|
عن الشعر
كاظم الفياض
الحوار المتمدن-العدد: 4637 - 2014 / 11 / 18 - 15:29
المحور:
الادب والفن
"الشعر كلام له معنى موزون ومقفى" هذا قول قدامة بن جعفر ، البلاغي الكبير الذي عاش قبل قرون ، عن فن صيغت كلماته لتلفظ في آذان متلقيه . أما وقد خطت الكلمة ، وأصبحت العين منفذ الشاعر إلى وعي الآخر ، فلم تعد أصوات الحروف مركب المعنى الوحيد ، صار رسم الحروف وتوزيعها على مساحة القرطاس يؤدي بعض مقاصد الشاعر ، تشبه إلى حد بعيد الإشارات التي يطلقها المتحاورون ، بانفعالاتهم التي تظهر على وجوههم ، وحركات أيديهم . إن إقلاق المعنى البلاغي للجملة الشعرية ، إن توسع أخيرا فقد كان موجودا بصيغ عديدة ، عبر عن بعضها بتسمية "الضرورات الشعرية" وهو أمر ما كان لبدوي أن يسمح بحدوثه ، لولا تعارضه مع إيقاع النغمات ، التي من شأنها أن تعصف نشوتها بروحه ، وأن تترنم حنجرته بإنشادها . هذا الإيقاع ! أو تلك الإيقاعات النغمية كانت ضرورية لتوليد كلمات تتوافق أصوات حروفها مع الأصوات القليلة ، إنما العميقة لحركة موجودات عملاقة من ريح ورمل ، بمساحات شاسعة من الأرض الخالية ، يسميها خلاء ، ونسميها صحراء ، وهي امتلاء تكاد أن تفيض بها نفسه . تكاد لغته أن تكون صفة موجوداتها ، كما استلهم موسيقاه من حركة أحيائها الشعر مجدد للغة لأنه يريدها أن تستجيب لانفعالاتنا . الانفعال لوعة تهدر ثم تخمد ، مرات ومرات ، شديدة وخفيفة ، مع لغة غارت أصولها تحت غابة من الاشتقاقات لابد من حركة عنيفة على أرض ثابتة تتكرر ، لكي يكون فنا ، مثل أب سعيد تقذف أرض كفيه طفلا يكركر نحو السماء ، ثم تتلقاه ، بانسيابية موقوتة ، صعود ونزول ، مرات ومرات . الشعر مشاعر، جنون في حكمة ، جمل حروف كلماتها تصيح لتصمت بانتظام يتكرر . الشعر هو الإيقاع . من دونه لا يكون شعرا ، وستنتفي الحاجة لضرورة شعرية ، وستنكفئ اللغة فما من محفز لتوالد لغوي تجدد به نفسها . إن لم يكن الكلام شعرا فهو نثرا ، يأتي بقصد ، وشرط مقصده الفهم ، فهو حكمة لا جنون فيه . الفرق بين الشعر والنثر يشبه الكلام تقوله أو تغنيه ، بل هو حالة الغناء أمام ألفاظ تلقيها محاورا . إن ربط الشعر بالخيال دون الإيقاع تسفيه للشعر ، ذلك أن ما من فعل يصدر عنا خاليا من الخيال ، مهما كان أو لم يكن ، فعلا حياتيا بسيطا ، إضاءة مصباح مثلا ، أو عمل فني عظيم . هكذا يمكننا أن نرد على من لا يرى في ألفية بن مالك شعرا ، هي قصيدة تعليمية لا تخلو من الخيال ، وإن قل ، بينما لا أجد فاصلا أمنع به كثيرا من السرديات الأدبية وخاصة القصص القصيرة ، من أن تكون (قصيدة) نثر . غياب الحدود الواضحة بين الأنواع الأدبية يعزز مشكلة عزوف المجتمعات العربية عن القراءة ، كما إنه يقلق مؤشر البوصلة لدى القراء الجيدين ، الفاصل الطبيعي والوحيد بين الشعر وبقية الأنواع الأدبية هو الإيقاع ، بغيابه ستختفي هوية الشاعر ، وستكون صفة يعرف بها أي مبدع يمارس الكتابة الأدبية . وهكذا سيغيب المشهد الشعري تحت سيل من الأعمال غير المدروسة (لشعراء) لم يأخذ الشعر منهم الوقت اللازم ليتعاملوا مع مفردات لغتهم بفهم قد يبتعد عن المعنى القاموسي لها . مع وضع سياسي هش كالذي