أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - هديب هايكو - سواجي الگلوب














المزيد.....

سواجي الگلوب


هديب هايكو

الحوار المتمدن-العدد: 4635 - 2014 / 11 / 16 - 11:29
المحور: الادب والفن
    


المُحَدَّث

عام 1952م في بغداد، ولد رجل (رئيس الحكومة العراقية د. حيدر العبادي) وامرأة (الصحافية إنعام كجه جي) وغادرا عاصمتهما مع انفراد صدام وعصابته بالتسلط، الرجل أصبح من أفندية حزب الدعوة الإسلامية في العاصمة البريطانية لندن، والمرأة كجه جي في باريس الجمال والعراقة لم ترق للكاتبة العراقية (انعام كجه جي) إلاّ بعد أن أخذت ضمانة من نفسها إنها لن تنسى عراقها وبغدادها وكرّادتها تروي ثلاثيتها؛ (الحفيدة الأمريكية) و(طشاري) .. فروايتها (سواقي القلوب) تعكسُ هذا الأرتباط الوثيق بينها وبين المكان الذي وعت ونشأت وعاشت فيه، وتؤكّد على سطوة المحلية على عقلها كروائية، حتّى أن الكثير من المفردات العامّية التي يشتهر بها أهل الكرّادة الشرقية، لم تغب عن بالها فأستخدمتها وكأنّها ضرورة ليس لها ما يقابلها في اللغة الفصحى مثل (حنقباز، خَبنوها، أكلت بعقلي حلاوة، طرگَاعه، الأوادم، حبّاباتي، أولاد الخايبة، طيحان الحظ، وغيرها الكثير) وكانت موفقّة في ذلك، حتّى عنوان الرواية، فقد تحايلت على العاميّة (الگلوب سواجي) فهذّبتها لتصبح (سواقي القلوب). إن أجواء الحريّة التي وفّرتها باريس، أزاحت عن كاهل الكاتبة ثقل مسؤوليّة الكلمة المذعورة المنتقاة بحذر التي حملته معها وهي تغادر نظام القمع في بغداد، فبدت في روايتها هذه أكثر تحدّي في إستخدام المفردات المنفلته من السياقات المتعارف عليها أخلاقياً كالشتائم الجارحة والماجنة أحياناً (إبن القندرة، گَوّاد، الزعطوط الأدبسز، إبن الگَحبة وغيرها) رغم ما عرف عنها من جرأة حتّى حين كانت تعمل صحافية في جريدة الحزب القائد السابق للدعوة الإسلامية؛ البعث العربي “الثورة”!.

(سواقي القلوب) رواية الأنسان العراقي المهزوم والمرتاب والضائع والحائر الذي ساقته الأقدار الرعناء الى أن يجد نفسه في بلاد المهجر بلا موقف وبلا تأريخ، يجتمع في يقينه ال (الضد) وال (مع) في ذات الوقت، مّا جعله في حالة خصومة مع ذاته ومع المحيط، إذ انتقت الكاتبة شخصياتها بعناية, فمنهم الشيوعي الذي خسر مثاله العظيم بين ليلة وضحاها وظلّ وفياً الى الآيديولوجيا دون سند على أرض الواقع، والبعثي الملتزم فكرياً والناقم تنظيمياً والمفجوع بأخيه الذي راح ضحية من ضحايا الحرب، ورجل المخابرات الدبلوماسي الذي وجد في هزيمة العراق في الكويت، فرصة سانحة للهروب والأختفاء، والمرأة العراقية العجوز أرمنية الأصل التي ظلّت محتفظة بحفنة من رماد جثمان زوجها عالم الآثار الفرنسي الذي ينحدر من طبقة النبلاء والذي قضي فترة طويلة من عمره العملي في التنقيب ودراسة الآثار في بلاد وادي الرافدين، والذي فشل في الحصول على الجنسية العراقية ومات في باريس بعد يومين من ترك العراق والأقامة في فرنسا، لتذروها على التراب العراقي بعد أن قررّت في النهاية أن تختار وطنها الذي أحبته رغم كل عذاباته لتموت فيه، وآخرها (ساري) الخنثى الذي تحوّل نتيجة عملية تجميلية الى (ساره)، وهي الشخصيّة المحورية كما أعتقد في الرواية، فهي تمثّل الرمز والدلالة على ما أصاب الذات العراقية من دمار، وما مرّ بها من تحوّلات جذرية إنقلابية راديكالية التي أستهدفت قناعاته حيث إنحرفت بحدّة عن مساراتها لتصل الى النقيض، وادّت بالتالي الى حصول الردّة الحضارية الخطيرة التي نشهدها اليوم.

إلاّ أن (أنعام) أنهت حياة هذا الأنسان المسخ (ساري وساره) في نهاية روايتها بطريقة رخيصة ومجهولة، لتنهي بذلك أي إحتمال لبقاء الحياة الشاذّة عند الأنسان العراقي، ولتفتح باباً للأمل يكون فيه البديل النقي الذي سيحل في قابل الأيام محل إنسان اليوم. لقد نجحت الكاتبة في أن تلعب دور الرجل الراوي، وأن تتوغّل عميقاً حتى تصل الى أكثر خصوصياته التي تجري في السر وتقترب كثيراً من شهواته وسعيه للحصول على لذائذه ومبتغاه من المرأة الحلم، ما يدلّل على خبرة ودربة حياتية أكتسبتها الكاتبة من وجودها في باريس الحرية، إضافة الى حب الفضول الفاضح للتلصّص على عوالم الرجل الخفيّة، وهذا يُحسب بأعتقادي لصالحها خاصة وهي روائيّة همهّا أن تنقل الواقع غير المرئي وغير المكشوف والمتوّقع والمألوف. رواية (سواقي القلوب).. إدانة واضحة لسياسة الحروب التي أنهكت مقاومة الفرد العراقي في مواجهة المحن، وعززّت لديه شعور اللاجدوى واللاأنتماء، ورسّخت في يقينه أن الأبتعاد عن الوطن يقيه خطر الهلاك ويمنحه فرصة جديدة للحياة، الاّ أن الكاتبة أصرّت على ان تجعل أبطالها في خاتمة الرواية يعودون الى الوطن وهو في أسوأ أزمانه وهو زمن الحصار، وبذلك رفعت صوتها عالياً ليسمعها جميع العراقيين في شتاءات الشتات.. إن العودة الى دفء الوطن.



#هديب_هايكو (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لميعة عباس عمارة جنوبي وادي الرافدين
- احتفال المغرب بعاشوراء
- حفريات شاعرة تقابل حفر شوفينية
- صورة جانبية للأديب James Joyce
- العاهلُ الرّيال
- مَيِّت يَرتزق ليَلتحقَ بمَيْتٍ تمامَاً
- أطرف أطراف حديث السامرائي
- إعادة قراءة وتفسير تعليق كوليت خوري
- حفريات المفردات الفاتحة
- Colette
- عَرَبِيٌّ وَعْجَمِيٌّ
- إطلالة الزّاهد الثري داعش
- .. وكأنك يا «أبا زيد» ما غزيت!
- للنَّخل والنَّهرينْ
- ثغبٌ ينقع الصدى
- شعر وموسيقى للتغير
- هايكو سوري!
- ورطة الكلب بالجامع!
- شاعر عراقي آخر مازال مغترباً في إسرائيل!
- الْجَمَلُ وَالْجِبَالُ


المزيد.....




- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!
- مهرجان بابل يستضيف العرب والعالم.. هل تعافى العراق ثقافيا وف ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - هديب هايكو - سواجي الگلوب