أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عطا درغام - الأرمن المصريون والسياسة المصرية -3















المزيد.....

الأرمن المصريون والسياسة المصرية -3


عطا درغام

الحوار المتمدن-العدد: 4636 - 2014 / 11 / 17 - 09:09
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


وإذا افترضنا جدلا أن هجوم المتظاهرين كان يستهدف بعض الأرمن عملاء الإنجليز ، فماذا تعني هذه الترتيبات؟ ومن وراء كواليسها ؟ ولمصلحة من ؟ ولعل هذا يقودنا إلي محاولة تفسير هذا التحول المفاجيء والغريب في العلاقات المصرية- الأرمنية.
بداية أعرب الرأي العام عن دهشته لهذا التحول ، وهو ما عبرت عنه الأهرام بقولها :" لا ندري في الحقيقة ولم نر أحدا يدري تماما كيف تأصلت أسباب النفور وكيف انتشر تأثيرها بسرعة البرق بين الشعب. وإنما نري أن أقل خطأ يرتكب في مثل هذا الوقت الذي تجلت فيه العواطف الوطنية بأجلي مظاهرها يكون قابلا للتجسم بهذه السرعة.."
أما الجانب الأرمني، فيطرح الاتحاد القومي تفسيرا معقولا لتطورات الموقف :" لم تكن هناك أي أسباب تدعو إلي الكراهية أو الحقد بين الأرمن والمصريين حتي وقعت فجأة أحداث العنف ضد الأرمن أثناء مظاهرات الحركة الوطنية . جاءت هذه الأحداث سريعة وغريبة وتدعو إلي الدهشة والألم. ففي البداية ، اعتقدنا ان أسباب تلك الموجة الغريبة ترجع إلي مناهضتنا للدولة العثمانية التي نحن في صراع معها علي الحرية والأرض والمذابح.. ثم أرجعنا إلي غيرة بعض العناصر ذات الصلة بالأتراك عندما انتشرت أنباء قرب استقلال الأمة الأرمنية المنكوبة.ولكن هذا السبب أيضا لم يكن كافيا لتفسير هذا التحول الغريب في العلاقات المصرية الأرمنية".
ويواصل الاتحاد عرض تفسيره قائلا :" .. ولكننا لم نتأخر في معرفة السبب الحقيقي والوحيد والتفسير الصحيح لما حدث . ففي الواقع ، لم تكن إحساسا بالغيرة، بل كانت مؤامرة دبرها وخططها أعداؤنا الأتراك لبث روح الكراهية في قلوب المصريين تجاه الأرمن.. واتضح لنا أن تلك العناصر عميلة لحساب حزب الأتراك الشباب الذين تسللوا بين المتظاهرين لنفخ روح الحقد وتحريض الجموع ضد الأرمن الخونة ناكري الجميل .. ولم تكن ثمة وسيلة أسهل وفعالة مثل اتهام الأرمن بالتآمر مع الاحتلال البريطاني لترسيخ فكرة أن الأرمن نكروا الجميل ونسوا ان المصريين قد فتحوا لهم بيوتهم وأبواب الرزق بعد أن جاءوا محطمين إثر المذابح ... إن مثل هذه الحملة الخطيرة من الوقيعة والخديعة لم تحدث أبدا بهذا الشكل المتقن، بل إنها لم تنجح أبدا بمثل هذا النجاح الذي لم يتكلف كثيرا ، ولم يستلزم الكثير من الوقت والجهد لاختلاف الوقائع التي تبرزها وإقناع الناس بها ...".
وهكذا ، يمكن تركيب صورة الوقائع علي النحو التالي : أراد عملاء تركيا الانتقام من أرمن مصر لأنهم يتبنون آنذاك الدفاع عن القضية الأرمنية ضد الدولة العثمانية في مؤتمر الصلح بباريس. ولذا اندسوا بين صفوف المتظاهرين مستغلين حادثة 3 أبريل الفردية بعابدين ، واوشوا لدي المتظاهرين المتهيجين- في لحظة انفعالية حرجة- بان الأرمن عملاء الإنجليز " الخونة ناكري الجميل" يطلقون النيران عليهم. فما كان من الجماهير المثارة إلا أن زادت حدة القطاعات المحرومة والمكبوتة والمقهوره في ظل توجيه الاحتلال لموارد البلاد صوب المجهود الحربي خلال الحرب العالمية الأولي.
وقد تمخض عن هذا ، تكدس آلاف الأرمن المرتجفين- من تكرار المذبحة العثمانية- في ساحات الكنائس والمدارس والشوارع المحيطة بهم. وبناء علي إلحاح الراعي الأول لأرمن مصر، وضعت الأماكن الآنفة تحت حراسة السلطات العسكرية البريطانية.
ومنذئذ، بدأت السلطات الاحتلالية في استثمار واغتنام هذه الفرصة السهلة التي دبرها عملاء تركيا الفتاة ونفذها المتظاهرون المتهورون.
اكتفت السلطات العسكرية في البداية بوضع تجمعات الأرمن تحت حراستها. ولكن ذلك زاد من إثارة المتظاهرين وفوراناتهم مما عمق الفزع في نفوس الأرمن. كما أدي تكديسهم بكثرة في أماكن ضيقة إلي انتشار الأوبئة بينهم. ولهذا ، قامت السلطات العسكرية بناء علي توصية الإدارة الصحية وطلب المطران بنقل الأرمن اللاجئين في 17 أبريل 1919 إلي مخيم أمام معسكر الجيش الإنجليزي بالعباسية.
وفي 20 أبريل تم نقلهم إلي مخيم آخر أعد خصيصا لهم في ساحة سباق الخيل بمصر الجديدة ( المريلاند).
وبذلك تأسس " المخيم البريطاني للأرمن اللاجئين بمصر الجديدة" الذي تكون من "491" خيمة وبلغ تعداده"3730" نسمة في 29 أبريل 1919 .
وكان معظم الأرمن الذين عزلتهم السلطات البريطانية بعيدا عن معترك المظاهرات مؤلفين من الفقراء وساكني الأحياء المنعزلة وقاطني قلب الأحداث خاصة حي الظاهر ووسط المدينة الذين تعرضوا لاعتداءات عنيفة بنسبة كبيرة.
وقد أثني أحمد شفيق علي هذه الخطوة البريطانية بقوله :" ولقد كانت نيران هذه الفتنة تشتعل فتلتهم ماحولها لولا أن أخذت السلطة العسكرية هذه الفئة تحت حمايتها أوت أفرادها في القلعة وفي معسكرات مصر الجديدة تحت حراستها ". ولكن كانت هذه الحماية صورية فقط . إذ وقع العبء الأكبر علي مطرانية الأرمن الأرثوذكس والاتحاد القومي الأرمني والاتحاد الخيري الأرمني العام والصليب الأحمر الأرمني.
وبنقل الأرمن المضطهدين إلي مخيم مصر الجديدة تحت الحماية الصورية لقوات الاحتلال نجحت بريطانيا في قلب المائدة وتقديم صورة بدون تعليق أمام المؤتمرين بباريس، وراح الساسة البريطانيون يستشهدون بأحداث العنف الدموية ضد الأرمن ليقنعوا العالم بان يوم استقلال مصر لم يحن بعد.
ويتضح مما سبق أن أحداث العنف ضد الأرمن خلال أبريل 1919 لم تكن مؤامرة بريطانية مدبرة بإحكام ، ولكنها لقمة سائغة قدمها المتظاهرون المندفعون تحت تأثير الوشاية التركية إلي سلطات الاحتلال التي أحسنت استغلالها وتوظيفها ضد القضية المصرية.
وبخلاف التوظيف البريطاني ، أبرقت وكالات الأنباء العالمية إلي جميع الأنحاء أخبار المخيم الأرمني الناجم عن اعتداءات المصريين بوحشية وغير المنطقية . وبذاك فسرها الرأي العام الأوربي- الأمريكي بأنها موجة من الاعتداءات التي تعبر عما في نفوس المصريين من كراهية كاملة للأجانب . كما وصف المصريين بأنهم أناس يريدون أن ينالوا استقلالهم علي أشلاء أمة أخري نجت بقاياها بصعوبة شديدة من وحشية الأتراك والأكراد.
وإزاء هذه الصورة التي كونها الرأي العام عن المصريين ، أبرق الوطنيون المصريون رسالة إلي مؤتمر الصلح بخصوص الأرمن جاء فيها :" إن المصريين جميعا قد تم تجريدهم من السلاح . فمن العجب والشيء الذي لا يمكن تفسيره هو أن الأرمن كانوا يستحوذون علي أسلحة.. ومن السهل التخيل إثارة مشاعر المتظاهرين ضد الأرمن عندما يكونوا مسلحين ضدهم. وجدير بالذكر أن استخدام الأرمن للأسلحة كان يتزامن مع حضور القوات البريطانية برشاشاتهم إلي أماكن المظاهرات لكبح جماحها. وعندما وقعت أحداث القتل . لذا ، وجب أحقية الدفاع عن النفس، وربما خلط المتظاهرون الثائرون بين الجاني الحقيقي والمظلوم. ولكن ثمة شيء واضح ، خلاصته أن سلوك المتظاهرين نبع من رد فعل لأن الشعب المصري لا يكن أبدا أية عداوات للأرمن....".
............................................................



