أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - طوني سماحة - الزواج في المسيحية بين النظرية و التطبيق-11- الجنس والزواج















المزيد.....

الزواج في المسيحية بين النظرية و التطبيق-11- الجنس والزواج


طوني سماحة

الحوار المتمدن-العدد: 4634 - 2014 / 11 / 15 - 02:11
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


كيف تنظر المسيحية للجنس؟ ما هو دور الجنس في العلاقة بين الزوجين؟

لقد تغير العالم في المائة سنة الماضية أضعاف تغيره في الآلاف من السنين السالفة. ولم يقتصر هذا التبدل على التكنولوجيا بل اجتازه ليغيّر معالم البشرية الفكرية والفلسفية والثقافية والحضارية. ومع بزوغ فجر جديد من العلم، كان لا بد من إعادة النظر في الكثير من الامور، لا سيّما الزواج والجنس.

كان مفهوم الجنس في الفترة التي سبقت المائة سنة الماضية يحكمه الفكر الذكوري. فالرجل الصيّاد والمقاتل والمحارب فرض فكره على المجتمعات والديانات القديمة كيما يبيح لنفسه تعدد الزوجات، والتمتع بملكات اليمين، وأسر نساء الأعداء والتمتع بهن جنسيا بصفتهن ملكا له. فالتوراة توثّق لنا حالات تعدد الزوجات في المجتمع اليهودي، إضافة الى ان معظم ملوك اليهود اتخذوا لهم سراري ومحظيات كثيرات على مر التاريخ. ولا يقتصر هذا الامر على اليهود، بل نراه ساري المفعول في معظم الحضارات القديمة ومنها البابلية والفارسية والهندية والصينية والافريقية، وبدرجات أقل في المجتمعين الإغريقي والروماني.

مع بزوغ فجر المسيحية، أصبح مفهوم الجنس، حسب الانجيل وكتب المسيحيين المقدسة، ملازما لعلاقة رجل واحد بامرأة واحدة في إطار الزواج. لكن رجل المال والسلطة الذي لم يرق له هذا الامر، كان غالبا ما يتخطى تعليم المسيح لينشأ علاقات جانبية تشبع له غرائزه. والقارئ لتاريخ القرون الوسطى وعصر النهضة في أوروبا المسيحية آنذاك يستطيع أن يرى بوضوح كيف اقترن السيف بالجنس والمال في قصور ملوك أوروبا وسط أجواء مشحونة بالمؤامرات والعشق وسفك الدماء. فالملك هنري الثامن ملك بريطانيا في القرن السادس عشر تزوج من ست نساء خلال حياته، طلّق اثنتين منهن، وقطع رأس اثنتين آخرتين، فيما واحدة منهن ماتت ميتة طبيعية والاخرى بقيت على قيد الحياة بعده. اقترن هنري بكاثرين سيّدة آراغون، أولى زوجاته. وإثر عجز كاثرين عن إعطائه وريثا ذكرا للعرش، قرر طلاقها كيما يتزوج عشيقته آن بولين. لكن البابا كليمنت عارض الطلاق، فما كان من هنري إلا أن أعلن انشقاقه عن البابوية ممهدا بذلك لإخراج العرش البريطاني عن طاعة روما. ولم يكن حال البلاط الفرنسي أكثر محافظة من نظيره البريطاني، فالملك لويس الرابع عشر المعروف بالملك الشمس ارتبط بزوجتين خلال حياته في القرن السابع عشر بالاضافة الى العشرات من عشيقاته الفرنسيات والاوروبيات.

