حالاته، حيث الذات النامية والطاغية والمُنسلخة عن واقعها التي تتحول نحو النرجسية فلا ترى غير نفسها في مرآة المجتمع والحياة والتي تساهم إلى حد بعيد بتأخير العملية السياسية والإنمائية لهذا المجتمع أو ذاك في محيطنا العربي.
اختير شاب محامي من وسط سياسي معارض ليكون وزيرا للتموين في الحكومة السابقة، كان حسبما يصفوه أبناء وسطه بالنبيل والطيب والخلوق، وما أن أُشيع خبره حتى شكّل مرضا لدى بعضهم، وانعكست مواصفات الرجل فصار بقدرة قادر عكس ما كانوا يصفوه،كل ذلك كان بسبب الحلم الذي افترض الواحد منهم نفسه بالأحق منه في الوزارة، مع العلم أن الرجل لم يتغير به شيئا، وبقي نبيلا وطيبا وخلوقا رغم حملات التشهير التي شنّوها عليه، هذا أحد أمراض مجتمعنا المستعصية وهو غياب الحق القانوني بالمعنى النفسي، وتعزيز التسفيه للآخر في بنية الوعي التقييمي، التي تحقق التخريب للعلاقات الاجتماعية والسياسية، وتقضي على الإنتاج بكل أشكاله…..إنها أزمة الذات في العمارة العربية.





#محمد_الحاج_ابراهيم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المحاكم الثورية - الورقة المحروقه
- عثرات المجتمع المقهور
- بين الوعد الالهي والانسحاب من غزه
- الشباب - الحلقة الضائعة في المجتمعات المضطربة
- كيف يتحرر اليسار من التهم الموجهة له
- المعارضة بعد خمس سنوات من العلنيه
- التثاقف بين النصية والابداع- مهمة الشباب
- الحزب السياسي في دائرة الشلليه
- الطبقية بين الثابت والمتحول
- الحق -الدفاع عنه:هل هما نقيضان
- القضاء في النظم التسلطية
- الظرف الموضوعي شرط التغيير
- البعث القومي العربي بين الماضي والحاضر
- هل الماركسية عِشْقُ الماضي أم نقده؟
- لمكتب السياسي – رياض الترك - ثروتان للاستمرار
- ما الذي يتوخاه المواطن السوري من مؤتمر البعث
- الحزب السياسي والمجتمع الماقبل وطني
- الأخلاقية العبثية لقانون الطوارئ
- سوريا أمام التحديات هل تصمد… أم؟؟؟؟
- مرض المعارضين المزمن


المزيد.....




- تمساح ضخم يقتحم قاعدة قوات جوية وينام تحت طائرة.. شاهد ما حد ...
- وزير خارجية إيران -قلق- من تعامل الشرطة الأمريكية مع المحتجي ...
- -رخصة ذهبية وميناء ومنطقة حرة-.. قرارات حكومية لتسهيل مشروع ...
- هل تحمي الملاجئ في إسرائيل من إصابات الصواريخ؟
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- البرلمان اللبناني يؤجل الانتخابات البلدية على وقع التصعيد جن ...
- بوتين: الناتج الإجمالي الروسي يسجّل معدلات جيدة
- صحة غزة تحذر من توقف مولدات الكهرباء بالمستشفيات
- عبد اللهيان يوجه رسالة إلى البيت الأبيض ويرفقها بفيديو للشرط ...
- 8 عادات سيئة عليك التخلص منها لإبطاء الشيخوخة


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - محمد الحاج ابراهيم - إشكالية الذات في الوعي الثقافي العربي