#عطا_درغام (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الأرمن المصريون والسياسة المصرية -2
- الأرمن المصريون والسياسة المصرية
- الصراع الحزبي الأرمني في مصر-2
- الصراع الحزبي الأرمني في مصر-1
- الأرمن المصريون وأرمينية السوفيتية-3
- الأرمن المصريون وأرمينية السوفيتية-2
- الأرمن المصريون وأرمينية السوفيتية-1
- الأرمن المصريون والقضية الأرمنية-7
- الأرمن المصريون والقضية الأرمنية-6
- الأرمن المصريون والقضية الأرمنية-5
- الأرمن المصريون والقضية الأرمنية-4
- الأرمن المصريون والقضية الأرمنية-3
- الأرمن المصريون والقضية الأرمنية-2
- الأرمن المصريون والقضية الأرمنية-1
- الجمعيات الأرمنية في مصر-5
- الجمعيات الأرمنية في مصر-4
- الجمعيات الأرمنية في مصر-3
- الأرمن في مصر ( 1896- 1961 )
- الجمعيات الأرمنية في مصر-2
- الجمعيات الأرمنية في مصر


المزيد.....




- مؤلف -آيات شيطانية- سلمان رشدي يكشف لـCNN عن منام رآه قبل مه ...
- -أهل واحة الضباب-..ما حكاية سكان هذه المحمية المنعزلة بمصر؟ ...
- يخت فائق غائص..شركة تطمح لبناء مخبأ الأحلام لأصحاب المليارات ...
- سيناريو المستقبل: 61 مليار دولار لدفن الجيش الأوكراني
- سيف المنشطات مسلط على عنق الصين
- أوكرانيا تخسر جيلا كاملا بلا رجعة
- البابا: السلام عبر التفاوض أفضل من حرب بلا نهاية
- قيادي في -حماس- يعرب عن استعداد الحركة للتخلي عن السلاح بشرو ...
- ترامب يتقدم على بايدن في الولايات الحاسمة
- رجل صيني مشلول يتمكن من كتابة الحروف الهيروغليفية باستخدام غ ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عطا درغام - الأرمن المصريون والسياسة المصرية -3