مع تقدم الانفجار العلمي والتكنولوجي الذي رافق القرن العشرين، خرجت المرأة من زنزانتها لتطالب بحقها في تطوير المسيرة البشرية. وفجأة، لم يعد حق الطلاق حكرا على الرجل، بل أعطت القوانين المدنية المرأةحقها بتقرير مصيرها و أصبح الجنس متاحا للمرأة خارج إطار الزواج. وليس من المبالغة القول اننا نحيا في عصر الجنس (والمال). فالميديا على انواعها، بدأ من التلفزيون وانتهاء بالانترنت والهاتف الذكي، احتلت مساحة كبيرة من حياتنا وأغرقتنا في بحر من الصور والافلام والروايات والايحاءات الجنسية. وارتبطت صورة المرأة الجميلة، والتي غالبا ما تكون نصف عارية، بعالم الاقتصاد والسلطة والسياسة.إزاء كل هذه التطورات، ترى أين تقف المسيحية اليوم من هذا التطور الحضاري؟

قبل التطرق الى موضوع الحب والجنس لا بد من الاشارة الى ان العقيدة المسيحية، كما نصت عليها الكتب المقدسة، لا تشجع على ممارسة الجنس خارج اطار الزواج، لذلك نرى بولس الرسول يوصي تلميذه تيموثاوس أن يهرب من الشهوات الشبابية (2 تيموثاوس 2:22). كذلك لا ننسين قول المسيح الشهير "أما أنا فأقول لكم: إن كل من ينظر الى امرأة ليشتهيها، فقد زنى بها في قلبه" (متى 5:28). وهنا لا بد من الاشارة الى ان القيم المعاصرة السائدة في الغرب لا تعكس وجهة نظر المسيحية من ناحية الجنس والزواج، إنما هي تمثل المجتمعات التي تبنت هذه القيم. إذا، فالزواج هو الركن الاساسي للمجتمع المسيحي، والجنس هو تتويج للزواج وليس العكس.

يُشترط في الزواج وجود عنصر البلوغ والنضوج. عندما أتم الله عقد عهد الزواج الأول في تاريخ البشرية، علّق كاتب سفر التكوين قائلا "لذلك يترك الرجل أباه وأمه ويلتصق بامرأته ويكون الاثنان جسدا واحدا" (تكوين 2: 24). ومع أن الكتاب لم يحدد سنا معينا للزواج، إلا أنه باستعمال كلمة "الرجل" اشترط في العريس ان يكون قد تخطى مرحلة الصبا وبلغ مرحلة النضوج الفكري والجسدي والعاطفي الذين توفرهم الرجولة. ومن هذا المنطلق يكون الكتاب قد اغلق الباب على زواج القاصرين والقاصرات. كما أن استعمال عبارة "يترك الرجل أباه وأمه ويلتصق بامرأته" يؤكد على ضرورة بلوغ العريس مرحلة الاستقلال الاقتصادي والفكري والعاطفي عن أهله والتي تؤهله لقيادة بيت جديد.

في هذا البيت الجديد، يلعب الحب والجنس دورين اساسيين. يستعمل سفر الامثال لغة رمزية ليخاطب الرجل ويحثه على تركيز النظر على زوجته والاكتفاء بها "اشرب مياها من جبّك، ومياها جارية من بئرك. لا تفض ينابيعك الى الخارج، سواقي مياه في الشوارع. لتكن (زوجتك) لك وحدك، وليس لأجانب معك. ليكن ينبوعك مباركا، وافرح بامرأة شبابك، الظبية المحبوبة والوعلة الزهية. ليروك ثدياها في كل وقت، وبمحبتها اسكر دائما." (أمثال 5: 15-19). ويبني العهد الجديد على تعليم العهد القديم ليحث الشريكين على الحفاظ على طهارة العلاقة الزوجية، فيخط كاتب سفر العبرانيين " ليكن الزواج مكرما عند كل واحد، والمضجع غير نجس. وأما العاهرون والزناة، فسيدينهم الله." وكيما يقطع الوحي الطريق لتعدد الازواج والزوجات، نقرأ في 1 كورنثوس 7 " ولكن لسبب الزنا، ليكن لكل واحد امرأته، وليكن لكل واحدة رجلها." ويستطرد الكاتب في الاعداد التالية قائلا في الجنس "ليوف الرجل المرأة حقها الواجب، وكذلك المرأة أيضا الرجل. ليس للمرأة تسلط على جسدها، بل للرجل. كذلك الرجل أيضا ليس له تسلط على جسده، بل للمرأة."

