حلوة زحايكة
الحوار المتمدن-العدد: 4635 - 2014 / 11 / 16 - 11:26
المحور:
الإستعمار وتجارب التحرّر الوطني
قوافل الشهداء
1992
الساعة العاشرة صباحا، خرجت من منزلي وتوجهت الى مدينة القدس، الجو يسوده التوتر الشديد، وسيارات الشرطة والجنود تجوب الشوارع، توجهت الى صحيفة الفجر، لزيارة زملائي وزميلاتي بالعمل، بعد أن تزوجت وتركته، وبينما كنت جالسة وأتحدث مع الزملاء حين وردنا خبر استشهاد ابن قريتي الأسير حسين عبيدات، البالغ من العمر اثنين وعشرين عاما، الذي كان يخوض اضرابا عن الطعام مع الحركة الفلسطينية الأسيرة، شردت ذاكرتي بي الى قبل بضعة اشهر عندما كنت أعمل بالصحيفة، حين ذهبت في وقت الفراغ لأرتب أرشيف الصور، وصعدت الى الطابق الثاني، وتوجهت الى غرفة الاستماع، كان أبو جبر يستمع الى الاخبار، من المحطات، ويدون الاخبار المهمة، الأرشيف موجود عنده في نفس الغرفة ، في رفوف خشبية مربعة وعدة ملفات في كل مربع، كنت اتناول ملفا ملفا، وأفرغ ما فيه من صور وأصنفها في ملفات، فهناك العديد من الملفات للصور، منها الرياضية، والاجتماعية، والسياسية، والملوك والرؤساء والشخصيات الإسرائيلية، والمعتقلون والأسرى وغيرها كثير، حتى لا أتغلب وأنا أبحث عن صور للمواضيع والتقارير التي تنزل على الصفحات حين نحتاجها، وبينما أنا أفرز الصور وجدت صورة المعتقل حسين عبيدات، فقلت في نفسي آخذها معي وأضعها في حقيبتي لعلي أجد أحدا من أهله المقربين، وأعطيها له، فهم أحق منا بها، ومن وجودها بالارشيف، مر أسبوع واسبوعان وشهر وشهران وأربعة ولم أشاهد أحدا من اقربائه، فقررت ارجاع الصورة الى مكانها، سألني زميلي محمد عبد ربة اذا ما كنت اعرف أحدا من اجل جلب صورة له، فقلت له أن صورته موجودة في الأرشيف، نهضت من مكاني وتوجهت لاحضارها، واخرجت الصورة، لم أكن أتوقع يوما بأن صاحب هذه الصورة لن يعود يظهر الا يوم حريته، وسيكون له آلاف الصور الملصقة في كل انحاء القدس، تحتفل بعودته سالما، ولكنه عاد ليزف شهيدا في شوارع بلدتنا وقدسنا الحبية، التي ستضمه في ترابها الطاهر، وكانت الفاجعة أنه دفن هو وابن عمّه مصطفى الذي سقط هو الآخر شهيدا في شارع صلاح الدين وهو يتظاهر تضامنا مع الأسرى الذين يخوضون معركة الأمعاء الخاوية.
#حلوة_زحايكة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