أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الرزاق عوده الغالبي - حكمة الخالق تسبق انتقام المخلوق....!؟














المزيد.....

حكمة الخالق تسبق انتقام المخلوق....!؟


عبد الرزاق عوده الغالبي

الحوار المتمدن-العدد: 4637 - 2014 / 11 / 18 - 23:33
المحور: الادب والفن
    



تبلغ المسافة بين ياقة قميصه الناصع البياض ونهاية شعر راسه من الخلف الشبر او ما يزيد...رجل طويل القامة محمر الوجه والاوداج والقفا البارز وكأنه يدعوك لتمعن النظر فيه لابتعاده عن المألوف قليلا وهذا لا يخص احدا بشيء فهو شأن الخالق فقط....!....يبدو انه اثار انتباه رفيقي شيء غريب فيه لم الاحظه انا .... فقال وهو يعد كلماته عدا في سيل قهقهته المتناثرة :
-" انظر....! الا ترى قفاه الاحمر يلمع من بعيد وكأنه يدعوك لصفعه....!؟" اجبه بامتعاض:
-" وما الغريب في ذلك..!؟" اجاب:
-"لاشيْ اكثر من جلب انتباهك الى شيء غير مألوف...!" قلت:
-" لا تعبث بخلائق الخلق فهي شأن الله وانظر الى نفسك اولا ، فانت ليس كاملا ، لان الكمال لله وحده...!" وأضفت بعصبية :
( لسانك لا تذكر به عورة امرء فكلك عورات وللناس السن )"
رد رفيقي بانكسار وخجل :
-" يبدو ان كلامي قد ازعجك ....!؟ قلت:
-"نعم .... ازعجني كثيرا ....!...دع الخلق للخالق ودعنا نبحث ما في سلالنا من شؤون ونبتعد عن مسالك الناس ومناقص الخلق، فالغيبة وذكر الناس بالسوء عادة سيئة لا يستسيغها العقل الراجح الذي يحمله الانسان الواعي...!"
ونحن لا نزال في خضم الجدل و التناكد ....و المشهد لا يزال معلقا على جدار الواقع و هو يتحرك ببطيء شديد ولم تتبدل صوره الا قليلا ، فجأة سمعنا صوت صفعة قوية ويد قاسية قد هوت على قفا صاحبنا من شخص بغيض ، معروف بكرمه المقرون بالشر، واحد من الاشقياء الذين يتعايشون معنا ويجوبون الشوارع على الدوام ، يكسبون قوتهم بطرق ملتوية بالاعتداء على الضعفاء والاقليات من سكان المدينة وابتزازهم على طريق الاتاوات ، كانت اكثر اقلية تنال ضيم الاعتداء والتعدي على اياديهم السمجة، هي الاقلية اليهودية التي كانت تساكننا في الاربعينات من القرن المنصرم ابان النكبة الفلسطينية...!
التفت من في الشارع وتحركوا بكومة واحدة نحو مكان الحدث كالعادة في مثل هذا المواضيع....! وتجمهر المارة وسكان السوق حول الرجلين ، الصافع والمصفوع ، لم ينطق الرجل اليهودي ببنت شفة ولم يحدث أي حركة للرد على صفعته الا بفعل غريب اثار دهشتي و الحاضرين حين مد يده الى جيبه واخرج قطعة نقدية عالية القيمة في ذاك الزمن، نوط ابو العشرة ، الذي كان يمكن حامله من شراء بيت او قطعة ارض او بستان بثمنه ، سلمه صافعه الشقاوة وانصرف تحت ذهول الحاضرين وتكاتف علامات التعجب والاستفهام فوق وجوههم حتى كادت تغطي معالمها تماما...!!
بالطبع ، اصابني الذهول ، اكثر الحاضرين ، لهذا الموقف الغريب العجيب وقبل ان ينصرف الرجل اكتسحني الفضول ودفعني نحوه دفعا لمعرفة كنه هذا الفعل و مكامن جذوره ، فهو يخطو خطوات واسعة بعيدا عن المألوف في حياتنا المترعة بالقبلية الغارقة بالاعتبارات والاعراف البدائية القاسية و المتهالكة التي ينتج عنا في مثل هذا الموقف حضور الشيطان لتسيد قمة المشهد حين يتربع فوق كمية الدماء وحجم العداء والانتقام وما اليه من محصلات وعوائد قروية لاتزال فينا ورديا ، لحد الآن مثل، الكوامة واخواتها....!!؟
تبعت الرجل دون وعي حتى استوقفته بشكل شبه قسري وكأني اذر الملح في جرحه بسؤالي :
- " لما فعلت ذلك ووهبت صافعك المأبون هذا ما لا يملك وما لا يستحق ...!؟"
رد بهدوء و برود وكأنه اشعل نارا في صدري :
-" انا لم اهبه شيئا بل قتلته بما وهبت حين زرعت في عقله الصغير اعتقادا بان الاعتداء على الخلق عمل مربح .....!؟....بذلك حددت موعد موته ، ليس بيدي بل بيد غيري وحددت ثمنه ايضا... يبدو انه رخيص جدا....اليس كذلك ...!؟....صدقني ، يا اخي ، سوف لن يمتد عمره طويلا ليصرف ما وهبت ، اصبر قليلا وانتظر وسترى....!؟"
زاد ذهولي رده الحكيم وثقته الثابتة بنفسه و رد فعله المتأتي من تجربة وايمان عميقين بالعدالة الالهية...! ....لم يمتد بنا الزمن طويلا فقد كانت عقارب ساعته حنونة قليلا ، واذا بنا نسمع لغط كبير واصوات هرولة المارة وسكان السوق اتجاه الجانب الآخر منه ، ركضنا مع الراكضين ونحن لا ندرك ما يحدث حتى وصلنا الى كومة من البشر حول صاحبنا الممدد على قارعة الطريق ، تملأ الدماء جوانبه ......!؟......اتضح انه صفع من هو اشد منه شرا واستهتارا ، فأهداه سكين في صدره ....!... حينها ادركت ان سهم الله قد نفذ من قوس الحكمة والصبر وسبقت حكمة الخالق انتقام المخلوق.... "وما رميت اذ رميت ولكن الله رمى".