نعاني منه ، وكل المجتمع العربي ، حيث الاستقطابات السياسية ، والدينية ، والعرقية لم تعد قيمة العمل الإبداعي رهنا برقيه الفني بل بمقدار نجاح تواصل كاتبه الاجتماعي مع إحدى القوى الفاعلة في المجتمع . لقد امتلأت المهرجانات ، والنشرات والصحف الأدبية ، وكذلك قاعات الدرس الأكاديمي بأعمال الكتاب الأيدلوجيين ، وما ينشر عنهم ، وهي أعمال ذات قيم فنية متدنية جدا ، وبهذا غيبت تماما الأعمال الإبداعية الكبيرة ، فخلت الخارطة الأدبية من العلامات الكبرى التي كان من شأنها أن تكون نجوم هداية ، لا بد منها لأي أديب مبتدئ وقارئ عربي وأعجمي . نوبل تمنح لجمع من شعراء العرب ! فما من شاعر عربي يستحقها بمفرده ! وكلهم يكتب بالعربية التي خط بها القرآن الذي كلم الله به الناس كافة !! هل ثمة كوبرنيكوس؟ 2 سأجمع مقالاتي عن الدين والمجتمع في كتاب . وقد قررت عدم البحث في هذه المواضيع مرة أخرى ، والانصراف إلى الأدب ، ها إني أبدأ بنشر "أعمالي الشعرية" حسب تسلسلها الزمني مستبعدا منها النصوص غير الموزونة والتي سأجمعها أيضا تحت مسمى :"أعمالي السردية الحرة" إن شاء الله كاظم الفياض بغداد 18/11/2014
#كاظم_الفياض (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
حنيف مسلم
-
رسالة الى النخبة المثقفة في العراق
-
(كاملا) بيان من أجل أن تكون الأرض قرية آمنة مطمئنة يأتيها رز
...
-
مجموعة ملوك لعراق واحد
-
إلى دولة رئيس الوزراء
-
خمس رسائل برقية إلى شعب العراق
-
ثلاث قصائد عن القوس الزائل للكلمة
-
موجة باتجاه الشمس
-
القنديل
-
قصيدتان
-
أجراس مياه ماسية
-
مطر صامت - 12 -
-
مطر صامت
-
لصق عالم بعيد
-
الإعلاميون مفكرين وأدباء
-
النص الشعري بديلا أو شارحا لنص آخر
-
بيان
-
المعرفة وفق المبادئ الهندسية
المزيد.....
-
منارة العلم العالمية.. افتتاح جامع قصبة بجاية -الأعظم- بالجز
...
-
فنانون روس يسجلون ألبوما من أغاني مسلم موغامايف تخليدا لضحاي
...
-
سمية الخشاب تقاضي رامز جلال (فيديو)
-
وزير الثقافة الإيراني: نشر أعمال لمفكرين مسيحيين عن أهل البي
...
-
-كائناتٌ مسكينة-: فيلم نسوي أم عمل خاضع لـ-النظرة الذكورية-؟
...
-
ألف ليلة وليلة: الجذور التاريخية للكتاب الأكثر سحرا في الشرق
...
-
رواية -سيرة الرماد- لخديجة مروازي ضمن القائمة القصيرة لجائزة
...
-
الغاوون .قصيدة (إرسم صورتك)الشاعرة روض صدقى.مصر
-
صورة الممثل الأميركي ويل سميث في المغرب.. ما حقيقتها؟
-
بوتين: من يتحدث عن إلغاء الثقافة الروسية هم فقط عديمو الذكاء
...
المزيد.....
-
لا ميّةُ العراق
/ نزار ماضي
-
تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي
/ لمى محمد
-
علي السوري -الحب بالأزرق-
/ لمى محمد
-
صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ
...
/ عبد الحسين شعبان
-
غابة ـ قصص قصيرة جدا
/ حسين جداونه
-
اسبوع الآلام "عشر روايات قصار
/ محمود شاهين
-
أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي
/ بدري حسون فريد
-
أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية
/ علي ماجد شبو
-
الهجرة إلى الجحيم. رواية
/ محمود شاهين
المزيد.....
|