إن كان الله، وكما عبّر هو عن نفسه، محبة، فالإنسان بالتالي مخلوق على مثال إلهه كيما يحب. والزواج في المسيحية ليس إلا انعكاسا في مرآة لعلاقة المسيح بالكنيسة في العهد الجديد، وعلاقة الله بإسرائيل في العهد القديم. المسيح أحب الكنيسة كذاته وهو المثال الذي على الرجل المسيحي أن يحتذيه. مات المسيح عن الكنيسة والرجل المسيحي مدعو كيما يبادل زوجته المستوى ذاته من الحب والتضحية. فالحب يجسد علاقة الله بالانسان وهو شرط ضروري لعلاقة الانسان بالانسان وخاصة علاقة الزوج بزوجته. ماذا لو فشل الانسان في بلوغ هذا المستوى من الحب، أنلوم الله؟ حاشا! إنما كل إنسان مسؤول عن تصرفاته تجاه زوجته كما أن المرأة مسؤولة عن تصرفاتها تجاه زوجها. وأي خلل من طرف أحد الزوجين يسبب غرق هذه السفينة التي يفترض بها أن تصل بالعائلة كلها الى بر الامان.



#طوني_سماحة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل التنصير جريمة؟
- الزواج في المسيحية بين النظرية والتطبيق- الجزء العاشر- دور ا ...
- هاتي يديكِ
- بين إيبولا وداعش
- الزواج في المسيحية بين النظرية و التطبيق- الجزء التاسع-دور ا ...
- إن كنت حبيبي... علّمني قطع الرؤوس
- عنصرية أم كبرياء؟
- الزواج في المسيحية بين النظرية و التطبيق- الجزء الثامن
- عبادة الصليب شرك عقابه الذبح
- الزواج في المسيحية بين النظرية و التطبيق- الجزء السابع
- أريد جارية شقراء، زرقاء العينين، طويلة القامة، روسية الجنسية ...
- يونس البلجيكي...يهجر مقاعد الدراسة
- الزواج في المسيحية بين النظرية و التطبيق- الجزءالسادس
- نساء برسم البيع
- روبن وليامز، بسمة لطيفة و رحيل مأساوي
- عندما نعلّم أطفالنا قطع الرؤوس
- حكاية بطة
- و بعد النون يأتي دور الألِف
- الزواج في المسيحية بين النظرية و التطبيق- الجزء الخامس
- زمن الجنون


المزيد.....




- “خليهم يتعلموا ويغنوا ” نزل تردد قناة طيور الجنة للأطفال وأم ...
- فيديو خاص عيد الفصح العبري واقتحامات اليهود للمسجد الأقصى
- “ثبتها الآن” تردد قناة طيور الجنة 2024 Toyor Aljanah لمشاهدة ...
- بعد اقتحامات الأقصى بسببه.. ماذا نعرف عن عيد الفصح اليهودي ا ...
- ما جدية واشنطن في معاقبة كتيبة -نيتسح يهودا- الإسرائيلية؟
- بالفيديو.. مستوطنون يقتحمون الأقصى بثاني أيام الفصح اليهودي ...
- مصر.. شائعة تتسبب في معركة دامية وحرق منازل للأقباط والأمن ي ...
- مسئول فلسطيني: القوات الإسرائيلية تغلق الحرم الإبراهيمي بحجة ...
- بينهم طلاب يهود.. احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين تهز جامعات أمري ...
- أسعدي ودلعي طفلك بأغاني البيبي..تردد قناة طيور الجنة بيبي عل ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - طوني سماحة - الزواج في المسيحية بين النظرية و التطبيق-11- الجنس والزواج