#عبد_الرزاق_عوده_الغالبي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- وصية وطن جريح.....!؟
- زمن الفرقة....!؟
- صقر فالح بريء من ما يحدث .......!؟
- وداع مهد طفولتي.....!؟
- موعد مع الانعتاق....!؟
- سبايكر....هم في الوجدان ومسمار في القلب ...!؟
- حلم مقاتل....!؟
- ان كنت لا تستحي....افعل ما تشتهي...!؟
- يا انتم.......!؟
- عجائب الدنيا التسع ونحن.......!؟
- احذروا الشعب العراقي فانه لا يرحم من اساء اليه....!؟
- وهل من مخرج من نفق السنين العجاف.....!؟
- اشياء لا تباع.....!؟
- قد يكون الجهل اساس الملك....!؟
- يكفيني انك نصفي الاجمل....!؟
- كلام في الممنوع
- لغز حكومة الاغلبية عن طريق المحاصصة....!؟
- الاستعمار وحده لا يكفي....!
- حين يختبئ المرء خلف اصبعه....!؟
- الهزيمة....!


المزيد.....




- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب
- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...
- -الضربة المصرية لداعش في ليبيا-.. الإعلان عن موعد عرض فيلم - ...
- أردوغان يشكك بالروايات الإسرائيلية والإيرانية والأمريكية لهج ...
- الموت يغيب الفنان المصري صلاح السعدني


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الرزاق عوده الغالبي - حكمة الخالق تسبق انتقام المخلوق....!؟